2021-01-30

موت الخلايا المبرمج

 

موت الخلايا المبرمج

(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ )

الدكتور منصور أبوشريعة العبادي \ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية


 

لقد كان الاعتقاد السائد حتى الربع الأخير من القرن العشرين أن خلايا الكائنات الحية تموت نتيجة لوصولها إلى مرحلة الهرم وهو عدم قدرة مكوناتها القيام بالوظائف الحيوية التي تبقيها على قيد الحياة فتشيخ ثم تموت. وقد تموت كذلك نتيجة لتعطل مكوناتها من قبل مؤثرات خارجية كتعرضها لنقص الغذاء والأوكسجين أو تراكم الفضلات والسموم فيها أو قتلها من قبل الميكروبات والفايروسات أو تعرضها للحرارة والبرودة والإشعاعات الضارة والجروح. وفي عام 1972م اكتشف عالم الأحياء الاسترالي جون كير (John Kerr) وفريقه البحثي  أن معظم الخلايا التي تموت في جسم الكائن الحي تموت بطريقة مبرمجة ومنظمة بعد عمر محدد أو عند تعرضها للخطر. ووجد العلماء كذلك بعد دراستهم لهذه الظاهرة العجيبة أن الجسم يتخلص من الخلايا الميتة بمنتهى الدقة والحرص وبطريقة مبرمجة يحكمها عدد كبير من الجينات في الشريط الوراثي وذلك لكي لا تحدث الإلتهابات في الخلايا والأنسجة المجاورة. ولقد أطلق العلماء اسم موت الخلية المبرمج (Apoptosis or programmed cell death) أو انتحار الخلية (cell suicide) على هذا النوع من موت الخلايا بينما أطلقوا اسم الموت غير المبرمج للخلية (non-programmed cell death or necrosis) على موت الخلايا نتيجة القتل المباشر من المؤثرات الخارجية. ولقد اكتشف العلماء لاحقا أن الموت المبرمج للخلايا يستخدم كآلية للحفاظ على عدد ثابت للخلايا في أنسجة الجسم المختلفة (homeostatic mechanism) وكذلك كآلية دفاعية (defense mechanism) لقتل الخلايا السرطانية والخلايا التي تتعرض مكوناتها للعطب من قبل المؤثرات المختلفة.




إن عملية قتل الخلايا لنفسها بطريقة مبرمجة بعد انتهاء المدة المقدرة لبقائها وقبل أن تصل لمرحلة الهرم من عجائب صنع الله عز وجل حيث أن ترك الخلايا حتى تهرم ثم تموت يترتب عليه تدهور عمل معظم أجهزة الجسم في أول عمرها. ولقد تأكد للعلماء أن الموت المبرمج للخلايا في معظم الكائنات عملية أساسية لا يمكن للكائنات بدونها أن تخلق من نطفها بشكل سليم ولا أن تدوم حياتها إلى فترات زمنية طويلة. فعلى سبيل المثال فإنه يموت من مختلف أنواع خلايا جسم الإنسان في اليوم الواحد ما معدله ستين بليون خلية من أصل مائة ألف بليون خلية وفي غياب آلية موت الخلايا المبرمج فإن موت هذا العدد الضخم من الخلايا في الجسم بالطريقة الاعتيادية سيتسبب في التهاب وتعفن معظم أنسجة الجسم نتيجة لتراكم مكونات الخلايا الميتة فيها.  ولقد أشار القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرنا إلى وجود معجزات باهرات في تركيب أجسام البشر وحثهم على التفكر فيها ليوقنوا بأن خالقا لا حدود لعلمه وإبداعه يقف وراء خلقها فقال عز من قائل "وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)" الذاريات والقائل سبحانه "وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4)" الجاثية. ولقد  تنبأ القرآن الكريم كذلك بأن البشر سيتمكنوا في المستقبل من كشف معظم أسرار مكونات هذا الكون بما فيها تركيب أجسامهم وسيوقن العقلاء والمنصفون منهم بأن هذه المخلوقات لا يمكن أن تكون قد خلقت بالصدفة بل من قبل خبير عليم سبحانه وتعالى القائل "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)" فصلت.



يقدر عدد الخلايا في جسم الإنسان البالغ في المتوسط مائة ألف بليون خلية وهي على أنواع مختلفة وموزعة بنسب متفاوتة في أجهزة الجسم. ويوجد في الجسم ما يزيد عن مائتي نوع من الخلايا المتخصصة التي تقوم بوظائف مختلفة كالخلايا العصبية والعضلية والعظمية والجلدية والغدية والتكاثرية والضوئية والشمية والذوقية والحسية وخلايا الدم الحمراء والبيضاء وخلايا الأنسجة الطلائية والدهنية وخلايا الأيض والتخزين. وتتفاوت الخلايا المختلفة تفاوتا كبيرا في أطوال أعمارها فالخلايا المبطنة للقناة الهضمية لا يتجاوز عمرها عدة آيام  بينما تعيش خلايا الحيوانات المنوية لمدة ثلاثة أيام وخلايا الجلد لمدة أسبوعين وخلايا الدم الحمراء لمدة ثلاث أشهر وخلايا العظم والعضلات لعشر سنوات بينما تعيش الخلايا العصبية إلى مدى حياة الإنسان ولا يتم تعويض ما يموت منها أبدا. ويموت من مختلف أنواع خلايا جسم الإنسان في اليوم الواحد ما معدله ستين بليون خلية أي سبعمائة ألف خلية في الثانية الواحدة. ويتم تعويض الخلايا الميتة بخلايا جديدة بنفس العدد تقريبا ليحافض الجسم على عدد ثابت لعدد خلاياه وذلك من خلال عملية إنقسام الخلايا. وتمر الخلية الحية أثناء حياتها فيما يسمى بدورة الخلية (Cell cycle) وهي الفترة ما بين دورتين متتاليتين من الانقسام. فعندما تنقسم خلية قديمة إلى خليتتين جديدتين فإن كل منها تبدأ بالنمو وكذلك التخصص حتى تصل إلى حجم معين وبعدها إما أن تبقى على حالها قائمة بوظائفها إلى أن تموت ودون أن تنقسم  وهو ما يسمى بطور الراحة (resting phase) كما هو الحال مع الخلايا العصبية وخلايا العضلات الهيكلية وكريات الدم الحمراء. أما بقية أنواع الخلايا فإن الخلية تمر أولا بطور الراحة ثم طور الإنقسام  الذي يتم بعد مرور عمر محدد وذلك حسب نوعها. 





وإلى جانب قتل الخلايا لنفسها عند إنتهاء أجلها فإن الموت المبرمج يستخدم للتخلص من الخلايا التي يصيبها أي عطب أو خلل في أي مكون من مكوناتها المختلفة. إن أكثر الأعطاب التي تصيب الخلية هو الأخطاء التي قد تحصل في الشريط الوراثي عند نسخه لإنتاج شريطيين جديدين (DNA replication or duplication) لوضعهما في الخليتين الجديدتين الناتجتين عن انقسام الخلية الأم. إن طول الشريط الوراثي للإنسان يبلغ ثلاثة آلاف مليون حرف ويتم نسخه بسرعة 50 حرف في الثانية في مدة لا تتجاوز  نصف ساعة حيث تتم عملية النسخ بشكل متواز لجميع الكروموسومات وكذلك في عدد كبير من المواضع أو ما يسمى بفقاعات النسخ (replication bubbles). إن معدل الخطأ الحاصل في نسخ الأشرطة الوراثية في خلايا الإنسان قد يصل إلى خطأ واحد في كل ألف حرف وهو معدل عال جدا يستحيل معه عيش الكائن الحي أو إنتاج أي كائن حي. ولكن من لطف الله عز وجل بمخلوقاته فقد أوجد سبحانه نظام لتصحيح الأخطاء (proof reading) الحاصلة في الشريط الوراثي أثناء نسخه حيث تقوم مجموعة من الأنزيمات بالبحث عن الأخطاء الناتجة ومن ثم تقوم بتصحيحها. وقد وجد العلماء أن معدل الخطأ بعد التصحيح ينخفض إلى خطأ واحد لكل مليون حرف وهذا يعني أن في كل مليون خلية جديدة يحتمل وجود خلية واحدة يوجد خلل في شريطها الوراثي وهي التي تقوم بعملية الانتحار المبرمج لكي لا تتحول إلى خلية سرطانية.

أما العطب الثاني الذي يجعل الخلية تقدم على الانتحار فهو نقصان طول التيلوميرز (Telomeres) عن حد معين وهو سلسلة طويلة ترتبط بطرفي كل كروموسوم من الشريط الوراثي مكون من شيفرة مكررة يعتمد تركيبها على نوع الكائن الحي وهي في الإنسان (TTAGGG).  ويقوم إنزيم خاص وهو التيلوميريز (telomerase) بإضافة هذه السلسلة بعد الإنتهاء من نسخ الكروموسوم وذلك لحماية المعلومات الوراثية في الكروموسومات من الضرر حيث أن الشريط الوراثي أكثر ما يتعرض للخراب عند أطرافه. وقد وجد أن سلسلة التيلوميرز يقل طولها بمقدار معين بعد كل إنقسام للخلية مما يعني أنه بعد عدد محدد من الإنقسامات يسمى حد هيفلك  (Hayflick Limit) تختفي سلسلة الحماية هذه وتبدأ المعلومات الوراثية الموجودة في نهاية الشريط بالتعرض للخراب مما يؤدي إما إلى موت الخلية أو تحولها إلى خلية سرطانية. وقد تبين أن طول سلسلة التيلوميرز يلعب دورا رئيسيا في تحديد أعمار الخلايا وبالتالي أعمار الكائنات الحية حيث أن توقف الخلايا عن الانقسام بشكل صحيح  في أجهزة الجسم يؤدي إلى  توقف هذه الأجهزة عن القيام بوظائفها وبالتالي موت الكائن الحي. أما الخلل الثالث فهو فشل البروتينات التي يتم إنتاجها في مصانع البروتينات أو الرايبوسومات (ribosomes) في الالتفاف حول نفسها بالشكل المطلوب (Unfolded Protein) فتنتج بروتينات عديمة النفع وضارة وعندما تكتشف الخلية ذلك من خلال بروتينات  (unfolded protein response) فإنها تقدم على الانتحار. ويوجد أنواع أخرى من الخلل التي قد تصيب مكونات الخلية سواء أثناء عملية الانقسام أو بعدها وجميعها يتم كشفها من قبل مكونات خاصة بذلك في داخل الخلية فتعطي الأوامر للخلية بالإقدام على عملية الانتحار بطريقة مبرمجة.



إن الخلايا الحية لا تقدم على الانتحار المبرمج منذ بداية تعرضها للمؤثرات الخارجية كنقص الغذاء والأوكسجين أو تراكم الفضلات والسموم فيها أو قتلها من قبل الميكروبات والفايروسات أو تعرضها للحرارة والبرودة والإشعاعات الضارة والجروح. إن بعض المشاكل التي تواجهها الخلايا كنقص الغذاء والأوكسجين أو زيادة الجذور الحرة (free radicals) أو ما يسمى الضغط التأكسدي (Oxidative stress ) يمكن التغلب عليها بمساعدة أجهزة الجسم المختلفة . فمثل هذه الخلايا المصابة تقوم بإرسال نداء استغاثة للنجاة (Cell survival signaling) إلى مكوناتها أو إلى أجهزة الجسم من خلال مستقبل خاص بذلك (receptor protein-tyrosine kinases) موجود على سطح الخلية. ويتم معالجة المشكلة من خلال مسار خاص (PI 3-kinase pathway of cell survival) حيث تتحد بروتينات خاصة تسمى معاملات النجاة (Survival factors) بالمستقبل فتثير سلسلة من التفاعلات داخل الخلية تحدد نوع المشكلة ومن ثم إنتاج البروتينات التي يمكن أن تعالج هذه المشكلة بمساعدة مكونات الخلية نفسها أو من خارج الخلية. ولطالما أن مسار نجاة الخلية في طور التفعيل والعمل فإنه يعمل على كبح مسار الموت المبرمج من العمل وإذا ما فشلت محاولة الخلية للنجاة فإنه يتم التحول إلى مسار انتحار الخلية.




يتم تنفيذ الموت المبرمج للخلايا من خلال مسارين (pathways) أحدهما المسار الداخلي أو مسار الميتوكندريا (intrinsic or  mitochondrial pathway)  حيث يصدر أمر الانتحار للخلية من داخلها. أما المسار الآخر فهو  المسار الخارجي (extrinsic pathway) أو مسار مستقبلات الموت(death receptor pathway)  ويأتي الأمر فيه من خارج الخلية. ويرجح العلماء وجود مسار ثالث لانتحار الخلية ويسمى مسار الجرانزيم (granzyme B pathway) وفيه تعطي الخلايا التائية (T-cell mediated) في النظام المناعي أمر الإنتحار للخلية. وتشترك المسارات الثلاثة في المرحلة الأخيرة من عملية الانتحار وهو مسار الإعدام (execution pathway). ويتكون كل مسار من هذه المسارات من سلسلة طويلة من العمليات الحيوية الجزيئية المعقدة  يقوم بها عدد كبير من المستقبلات والانزيمات والمثيرات والهرمونات والتي يحكم عملها برامج مخزنة في جينات خاصة في الشريط الوراثي تسمى جينات القتل والتغليف (killing and engulfment genes).



يثار المسار الداخلي من قبل مثيرات غير مستقبلة (non-receptor-mediated stimuli ) متعددة صادرة من داخل الخلية نتيجة لتعرض بعض مكوناتها لأعطاب مختلفة نتيجة لمؤثرات مدمرة مختلفة كالاشعاعات والسموم والفيروسات وغيرها. وتعمل هذه المثيرات على فتح مسامات في الغشاء الداخلي للميتوكندريا (inner mitochondrial membrane) وكذلك تعطيل الجهد الغشائي للمتيوكندريا (mitochondrial transmembrane potential). ويؤدي تعطل عمل غشاء الميتوكندريا إلى إطلاق مجموعة من البروتينات تسمى بروتينات ما قبل الانتحار (pro-apoptotic proteins) إلى السيتوبلازم والتي تثير ما يسمى بمسار الميتوكندريا المعتمد على الكاسبيس(the caspase-dependent mitochondrial pathway). ويتم في هذا المسار توليد سلسلة طويلة من البروتينات التي تتفاعل مع بعضها البعض لتنفيذ مهام محددة في مختلف مكونات الخلية وذلك لإعداد لعملية قتل الخلية التي تتم من خلال مسار الإعدام. أما في المسار الخارجي فإنه يوجد على سطح الخلية الخارجي أربعة أنواع من مستقبلات الموت (death receptors) والتي عندما تثار من قبل  النظام المناعي تعطي الأمر للخلية بالانتحار وهي مستقبلات فاس (FAS receptors) ومستقبلات (p55 tumor necrosis factor receptors) ومستقبلات تي أن أف (TNF receptors). ويتم نقل إشارة الموت (death signal) من هذه المستقبلات إلى مسارات التأشير في داخل الخلية (intracellular signaling pathways). وفي مسارات التأشير يتم إنتاج سلسلة من البروتينات التي تقوم بمهمات مختلفة تؤدي في النهاية إلى إثارة مسار الإعدام.



إن عملية إعدام الخلية تتم بمنتهي الدقة  من خلال مسار الإعدام (execution pathway) وذلك لكي لا تتأذي الخلايا المجاورة ويتم التخلص من الخلية الميتة بآليات بالغة الاتقان. ولا تحدث عملية الإعدام  أي تفاعل التهابي (inflammatory reaction) في الأنسجة المحيطة حيث أن عملية قتل الخلية والتخلص من جثتها تتم بدون تسرب أي من مكوناتها للنسيج ما بين الخلوي (interstitial tissue). إن أول ما تقوم به البروتينات الخاصة بإعدام الخلية هو تعطيل الشريط الوراثي بالكامل (degrades the DNA) لأنه العقل المدبر للخلية ومن ثم تحطيم أو تفتيت الميتوكندريا (محطات الطاقة) (breaks down the mitochondria) وكذلك بقية مكونات الخلية. وعند تحطيم مكونات الخلية الساسية تبدأ الخلية بالانكماش (shrink  the cell) مع خروج بروزات في الغشاء الخلوي (membrane blebbing) تحتوي على مكونات الخلية المحطمة والتي تبدأ بالانفصال عن الخلية لتخرج على شكل قطع صغيرة أنيقة مغلفة بالأغشية (small, neat, membrane-wrapped, fragments). وأخيرا تقوم الخلايا الملتهمة (phagocytic cells) التابعة للجهاز المناعي بالتهام هذه القطع وإفراز أنزيمات السايتوكينز (cytokines) في مكان انتحار الخلية لمنع تكون الالتهابات فيها (inhibit inflammation).



 

2021-01-24

وجعلنا سراجا وهاجا

 

وجعلنا سراجا وهاجا

الدكتور منصور أبوشريعة العبادي \ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية



إن الشمس من أكثر أجرام السماء ذكرا في القرآن الكريم بعد الأرض حيث ورد ذكرها 33 مرة ووصفها الله عز وجل بأوصاف متعددة وأكد سبحانه على أنها من أكبر النعم التي سخرها لمنفعة البشر وذلك في قوله تعالى "وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)" ابراهيم. ولقد وصف القرآن الكريم الشمس بأنها السراج الذي يمد الأرض بالطاقة والضياء والذين بدونهما لا يمكن للحياة أن تظهر أو أن تدوم على الأرض فقال عز من قائل " تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61)" الفرقان والقائل سبحانه "وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)" نوح والقائل عز من قائل "وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)" النحل. ومن معجزات القرآن الكريم أنه فرق بين الضوء الصادر من الشمس وذلك الصادر من القمر فوصف ضوء الشمس بالضياء وضوء القمر بالنور وذلك في قوله تعالى ""هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5)" يونس. ولقد قام علماء الفيزياء الفلكية بدراسة الشمس بشكل مستفيض وتمكنوا من كشف كثير من أسرارها كطريقة توليد الطاقة الهائلة التي تشعها إلى الفضاء الخارجي وأنواع الإشعاعات والجسيمات ودرجات حرارة طبقاتها المختلفة. أما ظاهرة التوهج أو الفوران الشمسي (solar flares) فهي من الظواهر العجيبة التي اكتشفها العلماء في الشمس وهي التي تنتج السطوع الأصفر الشديد لسطح الشمس كما وصفها القرآن الكريم في قوله تعالى "وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13)" النبأ.



إن أهم الشروط في تصميم الأرض لتكون مهيأة لظهور الحياة عليها هو ضرورة وجودها بالقرب من مصدر لإنتاج الطاقة الذي يمدها بالطاقة اللازمة لحفظ درجة حرارة سطحها ضمن حدود معينة وكذلك إمداد الكائنات الحية بالطاقة التي تلزمها للحياة. وتوجد الأرض ضمن النظام الشمسي (Solar System) أو المجموعة الشمسية الذي نشأ قبل 4.6 بليون سنة وذلك من خلال إنهيار سحابة ضخمة من الغاز والغبار  أو ما يسمى بالسديم الشمسي والتي قد تكونت نتيجة لإنفجار نجم ضخم أو مستعر أعظم بعد أن نفذ وقوده. ويتكون النظام الشمسي  من الشمس (Sun) التي تبلغ كتلتها 99.9% من كتلة النظام ومن مجموعة من الأجرام غير المشعة كالكواكب  (planets) وما يتبعها من أقمار (moons) والكواكب القزمة (dwarf planets) والكويكبات (Asteroids) والمذنبات (Comets) والنيازك (Meteoroids) وكذلك سحابة رقيقة من الغاز والغبار تعرف بالوسط بين الكوكبي ( interplanetary dust clouds). ويوجد في النظام الشمسي ثمانية كواكب تدور حول الشمس في مدارات مختلفة وهي حسب بعدها عنها عطارد (Mercury) والزهرة (Venus)  والأرض (Earth)  والمريخ (Mars) وهي كواكب صخرية (terrestrial planets) ثم  المشتري(Jupiter) وزحل (Saturn) وهي كواكب غازية (gas planets) وأورانوس ( Uranus) ونبتون (Neptune) وهي كواكب جليدية (ice planets). ويوجد كذلك أربعة كواكب قزمة  وهي بلوتو (Pluto) وهاوميا (Haumea) وماكيميك (Makemake) وإيرس ( Eris). أما الكويكبات فيوجد معظمها في حزامين وهما حزام الكويكبات (asteroid belt) الذي يقع مداره بين المريخ والمشتري وحزام كيوبر( Kuiper belt ) الذي يقع مداره بعد مدار كوكب نبتون.  وأما المذنبات فهي أجسام مكونة في الغالب من الجليد المائي وغير المائي  والغبار  والغاز  بأقطار متفاوتة وتسير  في مدارات بيضاوية الشكل عالية الانحراف المركزي وغالبا ما  تتقاطع مداراتها مع مدارات كواكب المجموعة الشمسية. أما النيازك فهي أجسام صخرية أو معدنية  لا يتجاوز قطرها عشرات الأمتار وتنتج عن تصادم بعض الكويكبات الكبيرة  فتتطاير في الفضاء  في مسارات  غير منتظمة وتنجذب لأقرب الكواكب إليها.  ويبلغ نصف قطر النظام الشمسي تسع ساعات ضوئية أو ما يعادل عشرة بلايين كيلومتر وتبعد الأرض عن الشمس حوالي 8 دقائق ضوئية أو ما يعادل 150 مليون كيلومتر وتدور حولها بسرعة 108 آلاف كيلومتر في الساعة. ويقع مدار المجموعة الشمسية على بعد 27 ألف سنة ضوئية من مركز مجرة درب التبانة ( Milky Way galaxy) وتسبح بسرعة 220 كيلومتر في الثانية لتكمل دورتها في مدة 250 مليون سنة أرضية.



وتعتبر الشمس نجم متوسط الحجم بالنسبة لنجوم الكون حيث يبلغ نصف قطرها ما يقرب من سبعمائة ألف كيلومتر أي أن حجمها يزيد بمليون وثلاثمائة ألف مرة عن حجم الأرض بينما تزيد كتلتها عن كتلة الأرض بثلث مليون مرة تقريبا. وتتكون الشمس من الهيدروجين بنسبة 74 بالمائة والهيليوم بنسبة 25 بالمائة ومن الأوكسجين والكربون والنيون وبعض العناصر الأخرى بنسبة واحد بالمائة.  وتحرق الشمس باستخدام الاندماج النووي (nuclear fusion) ستمائة مليون طن من عنصر الهيدروجين في الثانية الواحدة ليتحول إلى 596 مليون طن من عنصر الهيليوم. ويتم تحويل فرق الكتلة بين العنصرين البالغ أربعة ملايين طن إلى طاقة تقدر بما يقرب من أربعمائة بليون بليون ميجاوات وذلك تبعا لمعادلة أينشتاين المشهورة وهي أن كمية الطاقة الناتجة عن تحويل الكتلة إلى طاقة (mass–energy conversion) تساوي مقدار الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء. ولاستيعاب هذا الرقم فإن الشمس تنتج من الطاقة في الثانية الواحدة ما يعادل ما تنتجه جميع محطات توليد الكهرباء في العالم في أربعمائة مليون سنة. ويقدر عمر الشمس بعشرة بلايين سنة مضى منها ما يقرب من خمسة بلايين سنة ويمكن أن تستمر على وضعها الحالي لخمسة بلايين سنة قادمة ومن بعدها ستتحول إلى عملاق أحمر يبتلع معظم الكواكب بما فيها الأرض ومن ثم يتحول بعد انفجاره إلى قزم أبيض.



وتتكون الشمس من عدة طبقات أولها النواة (core) والتي يبلغ نصف قطرها 150 ألف كيلومتر أي 25 بالمائة من نصف قطر الشمس وهي طبقة عالية الكثافة (150 غرام لكل سنتيمتر مكعب) بسبب الضغط الهائل الواقع عليها  وعالية الحرارة  حيث تبدأ من  15,7 مليون كلفن عند المركز وتنتهي بسبعة ملايين عند حافتها. وفي هذه الطبقة تتم عملية الاندماج النووي لذرات الهيدروجين لتنتج ذرات الهيليوم وكميات هائلة من الطاقة التي تسخن الشمس وما حولها من كواكب.  أما الطبقة الثانية فهي الطبقة الإشعاعية (radiative zone) والتي تمتد من حافة النواة حتى 70 بالمائة من نصف قطر الشمس أو بسمك 300 ألف كيلومتر وتنخفض كثافتها من 20 غ/سم3   عند بدايتها إلى 0.2 غ/سم3  عند حافتها وكذلك حرارتها من 7 مليون كلفن إلى 2 مليون كلفن. وفي هذه الطبقة لا يوجد أي إندماج نووي ولا إنتاج للطاقة وفيها يتم نقل الطاقة من طبقة النواة إلى الخارج من خلال إشعاع أيونات الهيدروجين والموجات عالية الطاقة. وأما الطبقة الثالثة فهي طبقة الحمل (convection zone) والتي تمتد من حافة الطبقة الإشعاعيةالخارجية حتى  سطح الشمس  أي بسمك 200 ألف كيلومتر وتنخفض كثافتها من 2 غ/سم3   إلى 0.2 غ/سم3  وحرارتها من 2 مليون كلفن إلى 5700  كلفن. وفي هذه الطبقة  يتم نقل الطاقة  أو الحرارة  إلى سطح الشمس من خلال عملية الحمل وهي انتقال المواد الساخنة إلى الخارج على شكل تيارات حرارية وتعود  إلى الداخل بعد أن تبرد  بما يشبه الغليان. أما الطبقة الأخيرة وهي سطح الشمس فتسمى الكرة الضوئية (photosphere) ويبلغ سمكها 500 كيلومتر ودرجة حرارة سطحها 5800 درجة كلفن وفيها يتم إشعاع طاقة الشمس على شكل موجات ضوئية مرئية وغير مرئية إلى المحيط الخارجي. ويحيط بالشمس غلاف جوي يمتد حتى حدود المجموعة الشمسية ويتكون من عدة طبقات أهما طبقة الهالة الشمسية والتي تقع على ارتفاع 3000 كيلومتر  من سطح الشمس وفيها ترتفع درجة الحرارة لتصل إلى ما يزيد عن مليون درجة كلفن ومنها تصدر الرياح الشمسية. ويتكون الغلاف الجوي للشمس من طبقتين رئيسيتين وهما طبقة الكرة الملونة (chromosphere) بسمك ألفي كيلومتر وتصل درجة حرارتها عند حافتها العليا عشرين ألف درجة كلفن تليها طبقة الهالة (corona) والتي قد تمتد في الفضاء إلى عدة ملايين من الكيلومترات وقد تصل درجة حرارتها إلى مليوني درجة كلفن أي أعلى بكثير من درجة حرارة سطح الشمس.



إن الحرارة العالية التي تتعرض لها مادة الشمس والتي لا تقل عن خمسة الآف درجة كلفن عند سطحها تحول جميع عناصرها إلى الحالة الرابعة من حالات المادة وهي حالة البلازما (plasma). والبلازما هي الحالة التي تنفصل فيها الإلكترونات عن الذرات تاركة ذرات موجبة الشحنة تسمى الأيونات (ions) وعندها تصبح المادة خليط من الإلكترونات الحرة سالبة الشحنة والأيونات موجبة الشحنة. ويتم تحويل المادة من الحالة الغازية إلى حالة البلازما من خلال رفع درجة حرارتها أو تعريضها لمجالات كهرومغناطيسية قوية وتزداد نسبة البلازما في غاز المادة مع رفع درجة الحرارة  أو شدة المجال الكهرومغناطيسي. يتم نقل كمية الطاقة الهائلة التي تتولد في قلب الشمس من خلال الإشعاع في الطبقة الإشعاعية ومن ثم من خلال تيارات حمل ضخمة من البلازما في طبقة الحمل تتحرك بسرعات عالية جدا نحو سطح الشمس. إن تيارات البلازما المشحونة كهربائيا تولد حولها مجالات مغناطيسية ضخمة وتقوم هذه المجالات بدورها في حصر البلازما في داخلها وتسريع حركتها لتخرج من سطح الشمس على شكل فورانات تخرج من انحاء مختلفة من سطح الشمس  بسطوع شديد أسماه العلماء بالتوهج أو الفوران الشمسي (solar flares). ويتخلل مناطق التوهج أو الفوران الشمسي مناطق هادئة تسمى البقع الشمسية (sun spots) تبدو سوداء اللون بالمقارنة بالسطح الأصفر المحيط بها وذلك لأن درجة حرارتها أقل منه.



وقد يكون التوهج الشمسي من الشدة بحيث يقذف بكميات كبيرة من البلازما والإشعاعات المختلفة إلى الغلاف الجوي للشمس سميت بالشواظ الشمسية أو اللهب الشمسي (solar prominence). تتبع الشواظ مسارات المجالات المغناطيسية التي قامت بتشكيلها وهي في الغالب على شكل عرى (loop shaped) تبدأ من سطح الشمس ثم تعود إليه. وعند مراقبة الشواظ بمعدات خاصة ويكون سطح الشمس هو الخلفية فإنها تظهر على شكل حبال أو فتائل سوداء تمتد على السطح ولذا أطلق عليها العلماء الفتائل الشمسية (solar filaments). وتتراوح أطوال هذه الفتائل بين ثلاثين ومائة ألف كيلومتر وأما عرضها فيتراوح بين ألف وعشرة الاف.  إن الفتائل الشمسية من أغرب الظواهر الفيزيائية حيث يتكون حبل ضخم من الفيض المغناطيسي (flux rope) طرفاه مغموسان في سطح الشمس ويمتد لعشرات الآلاف من الكيلومترات في الغلاف الشمسي على شكل قوس. ومن ثم يقوم هذا الحبل بشفط كميات هائلة من البلازما في داخله تقدر طاقتها الحركية ببليون بليون ميجا جول وتتحرك بسرعة قد تصل ألف كيلومتر في الثانية ويصبها في مكان آخر من سطح الشمس.



وقد يمتد الشواظ الشمسي الفتائلي ليصل طبقة هالة الشمس وقد ينقطع الفتيل بسبب درجة الحرارة العالية  للهالة التي قد تصل إلى عدة ملايين درجة وفي حال انقطاع الفتيل فإن البلازما التي في داخله تندفع بسرعات عالية إلى الفضاء الخارجي  منتجة ما يسمى بالمقذوفات الكتلية الهالية (coronal mass ejections). وتتكون المادة المقذوفة في الغالب من بلازما الهيدروجين وهي البروتونات والإلكترونات وكميات كبيرة من الإشعاعات التي تغطي كامل الطيف الكهرومغناطيسي وخاصة الأشعة السينية وأشعة جاما. ويبلغ معدل كتلة المقذوفة الواحدة بليون طن وتندفع  بسرعات معدلها 500 كيلومتر في الثانية وقد تصل إلى 3000 كيلومتر في الثانية وتصل إلى الأرض في مدة ثلاثة أيام للسرعات المعتدلة. وعن وصول هذه المقذوفات إلى الأرض فإنها تصطدم بالغلاف المغناطيسي الأرضي منتجة موجة صدم عنيفة (shock wave). ومن لطف الله عز وجل بسكان الأرض أن الكتلة الضخمة من مادة المقذوفة المكونة من البروتونات والالكترونات المشحونة تتفاعل مع المجال المغناطيسي الأرضي فيغير مسارها باتجاه القطبين لتكمل مسارها إلى الفضاء الخارجي دون أن تصطدم بالأرض إلا قليل منها. إن هذا الجزء القليل من البروتونات والالكترونات الذي يصل للمناطق القطبية يقوم بتأيين الهواء فيها فيقوم بإشعاع طيف واسع من الضوء المرئي يطلق عليها الأضواء القطبية الأورورا (polar lights or aurorae ) والتي يمكن مشاهدتها بوضوح من المناطق المجاورة للقطبين. أما الإشعاعات الكهرومغناطيسية عديمة الشحنة فإنها تنفذ إلى الأرض لتصل إلى الغلاف الجوي الذي يقوم بامتصاص معظم الإشعاعات عالية الطاقة التي تقع فوق الأشعة البنفسجية مكونة ما يسمى بطبقة الأوزون.



 إن موجة الصدم العنيفة تنتج ما يسمى بالعاصفة المغناطيسية الأرضية ( geomagnetic storm) أو العاصفة الشمسية (solar storm) التي تعمل على تشويه المجال المغناطيسي الأرضي فتضغط (compressing) الجانب النهاري منه وتمد (expanding) الجانب الليلي. وعندما يعيد المجال المغناطيسي إلى وضعه الطبيعي فإن يطلق كمية هائلة من الطاقة تبلغ في المتوسط ألف بليون جول على شكل موجات كهرومغناطيسية.  إن العواصف المغناطيسية القوية قد تتسبب في تعطل شبكات نقل الطاقة الكهربائي وشبكات الاتصالات والأجهزة الالكترونية والأقمار الصناعية وفي سريان تيارات كهربائية عالية في أنابيب البترول والمياه المعدنية. تحصل المقذوفات الكتلية الشمسية بمعدل ثلاثة مرات في اليوم الواحد في ذروة دورة البقع الشمسية البالغة أحد عشر عاما وبمعدل مرة كل خمسة أيام عند الحضيض وتقذفها الشمس إلى الفضاء في جميع الاتجاهات. وعلى هذا فإن معدل ما يصيب الأرض من هذه المقذوفات سيكون متدنيا  ولذلك لا تتكرر العواصف الشمسية القوية على الأرض إلا مرة أو مرتين خلال الدورة الشمسية الواحدة. ومن الجدير بالذكر أن الأرض تتعرض بشكل دائم لسيل ضخم من الإشعاعات الشمسية والجسيمات المشحونة تسمى الرياح الشمسية (solar winds) ويقوم الغلاف المغناطيسي والغلاف الجوي للارض بصدها وامتصاصها لحماية سكان الأرض من أضرارها.  


        

تشع الشمس طاقتها الهائلة على شكل موجات كهرومغناطيسية تغطي كامل الطيف الكهرومغناطيسي ولكن بتوزيع غير  منتظم حيث تتركز  معظم الطاقة في الأشعة المرئية وتحت الحمراء وفوق البنفسجية.  فالأشعة تحت الحمراء التي يمتد طولها الموجي بين  750 نانومتر  و 1000 ميكرومتر   تحمل ما نسبته 50 بالمائة من مجموع الطاقة التي تشعها الشمس.  أما الأشعة المرئية  التي يمتد طولها الموجي بين 400 نانومتر  و 750 نانومتر  فتحمل ما نسبته 40 بالمائة من  الطاقة الشمسية.  أما الأشعة فوق البنفسجية  التي يمتد طولها الموجي بين 10 نانومتر  و 400 نانومتر  فتحمل ما نسبته 5 بالمائة من  الطاقة الشمسية.  أما الأشعة السينية  التي يمتد طولها الموجي بين 10  بيكومتر   و 10 نانومتر  وأشعة جاما  والتي يقل طولها الموجي  عن 10 بيكومتر  فتحملان ما نسبته 5 بالمائة من  الطاقة الشمسية. أما الرياح الشمسية التي تطلقها الهالة الشمسية فهي تتكون في الغالب من جسيمات مشحونة كالبروتونات والإلكترونات وأشعة ألفا وهي تنطلق بسرعات عالية قد تصل إلى ألف كيلومتر في الثانية.  ومن عجائب التقدير أن درجة حرارة سطح الشمس الذي يبلغ قريبا من ستة آلاف درجة تعطي طيف إشعاع يتمركز حول الجزء المرئي من الطيف الكهرومغناطيسي والذي يتوافق تماما مع متطلبات الكائنات الحية من الإشعاع الشمسي الذي يستخدم  في عملية التمثيل الضوئي وكذلك في نظام الإبصار المستخدم في كثير من أنواع الكائنات الحية.



 تتحدد طاقة الفوتون للإشعاعات المختلفة من حاصل ضرب ثابت بلانك في تردد الإشعاع وبما أن طول الموجة يساوي حاصل تقسيم سرعة الضوء على التردد فإن طاقة الفوتون تتناسب عكسيا مع طول الموجة. ويمكن حساب طاقة الفوتون لأي إشعاع  بالإلكترون فولت من خلال تقسيم الرقم 1,24 على طول الموجة مقاسا بالميكرومتر.  إن طاقة الفوتون للأشعة الراديوية وتحت الحمراء والمرئية لا تتجاوز ثلاثة إلكترون فولت  وهذه الطاقة كافية فقط لنقل الإلكترونات من مدار إلى مدار في الذرات وهي بذلك لا تسبب أي ضرر يذكر  لخلايا الكائنات الحية.  أما طاقة الأشعة فوق البنفسجية والسينية وأشعة جاما فإنها تتراوح ما بين ثلاثة إلكترون فولت وعشرة ملايين إلكترون فولت وهذه الطاقة قادرة وذلك حسب شدتها على اقتلاع الإلكترونات من الذرات مسببة في تأينها  وبالتالي تعمل على تفكيك الروابط بين ذرات الجزيئات الحيوية. إن أهم الجزيئات  التي يترتب على تفككها من قبل هذه الأشعة خطرا على الكائنات الحية هو جزيء الحامض النووي. ويترتب على تفكك هذا الجزيء هو  تعطل عمله في إدارة العمليات الحيوية في الخلايا مما يؤدي إلى موتها ولكن الأخطر  من ذلك هو  إصابة الشيفرات المسؤولة عن تنظيم انقسام الخلايا بالخلل مما يؤدي إلى انقسامها بشكل غير  محكوم  وبالتالي مسببة في  ظهور السراطانات في جسم الكائن الحي.



ولولا وسائل الحماية المختلفة التي أحاط الله عز  وجل بها الأرض لما كان للحياة أن تظهر على هذا الكوكب ولا أن تدوم لما يزيد عن ثلاثة آلاف مليون سنة. ولقد أحاط الله عز وجل سطح الأرض بعدة وسائل للحماية من الإشعاعات والجسيمات الصادرة عن الشمس وبقية نجوم السماء كالغلاف الجوي وطبقة الأوزون والغلاف المغناطيسي وغيرها. إن من أعجب وسائل الحماية التي قدرها الله عز وجل لحماية الحياة على الأرض من الأشعاعات الشمسية الضارة هو وجود ما يسمى بطبقة الأوزون في الغلاف الجوي.  فهذه الطبقة العجيبة تسمح بمرور  كامل الأشعة الشمسية النافعة كالأشعة المرئية وتحت الحمراء ونطاق ضيق جدا من الأشعة فوق البنفسجية وتمنع مرور الأشعة الشمسية الضارة كالأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة والأشعة السينية وأشعة جاما. فطاقة الأشعة المرئية وتحت الحمراء تعمل على تسخين الأرض وجزء من طاقة الأشعة المرئية تمد الكائنات الحية بالطاقة اللازمة من خلال عملية التمثيل الضوئي وطاقة الأشعة فوق البنفسجية منخفضة الطاقة تساعد في إنتاج فيتامين دال الضروري لحياة الكائنات الحية. وتقع طبقة الأوزون (Ozone layer) ضمن طبقة الغلاف الطبقي أو الستراتوسفير (stratosphere) على إرتفاع يتراوح بين 20 و 40 كيلومتر  فوق سطح البحر  وفيها يتم تحويل جزيء الأوكسجين الثنائي (O2) إلى جزيء الأوكسجين الثلاثي أو ما يسمى بالأوزون (O3) من خلال إمتصاص طاقة الأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة.  وتقوم هذه الأشعة أيضا بتحليل جزيء الأوزون إلى جزيء أوكسجين ثنائي وأوكسجين أحادي ومن ثم إعادة تركيبه في عملية متكررة لكي تستمر عملية امتصاص طاقة الأشعة فوق البنفسجية الضارة دون توقف. 



أما حماية الأرض من الجسيمات المشحونة كالبروتونات والإلكترونات التي تحملها الرياح الشمسية فتتم من خلال الدرع المغناطيسي المحيط بالأرض. فلقد وجد العلماء أن الأرض تتفرد بوجود مجال أو غلاف مغناطيسي (magetosphere) تفوق شدته شدة أقوى المجالات المغناطيسية في بقية كواكب المجموعة الشمسية بالنسبة لحجمها. وقد تبين للعلماء أن هذا المجال المغناطيسي العالي قد نتج عن وجود قلب كبير من الحديد والنيكل في باطن الأرض وينشأ نتيجة لحركة تيارات ضخمة من الحديد السائل في الجزء الخارجي للقلب الحديدي. وكأي مغناطيس فإن المغناطيس الأرضي له قطبان فالقطب المغناطيسي الشمالي يقع قريبا من القطب الجغرافي الجنوبي والعكس للقطب الآخر وتبلغ درجة انحراف القطب المغناطيسي عن الجغرافي أحد عشرة درجة.  وتخرج خطوط المجال المغناطيسي من القطب الشمالي للمغناطيس الأرضي بكثافة عالية وتسير في الفضاء المحيط بالأرض ثم تتجمع لتدخل في القطب الشمالي. ويمتد نأثير  المجال المغناطيسي لعشرات الآلاف من الكيلومترات حول الأرض  وتبلغ أعلى شدة له على سطح الأرض حيث تبلغ  25 مايكروتسلا عن خط الإستواء و65 مايكروتسلا عند القطبين.  إن هذا الدرع المغناطيسي هو الذي حافظ على وجود الغلاف الجوي للأرض لبلايين السنين بينما تلاشت الأغلفة الجوية للكواكب التي لا تمتلك مثل هذا المجال المغناطيسي القوي.  فالجسيمات المشحونة كالبروتونات والالكترونات القادمة من الشمس تمتلك طاقة حركية عالية وعندما تصطدم بجزيئات الغلاف الجوي فإنها تقذف بها إلى الفضاء الخارجي مسببة في تلاشي هذا الغلاف مع مرور الزمن في غياب الدرع المغناطيسي.  



ويقوم المجال المغناطيسي  بحماية الأرض من الجسيمات المشحونة من خلال تفاعل هذه الجسيمات مع المجال المغناطيسي  طبقا لقانون القوة للورنتس  (Lorentz force law). وتبعا لهذا القانون فإن الجسيمات المشحونة التي تسقط بسرعة معينة وبشكل عمودي على خطوط المجال المغناطيسي تتعرض لتأثير قوة يكون اتجاهها عموديا على كل من اتجاه المجال  واتجاه حركة الجسيمات وقيمتها تتناسب مع شدة المجال وسرعة الجسيمات. وفي حالة سقوط الجسيمات في نفس اتجاه المجال فإنها لا تتعرض لأي قوة وتستمر  في الحركة بنفس السرعة وفي نفس اتجاه المجال.  فعلى سبيل المثال فإنه عند سقوط الجسيمات بشكل عمودي تماما على المجال المغناطيسي الأرضي فإن الحركة الخطية لهذه الجسيمات تتحول إلى حركة دائرية ويتحدد قطر الدائرة من سرعة الجسيمات وشدة المجال وتبقى هذه الجسيمات محبوسة في داخل هذا المجال. أما إذا سقطت الجسيمات بشكل موازي لخطوط المجال فإنها ستسير  معها إلى أن تسقط على الأرض عند القطبين مسببة في ظهور الشفق القطبي نتيجة لاصطدام هذه الجسيمات بجزيئات الهواء. أما إذا سقطت الجسيمات بزاوية ما  فإنها ستتحرك في حركة لولبية بشكل موازي لسطح الأرض إلى أن تخرج إلى الفضاء الخارجي دون أن تصل إلى الغلاف الجوي.



تكون الجسيمات المحبوسة في المجال المغناطيسي الأرضي  ما يسمى بحزام فان ألن الإشعاعي (Van Allen radiation belt) وذلك نسبة للعالم الأمريكي فان ألن الذي اكتشف هذا الحزام في عام 1959م بعد أن وضع أجهزة لقياس الإشعاع على متن أول الأقمار الصناعية الذي أطلقته الولايات المتحدة الأمريكية. ويتكون هذا الحزام من منطقتين كل منهما على شكل الكعكة التي يتطابق محورها مع محور  المجال المغناطيسي. ويتراوح ارتفاع الحزام الأدنى بين 1600  و13000   كيلومتر عند منتصفه  بينما يتراوح ارتفاع الحزام الأبعد  بين 19000  و40000   كيلومتر.  وبسبب الحركة الدائرية للجسيمات المحبوسة في هذا الحزام  فإنها تنتج  مجالا مغناطيسيا إضافيا في نفس اتجاه المجال الأصلي مما يساعد في مزيد من صد الجسيمات  المشحونة خاصة عند حدوث العواصف الشمسية القوية. وكذلك فإن الكثافة العالية للجسيمات المحبوسة في هذا الحزام تساعد في صد  الجسيمات من خلال الارتطام بها مباشرة.  وعادة ما يتم تجنب وضع الأقمار الصناعية في بعض مناطق هذا الحزام ذات الكثافة العالية لأن هذه الجسيمات العالية الطاقة تعمل على تدمير المعدات الإلكترونية والخلايا الشمسية في هذه الأقمار.



وعلى الرغم من بعد الأرض الكبير عن الشمس والبالغ في المتوسط مائة وخمسون مليون كيلومتر إلا أن كمية الطاقة التي تسقط على المتر المربع الواحد من سطح الأرض عند خط الاستواء يبلغ ما يقرب من ألف جول في الثانية وأن مجموع ما تستلمه الأرض من طاقة الشمس في الثانية الواحدة يبلغ مائة بليون ميجاواط. إن هذه الكمية من الطاقة التي تستلمها الأرض من الشمس كافية لحفظ درجة حرارة سطحها عند خمسة عشر درجة مئوية في المتوسط. ولقد تم اختيار بعد الأرض عن الشمس بتقدير بالغ  فلو كان بعدها أقرب أو أبعد ممّا هو عليه الآن لكانت درجة حرارة الأرض أكبر أو أقل من تلك اللازمة لظهور الحياة وممّا يدلل على ذلك هو غياب الحياة في بقية كواكب المجموعة الشمسية سواء تلك التي هي أقرب للشمس  مثل عطارد والزهرة أو تلك الأبعد عن الشمس مثل المريخ والمشتري وبقية الكواكب. إن درجة حرارة سطح الأرض لا يتحدد فقط من كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إليها بل من عوامل أخرى من أهمها دوران الأرض حول محورها وتعامد هذا المحور مع اتجاه الاشعاع الشمسي وسرعة الدوران وكذلك خصائص الغلاف الجوي للأرض ووجود المياه على مساحات كبيرة من سطح الأرض وغير ذلك.



يلزم للحفاظ على درجة حرارة سطح الأرض ضمن حدود معينة أن تدور الأرض حول محور متعامد تقريبا مع الخط الواصل بين الشمس والأرض وذلك لكي يتم تعريض جميع سطحها لضوء الشمس من خلال تعاقب الليل والنهار عليها. فلو  توقفت الأرض عن الدوران أو كان محور دورانها موازيا لهذا الخط لكان أحد نصفي الأرض معرض للشمس باستمرار بينما لن يصل ضوء الشمس للنصف الآخر وبذلك يكون أحد نصفيها نهارا دائما شديد الحرارة والنصف الآخر ليلا دائما شديد البرودة. لقد أشار القرآن الكريم إلى ظاهرة النهار الدائم والليل الدائم في قوله تعالى "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72)" القصص. إن شرط دوران الأرض حول محورها قد لا يكفي لظهور الحياة عليها إن لم يتم اختيار سرعة دورانها بشكل دقيق فلو كانت هذه السرعة أبطأ ممّا هي عليه لزاد طول كل من الليل والنهار ولارتفعت درجة حرارتها بشكل كبير أثناء النهار بسبب طول فترة تعرضها للشمس ولانخفضت درجة حرارتها أثناء الليل بسبب طول فترة إشعاع الحرارة منها. ولو كان دورانها أسرع ممّا هو عليه لقصر طول كل من الليل والنهار ولما تمكنت الأرض من أخذ كمية كافية من طاقة الشمس أثناء النهار وبذلك ينخفض معدل درجة حرارتها عما هو عليه الآن.



ويقوم الغلاف الجوي الأرضي بعزل سطح الأرض عن الفضاء الخارجي الذي يحيط بها والذي تقترب درجة حرارته من الصفر المطلق وذلك للحفاظ على درجة حرارة مناسبة للكائنات الحية.  فالغلاف الجوي مصمم بحيث يسمح بمرور الطاقة الشمسية إلى سطح الأرض أثناء النهار بينما يمنع بشكل جزئي مرور الإشعاع  الحراري الذي ينبعث من سطح الأرض الساخن إلى الفضاء الخارجي. ولكي تبقى الأرض في حالة اتزان حراري فإنه يلزم أن تكون كمية الطاقة المستلمة من الشمس تساوي كمية الطاقة المنبعثة من الأرض إلى الفضاء الخارجي.  وقد وجد العلماء أن هذا الاتزان الحراري يتم عند درجة حرارة متوسطة لسطح الأرض تبلغ خمسة عشر درجة مئوية.  ويعمل الغلاف الجوي على أن تبقى درجة حرارة سطح الأرض في الليل والنهار ضمن الحدود المسموح بها لبقاء الحياة على الأرض حيث لا يتجاوز الفرق بين أعلى وأقل درجة في أقسى الظروف الأرضية الخمسين درجة مئوية.  وعند مقارنة ذلك  بدرجة حرارة سطح القمر الذي يفتقر لغلاف جوي نجد أن درجة حرارة سطحه تبلغ مائة وثلاثون درجة مئوية في النهار ومائة وسبعون درجة مئوية تحت الصفر في الليل أيّ بفارق ثلاثمائة درجة مئوية. وقد تبين للعلماء أن غاز ثاني أكسيد الكربون على قلة نسبته في الغلاف الجوي وكذلك بخار الماء  يلعبان دورا كبيرا في تحديد درجة حرارة الاتزان هذه.  فمن خصائص ثاني أكسيد الكربون العجيبة أنه يسمح بمرور الضوء المرئي وتحت الأحمر  القادم من الشمس إلى الأرض  أثناء النهار فتقوم بتسخين سطح الأرض أما في الليل فإنه يمنع مرور جزء كبير من الحرارة المنبعثة من سطح الأرض إلى الفضاء الخارجي في ما يسمى تأثير البيت الزجاجي أو الاحتباس الحراري (Greenhouse effect). وفي حالة زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون عن الحد الذي قدره الله عز وجل فإنه سيعكس كمية أكبر من الحرارة التي تنبعث من سطح الأرض مما يزيد من معدل درجة حرارة سطح الأرض عن المعدل الطبيعي.  وهنالك تخوف كبير في هذا العصر من أن تؤدي الزيادة في نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو والناتجة عن حرق هذه الكميات الضخمة من الوقود الأحفوري إلى زيادة درجة حرارة سطح الأرض مما قد يؤدي إلى اختلال كبير في مناخ الأرض ونظامها البيئي.



إن الطاقة التي تستلمها الأرض من الشمس لا يقتصر دورها على تسخين سطح الأرض بل تقوم بإمداد الكائنات الحية بالطاقة التي تلزمها لبناء أجسمها وتمكينها من الحركة. وتحتوي النباتات البرية والطحالب البحرية على أضخم مصنع لإنتاج المواد العضوية على وجه هذه الأرض حيث يقوم هذا المصنع بتزويد جميع الكائنات الحية بالمواد العضوية اللازمة لبناء أجسامها والطاقة اللازمة لإجراء عملياتها الحيوية. إن المادة العضوية الرئيسية التي ينتجها هذا المصنع من خلال عملية التركيب الضوئي هو سكر الجلوكوز الذي يتم تصنيعه من الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون فقط. وتأخذ النباتات البرية غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء من خلال أوراقها وتمتص الماء وبقية العناصر من التراب من خلال جذورها بينما تأخذ الطاقة اللازمة للتصنيع من أشعة الشمس الساقطة على أوراقها. أما الطحالب البحرية فتأخذ الماء وجميع ما تحتاجه من ثاني أكسيد الكربون وبقية العناصر من ماء البحر وتأخذ الطاقة التي تلزمها من أشعة الشمس التي تنفذ إلى عشرات الأمتار داخل مياهه. ويقدر العلماء كمية الطاقة التي تستمدها النباتات والطحالب من ضوء الشمس بجزء من ألفي جزء من مجموع الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض وكمية ثاني أكسيد الكربون بخمسمائة بليون طن سنويا وكمية الماء بأربعمائة وعشرة بلايين طن سنويا. وتنتج النباتات والطحالب في المقابل ثلاثمائة وأربعين بليون طن من سكر الجلوكوز ومائتي بليون طن من الماء وثلاثمائة وأربعة وستون بليون طن من الأوكسجين. ويتضح من هذه الأرقام أن كمية الطاقة التي يتم تخزينها في المواد العضوية التي تنتجها البلاستيدات في كل عام تزيد بمائتي مرة عن كمية الإنتاج العالمي من الطاقة في العام الواحد. إن هذه الكمية الضخمة من سكر الجلوكوز الذي تنتجه النباتات سنويا تقوم عليها حياة جميع الكائنات الحية التي تعيش على الأرض سواء في برها أو في بحرها.