2014-11-12

علامات ظهور المهدي المنتظر


علامات ظهور المهدي المنتظر

الدكتور منصور أبوشريعة العبادي \ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

 

إن مما أيد الله به رسله وأنبيائه هو إطلاعهم على بعض الغيبيات التي إذا ما أخبروا الناس بها ووقعت بعد حين فإن ذلك دليلا على صدق دعواهم فالغيب لا يعلمه أحد إلا الله مصداقا لقوله تعالى "قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُون" النمل 65. إن معجزة الإخبار عن بعض الغيبيات هي المعجزة الرئيسية للأنبياء أما الرسل فغالبا ما يؤيدون بمعجزات أخرى يجريها الله على أيديهم أمام الناس وذلك لكي يتمكنوا من إبلاغ رسالاتهم ولذلك فقد سمي النبي نبيا لقدرته على التنبؤ بوقوع بعض الأحداث في المستقبل وذلك بإذن الله. وقد تكون بعض الأحداث المتنبأ به قصيرة الأمد وذلك لإقناع معاصري ذلك النبي بصدق دعواه وبعضها طويلة الأمد تحدث بعد مئات أو آلاف السنين لتقنع  الأجيال اللاحقة التي تقع في عصرها تلك الأحداث المتنبأ به بصدق دعوى من تنبأ بها من رسول أو نبي.

أما النبوءات طويلة الأمد فهي كثيرة جدا فقد ذكر الإِمام أحمد بن حنبل: حدثنا أبو عاصم، حدثنا عروة عن ثابت، حدثنا عليان بن أحمد البكري، حدثنا أبو زيد الأنصاري قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر ثم نزل فصلى العصر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غابت الشمس فحدثنا بما كان وما هو كائن فأعلمنا أحفظنا". وقال أبو داود في أول كتاب الفتن من سننه: حدثنا عثمان عن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً" "فما تَرَكَ شيئاً يكونُ في مقَامِهِ ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه حَفِظَه من حفظه ونسيَه من نَسِيه قد عَلمَه أصحابي هؤلاء وإِنَّهُ ليكون الشيءُ فأذكُرة كما يذكر الرجلُ وجهَ الرجل إذا غَابَ عَنْهُ ثم إذا رَآهُ عَرَفَه". ومن النبوءات التي أخبر بها نبينا صلى الله عليه وسلم هي النبوءة المتعلقة بما يسمى المهدي والذي سيظهر في آخر الزمان ويقيم دولة الخلافة الإسلامية على مناطق كبيرة من العالم ويملأ الأرض سلاما وعدلا بعد أن ملئت جورا وظلما.  ولقد ذكرت الأحاديث النبوية كثير من الأحداث والعلامات التي ستقع قبيل ظهور المهدي وأثناء ظهوره وسيتبين للقارئ أن بعض هذه الأحداث والعلامات قد بدأت فعلا بالظهور.

حقيقة المهدي

أوردت كتب الحديث النبوي الشريف عدد كبير من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن ظهور حاكم مسلم عادل في آخر الزمان أي قبيل قيام الساعة  أسمته المهدي والذي سيحكم جميع البلاد الإسلامية بل جميع دول العالم كما تشير إلى ذلك بعض هذه الأحاديث.  وسيقيم المهدي في الأرض العدل وينشر الإسلام في جميع الأمم ويعيش البشر  في سلام ورخاء.  وقد أجمع عدد كبير  من أئمة الإسلام على حقيقة المهدي وصحة كثير من الأحاديث الواردة في شأنه. فقد قال الإمام ابن باز  رحمه الله "أمر المهدي معلوم والأحاديث فيه مستفيضه بل متواترة متعاضدة وقد حكى غير واحد من اهل العلم تواترها وتواترها  تواتر معنوي لكثرة طرقها واختلاف مخارجها وصحابتها ورواتها وألفاظها فهي بحق تدل على أن  هذا الشخص الموعود به أمره ثابت وخروجه حق وهو محمد بن عبد الله العلوي الحسني  من ذرية الحسن بن علي رضي الله عنه وهذا الإمام من رحمة الله عز وجل بالأمة في آخر الزمان يخرج فيقيم العدل والحق ويمنع الظلم والجور وينشر الله به لواء الخير على الأمة عدلا وهداية وتوفيقا وإرشادا للناس"

 ومن هذه الأحاديث النبوية ما رواه أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال" المهدي مني؛ أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يملك سبع سنين" سنن ابي داود والحاكم,  وكذلك الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من امتي او من اهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم ابيه اسم ابي" سنن أبي داود. وكذلك عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.
وكذلك عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة" رواه أحمد وابن ماجه. وكذلك  عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويُعطي المال صحاحاً، وتخرج الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أو ثمانياً. يعني حججا" رواه الحاكم.

الملك الجبري

تحدث أحد الأحاديث النبوية عن أشكال مختلفة للحكم في الأمة الإسلامية ومن هذه الأشكال ما سمي بالملك الجبري فعن النعمان بن بشير  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله تعالى، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله تعالى، ثم تكون ملكا عاضا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله تعالى، ثم تكون ملكا جبريا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله تعالى، ثم تكون خلافة على منهاج نبوة . ثم سكت" مشكاة المصابيح. فالملك العاض هو الذي يتم فيه الحكم عن طريق التوارث بعد أن تتم البيعة لمؤسس الدولة كما في الحكم الأموي والحكم العباسي والحكم العثماني وغيرهم. أما الملك الجبري فيتم من خلال تسلم الحاكم للحكم بقوة السلاح كما في الإنقلابات العسكرية التي حدثت في العالم العربي وغيرها من الدول. إن هذا الحكم الجبري هو أحد العلامات التي تسبق ظهور المهدي والذي سيقيم خلافة على منهاج النبوة.

 

الظلم الذي سينزل بالمسلمين من حكامهم

أما الحديث النبوي الذي يتحدث عن الظلم الشديد الذي ستتعرض له الشعوب من قبل حكامهم قبل ظهور المهدي فقد رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه  قال: قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم " ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه، حتى تضيق عنهم الأرض الرحبة، وحتى يملأ الأرض جورا وظلما، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله - عز وجل - رجلا من عترتي، فيملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدخر الأرض من بذرها شيئا إلا أخرجته، ولا السماء من قطرها شيئا إلا صبه الله عليهم مدرارا ، يعيش فيها سبع سنين أو ثمان أو تسع، تتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله - عز وجل - بأهل الأرض من خيره" الحاكم في المستدرك على الصحيحين. ومن الواضح أن فترة الحكم الجبري هي التي تتعرض فيها الشعوب لأقصى درجات الظلم والجور ولا حاجة للتذكير بما تعرضت له الشعوب العربية في العصر الحالي من مثل هذا الظلم من قبل حكام بعض الدول العربية وخاصة الجمهوريات منها.   وقد يكون في قوله صلى الله عليه وسلم (لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم) إشارة إلى ظاهرة رسم الحدود بين الدول وتعاون الدول فيما بينها  لاسترجاع الفارين من الظلم.

حصار العراق والشام

 لقد جاء في أحد الأحاديث النبوية الصحيحة أن كلا من العراق والشام ستتعرض لحصار  إقتصادي من قبل دول كبرى  فعن جابر بن عبدالله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز  ولا درهم  قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل العجم  يمنعون ذاك ثم قال : يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدي قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل الروم ثم أسكت هنية ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا . لا يعده عددا " رواه مسلم. إن حصار الدول لبعضها البعض إقتصاديا لم يظهر إلا في العصر الحديث ولهذا فإن هذا الحديث النبوي يؤكد على أنه صحيح وهو من نبوءات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وكذلك إذا ما علمنا أن هذا الحديث النبوي الشريف قد تم تدوينه والدولة الإسلامية في أوج عزتها وكانت العراق والشام في قلب هذه الدولة المترامية الأطراف فإن التنبوء بحدوث حصار إقتصادي عليهما من الغرابة بمكان. ولقد سبق أن تعرضت العراق في التسعينيات من القرن الماضي لحصار إقتصادي  من قبل الدول الكبرى وكذلك تتعرض سوريا اليوم لمثل هذا الحصار.

إحتلال اليهود لفلسطين ونهايتهم على يد المسلمين

من المعروف أنه لا وجود يذكر لليهود في فلسطين بعد طردهم منها على يد الرومان بسبب ثورتهم عليهم في عام 66م  حيث قاموا في عام 70 بعد الميلاد  بقتل عدد كبير من اليهود وهدم هيكل سليمان الثاني وسبي ما تبقى من اليهود إلى روما. وبتحول الرومان للدين المسيحي في القرن الثاني للميلاد قاموا بعملية إجلاء كامل لليهود من فلسطين ومن بيت المقدس على وجه الخصوص وحرموا دخول اليهود إليها. وعندما دخل المسلمون بيت المقدس عام 638 م بعد طرد الرومان منها عقدوا صلحا مع سكانها المسيحيين الذين اشترطوا على الخليفة عمر بن الخطاب أن لا يسكن بيت المقدس يهودي فأجابهم إلى ذلك. وعلى هذا فإن وجود أحاديث نبوية تتحدث عن قتال بين المسلمين واليهود تؤكد على عودة اليهود لبلاد المسلمين وبالتحديد إلى فلسطين وهذا ما حصل في عام 1948م وعام 1967م. ومن الأحاديث الصحيحة التي تؤكد قتال المسلمون لليهود دون تحديد المكان الحديث الذي رواه  أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون فيختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله! ورائي يهودي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر يهود ) رواه البخاري ومسلم.   أما الحديث الشريف الذي يحدد وجود اليهود  في فلسطين  فهو الذي رواه نهيك بن صريم السكوني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "لتقاتلن المشركين حتى يقاتل بقيتكم الدجال على نهر الأردن أنتم شرقيه وهم غربيه" قال الرواي: ولا أدري أين الأردن يومئذ؟ رواه الطبراني والبزار. ومن المعروف أن أكثر أتباع الدجال هم من اليهود ومن غير المستبعد أن ينحاز الدجال إلى دولة إسرائيل في فلسطين.

أما في القرآن الكريم فقد جاءت النبوءة حول عودة اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة لهم فيها في قوله تعالى "وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) " الإسراء. وتؤكد هذه الآيات من سورة الإسراء على أن اليهود سيحكمون الأرض المقدسة مرتين فقط لا غير المرة الأولى التي بدأت بدخولهم فيها مع يوشع بن نون عليه السلام وإقامتهم لدولتهم الأولى فيها ومن ثم قتلهم وسبيهم منها على يد الأشوريين والبابليين واليونانيين والرومان وقد أكد القرآن الكريم على أن المرة الأولى قد تمت في الماضي في قوله  سبحانه "وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا". أما المرة الثانية أو ما سماها القرآن بالآخرة فقد تحدثت الآيات عنها بصيغة المستقبل كما هو واضح من كلمات فإذا جاء ومن لام الاستقبال الموجودة في كلمات ليسوءوا وليدخلوا وليتبروا وكذلك من كلمة عسى التي تفيد الاستقبال. وتؤكد كلمة المسجد في هذه الآيات على أن الأرض التي سيعلو فيها اليهود في المرتين هي فلسطين حيث أن المسجد هو كناية عن بيت المقدس كما جاء في قوله تعالى "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)" الإسراء.

 وقد أشار القرآن الكريم في نهاية سورة الإسراء إلى أن العلو الثاني لليهود سيكون بعد أن يعيدهم الله إلى فلسطين من شتاتهم وذلك في قوله تعالى "وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)" الإسراء ويمكن للقارئ أن يلاحظ تكرار جملة " فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ" في بداية السورة وفي نهايتها ليؤكد على أن الحديث هو عن العلو الثاني. أما كلمة لفيف في هذه الآية فإنها تعبر تمام التعبير عن طريقة جمع اليهود من شتى بقاع العالم ويسكنهم في فلسطين ليقيموا لهم دولة عليها رغم اختلاف ألوانهم وأشكالهم وألسنتهم فلفيف القوم هو من جاء من خارجهم وسكن معهم لقول الأعشى "وقد علمت بكر ومن لف لفها ...". وتؤكد آية أخرى في نهاية سورة الإسراء على أن بعضا من علماء اليهود عندما يطلعون على القرآن الكريم وما فيه من نبوءات تتعلق بمصيرهم ويقارنوها مع نبوءات التوراة يخرون ساجدين لله معترفين بأن هذا القرآن لا بد أنه منزل من عند الله وذلك في قوله تعالى  "قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108)" الإسراء. ويتضح أيضا من هذه الآية أن المرة الثانية لم تحدث قبل نزول القرآن لقوله تعالى "إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا" فاللام في كلمة لمفعولا تفيد حدوثها في المستقبل.

فتن في الدول العربية

                لقد حدثت فتن كثيرة في البلاد الإسلامية بدأت بمقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ولكن هذه الفتن كانت محصورة في مناطق محددة من بلاد المسلمين  ولم تدم إلا لسنوات معدودة. أما الفتن التي ستصيب المسلمين وخاصة العرب منهم فإن الأحاديث توحي بأنها شاملة وتدوم لفترات زمنية طويلة وأنها من أشد الفتن التي سيتعرض لها المسلمون على مر العصور وكذلك أشارت إلى أن حدوثها مرتبط بعلامات ظهور المهدي. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " الْفِتْنَةُ الرَّابِعَةُ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ تَمُورُ مَوْرَ الْبَحْرِ، لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ إِلَّا مَلَأَتْهُ ذُلًّا وَخَوْفًا، تُطِيفُ بِالشَّامِ، وَتَغْشَى بِالْعِرَاقِ، وَتَخْبِطُ بِالْجَزِيرَةِ بِيَدِهَا وَرِجْلِهَا، تُعْرَكُ الْأُمَّةُ فِيهَا عَرْكَ الْأَدِيمِ، وَيَشْتَدُّ فِيهَا الْبَلَاءُ حَتَّى يُنْكَرَ فِيهَا الْمَعْرُوفُ، وَيُعْرَفَ فِيهَا الْمُنْكَرُ، لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ يَقُولُ: مَهْ مَهْ، وَلَا يَرْقَعُونَهَا مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا تَفَتَّقَتْ مِنْ نَاحِيَةٍ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَلَا يَنْجُو مِنْهَا إِلَّا مِنْ دَعَا كَدُعَاءِ الْغَرَقِ فِي الْبَحْرِ، تَدُومُ اثْنَيْ عَشَرَ عَامًا، تَنْجَلِي حِينَ تَنْجَلِي وَقَدِ انْحَسَرَتِ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهَا حَتَّى يُقْتَلَ مِنْ كُلِّ تِسْعَةٍ سَبْعَةٌ " الفتن لنعيم بن حماد. وعَنِ الْحَكَمِ بْنِ نَافِعٍ أَبِي الْيَمَانِ الْحِمْصِيِّ، حَدَّثَنَا جَرَّاحٌ، عَنْ أَرْطَاةَ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ تُبَيْعٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «لَيُوشِكَنَّ الْعِرَاقُ يُعْرَكُ عَرْكَ الْأَدِيمِ، وَيَشُقُّ الشَّامُ شَقَّ الشَّعْرِ، وَتُفَتُّ مِصْرُ فَتَّ الْبَعْرَةِ، فَعِنْدَهَا يَنْزِلُ الْأَمْرُ» الفتن لنعيم بن حماد. وقد يكون المقصود بالأمر الذي ينزل بعد هذه الفتن هو ظهور المهدي عليه السلام.

وقد أكدت أحاديث كثيرة على أن فتنة الشام هي أشد هذه الفتن وستكون بداية فتن كثيرة تمتد لمعظم بلاد المسلمين  فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا الْتَقَتْ فِتْنَةٌ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَأُخْرَى مِنَ الْمَشْرِقِ، فَالْتَقَوْا بِبَطْنِ الشَّامِ، فَبَطْنُ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مِنْ ظَهْرِهَا» وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كُلُّ فِتْنَةٍ شَوًى حَتَّى تَكُونَ بِالشَّامِ، فَإِذَا كَانَتْ بِالشَّامِ فَهِيَ الصَّيْلَمُ، وَهِيَ الظُّلْمَةُ» وعَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «لَا تَزَالُ الْفِتْنَةُ نَوَامٌ بِهَا مَا لَمْ تَبْدُ مِنَ الشَّامِ» وعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَعُدُّوا الْفِتَنَ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَ مِنْ قِبَلِ الشَّامِ وَهِيَ الْعَمْيَاءُ» وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَاطِبٍ الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ: «لَيَكُونَنَّ بِالشَّامِ فِتْنَةٌ تَرَدَّدُ فِيهَا كَمَا تَرَدَّدُ الْمَاءُ فِي السِّقَاءِ، تُكْشَفُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ نَادِمُونَ عَنْ جُوعٍ شَدِيدٍ، فَيَكُونُ رِيحُ الْخُبْزِ فِيهَا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: " تَكُونُ بِالشَّامِ فِتْنَةٌ كُلَّمَا سَكَنَتْ مِنْ جَانِبٍ طَمَتْ مِنْ جَانِبٍ، فَلَا تَتَنَاهَى حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: إِنَّ أَمِيرَكُمْ فُلَانٌ " وعَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «تَكُونُ بَعْدَ فِتْنَةِ الشَّامِيَّةِ الشَّرْقِيَّةِ هَلَاكُ الْمُلُوكِ وَذُلُّ الْعَرَبِ، حَتَّى يَخْرُجَ أَهْلُ الْمَغْرِبِ» وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَاطِبٍ الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً سَمِعَ كَعْبًا، يَقُولُ: «إِذَا ثَارَتْ فِتْنَةُ فِلَسْطِينَ تَرَدَّدُ فِي الشَّامِ تَرَدُّدَ الْمَاءِ فِي الْقِرْبَةِ، ثُمَّ تَنْجَلِي حِينَ تَنْجَلِي وَأَنْتُمْ قَلِيلٌ نَادِمُونَ» الفتن لنعيم بن حماد. ومن المحتمل أن فتنة فلسطين هي إحتلال اليهود لها وغني عن القول أن الفتن التي ستظهر في الدول العربية ناتجة عن إحتلال اليهود لفلسطين والمسجد الأقصى كما أشار إلى ذلك الحديث الأخير.             

كنز العرب وجبل الذهب الذي سينحسر عنه الفرات

لقد بينت في مقالة " كنز العرب" المنشورة على هذه المدونة أن المقصود بكنز العرب وكذلك جبل الذهب الذي سينحسر عنه الفرات اللذان تم ذكرهما في بعض الأحاديث النبوية ما هما إلا البترول والغاز اللذين ظهرا بكميات بالغة الضخامة في أرض العرب وليس كنز  الكعبة كما هو الإعتقاد السائد.  فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم ثم ذكر شيئاً لم أحفظه فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي" رواه ابن ماجه والحاكم. وكذلك عَنْ أَبِي هَرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَب. فَيُقَتَلُ النَّاسُ عَلَيْهِ. فَيُقْتَلُ، مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ، تِسْعَةٌ)) الزوائد وفي رواية أبي داود بلفظ: يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب  فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً.

إن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما خاطب العرب بقوله يقتتل عند كنزكم نسب الكنز للعرب وليس للكعبة كما جاء في بقية الأحاديث وتقتضي هذه النسبة أن يكون هذا الكنز من الكبر بحيث يكفي العرب كل العرب. ثانيا أن قيمة كنز الكعبة ليست بالمقدار الذي يكفي كل العرب والدليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما فكر في استخراجه أراد أن يستخدم ثمنه في توسعة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام وينفق ما تبقى في سبيل الله. ثالثا لو أن الكعبة بكاملها قد ملئت ذهبا فلن يكون هذا كافيا لأن يطلق على هذا الكنز بكنز العرب حيث أن هذا الكنز لو وزع على جميع العرب على قلة عددهم في ذلك العصر لما كان نصيب الواحد منهم عدة دراهم . رابعا لقد مر ما يزيد على ألف وأربعمائة عام على معرفة الناس أن تحت الكعبة كنزا ولكن لم يحاول أحد أن يستخرج كنزها رغم أنه مر على الأمة الإسلامية فترات من الفوضى وصل الأمر فيها إلى سرقة الحجر الأسود على يد القرامطة. خامسا فلقد ذكر الحديث أن الذين يقتتلون عند الكنز كلهم ابن خليفة أي أنهم حكام أو ملوك دول ولا اعتقد بأن هؤلاء الحكام سيتقاتلون على مثل كنز الكعبة فأقل الملوك ملكا في أيامنا هذه أو في العصور التي خلت عنده من المال ما يزيد أضعافا مضاعفة عن كنز الكعبة. سادسا لقد حدد الحديث زمن الاقتتال على كنز العرب وهو الزمن الذي سيظهر فيه المهدي عليه السلام وقد ذكرت أحاديث كثيرة أن المهدي سيظهر في آخر الزمان وأن ظهوره من علامات الساعة الصغرى مما يعني أن هذا الكنز سيتم كشفه في زمان ظهور المهدي. 

ومما يؤكد صحة حديث انحسار الفرات  عن جبل من ذهب هو أن معظم المخزون العربي وحتى الإيراني من البترول يقع في المنطقة المحيطة بالفرات ابتداء من شمال العراق وشرق سوريا ومرورا بمصبه في الخليج العربي ومن ثم المنطقة المحيطة بالخليج العربي بأكمله كما واضح في الصورة في مقالة كنز العرب. ولا يستكثر القارئ أن ينص الحديث على أنه سيقتل من كل عشرة تسعة أو من كل مائة تسعة وتسعين في نص آخر في الحروب التي ستقع في منطقة كنز العرب ففي الحروب الثلاثة الماضية فقط قتل من العراقيين والإيرانيين عدة ملايين من الجنود والمدنيين وذلك بسبب استخدام هذه الأسلحة الفتاكة وسيكون عدد القتلى أكثر من هذا بكثير في الحروب القادمة خاصة إذا ما كان الصراع بين دول عظمى. لقد بلغ مجموع معدل الإنتاج اليومي للدول العربية من البترول في عام 2007م  خمسة وعشرين مليون برميل يوميا من أصل خمسة وسبعين مليون برميل للإنتاج العالمي ولو أننا قدرنا ثمن برميل البترول بمائة دولار في عام 2007م لكان مجموع ما يدخل على الدول العربية من ثمنه في اليوم الواحد ملياري ونصف المليار دولار أو  ما يعادل سبعين طنا من الذهب يوميا. وإذا  ما ضربنا هذا الرقم في 365 يوما ومن ثم في 150 عاما وهو  العمر المتوقع للبترول فإن الناتج يبلغ أربعة ملايين طن من الذهب علما بأن مجموع ما تم إستخراجه من الذهب من الأرض على مدى التاريخ البشري لا يتجاوز مائتي ألف طن.

الرايات السود

                تعتبر الرايات السود ومن يحملها من أهم العلامات التي ستظهر قبيل ظهور المهدي وسيقوم حملة هذه الرايات بنصرة المهدي وتمكينه من حكم البلاد الإسلامية. وويوجد أحاديث كثيرة تتحدث عن هذه الرايات بعضها صحيحة ومعظمها أحاديث موقوفة على بعض الصحابة أو التابعين. وتؤكد هذه الأحاديث على ظهور رايات سود مختلفة كان أولها تلك التي مهدت للدولة العباسية وآخرها تلك التي ستمهد للمهدي  وبينهما ستظهر رايات سود بعضها رايات هدى وبعضها رايات ضلال وكفر.  ومن الأحاديث الصحيحة الحديث الذي رواه سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَخْرُجُ مِنَ الْمَشْرِقِ رَايَاتٌ سُودٌ لِبَنِي الْعَبَّاسِ، ثُمَّ يَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ تَخْرُجُ رَايَاتٌ سُودٌ صِغَارٌ تُقَاتِلُ رَجُلًا مِنْ وَلَدِ أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، يُؤَدُّونَ الطَّاعَةَ لِلْمَهْدِيِّ» الفتن لنعيم بن حماد. وكذلك الحديث الذي رواه  عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:  أتينا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فخرج إلينا مستبشرا يعرف السرور في وجهه، فما سألناه عن شيء إلا أخبرنا به، ولا سكتنا إلا ابتدأنا، حتى مرت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلما رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا : يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه، فقال : " إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا وتشريدا في البلاد، حتى ترتفع رايات سود من المشرق، فيسألون الحق فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، ثم يسألونه فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبوا على الثلج، فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما" الحاكم في المستدرك على الصحيحين. وكذلك حديث ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم ثم ذكر شيئاً لم أحفظه فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي" رواه ابن ماجه والحاكم.

وقد حددت بعض الأحاديث الموقوفة المكان الذي ستنطلق منه هذه الرايات وأوصاف حاملي هذه الرايات وهي تنطبق أكثر ما تنطبق على أهل أفغانستان وباكستان وما جاورها من الدول. ومن هذه الأحاديث حديث ثَوْبَانَ حيث قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ خَرَجَتْ مِنْ قِبَلِ خُرَاسَانَ فَائْتُوهَا وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ، فَإِنَّ فِيهَا خَلِيفَةَ اللَّهِ الْمَهْدِيَّ»  وحديث تُبَيْعٍ الذي قَالَ: «تَخْرُجُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ خُرَاسَانَ مَعَ قَوْمٍ ضُعَفَاءَ يَجْتَمِعُونَ، يُؤَيِّدُهُمُ اللَّهُ بِنَصْرِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ» وحديث أَبِي جَعْفَرٍ الذي قَالَ: «تَنْزِلُ الرَّايَاتُ السُّودُ الَّتِي تُقْبِلُ مِنْ خُرَاسَانَ الْكُوفَةَ، فَإِذَا ظَهَرَ الْمَهْدِيُّ بِمَكَّةَ بُعِثَ بِالْبَيْعَةِ إِلَى الْمَهْدِيِّ» وحديث الزُّهْرِيِّ الذي قَالَ: «تُقْبِلُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنَ الْمَشْرِقِ، يَقُودُهُمْ رِجَالٌ كَالْبُخْتِ الْمَجَلَّلَةِ، أَصْحَابُ شُعُورٍ، أَنْسَابُهُمُ الْقُرَى، وَأَسْمَاؤُهُمُ الْكُنَى، يَفْتَتِحُونَ مَدِينَةَ دِمَشْقَ، تُرْفَعُ عَنْهُمُ الرَّحْمَةُ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ» وجميع هذه الأحاديث من كتاب الفتن لنعيم بن حماد.

                أما الأحاديث الموقوفة التي تتحدث عن الرايات السود التي ستظهر ما بين رايات العباسين ورايات المهدي والتي أغلبها رايات ضلالة فهي حديث عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ فَالْزَمُوا الْأَرْضَ فَلَا تُحَرِّكُوا أَيْدِيَكُمْ، وَلَا أَرْجُلَكُمْ، ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْمٌ ضُعَفَاءُ لَا يُؤْبَهُ لَهُمْ، قُلُوبُهُمْ كَزُبَرِ الْحَدِيدِ، هُمْ أَصْحَابُ الدَّوْلَةِ، لَا يَفُونَ بِعَهْدٍ وَلَا مِيثَاقٍ، يَدْعُونَ إِلَى الْحَقِّ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ، أَسْمَاؤُهُمُ الْكُنَى، وَنِسْبَتُهُمُ الْقُرَى، وَشُعُورُهُمْ مُرْخَاةٌ كَشُعُورِ النِّسَاءِ، حَتَّى يَخْتَلِفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْحَقَّ مَنْ يَشَاءُ»  وحديث حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ يَدْعُو إِلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْهُمْ، يَنْصِبُ عَلَامَاتٍ سُودًا، أَوَّلُهَا نَصْرٌ، وَآخِرُهَا كُفْرٌ، يَتْبَعُهُ خُشَارَةُ الْعَرَبِ، وَسَفِلَةُ الْمَوَالِي، وَالْعَبِيدُ الْأُبَّاقُ، وَمُرَّاقُ الْآفَاقِ، سِيمَاهُمُ السَّوَادُ، وَدِينُهُمُ الشِّرْكُ، وَأَكْثَرُهُمُ الْجُدْعُ» ، قُلْتُ: وَمَا الْجُدْعُ؟ قَالَ: «الْقُلْفُ» كتاب الفتن لنعيم بن حماد.

إختلاف عند موت خليفة وخسف بجيش أهل الشام

إن إحدى العلامات الواضحة التي سيظهر المهدي بعدها مباشرة هو  موت أحد حكام المسلمين ومن ثم يختلف الناس فيمن يخلفه وقد يؤدي هذا الإختلاف إلى حصول فوضى في تلك الدولة مما يضطرهم للبحث عن حاكم يحكمهم فيكرهون المهدي على قبول هذه المهمة.  ومن العلامات أيضا خسف يصيب جيش يرسله أحد حكام بلاد الشام لمحاربة المهدي وهذه العلامة هي التي تؤكد على أنه هو المهدي الحقيقي فيتبعه كثير من الناس من شتى الأقطار. والحديث الصحيح الذي يتحث عن هذه الأحداث هو ما روته أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث إليه بعث من أهل الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه بين الركن والمقام ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض فيلبث سبع سنين ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون" رواه ابو داود.              

القدس عاصمة الخلافة الإسلامية

أجمعت الأحاديث النبوية الشريفة على ظهور خلافة راشدة على منهاج النبوة في آخر الزمان وسيكون أول خلفائها المهدي عليه السلام وأن عاصمة هذه الخلافة ستكون في بيت المقدس. ومن المستبعد أن تكون هذه الأحاديث موضوعة فمن المعروف أن كلا من مكة المكرمة والقدس الشريف لم تتخذا عواصم لدول إسلامية وكان الأولى أن يختار واضعي الحديث مكة المكرمة وليس القدس عاصمة لآخر خلافة إسلامية وذلك لأهميتها الدينية عند المسلمين. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَخْرُجُ مِنْ خُرَاسَانَ رَايَاتٌ سُودٌ لَا يَرُدُّهَا شَيْءٌ حَتَّى تُنْصَبَ بِإِيلِيَاءَ» يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ" وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: " إِذَا سَمِعَ الْعَائِذُ الَّذِي بِمَكَّةَ بِالْخَسْفِ خَرَجَ مَعَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، فِيهِمُ الْأَبْدَالُ، حَتَّى يَنْزِلُوا إِيلِيَاءَ، فَيَقُولُ الَّذِي بَعَثَ الْجَيْشَ حِينَ يَبْلُغُهُ الْخَبَرُ بِإِيلِيَاءَ: لَعَمْرُو اللَّهِ لَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ فِي هَذَا الرَّجُلِ عِبْرَةً، بَعَثْتُ إِلَيْهِ مَا بَعَثْتُ فَسَاخُوا فِي الْأَرْضِ، إِنَّ هَذَا لَعِبْرَةٌ وَبَصِيرَةٌ، وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ السُّفْيَانِيُّ الطَّاعَةَ، ثُمَّ يَخْرُجُ حَتَّى يَلْقَى كَلْبًا وَهُمْ أَخْوَالُهُ، فَيُعَيِّرُونَهُ بِمَا صَنَعَ وَيَقُولُونَ: كَسَاكَ اللَّهُ قَمِيصًا فَخَلَعْتَهُ؟ فَيَقُولُ: مَا تَرَوْنَ، أَسْتَقِيلُهُ الْبَيْعَةَ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَأْتِيهِ إِلَى إِيلِيَاءَ فَيَقُولُ: أَقِلْنِي، فَيَقُولُ: إِنِّي غَيْرُ فَاعِلٍ، فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَقُولُ لَهُ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقِيلَكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، ثُمَّ يَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ قَدْ خَلَعَ طَاعَتِي، فَيَأْمُرُ بِهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَيُذْبَحُ عَلَى بَلَاطَةِ إِيلِيَاءَ، ثُمَّ يَسِيرُ إِلَى كَلْبٍ، فَالْخَائِبُ مَنْ خَابَ يَوْمَ نَهْبِ كَلْبٍ" وعَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: «تَخْرُجُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ لِبَنِي الْعَبَّاسِ، ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْ خُرَاسَانَ أُخْرَى سَوْدَاءُ، قَلَانِسُهُمْ سُودٌ، وَثِيَابُهُمْ بِيضٌ، عَلَى مُقَدِّمَتِهِمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ شُعَيْبُ بْنُ صَالِحِ بْنِ شُعَيْبٍ مِنْ تَمِيمٍ، يَهْزِمُونَ أَصْحَابَ السُّفْيَانِيِّ حَتَّى يَنْزِلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، يُوَطِّئُ لِلْمَهْدِيِّ سُلْطَانَهُ، وَيَمُدُّ إِلَيْهِ ثَلَاثُمِائَةٍ مِنَ الشَّامِ، يَكُونُ بَيْنَ خُرُوجِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُسَلَّمَ الْأَمْرُ لِلْمَهْدِيِّ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ شَهْرًا»  وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: " إِذَا بَعَثَ السُّفْيَانِيُّ إِلَى الْمَهْدِيِّ جَيْشًا فَخُسِفَ بِهِمْ بِالْبَيْدَاءِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الشَّامِ قَالُوا لِخَلِيفَتِهِمْ: قَدْ خَرَجَ الْمَهْدِيُّ فَبَايِعْهُ وَادْخُلْ فِي طَاعَتِهِ، وَإِلَّا قَتَلْنَاكَ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِ بِالْبَيْعَةِ وَيَسِيرُ الْمَهْدِيُّ حَتَّى يَنْزِلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَتُنْقَلُ إِلَيْهِ الْخَزَائِنُ، وَتُدْخِلُ الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ وَأَهْلُ الْحَرْبِ وَالرُّومُ وَغَيْرُهُمْ فِي طَاعَتِهِ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، حَتَّى تُبْنَى الْمَسَاجِدُ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَمَا دُونَهَا، وَيَخْرُجُ قَبْلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ بِأَهْلِ الْمَشْرِقِ، يَحْمِلُ السَّيْفَ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، يَقْتُلُ وَيُمَثِّلُ، وَيَتَوَجَّهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَا يَبْلُغُهُ حَتَّى يَمُوتَ" وعَنْ تُبَيْعٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ خَلِيفَةً بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَآخَرَ دُونَهُ، يَعْنِي بِدِمَشْقَ، فَلَا تَتْبَعِ الَّذِي دُونَهُ، فَإِنَّهُ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ» وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى، قَالَ: «قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ عَلَى يَدَيِ الْمَهْدِيِّ يَظْهَرُ تَابُوتُ السَّكِينَةِ مِنْ بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةِ، حَتَّى يُحْمَلَ فَيُوضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَإِذَا نَظَرَتْ إِلَيْهِ الْيَهُودُ أَسْلَمَتْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ، ثُمَّ يَمُوتُ الْمَهْدِيُّ» وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ الْأَزْدِيُّ قال : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَا ابْنَ حَوَالَةَ إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتْ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَايَا وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ" رواه احمد في مسنده. وعن يونس بن ميسرة بن حلبس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «هذا الأمر يعني (الخلافة) كائن بعدي بالمدينة، ثم بالشام، ثم بالجزيرة، ثم بالعراق، ثم بالمدينة، ثم ببيت المقدس، فإذا كانت ببيت المقدس فثم عقر دارها، ولن يخرجها قوم فتعود إليهم أبداً» تاريخ ابن عساكر. وعن أبي إمامة البهالي رضي الله عنه قال : " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الدجال ، وقال فيه : " إن المدينة لتنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد ، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص " ، قالت أم شريك : " فأين العرب يا رسول الله يومئذٍ ؟ قال : " هم يومئذٍ قليل، وجلهم ببيت المقدس، وأمامهم مهدي، رجل صالح، فبينما أمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح، إذ نزل عيسى بن مريم عليه السلام حين كبر للصبح، فرجع ذلك الإمام ينكص ليتقدم عيسى يصلي بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه، فيقول : تقدم فصلها، فإنها لك أقيمت، فيصلي بهم إمامهم" .

خروج السفياني

يخرج قبل المهدي حاكم مستبد أسمه السفياني وستحصل حروب بينه وبين المهدي فعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «عَلَامَةُ الْمَهْدِيِّ إِذَا انْسَابَ عَلَيْكُمُ التُّرْكُ، وَمَاتَ خَلِيفَتُكُمُ الَّذِي يَجْمَعُ الْأَمْوَالَ، وَيُسْتَخْلَفُ بَعْدَهُ ضَعِيفٌ فَيُخْلَعُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنْ بَيْعَتِهِ، وَيُخْسَفُ بِغَرْبِيِّ مَسْجِدِ دِمَشْقَ، وَخُرُوجُ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ بِالشَّامِ، وَخُرُوجُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ إِلَى مِصْرَ، وَتِلْكَ أَمَارَةُ السُّفْيَانِيِّ» وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم" يخرج رجل يقال له : السفياني في عمق دمشق ، وعامة من يتبعه من كلب ، فيقتل حتى يبقر بطون النساء ، ويقتل الصبيان، فتجمع لهم قيس فيقتلها حتى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجل من أهل بيتي في الحرة فيبلغ السفياني، فيبعث إليه جندا من جنده فيهزمهم ، فيسير إليه السفياني بمن معه حتى إذا صار ببيداء من الأرض خسف بهم ، فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم" أخرجه الإمام أحمد في «مسنده»، وأبو داود في «سننه»، والطبراني في «مسند الشاميين»، والحاكم في «المستدرك»،

ظهور المهدي وحكمه

ونذكر هنا مجموعة من الأحاديث النبوية التي تتحدث عن كيفية ظهور المهدي والأحداث التي تجري أثناء حكمه. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " إِذَا انْقَطَعَتِ التِّجَارَاتُ وَالطُّرُقُ، وَكَثُرَتِ الْفِتَنُ، خَرَجَ سَبْعَةُ رِجَالٍ عُلَمَاءُ مِنْ أُفُقٍ شَتَّى، عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، يُبَايِعُ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، حَتَّى يَجْتَمِعُوا بِمَكَّةَ، فَيَلْتَقِي السَّبْعَةُ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا فِي طَلَبِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تَهْدَأَ عَلَى يَدَيْهِ هَذِهِ الْفِتَنُ، وَتُفْتَحُ لَهُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ، قَدْ عَرَفْنَاهُ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَحِلْيَتِهِ، فَيَتَّفِقُ السَّبْعَةُ عَلَى ذَلِكَ، فَيَطْلُبُونَهُ فَيُصِيبُونَهُ بِمَكَّةَ، فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ؟ فَيَقُولُ: لَا، بَلْ أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، حَتَّى يَفْلِتَ مِنْهُمْ، فَيَصِفُونَهُ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ وَالْمَعْرِفَةِ بِهِ، فَيُقَالُ: هُوَ صَاحِبُكُمُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ، وَقَدْ لَحِقَ بِالْمَدِينَةِ، فَيَطْلُبُونَهُ بِالْمَدِينَةِ فَيُخَالِفُهُمْ إِلَى مَكَّةَ، فَيَطْلُبُونَهُ بِمَكَّةَ فَيُصِيبُونَهُ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، وَأُمُّكَ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ، وَفِيكَ آيَةُ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ أَفْلَتَّ مِنَّا مَرَّةً، فَمُدَّ يَدَكَ نُبَايعْكَ؟ فَيَقُولُ: لَسْتُ بِصَاحِبِكُمْ، أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيُّ، مُرُّوا بِنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى صَاحِبِكُمْ، حَتَّى يَفْلِتَ مِنْهُمْ، فَيَطْلُبُونَهُ بِالْمَدِينَةِ فَيُخَالِفُهُمْ إِلَى مَكَّةَ، فَيُصِيبُونَهُ بِمَكَّةَ عِنْدَ الرُّكْنِ، فَيَقُولُونَ: إِثْمُنَا عَلَيْكَ، وَدِمَاؤُنَا فِي عُنُقِكَ إِنْ لَمْ تَمُدَّ يَدَكَ نُبَايعُكَ، هَذَا عَسْكَرُ السُّفْيَانِيِّ قَدْ تَوَجَّهَ فِي طَلَبِنَا، عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ جَرْمٍ، فَيَجْلِسُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، فَيَمُدُّ يَدَهُ فَيُبَايَعُ لَهُ، وَيُلْقِي اللَّهُ مَحَبَّتَهُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، فَيَسِيرُ مَعَ قَوْمٍ أُسْدٌ بِالنَّهَارِ، رُهْبَانٌ بِاللَّيْلِ "  وعَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَأْتِيهِ عُصَّابُ الْعِرَاقِ، وَأَبْدَالُ الشَّامِ، فَيُبَايعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، فَيُلْقِي الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ» وعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: " ثُمَّ يَظْهَرُ الْمَهْدِيُّ بِمَكَّةَ عِنْدَ الْعِشَاءِ وَمَعَهُ رَايَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَمِيصُهُ وَسَيْفُهُ، وَعَلَامَاتٌ وَنُورٌ وَبَيَانٌ، فَإِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَقُولُ: أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ، وَمَقَامَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكُمْ، فَقَدِ اتَّخَذَ الْحُجَّةَ، وَبَعَثَ الْأَنْبِيَاءَ، وَأَنْزَلَ الْكِتَابَ، وَأَمَرَكُمْ أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تُحَافِظُوا عَلَى طَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، وَأَنْ تُحْيُوا مَا أَحْيَا الْقُرْآنُ، وَتُمِيتُوا مَا أَمَاتَ، وَتَكُونُوا أَعْوَانًا عَلَى الْهُدَى، وَوِزْرًا عَلَى التَّقْوَى، فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ دَنَا فَنَاؤُهَا وَزَوَالُهَا، وَأَذِنَتْ بِالْوَدَاعِ، فَإِنِّي أَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ، وَالْعَمَلِ بِكِتَابِهِ، وَإِمَاتَةِ الْبَاطِلِ، وَإِحْيَاءِ سُنَّتِهِ، فَيَظْهَرُ فِي ثَلَاثمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ، عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ قَرْعًا كَقَرْعِ الْخَرِيفِ، رُهْبَانٌ بِاللَّيْلِ، أُسْدٌ بِالنَّهَارِ، فَيَفْتَحُ اللَّهُ لِلْمَهْدِيِّ أَرْضَ الْحِجَازِ، وَيَسْتَخْرِجُ مَنْ كَانَ فِي السِّجْنِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَتَنْزِلُ الرَّايَاتُ السُّودُ الْكُوفَةَ، فَيُبْعَثُ بِالْبَيْعَةِ إِلَى الْمَهْدِيِّ، وَيَبْعَثُ الْمَهْدِيُّ جُنُودَهُ فِي الْآفَاقِ، وَيُمِيتُ الْجَوْرَ وَأَهْلَهُ، وَتَسْتَقِيمُ لَهُ الْبُلْدَانُ، وَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ " وعَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «الْمَهْدِيُّ يُبْعَثُ بِقِتَالِ الرُّومِ، يُعْطَى فِقْهَ عَشَرَةٍ، يَسْتَخْرِجُ تَابُوتَ السَّكِينَةِ مِنْ غَارٍ بِأَنْطَاكِيَةَ، فِيهِ التَّوْارَةُ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالْإِنْجِيلُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَحْكُمُ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ، وَبَيْنَ أَهْلِ الْإِنْجِيلِ بِإِنْجِيلِهِمْ» وعَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «إِنَّمَا سُمِّيَ الْمَهْدِيَّ لِأَنَّهُ يَهْدِي إِلَى أَسْفَارٍ مِنْ أَسْفَارِ التَّوْرَاةِ، يَسْتَخْرِجُهَا مِنْ جِبَالِ الشَّامِ، يَدْعُو إِلَيْهَا الْيَهُودَ، فَيُسْلِمُ عَلَى تِلْكَ الْكُتُبِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا» وعَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ يَسْتَخْرِجُ الْكُنُوزَ، وَيُقْسِمُ الْمَالَ، وَيُلْقِي الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ» وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَأْوِي إِلَيْهِ أُمَّتُهُ كَمَا تَأْوِي النَّحْلَةُ يَعْسُوبَهَا، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، حَتَّى يَكُونَ النَّاسُ عَلَى مِثْلِ أَمْرِهِمُ الْأَوَّلِ، لَا يُوقِظُ نَائِمًا وَلَا يُهْرِيقُ دَمًا» وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عِيسَى، قَالَ: «قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ عَلَى يَدَيِ الْمَهْدِيِّ يَظْهَرُ تَابُوتُ السَّكِينَةِ مِنْ بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةِ، حَتَّى يُحْمَلَ فَيُوضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَإِذَا نَظَرَتْ إِلَيْهِ الْيَهُودُ أَسْلَمَتْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ، ثُمَّ يَمُوتُ الْمَهْدِيُّ» الفتن لنعيم بن حماد.

 

هناك 11 تعليقًا :

  1. الامام المهدي ناصر محمد اليماني خليفه الله في ارضه وانصاره النجباء هدفنا وغايتنا حب وعشق وغرام الله لن ولن نتنازل عن حب الله ننافس جميع الانبياء والرسل والملاءكه في حب الله

    ردحذف
    الردود
    1. خطأ ناصر محمد ليس المهدي الم تقرأ المقال أم عينك فيه غبار

      حذف
    2. ياابن الجزمة بأمانة ايه وزفت ايه أنت لا تفهم

      حذف
  2. هدفنا وغايتنا ان يكون الله راضيا في نفسه لا حزينا ولا متحسر هدفنا هدايه كافه الخلق الى حب الله وهدايتهم لكي يحقق الله هدفنا

    ردحذف
  3. اللهم انصر امه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم على من يعاديها

    ردحذف
  4. اللهم أهدينا الى طريق المستقيم وأحينى على الاسلام حتى نلقاك يارب العالميين

    ردحذف
  5. اللهم اجعلني من انصاره

    ردحذف
  6. اللهم اجعلنا من اتباع المهدي المخلصين

    ردحذف
  7. اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا

    ردحذف
  8. اللهم اجعلنا من جند سيدنا المهدي

    ردحذف