النابغة
الذبياني (الحجاز ؟ -605 م)
المعلقة
يا دار ميّة بالعلياءِ فالسّندِ
|
أقوت وطال عليها سالفُ الأبدِ
|
وقفتُ فيها أُصيلانا أُسائِلُها
|
عيّت جوابا وما بالرّبعِ من أحدِ
|
إلاّ الأواريّ لأيا ما أُبيّنُها
|
والنُّؤي كالحوضِ بالمظلومة ِ الجلدِ
|
ردّت عليهِ أقاصيهِ ولبّدهُ
|
ضربُ الوليدة ِ بالمِسحاة ِ في الثّأدِ
|
خلت سبيل أتي كان يحبسهُ
|
ورفعتهُ إلى السجفينِ فالنضدِ
|
أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا
|
أخنى عليها الذي أخنى على لبدِ
|
فعدِّ عمّا ترى إذ لا ارتِجاع له
|
وانمِ القتود على عيرانة أجدِ
|
مقذوفة
بدخيس النّحضِ بازِلُها
|
له صريف القعوِ بالمسدِ
|
كأنّ رحلي وقد زال النّهارُ بنا
|
يوم الجليلِ على مُستأنِس وحِدِ
|
من وحشِ وجرة موشي أكارعهُ
|
طاوي المصيرِ كسيفِ الصّيقل الفردِ
|
سرت عليه من الجوزاءِ سارية
|
تُزجي الشّمالُ عليهِ جامِد البردِ
|
فارتاع من صوتِ كلاب فبات له
|
طوع الشّوامتِ من خوف ومن صردِ
|
فبثّهُنّ عليهِ واستمرّ بِهِ
|
صُمعُ الكُعوبِ بريئات من الحردِ
|
وكان ضُمرانُ منه حيثُ يُوزِعُهُ
|
طعن المُعارِكِ عند المُحجرِ النّجُدِ
|
شكّ الفريصة بالمِدرى
فأنفذها
|
طعن المُبيطِرِ إذ يشفي من العضدِ
|
كأنّه خارجا من جنبِ صفحتهِ
|
سفّودُ شرب نسُوهُ عند مُفتأدِ
|
فظلّ يعجمُ أعلى الرّوقِ مُنقبضا
|
في حالكِ اللونِ صدق غير ذي أودِ
|
لما رأى واشق إقعاص صاحبهِ
|
ولا سبيل إلى عقل ولا قودِ
|
قالت له النفسُ إني لا أرى طمعا
|
وإنّ مولاك لم يسلم ولم يصدِ
|
فتلك تبلغني النعمان إنّ لهُ
|
فضلا على النّاس في الأدنى وفي البعدِ
|
ولا أرى فاعلا في الناس
يشبهه
|
ولا أُحاشي من الأقوام من أحدِ
|
إلاّ سليمان إذ قال الإلهُ لهُ
:
|
قم في البرية ِ فاحددها عنِ الفندِ
|
وخيّسِ الجِنّ! إنّي قد أذِنتُ لهم
|
يبنُون تدمُر بالصُّفّاحِ والعمدِ
|
فمن أطاعك فانفعهُ بطاعتهِ
|
كما أطاعك وادللـهُ على الرشدِ
|
ومن عصاك فعاقِبهُ مُعاقبة
|
تنهى الظّلومِ ولا تقعُد على ضمدِ
|
إلاّ لِمثلِك أو من أنت سابِقُهُ
|
سبق الجواد إذا استولى على الأمدِ
|
أعطى لفارِهة حُلو توابِعُها
|
من المواهِبِ لا تُعطى على نكدِ
|
الواهِبُ المائة ِ المعكاء زيّنها
|
سعدانُ توضِح في أوبارِها اللِّبدِ
|
والأدم قد خيست فتلا مرافقها
|
مشدودة
برِحالِ الحيِرة ِ الجُدُدِ
|
والراكضاتِ ذيول الريطِ فانقها
|
بردُ الهواجرِ كالغزلانِ بالجردِ
|
والخيل تمزغُ غربا في أعِنّتها
|
كالطيرِ تنجو من الشؤبوبِ ذي البردِ
|
احكم كحكم فتاة ِ الحيّ إذ نظرت
|
إلى حمامِ شراع واردِ الثمدِ
|
يحفهُ جانبا نيق وتتبعهُ
|
مثل الزجاجة ِ لم تكحل من الرمدِ
|
قالت ألا ليتما هذا الحمامُ لنا
|
إلى حمامتنا ونصفهُ فقدِ
|
فحسبوهُ فألقوهُ
كما حسبت
|
تِسعا وتِسعين لم تنقُص ولم تزِدِ
|
فكملت مائة فيها حمامتها
|
وأسرعت حسبة في ذلك العددِ
|
فلا لعمرُ الذي مسحتُ كعبتهُ
|
وما هريق على الأنصابِ من جسدِ
|
والمؤمنِ العائِذاتِ الطّير تمسحُها
|
ركبانُ مكة بين الغيلِ والسعدِ
|
ما قلتُ من سيء مما أتيت به
|
إذا فلا رفعت سوطي إليّ يدي
|
إلاّ مقالة أقوام شقيتُ بها
|
كانت مقالتُهُم قرعا على الكبِدِ
|
غذا فعاقبني ربي معاقبة
|
قرت بها عينُ من يأتيك بالفندِ
|
أُنبِئتُ أنّ أبا قابوس أوعدني
|
ولا قرار على زأر من الأسدِ
|
مهلا فِداء لك الأقوامِ كُلّهُمُ
|
وما أثمرُ من مال ومن ولدِ
|
لا تقذفني بركن لا كفاء له
|
وإن تأثّفك الأعداءُ بالرِّفدِ
|
فما الفُراتُ إذا هبّ غواربه
|
ترمي أواذيُّهُ العِبرينِ بالزّبدِ
|
يمُدّهُ كلُّ واد مُترع لجِب
|
فيه ركام من الينبوتِ والحضدِ
|
يظلّ من خوفهِ الملاحُ مُعتصِما
|
بالخيزرانة ِ بعد الأينِ والنجدِ
|
يوما بأجود منه سيب نافِلة
|
ولا يحُولُ عطاءُ اليومِ دون غدِ
|
هذا الثّناءُ فإن تسمع به حسنا
|
فلم أُعرّض أبيت اللّعن بالصّفدِ
|
ها إنّ ذي عِذرة إلاّ تكُن نفعت
|
فإنّ صاحبها مشاركُ النكدِ
|
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق