2019-01-19

أربعون نوعا من الحساسات في جسم الإنسان


أربعون نوعا من الحساسات في جسم الإنسان

الدكتور منصور أبوشريعة العبادي \ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
إن إشارة القرآن الكريم إلى وجود معجزات باهرات في جسم الإنسان يؤكد  على أن هذا القرآن لا بد أنه منزل من عند من خلق هذا الجسم الذي يعلم أدق تفاصيل تركيبه وذلك في قوله تعالى "وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ(21)" الذاريات وقوله سبحانه "إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4)" الجاثية. إن أغلب الناس على مر  العصور كانوا يجهلون المعجزات الموجودة في تركيب الأجهزة المختلفة في أجسامهم ولذلك أكد القرآن الكريم على أنه سيأتي اليوم الذي سيكتشف فيه علماء البشر  أدق التفاصيل  لتركيب جسم الإنسان وسيرى البشر حينئذ حجم هذه المعجزات مصداقا لقوله تعالى " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)" فصلت. ولقد شرحت بشيء من التفصيل تركيب جميع أجهزة جسم الإنسان من منظور هندسي وذلك في كتابي (إبداع الرحمن في جسم الإنسان) وهي منشورة في مدونتي في سلسلة (وفي أنفسكم أفلا تبصرون).   
لقد أكد القرآن الكريم على أن العلم هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن يقود البشر لكشف أوجه الإعجاز الموجود فيما خلق الله من مخلوقات فعندما أقسم الله عز وجل بمواقع النجوم أكد أن عظمة القسم  لا تقدر  تماما إلا لمن علم بهذه المواقع وذلك في  قوله تعالى "فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76)" الواقعة. إن إدراك الإنسان  لوجوه الإعجاز في هذه المخلوقات يعتمد بشكل كبير على  مدى معرفته بتفاصيل تركيبها فكلما ازداد علمه بالقوانين والآليات التي تقف وراء عملية صنعها ازدادت قناعته بوجود مثل هذا الإعجاز. ولهذا نجد أن القرآن الكريم غالبا ما يعقب بعد ذكر المعجزة الكونية بقوله تعالى "إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون" وقوله تعالى "إنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون" وقوله تعالى "إنّ في ذلك لآيات للعالمين" وقوله تعالى "إنّ في ذلك لآيات للمتوسمين". ونجد كذلك أن القرآن الكريم قد أكثر من الثناء على العلماء إذا ما قادهم علمهم إلى الإيمان بالله كما في قوله تعالى "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)" الزمر وقوله تعالى "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)" المجادلة.
لقد اكتشف العلماء في جسم الإنسان عشرات الأنواع من المستقبلات الحسية (sensing receptors) أو الحساسات (sensors) تقوم بوظائف بالغة الأهمية وقد يؤدي تعطل بعضها إلى هلاك الإنسان. والحساس هو جهاز يقوم بتحويل الكميات الفيزيائية والكيميائية والتي تسمى بالمثيرات (stimuli) إلى إشارات أو نبضات كهربائية إلى مركز تحكم أو مركز معالجة للمعلومات الذي يرسلها هذا الحساس ومن ثم إتخاذ الإجراءت المناسبة. وفي جسم الإنسان تقوم الحساسات بقياس المؤثرات من المحيط الخارجي للجسم والمؤثرات من أجهزة الجسم الداخلية ومعالجتها في الدماغ  أو في الحبل الشوكي وذلك للإحساس بالمحيط الخارجي وكذلك إرسال إشارات التحكم المناسبة لضمان عمل أجهزة الجسم المختلفة على أكمل وجه. ولقد تم تقسيم  الحساسات إلى أنواع رئيسية تبعا لنوع المؤثر فالحساسات الضوئية (photoreceptors) تستجيب لشدة الضوء وكذلك ألوانه والميكانيكية (mechanoreceptors) تستجيب للمؤثرات الميكانيكية المختلفة والحرارية  (Thermoreceptors) تستجيب للحرارة والبرودة والكيميائية (Chemoreceptors) تستجيب لأنواع مختلفة من الجزيئات الكيمائية والضغط (Baroreceptors) تستجيب لضغط السوائل والأسموزية (Osmoreceptors) تستجيب للضغط الأسموزي لسوائل الجسم والألم (Nociceptors) تستجيب لأي تخريب يصيب خلايا الجسم والاندفاع (Proprioceptors) تستجيب للسرعة والتسارع. ولقد أحصيت ما يزيد عن أربعين نوعا من أنواع الحساسات في جسم الإنسان عدا الحساسات الخلوية موزعة في أجهزة الجسم المختلفة وتعد أعداد هذه الحساسات بعدة مئات من الملايين.
لقد كشف هذا العصر للبشر حقيقة بالغة الأهمية وهي أنه لكي يتم تصنيع جهاز ما  ليقوم بوظيفة معينة فإن على مصممه أن يكون على دراية تامة بالقوانين التي تحكم عمل هذا الجهاز وإلا فإن الجهاز سيفشل في القيام بمهمته.  إن أصعب مهام  تصميم الحساسات  هو تحديد نوع المثير  والخصائص الفيزيائية أو الكيميائية لهذا المثير  والمدى الذي يعمل فيه  والآلية التي يتم فيها تحويل هذه المتغير  الفيزيائي أو الكيميائي  إلى إشارة كهربائية.  فعلى سبيل المثال فإن تصميم حساسات الضوء في العين يتطلب معرفة مدى أطوال الموجات للضوء الذي تصدره الشمس وشدته وكذلك مدى موجات الضوء الأحمر  والأزرق والأخضر. وبما أنه يوجد ما يزيد عن أربعين نوعا من الحساسات في جسم الإنسان فإن تصميمها يحتاج إلى معرفة كاملة بخصائص جميع المثيرات الضوئية والصوتية والميكانيكية والكيميائية والحرارية وغيرها. وعند دراسة تركيب هذه الحساسات الحيوية في جسم الإنسان ومقارنتها مع الحساسات الصناعية التي يستخدمها  البشر  في التطبيقات المختلفة يجد الفارق الكبير بين صنع البشر وصنع خالق البشر  خاصة في صغر حجمها وشدة حساسيتها وصدق الله العظيم القائل "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)" النمل وقوله تعالى "هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11)" لقمان.  
حساسات درجة حرارة الجسم
يتم الحفاظ على درجة حرارة ثابتة لجسم الإنسان مقدارها 37 درجة مئوية من خلال مركز التحكم بدرجة الحرارة الموجود في منطقة تحت المهاد (Hypothalamus). ويتم التحكم بذلك من خلال نظام التغذية الراجعة السالبة (negative feedback system) حيث تقوم مجموعة من حساسات الحرارة المنتشرة في الجسم بإرسال المعلومات عن درجة حرارته إلى مركز التحكم والذي يقوم بإرسال إشارات إلى بعض أجهزة الجسم فتقوم إما بتخفيض أو رفع الحرارة لتستقر حول 37 درجة مئوية. وحساسات الحرارة إما خارجية تقيس درجة حرارة الجو المحيط بالجسم وهي مزروعة في الجلد وإما داخلية تقيس درجة حرارة الدم وهي موجودة بجانب مركز التحكم أي في منطقة تحت المهاد.  فعند ارتفاع درجة حرارة الجسم فإن الأوامر تصدر من المركز إلى توسيع الشعيرات الدموية (vasodilation) الموجودة في الجلد لتمر من خلالها كميات كبيرة من الدم الحار  ليبرد نتيجة للإشعاع الحراري من أسطح هذه الشعيرات. وكذلك يقوم بإرسال أوامر بفتح قنوات الغدد العرقية وتوسيع مسامات الجلد لتفرز العرق (sweating) الذي يعمل عند تبخره من سطح الجلد على امتصاص كمية من حرارة الجسم.  أما عند انخفاض درجة الحرارة  فإن الأوامر تصدر من الدماغ إلى تضيق الشعيرات  (vasoconstriction) لتقل كمية الدم المار من خلالها فتقل بالتالي كمية الحرارة المشعة من سطح الجلد وكذلك إغلاق القنوات العرقية.  وإذا ما انخفضت درجة حرارة الجسم بشكل كبير  فإن المركز يصدر  أوامره للعضلات لتبدأ بالارتجاف (shivering) لتوليد الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة الجسم.

حساسات ضغط الدم  
لكي يقوم الجهاز  الدوري بوظائفه المختلفة يجب أن يحافظ على ضغط الدم وكذلك حجمه ضمن مدى محدد وذلك لكي يتم  تبادل الماء والغازات والأملاح والمواد الغذائية بين الشعيرات الدموية والسائل ما بين الخلوي بكفاءة عالية.  فضغط الدم في الشعيرات عن بدايتها  يجب أن يكون أعلى من الضغط الأسموزي  للسائل ما بين الخلوي ومع انتقال الدم في الشعيرات يبدأ ضغط الدم بالإنخفاض تدريجيا  إلى أن يصبح ضغطه في الشعيرات أقل من الضغط الأسموزي مما يدفع بالفضلات الموجودة في السائل ما بين الخلوي إلى الانتقال إلى الدم لينقله إلى القلب ومن ثم إلى أجهزة الإخراج وهي الرئتين والكليتين. ويتم ضبط حجم الدم وضغطه وكذلك محتوياته بشكل لاإرادي من خلال استخدام  عدد من حساسات الضغط (baroreceptors) المزروعة في الجدران الداخلية لبعض الشرايين الرئيسية كالشريان الأورطي (aorta) والشريان السباتي (( carotid . وتقيس هذه الحساسات ضغط الدم في هذه الأماكن وترسل بإشاراتها إلى مركز تنظيم نبضات القلب (vasomotor centre) في الدماغ  والذي يقوم بإرسال إشارات إلى العقدة الجيبية في القلب لتزيد أو تنقص معدل نبضاته. ويتم التحكم بضغط الدم أيضا باستخدام هرمون الأدرينالين (Adrenaline) وكذلك هرمون النورأدرينالين (NorAdrenaline) الذي تفرزهما الغدة الكظرية (adrenal gland) التي تقع فوق الكلية. فعند انخفاض ضغط الدم يعمل هذا الهرمون على انقباض الشرايين الطرفية وزيادة ضخ الدم من القلب أما عند ارتفاع ضغط الدم فيعمل هرمون  (renine) على انبساط الشرايين الطرفية وتقليل ضخ الدم من  القلب.

حساسات الأوكسجين  وثاني أكسيد الكربون
يعتبر الأكسجين عنصر ضروري لإنجاز مختلف أنواع العمليات الحيوية التي تجري في داخل الخلايا أو ما يسمى بعملية الحرق أو الهدم والتي ينتج عنها غاز ثاني أكسيد الكربون. ويقوم الجهاز التنفسي بأخذ الأوكسجين من الجو وإيصاله إلى خلايا الجسم من خلال الدم الذي يعود محملا بثاني أكسيد الكربون الذي يطرده إلى الجو. وبما أن الجسم لا يمكنه أن يخزن الأوكسجين في داخله فإنه من الضروري تزويده بهذه العنصر الهام بشكل متواصل حيث أن انقطاع وصوله للجسم لمدة ثلاث دقائق في المتوسط يؤدي إلى موت الإنسان. إن مركز التحكم الرئيسي (Breathing control center) موجود في النخاع المستطيل  حيث يقوم هذا المركز بتوليد النبضات العصبية التي تحكم معدل التنفس. ويوجد في منطقة الجسر (pons) مركزان للتحكم أحدهما للتحكم في عملية الشهيق (apneustic area) والآخر للتحكم في عملية الزفير (pneumotaxic area). ويتلقى هذان المركزان إشارات عصبية من  حساسات كيميائية (chemoreceptors) موجودة في الشريان التاجي والشريان السباتي وكذلك النخاع المستطيل  وهي تعمل على قياس مستوى تركيز الأوكسجين وثاني اكسيد الكربون في الدم الخارج من القلب. ثم يقوم هذان المركزان  بمعالجة هذه الإشارات العصبية  وإرسال إشارات عصبية إلى مركز التحكم الرئيسي لزيادة أو تقليل معدل وعمق التنفس وكذلك إلى الحجاب الحاجز وعضلات الضلوع لزيادة معدلات انبساطها وانقباضها. وإلى جانب الحساسات الكيميائية يوجد حساسات ميكانيكية (stretch receptor) موجودة في عضلات الصدر والحجاب الحاجز  تقوم بإرسال إشاراتها للمساعدة في ضبط معدل وعمق التنفس.

حساسات الضغط الإسموزي
يتم الحفاظ على توازن السوائل وكذلك حجم ثابت للدم في جسم الإنسان من خلال التحكم بنفاذية الخلايا  الموجودة في جدار الأنبوبة المجمعة للبول باستخدام الهرمون المضاد للادرار (anti-diuretic hormone) والذي تفرزه الغدة النخامية (pituitary gland). وتستخدم التغذية الراجعة السالبة (negative feedback) للتحكم بحجم الدم حيث تقوم حساسات الحلولية أو الأسموزية (osmoreceptors) الموجودة في منطقة تحت المهاد (hypothalamus) في الدماغ بقياس تركيز الملح في الدم فإذا كان عاليا تعطى الأوامر للغدة بإفراز هذا الهرمون في الدم وعند وصوله إلى الكلية فإنه يقوم بزيادة نفاذية جدار الأنبوبة الجامعة فيتم امتصاص جزء من الماء الموجود في البول ويعيده إلى الدم. إما إذا كان تركيز الملح منخفضا فهذا يعني زيادة كمية الماء في الدم ولذا فإن الأوامر تصدر من الدماغ لوقف إفراز الهرمون فتقل نفاذية جدار الأنبوبة ويخرج الماء الزائد مع البول.

حساسات الأس الهيدروجيني في الدم
من الوظائف البالغة الأهمية للكلى هي ضبط الأس الهيدروجيني (potential for Hydrogen (pH)) للدم على قيمة ثابتة وهو مقياس لدرجة الحموضة أو القلوية (Acid-Base Balance). وتبلغ قيمة الأس الهيدروجيني للدم وكذلك للسوائل في داخل الخلايا وخارجها 7.4 أي أنها قلوية بعض الشيء وفي مثل هذا الوسط تقوم الخلايا بمختلف عملياتها الحيوية على أكمل وجه. أما إذا زاد أو نقص الأس الهيدروجيني عن هذا الرقم السحري فإن عمل الخلايا يبدأ بالاختلال تدريجيا وإذا ما تجاوزت قيمته  7.8 أو قلت عن 6.8 فإن الخلايا تتوقف عن العمل تماما. ويتم ضبط الأس الهيدروجيني بشكل بالغ الدقة وبتفاوت لا يتجاوز 0.05 درجة رغم دخول كميات كبيرة من المكونات الحامضية والقاعدية إلى الدم من خلال هضم الطعام أو من خلال العمليات الحيوية التي تقوم بها خلايا الجسم. وتتم عملية الضبط باستخدام آليات مختلفة أولها وجود المواد المنظمة (Buffers) في الدم كثاني أكسيد الكربون والبايكربونات وهذه المواد تعالج التغير المفاجئ في قيمة الأس فتمتص شوارد الهيدروجين (+H) إذا زادت الحموضة أو تطلقه إذا زادت القلوية. أما على المدى الطويل فإن الكلى والرئتان تتعاونان على تثبيت الأس الهيدروجيني عند القيمة المطلوبة وذلك من خلال قيام الرئتان بتخليص الدم من ثاني أكسيد الكربون عند زيادة حموضة الدم ومن خلال  قيام الكلى بسحب شوارد الهيدروجين (+H) من الدم عند زيادة حموضة الدم أوسحب البايكربونات  (HCO3) من الدم عند زيادة قلوية الدم.  


حساسات سكر الجلوكوز والأنسولين
يعتبر سكر الجلوكوز الوقود الرئيسي لجميع خلايا الجسم والذي تستمده من الكميات المذابة منه في الدم وعند نفاذ كمياته في الخلايا فإن مسارات أيضية أخرى تقوم بتحويل الجلايكوجين  والأحماض الدهنية إلى هذا السكر وذلك لكي لا تتوقف محطات إنتاج الطاقة في الخلايا.  ويجب أن يكون معدل الجلوكوز في الدم ضمن حدود مقبوله لكي تعمل خلايا الجسم بكفاءة جيدة حيث أن زيادته أو  نقصانه عن هذا المعدل يؤدي إلى خلل بالغ في هذه الخلايا وبالتالي مرض كامل الجسم. وللحفاظ على معدل الجلوكوز ضمن الحدود المقبولة يلزم وجود حساسات في الجسم تقيس مستوى الجلوكوز في الدم ومن ثم ترسل إشارات إلى نظام تحكم تغذية راجعة سلبية يقوم برفع  أو خفض هذا المستوى.   فعند انخفاض مستوى السكر في الدم تقوم حساسات سكر الجلوكوز الموجودة في الخلايا الألفية (Alpha cells) في البنكرياس بالإحساس بهذا النقص فتقوم هذه الخلايا بإفراز هرمون الجلوكاجين (Glucagen) الذي يقوم بتحويل الجلايكوجين المخزن في الكبد والعضلات إلى سكر الجلوكوز ودفعه إلى الدم من خلال المسار الأيضي  المسمى التحلل الجلايكوجيني (Glycogenolysis.  أما عند ارتفاع مستوى السكر في الدم تقوم حساسات السكر الموجودة في الخلايا البائية (Beta cells)  في البنكرياس بإعطاء الأمر إلى هذه الخلايا بإفراز  هرمون الأنسولين (insulin) وضخه إلى الدم. وتحتوي خلايا الجسم على حساسات للأنسولين  تعمل على فتح قنوات خاصة تقوم بإمتصاص السكر  الزائد  من الدم لخفض مستواه وعادة ما تقوم خلايا الجسم وخاصة خلايا الكبد والعضلات  بتحويل السكر الزائد إلى الجلايكوجين من خلال المسار الأيضي  المسمى التركيب الجلايكوجيني (Glycogenesis).


حساسات الجوع والعطش
لقد خلق الله سبحانه وتعالى آليات مختلفة تدفع الإنسان لأكل الطعام و شرب الماء ولولا هذه الآليات لأجبر الإنسان نفسه جبرا على أكل طعامه وشرب شرابه كما يجبر المريض نفسه على شرب دوائه أو أكل طعام لا يشتيه. ويوجد في منطقة تحت المهاد  مركز التحكم بالشهية (apetite control center) الذي يستقبل إشارات من مناطق مختلفة في الجسم عند نقص المواد المغذية في الجسم فيقوم بإرسال إشارات إلى أماكن محددة في الجسم تنشئ الإحساس بالجوع.  وتأتي هذه الإشارات من حساسات التمدد (stretch receptors) في المعدة وحساسات الجلوكوز وحساسات الحرارة ومجموعة من الهرمونات من البنكرياس والكبد. وفي مقابل الجوع خلق الله عز وجل آلية الشبع ولولا هذه الآلية لأهلك الإنسان نفسه إذا ما ترك الأمر لشهوته ولم يحكم عقله وأكل كميات زائدة من الطعام قد تسبب في إرهاق أو تلف مكونات الجهاز الهضمي. ويوجد كذلك في تحت المهاد مركز العطش (thirst center)  الذي يقوم بإرسال إشارة الشعور بالعطش عند نقصان كمية الماء في الجسم من خلال حساسات الأسموزية (osmoreceptors) التي تحس بزيادة تركيز الأملاح في الدم فتبعث بإشاراتها إلى الدماغ الذي يقوم بسحب كمية من الماء الموجود في الخلايا المبطنة للفم والحلق فيصيبها الجفاف فيحس الإنسان بالعطش.


حساسات التهيج في الجهاز التنفسي
توجد في الجدار المبطن لمجرى التنفس ما يسمى بحساسات التهيج (irritant receptors)  وهي عبارة عن نهايات عصبية تستثار  من قبل مختلف أنواع المؤثرات أو المهيجات الميكانيكية والكيميائية. فإلى جانب عمليتي الشهيق والزفير التي يقوم بها الجهاز التنفسي فإنه يوجد  عمليات أخرى كالسعال والعطاس والتثاؤب. فالسعال أو الكحة  عملية يتم تحريضها بمنبهات ميكانيكية أو كيميائية تتعرض لها المجاري الهوائية وذلك لتخليصها من الإفرازات الموجودة فيها أو أية أجسام غريبة أخرى. أما العطاس فهو عملية تقوم خلالها الرئتين بشهيق عميق تسحب خلاله كمية كبيرة من الهواء ثم تخرجه فجأة من الأنف والفم وبقوة شديدة خلال فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز الثانية الواحدة.

حساسات التمدد في العضلات
إن عملية تحريك جميع عضلات الجسم  للقيام بمهامها المختلفة لا تتم فقط من خلال إرسال النبضات العصبية من مراكز التحكم في الدماغ إلى العضلات بل تحتاج لتغذية راجعة (feedback) من العضلات إلى مراكز التحكم. ويتم ذلك من خلال استخدام أنواع مختلفة من  الحساسات(receptors) التي يتم زرعها في داخل المفاصل والعضلات والأربطة والأوتار والتي تقوم بإرسال نبضات عصبية إلى الدماغ. والحساسات  المصممة خصيصا للقيام بهذه المهمة هي من نوع الحساسات الميكانيكية (mechanoreceptors) والتي تستجيب للحركات الميكانيكة للعضلات والمفاصل والأوتار كالمغزل العضلي (muscle spindle) الموجود في العضلات وجهاز كولجي الوتري (Golgi tendon organ) الموجود في الأوتار. وقد لا يدرك أكثر الناس حجم العمليات والمعالجات التي تجري في مراكز الحركة في الدماغ وكذلك كمية الإشارات الذاهبة والقادمة بين العضلات والدماغ عند القيام بتحريك أحد أعضاء الجسم لأداء مهمة معينة مهما بلغت بساطتها.  فمعظم الناس يعتقد أن جميع خطوات عملية تحريك أعينهم وأيديهم وأرجلهم وأفواههم وألسنتهم إنما تتم بشكل كامل تحت سيطرتهم وهي ليست كذلك أبدا حيث أن جميع الخطوات تتم بشكل غير إرادي ما عدا الخطوة الأولى وهي خطوة تحديد نوع الحركة ووقت ابتدائها. فعندما ينوي الشخص الإمساك بكوب من الماء ليشرب منه فإن يلزم تحريك جميع عضلات اليد لنقلها من وضعها التي كانت عليه إلى موضع الكوب فتقوم بالإمساك به ثم تقوم بنقله إلى الفم. وخلال هذه الفترة الزمنية يتم إرسال مئات الملايين من الإشارات العصبية من الدماغ لعضلات اليد ومن عضلات اليد إلى الدماغ يتم من خلالها تحديد العضلات المراد تحريكها ومقدار شدها في كل لحظة زمنية.

حساسات التمدد في المثانة
يتم التحكم بإخراج البول من المثانة بطريقة إرادية حيث يوجد في جدار المثانة حساسات    التمدد (stretch receptor) التي تقوم بإرسال إشارات عصبية للدماغ تحدد درجة إمتلاء المثانة فتشعر الإنسان بالرغبة في التبول.  وعندما يرغب الإنسان بالتبول بإرادته يتم إرسال إشارات تتحكم بعضلات وصمامات المثانة من خلال الأعصاب الودية (sympathetic) التي تعمل على إرخاء عضلات المثانة والأعصاب غير الودية (parasympathetic) والتي تعمل على  تقلصها. ويوجد في جدار الإحليل عند التقائه بالمثانة صمامان وهما الصمام القابض الداخلي (internal urethral Sphincter) والصمام القابض الخارجي (external urethral Sphincter) اللذان يمنعان خروج البول من المثانة إلا إذا أعطيت الأوامر لهما من الدماغ بالفتح بطريقة إرادية.

الحساسات الميكانيكية والكيميائية في الجهاز الهضمي
يحتوي الجهاز الهضمي على عدد كبير  من الحساسات الميكانيكية والكيميائية والتي تقع ضمن أنظمة تحكم إرادية ولاإرادية تعمل على إتمام عمليات الهضم المختلفة.  فحساسات التمدد (stretch receptors) المزروعة في جدار المعدة تقوم بإرسال إشارات إلى الدماغ  ليحفز غدد المعدة لإفراز العصارات الهاضمة وكذلك إرسال إشارة الشبع عند امتلاء المعدة.  وتقوم حساسات التمدد في الاثني عشر  على تنظيم عملية إدخال كميات محددة من الكيموس  الموجود في المعدة  إلى الاثني عشر من خلال فتح صمام البواب الموجود بينهما. وتقوم حساسات المغذيات (nutrient receptors) المنتشره في الأمعاء الدقيقة على تنظيم عمليات امتصاص مختلف أنواع المواد الغذائية المهضومة.  وتقوم حساسات التمدد الموجودة في عضلات المستقيم (Rectum) بإرسال إشارات إلى الدماغ عند امتلاءه بالبراز  ليعطي الأمر بإفراغه بشكل إرادي  من خلال القناة الشرجية (Anal canal) المحاطة بعضلات قوية تعمل كصمام يسمى الصمام الشرجي (anal sphincters) وذلك من خلال استرخاء عضلات الصمام الشرجي وانقباض عضلات المستقيم بعد وصول إشارات من  الدماغ إلى النهايات العصبية المرتبطة بها.  


حساسات الكالسيوم
ويتم التحكم بمستوى الكالسيوم في الدم من خلال إفراز الهرمون الجاردرقي (Parathyroid hormone) من الغدد الجاردرقية (Parathyroid glands)  حيث يوجد مستفبلات حساسة لانخفاض الكالسيوم (Calcium-sensing receptors) في نفس الغدة. ويعمل الهرمون الجاردرقي عند وصوله للكلية على زيادة امتصاص الكالسيوم من البول وإعادته إلى الدم بينما يقوم هرمون الكالسوتينين (Calcitonin harmone ) الذي تفرزه الغدة الدرقية (Thyroid glands) بتخفيض مستوى الكالسيوم في الدم عند ارتفاعه  من خلال وقف امتصاصه من البول.


حساسات الضوء الأربع في العين
تتكون شبكية العين (retina) من نوعين من حساسات الضوء (photoreceptors) وهي العصيات (rods) التي تستجيب لشدة الضوء (intensity) فقط بغض النظر عن لونه ويبلغ عددها مائة وثلاثون مليون خلية تقريبا وهي عالية الحساسية.  أما النوع الثاني فهي المخاريط (cones) والتي يوجد منها  ثلاثة أنواع تستجيب للألوان الرئيسية الثلاث وهي الأحمر والأخضر والأزرق ويبلغ عددها سبعة ملايين خلية تقريبا موزعة بنسبة 64 % للحمراء و 32% للخضراء و 4% للزرقاء وهي منخفضة الحساسية. وتتوزع الخلايا الضوئية بكثافة غير منتظمة على سطح الشبكية حيث تصل كثافتها إلى ما يقرب من مائة وستون ألف في المليمتر المربع الواحد عند مركزها ثم تقل تدريجيا عند الأطراف. وعلى الرغم من أن عدد المخاريط أقل بكثير من العصي إلا أن معظمها موجود في المقلة  (macula) التي لا يتجاوز قطرها ثلاثة ملليمترات وفي مركز المقلة توجد منطقة لا يتجاوز قطرها ملليمتر ونصف تسمى النقرة (fovea) فيها أكبر كثافة للمخاريط. إن منطقة المقلة تقع تماما أمام عدسة العين وهي المسؤولة عن الرؤية المركزية (central vision) فجميع الأجسام التي تقع ضمن زاوية رؤيا تبلغ سبعة عشر درجة ترتسم صورها  على هذه المنطقة. أما المناظر التي تقع خارج نطاق الرؤيا المركزية والتي قد تصل زاوية الرؤيا فيها إلى ما يقرب من مائتي درجة فإنها ترتسم على بقية الشبكة ولكن بقدرة تمييز أقل بكثير من تلك التي في المقلة وهي مهمة في الرؤية الليلية والطرفية (peripheral and night vision).

إن مهمة العصي والمخاريط كحساسات للضوء هو تحويل شدة الضوء وكذلك لونه إلى إشارات كهربائية  يتم إرسالها من خلال العصب البصري إلى الدماغ ليقوم برسم صورة الشيء المرئي في خلاياه العصبية. ويوجد في خلايا العصي نوع من البروتينات يسمى الرودوبسن (rhodopsin) الذي يستجيب لجميع ترددات الطيف المرئي والذي يمتد من 400 نانومتر إلى 700 نانومتر أما البروتين الموجود في المخاريط فهو  الأوبسنس (opsins) وله ثلاثة أشكال تستجيب لترددات المنطقة الحمراء من الطيف المرئي للمخاريط الحمراء  وكذلك هو الحال للبروتينات الموجودة في المخاريط الخضراء والزرقاء. وعندما يسقط فوتون من الضوء على أحد العصي أو المخاريط وله تردد يقع ضمن نطاق استجابته فإنه يقوم بتفكيك أحد روابط البروتين الحساس للضوء مما يجبره على تغيير شكله ثم يقوم بقدح سلسلة طويلة ومعقدة من التفاعلات الكيميائية تنتهي بإنتاج نبضة كهربائية تذهب باتجاه العصبونات المرتبطة بهذه الخلية الحساسة للضوء. وتتكون خلايا العصي والمخاريط من جزء أمامي يحتوي على رزمة كبيرة من الأقراص (discs) التي تحتوي على البروتين الحساس للضوء وجزء خلفي يحتوي على النواة وعلى المكونات التي تنتج النبضات الكهربائة وعلى أطراف عصبية ترتبط بالخلايا العصبية المتصلة بها.

وبما أن عدد خلايا العصي والمخاريط  في الشبكية يصل إلى ما يقرب من مائة وسبعة وثلاثين مليون فإن ربط هذا العدد الهائل من الخلايا بمركز الإبصار باستخدام ليف بصري واحد لكل خلية يتطلب أن يكون قطر العصب البصري خمسة أضعاف مما هو عليه وهذا سيحتل حيزا كبيرا  من حجم الدماغ. ولذلك فقد تم تقليص عدد ألياف العصب البصري إلى ما يزيد قليلا عن مليون ليف من خلال شبكة معقدة وذكية من الخلايا العصبية داخل الشبكية تقوم بربط مخارج مائة  وثلاثون مليون من العصي وسبعة ملايين من المخاريط  بمداخل مليون ليف عصبي. وتتوزع هذه الخلايا العصبية على جميع سطح الشبكية ولذلك فإن جميع الألياف العصبية الخارجة منها تسيير بشكل شعاعي باتجاه مركز الشبكية وتتجمع في منطقة صغيرة تسمى القرص البصري (optic disc)  يقع على بعد خمسة ملليمترات من مركز الشبكية لتخرج هذه الألياف من جدار العين على شكل كيبل العصب البصري. إن الخلايا الحساسة للضوء لا تقع على سطح الشبكية المواجه للضوء القادم من العدسة بل تقع خلف شبكة معقدة جدا من الخلايا العصبية والألياف العصبية والأوردة والشرايين وعلى الضوء أن يخترق عدة طبقات من الشبكية حتى يصل للخلايا الحساسة للضوء  بما يسمى بالشبكية المقلوبة (inverted retina).  إن الشبكية المقلوبة لهي أكبر دليل على أن الذي قام بتصميمها إله لا حدود لعلمه وقدرته فلو أننا طلبنا من جميع مهندسي العالم تصميم كميرة تلفزيونية يقع فلمها الحساس للضوء خلف شبكة معقدة من الأسلاك ومن ثم تقوم بوظيفتها على أكمل وجه لفشلوا فشلا ذريعا في عمل ذلك.  

حساسات الترددات الصوتية في الأذن
تتكون الأذن من ثلاث أقسام رئيسية وهي الأذن الخارجية والأذن الوسطى والأذن الداخلية فالخارجية تتكون من جزئيين وهما الصيوان (pinna)  والقناة السمعية (auditory canal) حيث يقوم الصيوان بجمع الموجات الصوتية من الهواء وتوجيها نحو القناة السمعية ونقلها إلى الأذن الوسطى. أما الأذن الوسطى فتتكون من الطبلة ( ear drum) ثم تجويف هوائي يسمى الفجوة الطبلية (tympanic cavity) يحتوي على ثلاث عظمات وهي المطرقة والسندان والركاب. وتتكون الأذن الداخلية  من القوقعة (cochlea) التي تقوم بتحويل الموجات الصوتية الميكانيكية  إلى إشارات عصبية تنقل إلى مكان معالجة الصوت في الدماغ.  ويتم نقل  الاهتزازات الميكانيكية في الطبلة من خلال العظمات الثلاث إلى غشاء آخر يغطي فتحة موجودة على جدار القوقعة تسمى النافذة البيضاوية (oval window). إن الاهتزازات الميكانيكية في الغشاء الموجود على النافذة البيضاوية تتحول إلى اهتزازات ميكانيكية في السائل الموجود في  القوقعة. إن  العظمات الثلاث مع الغشائيين قد صممت بحيث تعمل كجهاز موائمة يحول الموجات الصوتية المحمولة  بالهواء إلى موجات صوتية محمولة بالسائل بأقل إنعكاس ممكن وذلك بسبب الفرق الكبير بين معاوقتي الوسطين. ولقد أثبت دراسات العلماء أن جهاز الموائمة هذا لم يقتصر دوره على تقليل إنعكاس الموجات الساقطة على الطبلة بل قام بتضخيم شدة الموجات الصوتية في داخل القوقعة إلى أربعة وأربعين ضعفا عن شدته في الهواء.

تتكون القوقعة من أنبوب عظمي مجوف يبلغ طوله 35 ملليمتر وقطره الخارجي يصل لعدة ميللمترات وقد تم لفه بشكل حلزوني (spiral-shaped cavity)  بمقدار لفتين ونصف لتقليل الحيز  الذي تحتله داخل الجدار العظمي للجمجمة. ويوجد في داخل الأنبوب العظمي للقوقعة ثلاث قنوات تقع فوق بعضها البعض وتمتد على طول الأنبوب ويفصل بينها أغشية رقيقة ومرنة. فالقناة السفلية والقناة العلوية تتصلان ببعضهما عند نهاية الأنبوب ولا يوجد في هاتين القناتين سوى سائل ليمفاوي كثيف.  أما القناة الوسطى وهي  الأصغر  وتسمى قناة القوقعة (cochlear duct) فتحتوي على أهم مكونات الأذن  وهو جهاز كورتي (organ of Corti). ويوجد على سطح القوقعة من جهة الأذن الوسطى فتحتان وهما النافذة البيضاوية (oval window) وهي مغطاة بغشاء رقيق ومرن يغلق القناة العليا والنافذة الدائرية (round window) وهي مغطاة أيضا بغشاء رقيق ومرن يغلق القناة السفلى. ويثبت على الغشاء البيضاوي عظمة الركاب حيث يهتز هذا الغشاء باهتزاز الركاب وبذلك يحول الاهتزازات الميكانيكية للعظمات الثلاث إلى اهتزازات في السائل الليمفاوي في القناتين العليا والسفلى. وهنا يتجلى إبداع الخالق سبحانه وتعالى في وجود غشاء النافذة الدائرية حيث أنه في حالة غيابها لا يمكن لغشاء النافذة البيضاوية أن يهتز بحرية بسبب أن السوائل غير قابلة للانضغاط.

يقوم جهاز كورتي بتحويل الموجات الصوتية إلى إشارات كهربائية وهو يتكون من شريط لحمي  يسمى الغشاء القاعدي  يمتد على طول أنبوب القوقعة وهو مغطى بنوعين من الخلايا الشعرية وهي الخلايا الشعرية  الداخلية  والخلايا الشعرية الخارجية.  وتتكون الخلايا الداخلية من صف واحد يبلغ عددها 3200 خلية وهي المسؤولة عن التقاط الموجات الصوتية أما الخلايا الخارجية فتتكون من ثلاثة صفوف ويبلغ عددها 20 ألف خلية  ومهمتها استلام  إشارات من الدماغ من خلال نظام تغذية راجعة يعمل على تنظيم الضغط الواقع على الشعيرات الداخلية لحمايتها من التلف في حالة الأصوات العالية.  ويغطي الخلايا الشعرية شريط بالغ الرقة والمرونة يمتد على طول القوقعة وهو ضيق عند بدايته ويتسع تدريجيا حتى يصبح عرضه عند النهاية عشرة أضعاف عرضه عند البداية ويسمى الغشاء السقفي. إن أحد جانبي الشريط مثبت على طوله بجدار القوقعة بينما يترك الجانب الآخر ليتحرك بكل حرية مع الاهتزازات التي تحدثها الموجات الصوتية في قنوات القوقعة فيحفز بحركته الخلايا الشعرية الداخلية. إن أبعاد هذا الشريط هي المفتاح الذي أدى إلى فهم الطريقة التي يعمل بها جهاز كورتي فالأغشية المرنة تهتز بأكبر ما يكون عندما تكون أبعادها مقاربة لطول الموجات الساقطة عليها. فهذا الشريط عند بدايته يهتز فقط عند الترددات العالية القريبة من 20 كيلوهيرتز وكلما زاد عرضه كلما اهتز عند الترددات الأقل ثم الأقل حتى يصل إلى أكبر عرض له عند نهايته فيهتز عند الترددات المنخفضة جدا القريبة من 20 هيرتز. وعلى هذا فإن كل خلية شعرية داخلية تقع تحت هذا الشريط ستستجيب لنطاق محدد من الترددات  والتي تمتد من 20 هيرتز إلى 20 كيلوهيرتز. 

ويحيط بكل خلية شعرية داخلية  ما يقرب من عشرة ألياف عصبية فعندما تتحرك شعرة الخلية تقوم الخلية بإفراز مواد كيميائية تنتقل إلى هذه الألياف العصبية فتقوم بتوليد نبضات كهربائية تنقلها إلى الدماغ. وتخرج هذه الألياف العصبية المرتبطة بالخلايا الشعرية الداخلية وكذلك الخارجية من القوقعة لتلتف مع بعضها لتكون جديلة العصب السمعي (Auditory nerve) والتي تمتد حتى تصل إلى القشرة السمعية الأولية (primary auditory cortex) الموجودة في الفص الصدغي (temporal lobe).  إن أقل شدة للموجات الصوتية يمكن أن تلتقطها الأذن السليمة والتي تسمى بحساسية الأذن تبلغ  20 ميكروباسكال أما أشد ضغط يمكن أن تتحمله الأذن دون أن يصيبها خلل فهو 20 باسكال أي بما يزيد عن مليون مرة عن أقل ضغط وهذه نسبة بالغة العلو, وبهذا المدى الديناميكي البالغ العلو يمكن للأذن أن تسمع أصوات بالغة الخفوت كحفيف الأوراق وأصوات بالغة الضجيج كدوي المدافع وهدير الطائرات دون أن تتأذى.

حساسات التسارع الخطي والدوراني في النظام الدهليزي
يوجد في الأذن الداخلية جهاز آخر بالغ الأهمية يقوم بوظيفة أساسية ومهمة في حفظ توازن جسم الإنسان يسمى النظام الدهليزي (vestibular system) بدونه لا يمكن للإنسان أن يحافظ  على اتزان جسمه سواء أكان جالسا أو واقفا أو ماشيا أو راكضا ولا يمكنه كذلك إبقاء العينين موجهتان نحو ما تنظران إليه اثناء حركة الجسم. ويتكون الجهاز الدهليزي من ثلاث قنوات عظمية مجوفة لها شكل شبه دائري تسمى القنوات الهلالية (semicircular canal) وكذلك تجويفين متجاورين وهما القربة (utricle) والجريب (saccule). والقنوات الثلاث موضوعة في ثلاث مستويات متعامدة تقريبا وهي القنوات الهلالية الأفقية والعلوية  و العلوية الخلفية.  ويوجد في هذا الجهاز خمسة حساسات للحركة (motion sensors) ثلاثة في القنوات الهلالية مثبتة عند أطرافها والآخران في القربة  والجريب. فحساسات القنوات الهلالية مسؤولة عن الإحساس بالحركات الدورانية (rotary movements) حول المحاور الثلاث للفضاء وهي تتكون من طبقة من الخلايا الشعرية مغطاة بطبقة من مادة جلاتينية على شكل حلمة.  وعندما يتحرك السائل في القنوات الهلالية نتيجة لحركة الرأس الدورانية فإنه يحرك الحلمة فيستثير الخلايا الشعرية فيرسل إشارات كهربائية يعتمد ترددها على سرعة الدوران في الاتجاه المعني. أما  حساسات القربة والجريب فهما مسؤولان عن الإحساس بالحركة الخطية (linear accelerations) للجسم فحساس القربة يستجيب للحركة الأفقية أما حساس الجريب فيستجيب للتسارع الرأسي. ويتكون حساس الحركة الخطية من طبقة من الخلايا الشعرية مغطاة بطبقة من مادة جلاتينية  يكسوها طبقة من بلورات كربونات الكالسيوم الصلبة. وعندما يتحرك الجسم بشكل خطي في أي اتجاه فإن الطبقة البلورية الثقيلة نسبيا تقاوم الحركة بسبب قصورها الذاتي (inertia) فتضغط على الطبقة الجلاتينية فتستثير الخلايا الشعرية وترسل بإشاراتها إلى الدماغ.




إن الخلايا الشعرية لكل حساس من الحساسات الخمسة ترتبط بألياف عصبية ترسل بإشاراتها إلى العقدة الدهليزية (vestibular ganglion) التي ترسل معلومات الوضعية (positional information) إلى النواة الدهليزية (vestibular nucleus) الموجودة في جذع الدماغ (brain stem). وتذهب الأعصاب التي تخرج من النواة الدهليزية إلى عدة مناطق كالمخيخ (Cerebellum) وهو المركز الرئيسي لحفظ إتزان الجسم حيث يقوم بإرسال إشاراته إلى عضلات الجسم المختلفة بناء على ما يصله من معلومات عن وضعية الجسم. وتذهب بعض الأعصاب إلى أنوية الأعصاب القحفية الثالث والرابع والسادس والمسؤولة عن التحكم بعضلات العين وذلك لكي تعمل على تثبيت نظر العينين مهما كانت وضعية الجسم وذلك من خلال ما يسمى بالمنعكس الدهليزي البصري (vestibule-ocular reflex).

حساسات التذوق الخمس في اللسان
تتكون حاسة التذوق (gustatory or taste sense) من عشرة آلاف برعم تذوق (taste buds) يوجد معظمها على سطح اللسان (tongue) والبقية على سطح الحنك واللهاة وجوانب الفم. ويتكون برعم التذوق من كيس  (sac) يمتد داخل جسم اللسان وله فتحة صغيرة (Taste pore) بارزة عن مستوى سطح اللسان تظهر على شكل حلمة (papillae). ويحتوي برعم التذوق الواحد ما بين 50 و 150 خلية تذوق (taste cells) من مختلف الأنواع تعمل كحساسات كيميائية مرتبطة بخلايا عصبية حسية توجد عند قاعدة برعم التذوق. وعند اتحاد جزيء الطعام  بالحساس فإن سلسلة من التفاعلات الكيميائية تحدث داخل الخلية تؤدي إلى فتح قنوات الكالسيوم الموجودة في الجزء السفلي من الخلية وتوليد جهد الفعل (action potential). ويوجد خمسة أنواع رئيسية من حساسات التذوق  وهي حساسات الحلاوة  (sweet) والملوحة (salty) والحموضة  (sour) والمرارة (bitter) واللحومية (umami or meaty). ويظن العلماء بوجود أنواع أخرى من حساسات التذوق كالحساسات الدهنية (fattiness) والتي تثار من قبل الأحماض الدهنية وحساسات القبوضة أو العفوصة (astringency) والتي تثار من قبل حامض التانين أو العفص (tannins) الموجود في الفواكه غير الناضجة. أما الإحساس بالحرارة  (hotness) الناتجة من أكل الفلفل الحار وبقية أنواع التوابل فلا يعزوه العلماء لوجود حساسات تذوق خاصة بل تثار من قبل الحساسات العامة الموجودة في الجلد كحساسات الألم والحرارة والبرودة.  وعلى الرغم من أن كل برعم من براعم الذوق المنتشرة على سطح اللسان تحتوي على حساسات جميع أنواع الطعوم إلا أنه قد وجد أن بعض مناطق اللسان أكثر حساسية لأنواع معين منها. فمنطقة الطعم الحلو تقع على مقدمة اللسان ومنطقة الطعم المالح تقع على جوانب السطح الأمامي ومنطقة الطعم الحامض تقع على جوانب السطح الخلفي وأما منطقة الطعم المر  فتقع  على الجزء الخلفي من ظهر اللسان أما الطعم اللحومي فلم يتم تحديد منطقة خاصة به.
 يتكون حساس الحلاوة من بروتينات خاصة موجودة في الغشاء الخلوي لخلية التذوق يسمى الحساس المرتبط ببروتين جي (G-protein-coupled receptors) وتثار هذه الحساسات من خلال اتحاد جزيئات السكر البسيطة بالجزء الخارجي للحساس. أما حساسات الملوحة فيتم إثارتها  من قبل أيونات الصوديوم  التي تنشأ من تحلل ملح الطعام في اللعاب وهي أبسط الحساسات تركيبا حيث يتم دخول أيونات الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والكلور والليثيوم من خلال قنوات موجودة في أهداب خلايا التذوق. أما حساسات الحموضة فتثار من قبل مختلف أنواع المواد الحامضية ويتم ذلك من خلال دخول أيونات الهيدروجين (H+ ions) الموجودة في تلك الأحماض من خلال قنوات خاصة بها موجودة في أهداب خلايا التذوق. والطعم الحامض غير مرغوب به بشكل عام وهذا ضروري جدا للجسم حيث أن معظم الأطعمة الفاسدة (spoiled foods) ذات طعم حامض وبذلك فإنه يمكن للمرء تجنب أكلها إذا ما أحس بحموضتها.  وأما حساسات المرارة وهي من نوع الحساسات المرتبطة ببروتين جي فتثار من قبل الأطعمة التي تحتوي على بعض أنواع الجزيئات العضوية النيتروجينية  كالكفايين (caffeine) والنيكوتين (nicotine) وغيرها. والطعم المر غير مستساغ أيضا من قبل البشر وهذا يلزم لتجنب أكل المواد التي تحتوي على مثل هذه المركبات حيث أن معظمها  مواد سامة وقد تضر بالجسم.  أما الطعم اللحومي (umami taste) فقد تم اكتشافه حديثا ولم يكن معروفا من قبل وتثار حساساته من قبل بعض أنواع الأحماض الأمينية (amino acids) وهي الوحدات الأساسية للبروتينات وخاصة حامض الجلوتاميك  (glutamic acid).

وتتفاوت حساسات التذوق المختلفة تفاوتا كبيرا في شدة حساسيتها فحساسية حساسات الحلاوة لسكر السكروز هي 10 مللي مول لكل لتر  أما حساسات المرارة فهي أشد الحساسات حساسية حيث تبلغ حساسيتها لمادة الكواينين (quinine) 8 ميكرو مول لكل لتر وأما حساسات الملوحة فتبلغ حساسيتها لملح الطعام 35 مللي مول لكل لتر بينما تبلغ حساسية حساسات الحموضة لحامض الهيدروكلوريك (hydrochloric acid) 2 مللي مول لكل لتر. ويتم نقل إحساسات التذوق (taste sensations) إلى مركز التذوق في الدماغ باستخدام ألياف عصبية موزعة على ثلاثة أعصاب قحفية (cranial nerves) تنتهي في منطقة التذوق الأولية (primary gustatory region) الواقع في التلفيف خلف المركزي في قشرة الفص الجداري المخي (temporal lobe). وترتبط منطقة التذوق الأولية بمناطق مختلفة من الدماغ والتي تنتج ردود فعل مختلفة لمختلف أنواع الأطعمة فالطعام المر يتم لفظه من الفم مباشرة أما الأطعمة المستساغة  كالحلوة واللحمية فتثير إفراز اللعاب في الفم.
حساسات الشم في الأنف
تتكون حاسة الشم (Olfactory or smelling sense) في الإنسان من عشرة ملايين خلية شم موزعة على رقعتين من النسيج الشمي (olfactory epithelium) موجودتين في سقف التجويف الأنفي. وتتم عملية الشم من خلال مرور الهواء المحمل بجزيئات الروائح المتطايرة على النسيج الشمى بعد أن تقوم القرينات الأنفية ببعثرة الهواء المستنشق في جميع أنحاء التجويف الأنفي. وتتكون الخلايا المستقبلة الشمية (olfactory receptor cells) من عصبونات ثنائية القطبية (bipolar neurons) تتموضع أجسامها في الطبقة الوسطى من النسيج الشمي ويخرج من جسمها محورين أحدهما يذهب في إتجاه الطبقة الخارجية للنسيج الشمي والآخر يذهب في إتجاه البصلة الشمية (Olfactory bulb). ويتفرع من رأس المحور الأول وهو على شكل زر (knob) الزوائد الشجرية أو الأهداب (dendrites or cilia) والتي قد يصل عددها إلى عشرة زوائد تنتشر خلال المخاط الذي يغطي سطح النسيج الشمي وهي التي تعمل كحساسات شمية.  

وتتم إثارة الخلايا الشمية من خلال ذوبان جزيئات الروائح المتطايرة (Vaporized or volatile odor molecules) في المخاط الذي يفرزه النسيج الشمي ومن ثم اتحادها  ببروتينات خاصة (odorant-binding proteins) تنتشر في المخاط.  وتقوم هذه البروتينات بإثارة حساسات مزروعة في الغشاء الخلوي لأهداب الخلايا الشمية مما يحدث سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي يؤدي إلى توليد نبضة من جهد الفعل (action potential) الذي ينتشر باتجاه جسم الخلية ومنه إلى المحور الذاهب إلى البصلة الشمية.  إن مهمة البصلة الشمية هو معالجة الإشارات التي تحملها محاور الخلايا الشمية بحيث يتم إرسالها إلى الدماغ بأقل عدد من الألياف العصبية حيث أن عدد الألياف الشمية التي تدخل البصلة الشمية الواحدة يبلغ خمسة ملايين عصب. ويذهب المسار الشمي الذي يخرج من البصلة الشمية إلى مجموعة من المراكز المتعلقة بالشم في القشرة المخية (cerebral cortex) وذلك دون المرور على منطقة المهاد (thalamus) وذلك بعكس بقية الحواس. ومن هذه المراكز الشمية تخرج أعصاب محركة إلى مناطق مختلفة من الدماغ من أهمها منطقة تحت المهاد (hypothalamus) وذلك لإنتاج ردود الفعل المناسبة للرائحة (odor) التي تم شمها كالهرب من أماكن الحريق أو الذهاب إلى مصدر الطعام أو غير ذلك.


إن حاسة الشم هي الحاسة الوحيدة التي لا زال العلماء يجهلون طريقة عملها فبعض العلماء يقولون أنه يوجد ما يقرب من ألف نوع من خلايا الشم الحساسة لمختلف أنواع المواد الكيميائية وهي قادرة على تمييز ما يزيد عن عشرة آلاف رائحة مختلفة. بينما يقول علماء آخرون أن هناك سبعة أنواع من حساسات الشم تستجيب لسبعة أنواع من الروائح الأولية ويمكن لحاسة الشم من خلال مزج هذه الروائح الإحساس بعدد كبير جدا من الروائح المختلفة كما هو الحال مع حاسة البصر التي يمكنها إدراك عدد هائل من الألوان من خلال مزج ثلاثة ألوان أساسية فقط. ولهذا السبب فإنه لا يوجد أسماء للروائح الأساسية (odorants) كما هو الحال مع حاستي التذوق إلا أن يوجد تصنيفات عامة للروائح كالروائح العطرية (aromatic) والمنفرة (repulsive) والأثيرية (ethereal) والراتنجية (resinous) والتوابلية (spicy) والمحترقة (burned) والنتنة أو العفنة (putrid). إن حساسات الشم شديدة الحساسية فهي تزيد بعشرة آلاف مرة عن حساسية حساسات التذوق فعلى سبيل المثال فحساسيتها على سبيل المثال لمادة إيثيل الكحول الكبريتي  تبلغ 40 جزء من ألف بليون جزء من الغرام لكل لتر من الهواء. إن حساسية حساسات الشم تكون عاليةعند بداية عملية الشم ثم تقل تدريجيا  بسبب وجود نظام التغذية الراجعة حيث يقوم الدماغ بإرسال إشارات إلى الخلايا العصبية في البصلة الشمية تقلل من عدد النبضات القادمة من الحساسات الشمية لتلك الرائحة.


الحساسات السبع للمس والضغط والحرارة  والألم في الجلد
يوجد في الجلد ثلاثة أنواع رئيسية من الحساسات وهي الحساسات أو المستقبلات الحرارية (Thermoreceptors) وتستجيب للتغيرات في الحرارة والبرودة والحساسات الميكانيكية (Mechanoreceptor) وتستجيب للمس الخفيف والضغط القوي والاهتزازات وحركة الشعر  وحساسات الألم (Nociceptor) وتستجيب لأي ضرر قد يصيب الجلد. إن أبسط الحساسات هي حساسات الألم (pain) وهي عبارة عن نهايات عصبية حرة ومعراه (free nerve ending) موجودة في طبقة البشرة قريبا من سطح الجلد ويقدر عددها في الجلد وبقية أجزاء الجسم بثلاثة ملايين نهاية عصبية. وأما حساسات الحرارة فتسمى حويصلات رافيني (corpuscules of Ruffini) وهي عبارة عن شبكة من النهايات العصبية في داخل حويصلة مغزلية الشكل تقع في منتصف الأدمة ويبلغ عددها ستة عشر ألف حساس.  وتستجيب هذه الحساسات للزيادة في درجة الحرارة وليس لقيمتها المطلقة وتبلغ أعلى استجابة لها عند 40 درجة مئوية  ولها كثافه أعلى  في رؤوس الأصابع والأنف والشفاه والجبهة حيث تبلغ 75 حساس في السنتيمتر المربع الواحد. وأما حساسات البرودة فتسمى كريات كراوس (Bulbs of Krause) وهي  عبارة عن لفيفة من النهايات العصبية المعراه موجودة داخل غشاء كروي وتقع على عمق 0.5 ملليمتر من سطح الجلد ويبلغ عددها مائة وخمسين ألفا. وتستجيب هذه الحساسات للنقصان في درجة الحرارة وليس لقيمتها المطلقة وتبلغ أعلى استجابة لها عند 20 درجة مئوية.




أما حساسات اللمس فهي أقراص ميركل ((  Merkel disks) وهي موجودة في الطبقة القاعدية من البشرة أي قريبة من سطح الجلد وتوجد أعلى كثافة لها في رؤوس أصابع اليد حيث تبلغ 750 حساس في السنتيمتر المربع الواحد. وهذه الحساسات بالغة الحساسية لأي شيء يلامس الجلد لأول مرة ثم تقل حساسيتها لوجوده مع مرور الوقت ولذلك نجد أن الجلد يألف الملابس ولا يرسل أي إشارات للدماغ عنها. أما حساسات الضغط الخفيف فهي حويصلات ميسنر ( Meissner’s corpuscles) وهي أكثر تعقيدا في تركيبها من أقراص ميركل وتقع أسفل منها في طبقة الأدمة وتستجيب للضغط الخفيف وللاهتزازات ذات الترددات المنخفضة التي تقل عن 50 هيرتز وتوجد أعلى كثافة لها في رؤوس أصابع اليد حيث تبلغ 1500 حساس في السنتيمتر المربع الواحد. أما حساسات حركة الشعر (Hair Follicle Receptors) فهي عبارة عن نهايات عصبية ملفوفة حول جذر الشعرة وتحس بأدنى تحرك للشعرة من أي مؤثر خارجي ويقدر عددها بعدة ملايين. أما حساسات الضغط القوي والاهتزازات  فتسمى حويصلات باسينيان (Pacinian corpuscles) وهي أبعد الحساسات عن سطح الجلد في أسفل الأدمة وأكبرها حجما وأكثرها تعقيدا في التركيب ويقدر عددها بثلاثين ألف حساس وتوجد أعلى كثافة لها في رؤوس أصابع اليد حيث تبلغ 75 حساس في السنتيمتر المربع الواحد. وتستجيب هذه الحساسات لأي ضغط أو شد يقع على الجلد وخاصة الضغط القوي وكذلك تستجيب للاهتزازات الميكانيكية ذات الترددات العالية والتي تصل إلى 300 هيرتز.  

                وتقع حاسة اللمس الابتدائية في مقدمة الفص الأوسط من المخ بينما تقع وحدات المعالجة الحسية خلفها على نفس الفص وتحتل أعصاب أصابع اليد والشفتان والوجه واللسان أكبر مساحة من المساحة الكلية لحاسة اللمس. إن هذه الحاسة تقوم بإبلاغ الدماغ عن أيّ شيء يلامس جلد الإنسان وتحديد طبيعة هذا الشيء وعن أي تغير في درجة حرارة الجو المحيط به من خلال حساسات مختلفة الأنواع على مسافات متقاربة موزعة على جميع أنحاء الجسم وبحيث يمكن للإنسان تحديد الموضع الذي تمت عنده الملامسة بدقة عالية. إن حساسية هذه الحساسات لا يضاهيها حساسية أي حساس صنعه البشر فالإنسان يستطيع أن يحس بحشرة قد لا ترى بالعين المجردة عندما تحط على يده بل إنها من شدة حساسيتها يمكنه أن يحس بالأشياء التي تلامس ملابسه.  إن هذه الحاسة تعتبر معجزة من معجزات الخلق فزراعة ما يقرب من خمسة ملايين حساس حسي في جلد لا يتجاوز سمكه الخمسة ملليمترات ولا تتجاوز مساحته المترين معجزة علمية تجعل العلماء والمهندسين يحنون رؤوسهم إجلالا لمن صنع هذا الجلد سبحانه وتعالى.