أبو مسلم البهلاني العماني
(عمان
1860 – 1920م )
أشعة الحق لا تخفى عن النظر
|
وانما خفيت عن فاقد البصر
|
وكلمة الله لم تنزل محجبة
|
عن البصائر بين الوهم والفكر
|
نادى المنادي بها بيضاء نيرة
|
حنيفة سمحة لم تعي بالفطر
|
أقامها الله دينا غير ذي عوج
|
جاء البشير بها للجن والبشر
|
والجاهلية في غلواء عارضة
|
من جهلها ومن الأشراك في غمر
|
فقام مضطلعا ثقل الرسالة مج
|
دود العزائم فردا خيرة الخير
|
والوحي يأتي نجوما معجزا قيما
|
والشرك يكبت والإسلام في ظفر
|
وكلمة الله تعلو فوق جاحدها
|
وآية الحجر تمحو آية الحجر
|
حتى تجلى منار الدين منبلجا
|
بصادع الذكر والصمصامة الذكر
|
وآمنت برسول الله طائفة
|
أعطاهم السبق فيه سابق القدر
|
زكى قلوبهم النور المبين كما
|
يزكو النبات بما يلقى من المطر
|
لاقى صدورهم الإيمان فانشرحت
|
له وقاموا به في عزم منتصر
|
تأزروا شعب الإيمان وانتبهوا
|
بين الجهادين منهم أنفس العمر
|
أحاطهم وأمين الله فانتشئوا
|
بين الأمينين والقرآن في وزر
|
غذاهم الوحي في مهد الرسالة من
|
طور إلى آخر كالماء في الشجر
|
نور بواطنهم نور ظواهرهم
|
نور خلائقهم في الفعل والخبر
|
تضائق الملأ الأعلى مكانتهم
|
في فطرة الله لا في فطرة البشر
|
كم جاء جبريل في أحزابه مددا
|
من السماء على المعتاقة الضمر
|
خير القرون قرين المصطفى وكذا
|
حكم القرينين لا ينفك من أثر
|
فمات عنهم رسول الله عدتهم
|
كالأنبياء عدول الحكم والسير
|
وكلهم أولياء غير مقترف
|
كبيرة لم يتب منها فمنه بري
|
ومن مصوب ذي بطل لدى فتن
|
لا واقف جاهلا من بالصواب حري
|
وعالم الحق في حزن توقف عن
|
علم فذاك وقوف غير مغتفر
|
تشهيا أو رجوعا عن بصيرته
|
فالحكم يبرأ من هذا بلا حذر
|
وهم وإن شرفوا من أجل صحبته
|
فحكم تكليفهم كالحلم في البشر
|
ومدحه لهم فرع استقامتهم
|
في طاعة الله لا مدحا على الغير
|
وللموفين في الإيمان متجه
|
ما جاء من مدحهم في محكم السور
|
وفي البراءة من أبقى ولاية ذي
|
بطل المحض عموم المدح في الزبر
|
والحب والبغض فرضان استحقهما
|
خصمان في الله من بر ومن فجر
|
والأمر يبنى على الأعمال كيف جرت
|
والمدح والذم بحتا غير معتبر
|
وأكرم الخلق أتقاهم فليس إذا
|
للمدح والذم بالأهواء من أثر
|
فيم المحاباة ما قربي بمزلقة
|
من دون تقوى ولا بعدي على خطر
|
لا نسل لا أهل لا أصحاب يفرقهم
|
دينا عن الخلق حكم ما من الصور
|
نادى العشيرة في رأس الصفا علنا
|
وصاح فيهم رسول الله بالنذر
|
فأنظر إلى حكمة التخصيص كيف أتت
|
للأقربين من أهل البدو والحضر
|
ليعلموا أنه التكليف لا نسب
|
يغني ولا فيه دون الله من وزر
|
لو كان بالشرف التكليف مرتفعا
|
إذا تعطل عدل الله في الفطر
|
وحجة الله بالتكليف لازمة
|
سيان في الأمر مفضول وذو الخطر
|
للرسل والملأ الأعلى وأشرفهم
|
بالاستقامة تكليف بلا عذر
|
الكل في قرن التكليف مؤتسر
|
ما بال من ليس معصوما من الغير
|
لا نبخس الناس بالأهواء حقهم
|
ولا نبالي بقدح الخاتر الأشر
|
قد جاءنا الله بالقرآن بينة
|
وسنة الحق والاجماع والأثر
|
فما وجدنا بحكم الله عاصية
|
لمحض قرباه معدودا من البرر
|
ولا تقيا لأمر الله متبعا
|
بالحب حكما لأجل البعد غير حري
|
كمال توحيد ربي حب طائعه
|
وبغض أعدائه في السر والجهر
|
يا من أعاب على الأبرار نحلتهم
|
أعيت ويلك دين الله عن بصر
|
هم حجة الله أهل الاستقامة ما
|
خامت عزائمهم عن آية الزمر
|
متى جهلت أبا السبطين خطته
|
وأنت أعلم أهل الطين والوبر
|
حاكمته بعد ما ألحمته قرما
|
بعقر سبعين ألفا عقرة الجزر
|
حاكمته بعد عمار وروحته
|
إلى الجنان وبعد السادة الطهر
|
حاكمته بعد حكم الله فيه بما
|
يشفي الغليل وقد أيقنت بالظفر
|
أقمت في البغي حد الله أولها
|
ففيم تستن بالتحكيم في الأخر
|
أصبت في حربك الباغين ثغرتها
|
بحكم ربك لم تضلل ولم تجر
|
قبلت عوراء من عمرو يفت بها
|
سواعد الدين فت العصف بالحجر
|
ولم تعر نصحاء الدين واعية
|
وليت للأشعث الملعون لم تعر
|
فأصرف أعنتها صوب العراق فقد
|
سدت عليك ثغور الشام بالبدر
|
فطالبو الدين قد نابذت عصمتهم
|
والأمر من طالبي الدنيا على ضرر
|
فيم الحكومة أخزى الله ناصبها
|
لم يترك الله هذا الحكم للبشر
|
ولست في ريبة مما عنيت به
|
ولا القضاء قياسي على صور
|
فما قتالك بعد الحكم راضية
|
وما قتالك من لم يرض بالنهر
|
قد ارتكبت أبا السبطين في جلل
|
وفاتك الحزم واستأسرت للحذر
|
وما قتال ابن صخر بعدما انسكبت
|
خلافة الله في بلعومه البحر
|
حكمته في حدود الله ينسفها
|
نسف العواصف مندوفا من الوبر
|
بأي أمريك نرضى يا أبا حسن
|
تحكيم قاسطهم أم قتلة البرر
|
أم بانقيادك عزما خلف أشعثها
|
يفري أديمك لا يألو بلا ظفر
|
أرضعته درة الدنيا فما مصحت
|
وأنت من دمها ريان في غمر
|
ما زال ينقب خيل الله مشئمة
|
فاعرقت صهوات الخيل بالدبر
|
ألم تقاتله مرتدا فمذ علقت
|
به البراثن ألقى سلم محتضر
|
يلقى شراشره مكرا عليك وما
|
ينضم من حنق الأعلى سعر
|
أصبحت في أمة أوترت معظمها
|
بهيمة الله بين الذيب والنمر
|
تسدد الرأي معصوما فتنقضه
|
بطانة السوء مركوسا إلى الحفر
|
تنافرت عنك أوشاب النفاق إلى
|
دنيا بني عبد شمس نفرة الحمر
|
محكمين براء من معاوية
|
ومن علي يا ليت الأخير بري
|
والقاسطين أبي موسى وصاحبه
|
عمرو اللعين فتى قطاعة البظر
|
وقاسطي الشام والراضي حكومتهم
|
من أهل صفين والراضي على الأثر
|
ليت الحكومة ما قامت قيامتها
|
وليتها من أبي السبطين لم تصر
|
ملعونة جعلتها الشام جنتها
|
من ذي الفقار وقد أشفت على الخطر
|
عجت بتحكيم عمرو بعدما حكمت
|
همدان فيما بحكم البيض والسمر
|
تبا لها رفعت كيدا مصافحها
|
ومقتضاهن منبوذ على العفر
|
مهلا أبا حسن إن التي عرضت
|
زوراء في الدين كن منها على حذر
|
ضغائن اللات والعزى رقلن بها
|
تحت الطليق وعثمانية الأشر
|
لا تلبسن أبا السبطين مخزية
|
فذلك الثوب مطوي على غرر
|
لم تنتقل عبد شمس من نكارتها
|
دم الكبود على أنيابها القذر
|
فما صحيفة صفين التي رقمت
|
إلا صحيفة بين الركن والحجر
|
نسيت بدرا وأحدا يا أبا حسن
|
وندوة الكفر ذات المكر والغدر
|
ويوم جاءك بالأحزاب صخرهم
|
فاندك بالريح صخر القوم والذعر
|
وفتح مكة والأعياص كاسفة
|
وأنت حيدرة الإسلام كالقدر
|
والقوم ما أسلموا إلا مؤلفة
|
والرأي في اللات بين السمع والبصر
|
متى ترى هاشم صدق الطليق بها
|
وثغرة الجرح بين النحر والفقر
|
ما لابن هند بثار الدار من عرض
|
له مرام وليت الدار في سقر
|
لقد تقاعد عنها وهي محرجة
|
حتى قضت فقضى ما شاء من وطر
|
تربص الوغد من عثمان قتلته
|
فقام ينهق بين الحمر والبقر
|
ينوح في الشام ثكلى ناشرا لهم
|
قميص عثمان نوح الورق بالسحر
|
حتى إذا لف أولاها بآخرها
|
بشبهة ما تغطى نقرة الظفر
|
أتاك يقرع ظنبوب الشقاق له
|
روقان في الكفر من جهل ومن بطر
|
تعك عك نفاقا خلف خطوته
|
كأنها ذنب في عجمه الوضر
|
يدير بين وزيريه سياسته
|
عمرو وابليس في ورد وفي صدر
|
وعزك الجد والتوفيق فانصدعت
|
سياسة الدين صدعا سيء الأثر
|
قد كنت في وزر ممن فتكت بهم
|
أحسن عزاءك لست اليوم في وزر
|
ما ذنب عيبة نصح الدين إذ عصفت
|
بهم رياحك لا تبقى ولم تذر
|
بقية الله قد هاضت عظائمهم
|
عرارة الحرب أو هوان في السحر
|
اقعصتهم في صلاة لا بواء لهم
|
هلا مشابرة والقوم في حذر
|
قد حكموا الله لم يفلل عزيمهم
|
عن نصرة الله قرع الصارم الذكر
|
رميت سهمك عن كبداء في كبد
|
حرى من الذكر والتسبيح والسور
|
إن القلوب التي ترمي تطير بها
|
مصاحف الذكر والإيمان لم يطر
|
ما علقوها على أعناقهم غرضا
|
فاكفف سهامك واكسرها عن الزبر
|
أعظمتها يوم أهل الدار ترفعها
|
واليوم ترمي كرمي العفر والبقر
|
هانت عليك جباه ظلت ترضخها
|
لطالما رضختها سجدة السحر
|
لم تقتل القوم عن سوء بدينهم
|
وانما الأمر مبني على القدر
|
قتلتهم بروايات تقيم بها
|
عذر القتال وليست عذر معتذر
|
ماذوا الثدية الا خدعة نصبت
|
للحرب توهم فيها صحة الخبر
|
وما حديث مروق القوم معتبر
|
فيهم لمن سلك الإنصاف في النظر
|
خلصت نفسك بالتحكيم منخدعا
|
وأنت أولى بها من سائر الفطر
|
فحكموا الله واختاروك أنت لها
|
فكان قولهم نوعا من الهذر
|
وقلت قد مرقوا اذ هم على قدم
|
صدق من الحق لم يبطر ولم يجر
|
مضوا به قدما جريا على سنن
|
للمصطفى وأبي بكر إلى عمر
|
ما بدل القوم في دار ولا جمل
|
وهم على العهد ما حالوه بالغير
|
شفيت نفسك من غيظ بها بدم
|
من مهجة الدين والإيمان منفجر
|
دم ابن وهب وحرقوص وحبرهم
|
زيد ابن حصن خيار الأمة الطهر
|
دماء عشرين ألفا وقت جمعتهم
|
وسط الصلاة همت كالوابل الهمر
|
ليهنك الدم يا منصور قد رجفت
|
منه السموات والارضون من حذر
|
لو ان رمحك في حرقوص اشتركت
|
فيه الخليقة أرادهم إلى سقر
|
يا فتنة فتكت بالدين حمتها
|
تذوب من هولها ملمومة الحجر
|
ما ساءني أن أقول الحق أنهم
|
قوم قتلتهم بغيا بلا عذر
|
وانهم أولياء الله حبهم
|
فرض وبغضهم من أفظع النكر
|
صلى الإله على أرواحهم وسقى
|
أجداثهم روحه بالأصل والبكر
|
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق