2014-08-16

دريد بن الصمة يرثي أخاه



دريد بن الصمة (الحجاز ؟ - 629م)


أرثّ جديدُ الحبلِ مِن أُمِّ معبد
بِعاقِبة وأخلفت كُلّ موعِدِ
وبانت ولم أحمد إِليك نوالها
ولم ترجُ فينا رِدّة اليومِ أو غدِ
مِن الخفِراتِ لا سقوطا خِمارُها
 إِذا برزت ولا خروج المُقيّدِ
وكُلّ تباريحِ المُحِبِّ لقيتهُ سِوى
 أنّني لم ألق حتفي بِمرصدِ
وأنِّي لم أهلِك خُفاتا ولم أمُت
 خُفاتا وكُلّا ظنّهُ بِي عُوّدي
كأنّ حُمول الحيِّ إِذ تلع الضُحى
 بِنا صِفةِ الشجناءِ عُصبةُ مِذودِ
أوِ الأثأبُ العُمُّ المُخرّمُ سوقُهُ
بِشابة لم يُخبط ولم يتعضّدِ
أعاذِل مهلا بعضُ لومِكِ واِقصِدي
 وإِن كان عِلمُ الغيبِ عِندكِ فاِرشِدي
أعاذِلتي كُلُّ اِمرِئ واِبنُ أُمِّهِ
 متاع كزادِ الراكِبِ المُتزوِّدِ
أعاذِل إِنّ الرُزء في مِثلِ خالِد
 ولا رُزء فيما أهلك المرءُ عن يدِ
وقُلتُ لِعارِض وأصحابِ عارِض
 ورهطِ بني السوداءِ والقومُ شُهّدي
علانِية ظُنّوا بِألفي مُدجّج
سراتُهُمُ في الفارِسيِّ المُسرّدِ
وقُلتُ لهُم إِنّ الأحاليف أصبحت
 مُطنِّبة بين السِتارِ فثهمدِ
فما فتِئوا حتّى رأوها مُغيرة
كرِجلِ الدِبى في كُلِّ ربع وفدفدِ
ولمّا رأيتُ الخيل قُبلا كأنّها
جراد يُباري وِجهة الريحِ مُغتدي
أمرتُهُمُ أمري بِمُنعرجِ اللِوى
فلم يستبينوا النُصح إِلّا ضُحى الغدِ
فلمّا عسوني كُنتُ مِنهُم وقد
أرى غِوايتهُم وأنّني غيرُ مُهتدي
وهل أنا إِلّا مِن غزِيّة إِن غوت غويتُ
 وإِن ترشُد غزيّةُ أرشدِ
دعاني أخي والخيلُ بيني وبينهُ
 فلمّا دعاني لم يجِدني بِقُعددِ
أخي أرضعتني أُمُّهُ بِلِبانِها
بِثديِ صفاء بيننا لم يُجدّدِ
فجِئتُ إِليهِ والرِماحُ تنوشُهُ
كوقعِ الصياصي في النسيجِ المُمدّدِ
وكُنتُ كذاتِ البوِّ  ريعت فأقبلت
 إِلى جلد مِن مسكِ سقبِ مُقدّدِ
فطاعنتُ عنهُ الخيل حتّى تنهنهت
 وحتّى علاني حلِكُ اللونِ أسودِ
فما رِمتُ حتّى خرّقتني رِماحُهُم
 وغودِرتُ أكبو  في القنا المُتقصِّدِ
قِتالُ اِمرِئ آسى أخاهُ بِنفسِهِ
ويعلمُ أنّ المرء غير مُخلّدِ
تنادوا فقالوا أردتِ الخيلُ فارِسا
فقُلتُ أعبدُ اللهِ ذلِكُمُ الردي
فإِن يكُ عبدُ اللهِ خلّى مكانهُ
 فما كان وقّافا ولا طائِش اليدِ
ولا برِما إِذا الرِياحُ تناوحت
 بِرطبِ العِضاهِ والهشيمِ المُعضّدِ
وتُخرِجُ مِنهُ صرّةُ القومِ جُرأة
وطولُ السُرى ذرِّيّ عضب مُهنّدِ
كميشُ الإِزارِ خارِج نِصفُ ساقِهِ
 صبور على العزاءِ طلّاعُ أنجُدِ
قليل تشكّيهِ المُصيباتِ حافِظ
مِن اليومِ أعقاب الأحاديثِ في غدِ
صبا ما صبا حتّى علا الشيبُ رأسهُ
فلمّا علاهُ قال لِلباطِلِ اِبعدِ
تراهُ خميص البطنِ والزادُ حاضِر
عتيد ويغدو  في القميصِ المُقدّدِ
وإِن مسّهُ الإِقواءُ والجهدُ زادهُ
سماحا وإِتلافا لِما كان في اليدِ
إِذا هبط الأرض الفضاء تزيّنت
 لِرُؤيتِهِ كالمأتمِ المُتبدِّدِ
فلا يُبعِدنك اللهُ حيّا وميِّتا
ومن يعلُهُ رُكن مِن الأرضِ يبعُدِ
رئيسُ حُروب لا يزالُ ربيئة مُشيحا
على مُحقوقِفِ الصُلبِ مُلبِدِ
وغارة بين اليومِ والأمسِ فلتة
تداركتُها ركضا بِسِيد عمرّدِ
سليمِ الشظى عبلِ الشوى شنِجِ النسا
 طويلِ القرا نهد أسيلِ المُقلّدِ
يفوتُ طويل القومِ عقدُ عِذارِهِ
مُنيف كجِذعِ النخلةِ المُتجرِّدِ
فكُنتُ كأنّي واثِق بِمُصدّر
يُمشّي بِأكنافِ الحُبيبِ بِمشهدِ
لهُ كُلُّ من يلقى مِن الناسِ واحِدا
وإِن يلق مثنى القومِ يفرح ويزددِ
وهوّن وجدي أنّني لم أقُل لهُ كذبت
 ولم أبخُل بِما ملكت يدي
فإِن تُعقِبِ الأيّامُ والدهرُ تعلموا
بني قارِب أنّا غِضاب بِمعبدِ

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق