الجهاز العضلي
إن الوظيفة الرئيسية للجهاز العضلي هي تمكين
الجسم من القيام بمختلف أنواع الحركات الميكانيكية والتي تلزم للقيام بوظائف بالغة
الأهمية للجسم حيث أن توقف بعض العضلات عن العمل يؤدي إلى الموت المحقق للإنسان.
ومن حيث الأهمية فإن عضلة القلب هي أهم عضلة متحركة في الجسم فهي التي تقوم بتشغيل
القلب ليعمل كمضخة توصل الدم المحمل بالغذاء والأكسجين لكل خلية من خلايا الجسم
وبتوقفها عن العمل لثواني معدودة تتوقف جميع أجهزة الجسم عن العمل مما يؤدي إلى
موت الجسم. ثم تليها في الأهمية العضلات المحركة للرئتين وهي عضلات الحجاب الحاجز
وعضلات القفص الصدري فتوقفها عن العمل
يؤدي إلى توقف الرئتين عن أخذ الأكسجين من الهواء وإيصاله إلى الدم وهذا يؤدي إلى
موت الجسم على الفور بسبب نقص إمداد الأكسجين لخلايا الجسم. ثم تليها العضلات
المحركة لمختلف مكونات الجهاز الهضمي ابتداء من عضلات الفك واللسان ومرورا بعضلات
البلعوم والمريء والمعدة والأمعاء الدقيقة والغليظة وعضلات المرارة والبنكرياس
وانتهاء بعضلات فتحة الشرج حيث أن توقف بعضها عن العمل يؤدي إلى توقف هضم وامتصاص
الغذاء والماء وينقطع بذلك إمداد الخلايا بما تحتاجه من ماء وغذاء فتموت موتا
بطيئا بعد أن تستنفذ جميع ما هو مخزن في الجسم من ماء وغذاء. أما العضلات المحركة
للأيدي والأرجل والتي تساعد الإنسان على التنقل والعمل والأكل والشرب فإن تعطلها
لا يؤدي إلى موت الإنسان إذا ما وجد من يساعد هذا الإنسان على الأكل والشرب. أما
الوظيفة الثانية للعضلات وهي وظيفة ثانوية فهي تغطية الهيكل العظمي وما يحويه من
أعضاء بطبقة من اللحم تحميه من المؤثرات الخارجية كالمؤثرات الميكانيكية والحرارة
والبرودة وغيرها. وعلى الرغم من أن الجسم مغطى بما يزيد عن ستمائة عضلة بمختلف
الأشكال والأحجام إلا أنه قد تم ترتيبها فوق بعضها البعض بشكل بالغ الاتقان بحيث
يبدو الشكل الخارجي للجسم في منتهى التناسق والجمال وذلك بعد تغطيتها بطبقة رقيقة
من الجلد.
إن أوجه الإعجاز في الجهاز العضلي لا حصر لها تبدأ أولا بالإعجاز الموجود في تصميم الخلية العضلية فقد صممت بطريقة بحيث يمكنها أن تنقبض عند إثارتها بنبضة عصبية وذلك من خلال وجود تراكيب دقيقة تمكن العلماء من كشف كثير من أسرارها. أما وجه الإعجاز الثاني فهو بناء العضلات من هذه الخلايا العضلية أو ما يطلق عليها اسم الألياف العضلية حيث يتم ترتيبها على شكل حزم بحيث تنتج قوة شد محددة في اتجاه واحد وذلك عند انقباضها. أما وجه الإعجاز الثالث فهو تصميم عضلات الجسم المختلفة بأشكال وأحجام تتناسب مع قوة الشد التي ستقوم بها ومع المكان الذي ستوضع فيه بحيث لا تشوه شكل الجسم. أما وجه الإعجاز الرابع فهو في طرق تثبيت العضلات على الهيكل العظمي لتقوم بتحريك العظام القابلة للحركة حول مفاصلها في الاتجهات المطلوبة وضمن المدى المحدد لها وبحيث لا يكاد يحس الشخص بحركة هذه العضلات وهي تقوم بوظيفتها. أما وجه الإعجاز الخامس فهو في الطريقة المستخدمة للتحكم في حركة هذه العضلات حيث تتم من خلال نبضات عصبية يتم إرسالها من الدماغ إلى هذه العضلات عبر ملايين الأعصاب التي تربط مراكز الحركة في الدماغ مع جميع عضلات الجسم. أما وجه الإعجاز السادس فهو في عملية تمديد عدة ملايين من الألياف العصبية من الدماغ إلى عضلات الجسم وبحيث يصل كل ليف عصبي إلى الألياف العضلية التي يحركها رغم أن هذه الأياف العصبية يتم تجميعها في كيبلات كبيرة ثم تمر على عدة محطات يعاد فيها ترتيبها وتوزيعها في كيبلات أصغر ثم أصغر. أما وجه الإعجاز السابع فهو في تعقيد برامج التحكم المخزنة في الدماغ والتي تقوم بتحريك العضلات المختلفة للقيام بمهمة ما بتزامن منقطع النظير كتحريك عشرات العضلات المنتشرة في الحجاب الحاجز والرئتين والحنجرة والبلعوم واللسان والشفاه والفك والأنف عند الكلام وكذك عضلات اليد عند الكتابة.
الخلية العضلية (الليف
العضلي)
تبنى الأنسجة العضلية (muscular
tissues) من خلايا عضلية مستطيلة وأسطوانية الشكل
بالغة التخصص يحتوى معظم أنواعها على عدد كبير من الأنوية البيضاوية الشكل (elongated or oval nuclei) تتوزع
قريبا من سطح الخلية. وتنشأ الخلية
العضلية متعددة الأنوية من خلال اندماج عدد كبير من الخلايا العضلية وحيدة النواة
(uninuclear myoblasts) وذلك في
المرحلة الجنينية ويطلق على الخلية العضلية البالغة اسم الليفة العضلية (muscle fibers or myofibers) أو المدمج الخلوى (Syncy
Tium).
ويتمحور معظم السيتوبلازم والذي يسمى في الخلية العضلية الساركوبلازم (Sarcoplasm) ليأخذ شكل خيوط دقيقة متوازية تسمى الخيوط أو
اللييفات العضلية (myofibrils) لتكون
بمجملها الليفة العضلية (muscle fiber). ويتراوح قطر الليفة العضلية
بين 10 و 100 ميكرومتر بينما يتراوح طولها بين 60 ميكرومتر و30 سم وذلك حسب
نوع العضلة. وتحاط الليفة العضلية بغشاء خلوي رقيق ذي تركيب خاص يسمى الساركوليما
(Sarcolemma) ومن ثم يتم تغليفها بنسيج ضام (connective tissue) يسمى
الإندوميسيم (endomysium). ويمتد من
سطح الساركوليما أو الغشاء الخلوي أنابيب دقيقة تسير بشكل مستعرض لتصل إلى أماكن
تواجد اللييفات العضلية وتسمى الأنيببات المستعرضة (transverse tubules) والتي تلعب
دورا مهما في إيصال تأثير النبضات العصبية إلى داخل الخلية العصبية بأسرع وقت
ممكن. أما الشبكة الإندوبلازمية في الخلية العضلية
فهي من النوع الأملس (smooth endoplasmic reticulum) ولذلك تسمى الشبكة
الساركوبلازمية (Sarcoplasmic
reticulum) وتحتوي على
أكياس مليئة بأيونات الكالسيوم يتم فتحها بعد إثارة الخلية بالنبضات العصبية حيث
يلعب الكالسيوم دورا مهما في عملية انقباض
الليف العضلي.
والخلايا العضلية غنية ببروتينات خاصة بالعضلات وهي
بروتين الأكتين (Actin)
وبروتين الميوسين (Myosin) والتروبونين
(Troponin)
والتروبوميوسين (Tropomyosin)
والتينين (Tinin)
والنيبيولين (Nebulin) والتي
تشكل ما يقرب من 20 بالمائة من النسيج وكذلك
مواد مخزنة للطاقة وهي فوسفات الأدينوسين (Adenosine Triphosphate (ATP)) وفوسفات الكرياتين (creatine phosphate) والنشأ الحيواني أو الجلايكوجين (Glycogen) والتي تشكل 2 بالمائة من النسيج أما ما
تبقى فهو الماء والمكونات الأساسية للخلايا الحية. والخلايا
العضلية غنية أيضا بعضيات الميتوكوندريا (mitochondria) والتي يعطى لها اسم خاص فيها وهو الساكروسوم (sarcosomes) وهي
المصانع التي تنتج جزيئات الطاقة (ATP) والتي تحتاجها العضلات بكميات كبيرة عند قيامها بالحركات
الميكانيكية. والألياف العضلية غنية أيضا ببروتين خاص يمكنه الاتحاد مع
الأوكسجين يسمى المايوجلوبين (Myoglobin) وهو شبيه
بالهيموجلوبين الذي ينقل الأوكسجين في الدم
وهو الذي يعطي العضلات لونها الأحمر حيث يستخدم لتخزين كميات كافية من
الأوكسجين في العضلات لاستخدامها عند الحاجة حيث أن الدم لا يمكنه أن يزودها
بالكمية الكافية عند القيام بجهد كبير.
ويوجد
في الخلية أو الليفة العضلية الواحدة أربعة أنواع من الخيوط العضلية فهناك نوعان
قابلان للإنقباض وهي الخيوط التي تحتوي على بروتين الأكتين وهي رفيعة وطويلة
والخيوط التي تحتوي على بروتين الميوسين وهي سميكة وقصيرة. أما النوعان
الأخران فهما غير قابلان للانقباض ويستخدمان لأغراض الدعم كالخيوط التي تحتوي على بروتينات التروبونين والتروبوميوسين والخيوط التي تحتوي على
بروتينات التينين (Tinin) والنيبيولين (Nebulin).
وتتشكل خيوط الأكتين الرفيعة (thin filaments) من خلال تثبيت عدد
كبير قد يصل لعدة مئات من جزيئات الأكتين
(G-actin)
الكروية الشكل على خيط أسطواني طويل مكون من جزيئات التروبوميوسين (Tropomyosin) ويطلق
على هذه السلسلة اسم (F-actin). وعادة ما يتكون الخيط من سلسلتين ملفوفتين
حول بعضهما البعض بشكل حلزوني ويبلغ طول خيط الأكتين 2 ميكرومتر
بينما يبلغ قطره خمسة نانومتر. وإلى جانب جزيئات الأكتين يتم تثبيت عدد قليل من
جزيئات التروبونين (Troponin) بشكل دوري على طول خيط التروبوميوسين
تستخدم كمواقع ربط (binding sites) مع خيوط الميوسين. وأما خيوط الميوسين
السميكة (thick
filaments) فتتشكل من لف
عدد كبير من الخيوط الدقيقة المكونة من جزيئات الميوسين قد يصل إلى 400 جزيئ ويتكون كل جزيئ من رأس (myosin head)
وذيل (myosin tail).
ويتم ترتيب الخيوط الدقيقة بحيث يكون نصف الرؤوس في طرف والنصف الثاني في الطرف
المقابل بينما تتشابك الذيول في المنتصف ليظهر خيط الميوسين كخيط له رأسين كبيرين عند طرفيه تحتوي على رؤوس
صغيرة تسمى الجسور المعترضة (crossbridges). وخيط الميوسين أقصر قليلا من خيط الأكتين
حيث يبلغ طوله 1,5 ميكرومتر بينما يزيد قطره بثلاثة أضعاف حيث يبلغ 15 نانومتر. ويوجد في رأس خيط الميوسين عدة مواقع ربط (binding sites)
مع جزيئات الأكتين الموجودة في خيوط الأكتين وهذه المواقع تلعب الدور الأساسي في
عمل آلية انقباض العضلات وتكون في حالة الاسترخاء مغطاة بجزيئات التروبوميوسين ( tropomyosin).
يتم ترتيب خيوط
الأكتين والميوسين بطريقة بالغة الاتقان لكي تتمكن من القيام بعملية الانقباض عند
إثارتها من قبل النبضات العصبية. فعند تمديد أحد خيوط الميوسين السميكة يتم تمديد
ستة خيوط رفيعة من الأكتين حولها وعند كل طرف من أطرافها بحيث
يوجد تداخل بين خيوط الأكتين والميوسين عند الأطراف وبدون تداخل في منطقة الوسط.
وإذا ما تم تكرار عملية التمديد بهذه الطريقة على طول الليفة العضلية فإنه سيظهر
شكل (pattern)
يتكرر بشكل دوري على طول الليفة ويسمى هذا الشكل
بالقطعة العضلية (Sarcmere). وفي القطعة العضلية توجد منطقة واحدة في الوسط
مكونة بالكامل من خيوط الميوسين السميكة ومنطقتين حولها يوجد فيها خيوط الأكتين
والميوسين المتداخلة ومن ثم منطقتين عند الأطراف لا يوجد فيها إلا خيوط الأكتين
الرفيعة. وعند النظر إلى الليفة العضلية
بالمجهر نجد أنه يظهر على طولها بشكل دوري مناطق داكنة اللون يليها مناطق باهتة
أو فاتحة اللون (Dark and light Bands). فالجزء الداكن هو المنطقة
التي يوجد فيها خيوط الميوسين السميكة ويطلق عليها اسم شريط A (A band) وأما الجزء الباهت فهو المنطقة التي يوجد فيها
خيوط الأكتين الرفيعة ويطلق عليها شريط I (band I). ويظهر في منتصف المنطقة الداكنة خط باهت
أو فاتح وهو عبارة عن حافة غشاء يمتد بشكل عامودي على اتجاه الألياف يستخدم لتثبيت
الألياف عليه ويعرف هذا الغشاء بغشاء هانس
Hanes’s membrane)) أو خط M (M line). كما يظهر في منتصف المنطقة الباهتة خط
داكن وهو أيضا عبارة عن غشاء يعرف بغشاء كراوس Krause
membrane)) أو قرص Z (Z
disk ) وحوافه مثبتة بالغشاء الخلوي لليفة العضلية. ويوجد في منتصف
المنطقة الداكنة أي شريط A منطقة تحتوي فقط على خيوط الميوسين السميكة تسمى
منطقة H (H-zone) وهي تتيح المجال لإنزلاق خيوط الأكتين الرفيعة
عند انقباض الليفة العضلية. ويمتد فيما بين خط M وقرص Zخيوط طولية مكونة من جزيئات التينين
(Tinin) العملاقة تقع فيما بين خيوط الميوسين والأكتين وخيوط
التينين هذه عبارة عن خيوط مرنة تعمل على إعادة الليفة العضلية إلى وضعها الطبيعي
بعد انتهاء فترة الانقباض.
يتم ربط الليف العصبي بالليفة العضلية من خلال المشتبك العصبي العضلي (neuromuscular junction) وهو نوع خاص من المشتبكات العصبية يتفرع فيه الليف العصبي
إلى فروع صغيرة تنتشر على سطح الليفة العضلية. وينتهي كل فرع من هذه الأفرع الصغيرة
في حفرة متناهية الصغر تسمى ميزاب المشتبك أو الصفيحة الانتهائية. وعندما تصل النبضة
العصبية إلى نهاية الفروع الصغيرة فإنها تفرز مرسل عصبي هو إنزيم الاستيل كولين
(acetylcholine) في داخل الحفر والذي يبدأ بالانتشار عبر
غشاء الليفة العضلية مما يؤدي إلى إزالة استقطاب غشائها الخلوي فيطلق نبضة عضلية كهربائية تؤدي إلى سلسلة من التفاعلات الكيميائية في
داخل الليفة تعمل على انقباضها. إن هذا الانقباض في الليفة العضلية لا يستمر
طويلا حيث يوجد في داخل الحفر أنزيم آخر يسمى كولين استريز(Cholinesterase)
يعمل على تحليل أنزيم الاستيل كولين مما يؤدي إلى إعادة استقطاب
الغشاء مرة أخرى وبالتالي انبساط الألياف العضلية
ومن ثم ارتخاء العضلة. أما الآلية التي يتم من خلالها انقباض الألياف العضلية
فيعتقد أكثر العلماء على أنها تعتمد على ما يسمى بنموذج الألياف المنزلقة (The sliding-filament model) أو ما يسمى أيضا بفرضية الألياف المتشابكة
الأصابع المنزلقة (Sliding Interdigitating
Filament Hypothesis).
ووفقا لهذا النموذج فإن خيوط الأكتين الرفيعة تنزلق عند إثارتها نحو خط الوسط أي خط M الموجود في
منتصف المنطقة الداكنة وذلك من الجهتين فتصغر بذلك منطقة H وقد تختفي تماما. وعند إنزلاق خيوط الأكتين الرفيعة نحو خيوط
الميوسين السميكة فإن المسافة بين قرصي Z الواقعين حول خط M تقل وبذلك يقل طول جميع القطع العضلية (Sarcmere) وبالتالي يقل طول الليفة العضلية ككل بسبب
أن حواف قرص Zمثبتة على غشائها
فتنقبض بانقباضها. إن انقباض الليفة العضلية يتم نتيجة سلسلة متتالية من العمليات الكيمائية
المعقدة والتي تحدث بعد وصول النبضة العصبية (Nerve impulse) إلى مكان إلتقاء الليف العصبي مع الخلية العضلية.
ويتكون المشتبك العصبي العضلي من
ثلاثة أجزاء وهي نهايات العصبون المحرك (motor neuron endings) والصفيحة الانتهائية المحركة (motor end plate) الموجودة
على سطح الليفة العضلية والفجوة (synaptic cleft) التي تقع بينهما. فعند وصول النبضة العصبية الكهربائية إلى
المشتبك فإنها تحفز الحويصلات (synaptic
vesicles) الموجودة في النهايات العصبية على إفراز مرسل عصبي (neurotransmitter) من نوع الأستيل
كولين (acetylcholine). وينتشر المرسل العصبي من خلال الفجوة ليصل إلى الصفيحة والتي تحتوي على مستقبلات لهذا المرسل (nicotinic
acetylcholine receptors) فيعمل على إزالة الاستقطاب (depolarization) الموجود
بين سطحي الغشاء الخلوي من خلال تبادل أيونات البوتاسيوم والصوديوم بين طرفيها من
خلال فتح البوابات الخاصة بها (sodium/potassium channel). إن إزالة الاستقطاب عند مكان الصفيحة الانتهائية يولد جهد الفعل
(action potential) في ذلك
المكان وهذا يولد بدوره نبضة كهربائية تسمى النبضة العضلية (muscle impulse) تبدأ
بالانتشار على طول جدار الغشاء الخلوي وستسري بالطبع في جدران الأنيببات المستعرضة
(T- tubules) والتي يوجد منها اثنان حول كل قطعة من القطع العضلية. ويوجد في
جدار هذه الأنيببات مستقبلات تسمى
ثنائيات هيدروبيريدين dihydropyridine –
DHP)) والتي ترتبط بمستقبلات ((ryanodine receptors) التي تتحكم بقنوات إطلاق الكالسيوم (calcium-release channels)
الموجودة في حويصلات الشبكة الإندوبلازمية الملساء (sarcoplasmic reticulum).
فعندما تصل النبضة العضلية إلى هذا المستقبل يتغير شكله فيقوم بفتح قنوات إفراز
الصوديوم على الشبكة الإندوبلازمية الملساء مما يؤدي إلى فتح الحويصلات المملؤة
بأيونات الكالسيوم والذي ينساب ليصل إلى خيوط الميوسين والأكتين. إن الدور
الذي يلعبه الكالسيوم في عملية الانقباض
هو أنه يرتبط بجزيئات التروبونين (Troponin-C) والمرتبطة بدورها بجزيئات التروبوميوسين
فيؤدي هذا الارتباط إلى سحب التروبونين إلى داخل الفراغات الموجودة بين سلسلتي
الأكتين الملتفتين حول بعضهما (F-actin) مما يعني كشف مواقع ارتباط رؤوس الميوسين
بالأكتين (binding sites).
فالتروبوميوسين كما ذكرنا سابقا يغطي في حالة الارتخاء مواقع
الارتباط وبالتالي لا يسمح بارتباط الأكتين بالميوسين وعند إزاحته عن مواقع
الارتباط سوف يسمح بارتباطهما مما يؤدي إلى قيام رؤوس الميوسين أو ما يسمى بالجسور
المعترضة بسحب خيوط الأكتين باتجاه خط الوسط بطريقة أشبه ما تكون بحركة مجاديف
القارب. تحتاج الليفة العضلية عند انقباضها وكذلك عند انبساطها لكمية معينة من
وحدات الطاقة (ATP)
وذلك لعدة أغراض أولها تحريك الجسور العرضية (crossbridges) لإحداث عملية انزلاق
الخيوط الرفيعة والسميكة فوق بعضها وذلك أثناء الانقباض أما اثناء الانبساط فتحتاج
الطاقة لإعادة ضخ أيونات الكالسيوم إلى الحويصلات الموجودة في الشبكة
الإندوبلازمية وكذلك لفصل الجسور عن مواقع الارتباط. إن جزيئات الطاقة (ATP) الحرة المتوفرة في العضلة لا تكفي إلا لعدة
انقباضات ولذلك لا بد من تزويدها بالطاقة من مصادر أخرى وهي أولا تحويل فوسفات
الكرياتين (Creatine Phosphate)
الذي يتراكم في العضلات أثناء فترة الراحة إلى الكرياتين وكمية من وحدات الطاقة (ATP)
وهو مصدر سريع ولكنه لا يكفي إلا لعدة ثواني. أما المصدر الثالث
فهو النشأ
الحيواني أو بروتين الجلايكوجين (Glycogen) والذي يتحلل بمساعدة أنزيمات خاصة إلى سكر
الجلوكوز والذي يتحلل بدوره ليعطي كمية كبيرة من وحدات الطاقة (ATP).
ويتم الحصول على الطاقة من من سكر الجلوكوز إما بالحرق في الميتوكندريا بوجود
الأكسجين وهو التنفس الهوائي أو من خلال تحلل السكر لاهوائيا في غياب الأكسجين
وذلك حسب نوع الألياف العضلية والتي سنشرحها بعد قليل.
ولقد
تم تقسيم الفترة الزمنية منذ وصول النبضة العصبية إلى الليفة العضلية إلى أن تعود
إلى وضع الاسترخاء إلى ثلاثة فترات زمنية وهي فترة الكمون (latent period)
وهي فترة قصيرة لا تتجاوز عدة مللي ثانية وتمتد من بداية التنبيه العصبي إلى بداية انقباض
العضلة. أما فترة الانقباض (contraction period)
فهي الفترة التالية وفيها تتم عملية انقباض الليفة
العضلية منتجة الحركة المطلوبة ويبلغ متوسط مدتها 50
مللي ثانية. أما الفترة الأخيرة فهي فترة الانبساط (relaxation
period) وفيها تنبسط الألياف العضلية ويزداد
طولها وتعود إلى طولها الأصلي وهذه الفترة أطول قليلا من زمن الانقباض. ويوجد في الألياف العضلية نوعان من الانقباض وهما
الانقباض متماثل الطول (Isometric Contraction) وفيه تنقبض العضلة دون حدوث
قصر فيها ولا تؤدي عملا ميكانيكيا وتضيع طاقة الانقباض على شكل طاقة حرارية في العضلة
كما هو الحال في عملية استعراض العضلات التي يقوم بها لاعبي كمال الأجسام. أما
الانقباض الآخر فهو الانقباض متماثل التوتر (Isotonic Contraction) وفيه يقصر
طول العضلة عند انقباضها وتقوم بعمل ميكانيكي
كرفع ثقل ما وتتحول طاقة الانقباض إلى طاقة ميكانيكية تذهب إلى الثقل وكذلك طاقة
حرارية تضيع في العضلة. وتنقسم الالياف العضلية من حيث سرعة الانقباض إلى نوعين
فالنوع الأول تنقبص الليفة فيه بسرعة عالية ولفترة زمنية قصيرة وتسمى الألياف
السريعة الانقباض(Fast Twitch Fibers) . أما النوع
الثاني فتنقبض ببطء ولكن لفترة زمنية طويلة دون أن يصيبها الإجهاد وتسمى الألياف البطيئة الانقباض(Slow
Twitch Fibers) . وتعتمد سرعة انقباض الألياف العضلية على الطريقة التي
يتم من خلالها إنتاج وحدات الطاقة (ATP) فهناك ألياف تنتج الطاقة من خلال تحلل سكر الجلوكوز بدون وجود
الأكسجين (anaerobic oxidation) وبوجود عدد
كبير من الأنزيمات المحللة (glycolytic
enzymes) وتسمى بالألياف الحالة للسكر (Glycolytic fibers) وتتميز هذه الألياف
بسرعة إنتاج وحدات الطاقة ولكن بكفاءة متدنية ولكنها مفيدة في سرعة انقباض
العضلات. أما النوع الثاني فهي الألياف التأكسدية (Oxidative fibers) وفيها يتم
إنتاج وحدات الطاقة من خلال حرق سكر الجلوكوز بوجود الأكسجين (aerobic oxidation) بكفاءة
عالية ولكن بسرعة أبطأ وهذه الألياف غنية بعضيات الميتوكندريا التي تتم فيها عملية
الحرق وغنية كذلك بجزيئات الميوجلوبين (myoglobin) التي تختزن الأكسجين وتقوم بإعطائه للخلايا عند نقص التزويد من
الدم. وبسبب وجود كمية كبيرة من جزيئات الميوجلوبين في الألياف التأكسدية فإن لون
العضلات يميل إلى الأحمر ولذلك تسمى العضلات الحمراء (red muscle) بينما تسمى
العضلات التي تتكون من الألياف الحالة للسكر بالعضلات البيضاء (white
muscle) بسبب قلة عدد جزيئات الميوجلوبين فيها.
بناء العضلات من الألياف العضلية
تتكون
جميع عضلات الجسم من خلايا أو ألياف عضلية لها نفس التركيب تقريبا وتستخدم نفس
الآليات في عمليات الانقباض إلا أنه يوجد بعض الاختلاف في طريقة بناء العضلات من
هذه الألياف وذلك حسب وظيفتها. فقد صنف العلماء عضلات الجسم من حيث طبيعة حركتها
إلى نوعين وهي العضلات الإرادية (Voluntary Muscle) والتي يتم تحريكها بإرادة الإنسان كما هو الحال عند تحريك الرأس
والفم والعيون والأيدي والأرجل. والعضلات اللإرادية (involuntary
muscle) والتي لا يمكن للإنسان أن يتحكم بحركتها مطلقا كما في حركة
مكونات الجهاز الهضمي وهي المعدة والأمعاء والجهاز الدوري وهي القلب والأوعية
الدموية والجهاز البولي وهي الكلية والحالب والمثانة وكذلك الجهاز التنفسي والجهاز التناسلي. ويوجد بعض العضلات اللإرادية
التي يمكن أن يتحكم بها الإنسان إراديا لفترات زمنية محددة كما في العضلات
المستخدمة في عملية التنفس حيث يمكن إيقاف عملية التنفس لفترة معينة أو أخذ شهيقا
عميقا. أما من حيث تركيب العضلات فقد صنفوها إلى عضلات مخططة أو هيكلية (striated or Skeletal muscles) وهي تتكون من ألياف عضلية طويلة مرتبة جميعها بشكل متوازي وإلى عضلات
ملساء (Smooth
Muscles)
تتكون من ألياف عضلية قصيرة ولكنها غير مرتبة. وقد وجد أن جميع العضلات الإرادية
مكونة من عضلات مخططة بينما تتكون العضلات
اللإرادية من عضلات ملساء باستثناء عضلة
القلب (Cardiac
Muscle)
التي تتكون من عضلات مخططة.
فعضلات الجسم الإرادية أو الهيكلية تتكون من عدد من الألياف
العضلية الطويلة يتم جمعها بجانب بعضها
البعض بشكل متوازي حيث يتراوح عدد الألياف من عدة عشرات في العضلات الصغيرة إلى
مئات الآلاف في العضلات الكبيرة. ولا يتم لف جميع ألياف العضلة في حزمة واحدة بل تقسم
إلى مجموعات كل مجموعة تلف في حزمة (bundle
or fascicle) كما تلف الأسلاك النحاسية في الكوابل ومن
ثم يتم تغليف الحزمة بغلاف مكون من نسيج ضام يسمى البيريمسيم (perimysium). وتتكون كل
عضلة من عضلات الجسم من عدد محدد من هذه الحزم يتم تحديد عددها حسب القوة المطلوبة
من هذه العضلة ومن ثم يتم تغليف جميع حزم العضلة بنسيج ضام ثالث يسمى الإبيميسيم (epimysium). ويتم
تمديد الأوعية الدموية والألياف العصبية وألياف الكولاجين فيما بين الحزم المكونة
للعضلة. وعند طرفي العضلة يتم استبدال الألياف العضلية بألياف ليفية شديدة المتانة
مكونة من ألياف الكولاجين (Collagen Fiber) وهي غير
قابلة للانقباض ولكن فيها بعض المرونة لامتصاص الصدمات. وهذه النهايات الطرفية
للعضلات تأتي على عدة أنواع وهي الأوتار (tendons) والصفاقات
(Aponeurosis). فالأوتار في الغالب تكون مستديرة ومفتولة وتستخدم لربط العضلات
المغزلية مع العظام وقد تكون عريضة ورقيقة على شكل صفيحة (sheet) وذلك في الأماكن التي تستدعي أن تكون رقيقة لكي لا تشوه شكل
الجسم كما في الأوتار المستخدمة لربط العضلات بعظام الرأس. أما الصفاقات فلها نفس
تركيب الأوتار ولكنها دائما تأخذ الشكل العريض والرقيق وتستخدم لربط العضلات
العريضة بالعظام أو لربط العضلات ببعضها. ويستخدم الجهاز العضلي ما يسمى باللفائف(Fascia) الشبيهة بالأوتار والصفاقات لتغليف العضلات وذلك لمنع احتكاك
العضلات المتجاورة ببعضها البعض مما يمكن العضلة من القيام بوظيفتها دون التأثير
على عمل العضلات الملاصقة بها.
أما العضلات الملساء أو غير المخططة اللارادية (Unstriated
(Smooth) Involuntary Muscles) فتتكون من خلايا مغزلية الشكل مدببة الطرفين فيها نواة
واحدة وتحتوى على عدد كبير من اللييفات العضلية وكمية قليلة من الساركوبلازم.
ويختلف طول ألياف العضلات الملساء حسب موقعها من الجسم فهي قصيرة جدا فى الأوعية
الدموية حيث لا يتجاوز طولها 20 ميكرون بينما يصل طولها 200 ميكرون فى جدار
الأمعاء و500 ميكرون فى جدار رحم الأنثى الحامل. وقد توجد الألياف منفردة كما فى
الجلد أو على شكل شبكة كما فى الأعضاء التنفسية أو على شكل طبقات عضلية كما
في القناة الهضمية حيث توجد طبقة عضلية خارجية تترتب أليافها بشكل طولي وطبقة
داخلية تترتب أليافها بشكل مستعرض ودائري.
وأما عضلة القلب فتتألف
من خلايا عضلية مخططة كتلك التي في العضلات الهيكلية ولكنها تختلف عنها بأن لها نواة واحدة وبأن خيوطها لا
تترتب على شكل حزم بل على شكل شبكة ثلاثية الأبعاد. وألياف عضلة القلب لها شكل
مستطيل وليس مغزلي ويبلغ متوسط طولها 100 ميكرومتر ومتوسط عرضها 20 ميكرومتر ويتم
ترتيبها بحيث ترتبط نهايتها ببعضها البعض بطريقة غير منتظمة من خلال ما يسمى
الأقراص البينية (intercalated discs).
وتسير الألياف بشكل لولبي من سطح عضلة القلب إلى الداخل بحيث تنغرز نهايتها في
صفيحة وترية من النسيج الضام تقع في منتصف القلب في الجدار الفاصل بين الأذينين
والبطينين. وعندما تنقبض هذه الألياف فإن عضلة القلب تنقبض إلى الداخل مضيقة بذلك
الفراغ الذي في داخلها فتدفع الدم الذي في داخلها إلى الخارج عبر الشرايين. وعلى
عكس العضلات الهيكلية التي تعمل فقط عند الحاجة فإن عملية الانقباض والارتخاء في
عضلة القلب تتكرر بشكل متواصل طول فترة حياة الإنسان وبمعدل 70 نبضة في الدقيقة.
وهذا يتطلب وجود عدد كبير من مولدات الطاقة أو الميتوكندريا في عضلة القلب والتي
تعتمد فقط على التنفس الهوائي (aerobic respiration)
لإنتاج الطاقة الذي لا يترك مخلفات أيضية كثيرة تعيق عمل القلب وكذلك تكون فترة
الانقباض أقصر بكثير من فترة الارتخاء لتعطيها بعض الراحة. إن النبضات العصبية
التي تحرك العضلات الملساء وعضلة القلب يتم توليدها داخل عقد عصبية مزروعة في
جدران هذه العضلات وذلك بعكس العضلات الهيكلية الإرادية التي تأتيها النبضات من
الدماغ. وترتبط هذه العقد بالجهاز العصبي اللاودي الذي يقوم فقط بإرسال إشارات
عصبية تنظم معدل وشدة النبضات العصبية التي تولدها هذه العقد.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق