وفي أنفسكم أفلا تبصرون- الجهاز العظمي
الدكتور منصور أبوشريعة العبادي- جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
يعتبر الجهاز أو الهيكل العظمي البناء الذي يتم عليه تشكيل جسم الإنسان فهو الذي يحدد القوام أو الشكل الذي يظهر به الجسم وفي داخله يتم حفظ الأعضاء المختلفة ليحميها من المؤثرات الخارجية. ومن خلال العضلات المثبتة على عظامه يمكن لهذا الجسم أن يتنقل من مكان إلى مكان وأن يقوم بأشكال مختلفة من الحركات وذلك للقيام بوظائف أخرى غير التنقل كالأكل والعمل واللعب وغير ذلك. وإلى جانب هذه الوظائف الرئيسية تقوم بعض أنواع من العظام بوظائف ثانوية بالغة الأهمية للجسم كإنتاج كريات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية والأجسام المضادة وغيرها. وكذلك تقوم العظام بإمداد الجسم بعناصر مهمة جدا كالكالسيوم والفوسفور وذلك عند نقص كمياتها ومن ثم تعاد إلى العظام إذا ما حصلت على كميات كافية منها من الطعام. وفي داخل العظام الطويلة يتم تخزين مواد دهنية في ما يسمى بمخ العظام حيث يتم تزويد الجسم بها عند الحاجة الملحة. ويتم ربط هذه العظام ببعضها البعض بطريقة بالغة الإحكام باستخدام أنواع مختلفة من المفاصل والأربطة بحيث تأخذ كل عظمة مكانها المحدد في هذا الهيكل وتتحرك بحرية تامة ضمن المجال المحدد لها.
وعند دراسة تركيب الهيكل العظمي تتجلى لنا معجزات لا تعد ولا تحصى فأول هذه المعجزات هي التصاميم العجيبة لأشكال العظام فجميعها غير منتظمة الشكل وكل منها تحفة فنية لا يمل الإنسان من النظر إليها والتفكر في عجائب صنعها. ولو طلب من البشر فقط تصنيع مجسمات لمثل هذه العظام بنفس الأبعاد لما أمكنهم ذلك من خلال النحت أو الخراطة ولا خيار لهم إلا استخدام طريقة التصنيع بالقوالب. أما المعجزة الثانية فهي أن أبعاد كل عظمة من هذه العظمات مخزنة بطريقة رقمية على الشريط الوراثي وللعلم فإن العلماء والمهندسون لا زالوا يقفون عاجزين عن إيجاد طريقة ناجحة في تحديد أبعاد الأجسام غير المنتظمة. اما المعجزة الثالثة فهي أن شكل وأبعاد كل عظمة في يمين الجسم يطابق تماما تلك التي للعظمة التي تقابلها في شمال الجسم رغم أن كل واحدة منها يتم تصنيعها بمعزل عن الأخرى. أما المعجزة الرابعة فهي أن هذه العظام تتراكب مع بعضها البعض عند المفاصل بشكل يبعث على الدهشة رغم أن كل عظمة منها قد تم تصنيعها بشكل منفصل عن البقية. أما المعجزة الخامسة فهي أن كل عظمة من عظمات الهيكل العظمي في جسم الإنسان تحافظ على شكلها تماما وهي تنمو على مدى عشرين عاما وبحيث يكون معدل النمو متساويا لكل منها لكي تحافظ على الشكل المتناسق للجسم. ومن البديهي أن الشريط الوراثي يحتوي إلى جانب أبعاد العظمة معادلات رياضية تحدد معدل نمو العظمة عند كل لحظة من عمر الإنسان فمعدلات النمو عالية جدا في الأشهر الأولى من حياة الجنين ثم تقل تدريجيا بعد ذلك. أما المعجزة السادسة فهي أن التركيب الداخلي للعظام يفوق في التعقيد تركيبها الخارجي فالعظام ليست أجساما مصمتة كما هو الحال مع قطع المعدات التي يصنعها البشر بل فيها تراكيب دقيقة تحتوي على أنواع مختلفة من خلايا العظام كما سنبين ذلك فيما بعد. أما المعجزة السابعة فهي أنه على الرغم من أن خلايا العظام موجودة في داخل تجاويف المادة العظمية البالغة القساوة إلى أن الغذاء يصل لكل منها بكل سهولة ويسر ودون انقطاع ومن خلال سطح العظم الذي يبدو لمن يراه صلدا لا يمكن للأوعية الدموية أن تخترقه.
أما معجزة المعجزات في الهيكل العظمي وفي غيره من أعضاء الجسم هو أن عملية تصنيع كل عظمة من عظماته تبدأ من خلية واحدة فقط تقوم بعمليات انقسام متكررة لتنتج عدد هائل ومحدد من الخلايا يأخذ كل منها مكانها المحدد في جسم العظمة بحيث تعطى الشكل المطلوب للعظمة. ولولا أن هذه الطريقة في التصنيع تتم أمام سمع وبصر البشر كل يوم لما ترددوا في تكذيب وجودها فهي أقرب للخيال منها للواقع فكيف يمكن لخلية لا تسمع ولا تبصر أن تقوم بهذه العملية المعقدة من تلقاء نفسها. إن أبعاد كل عظمة من عظمات الهيكل العظمي وكذلك بقية مواصفاتها الداخلية والخارجية مكتوبة بطريقة رقمية في شريط الحامض النووي أو الوراثي الموجود في نواة الخلية وبمجرد إعطاء الأمر لهذه الخلية للبدء في عملية تصنيع العظمة فإنها تبدأ بالانقسام المتكرر تحت سيطرة البرنامج الرقمي لتنتج العظمة بالأبعاد والمواصفات المطلوبة بدقة متناهية. ولو طلب من البشر تصنيع هذه العظمات من حيث الشكل الخارجي فقط وليس تركيبها الداخلي لوجدوا مشقة بالغة في ذلك فأشكال معظم هذه العظمات غير منتظم ولذلك فإنه من الصعب عليهم أخذ قياسات أبعادها. وفي تصنيع الأسنان الصناعية التي تحل مكان الأسنان الطبيعية التالفة لأكبر دليل على ذلك حيث لا سبيل لتصنيعها إلا من خلال القوالب. ولكي يدرك القاريء مدى علم الله عز وجل وقدرته المطلقة عليه أن يتذكر وهو يشاهد أشكال عظام الهيكل العظمي أن كل عظمة من هذه العظمات صغرت أم كبرت قد تم تصنيعها من خلية واحدة فقط وذلك تحت سيطرة برنامج التصنيع المخزن في داخلها بطريقة رقمية. ومن المعلوم أن الهيكل العظمي يبدأ بالتشكل في الأسبوع الثالث عشر من عمر الجنين على شكل غضاريف تتحول تدريجيا إلى مادة عظمية وصدق الله العظيم القائل "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)" المؤمنون.
تركيب العظام
تتكون عظام الهيكل العظمي من طبقتين رئيسيتين من الأنسجة العظمية فالطبقة الخارجية تسمى عظام القشرة (Cortical bone) وهي مكونة من نسيج عظمي مكتنز أو مضغوط (compact bone) عالي الكثافة وهي تشكل 80% من كتلة العظمة بينما تتكون الطبقة الداخلية وتسمى النخاع (trabecular bone) من نسيج عظمي اسفنجي (spongy ) له كثافة أقل بكثير من عظام القشرة وتشكل 20% من الكتلة. ويغلف الطبقة الخارجية للعظمة غشاء ليفي رقيق يسمى السمحاق (Periosteum) والذي يحتوي على الأوعية الدموية التي تقوم بتغذية خلايا العظام. ويتكون النسيج العظمي (osseous tissue) من نوعين من المكونات وهي الخلايا العظمية الحية والمادة العظمية الميتة والتي تشكل أكثر من تسعين بالمائة من النسيج العظمي. والمادة العظمية بدورها تتكون من المعادن بنسبة تقرب من سبعين بالمائة وعلى وجه الخصوص فوسفات الكالسيوم ومن مادة بروتينية ليفية متينة وهي الكولاجين. أما الخلايا العظمية فهي على ثلاثة أنواع وهي الخلايا العظمية البالغة (mature bone cells) أو ما يسمى خلايا الأوستوسايتس (osteocytes) والخلايا البانية للعظام (bone-forming cell) وهي خلايا الأوستيوبلاست (Osteoblasts) والخلايا الهادمة للعظام (break down bone cell) وهي خلايا الأوستيوكلاست (osteoclasts). فالخلايا البانية للعظام تقوم بإنتاج المادة العظمية من خلال إنتاج طبقة من الكولاجين ثم تقوم بترسيب المعادن فيها أما الخلايا الهادمة للعظام فتقوم بتحطيم المادة العظمية وإمتصاصها مكوناتها من المعادن من خلال الدم لتزويد الجسم بها عند الحاجة. أما خلايا العظام البالغة فهي التي تعمل على حفظ التوازن بين عدد الخلايا البانية والهادمة للعظام بحيث يتم الحفاظ على الحد الأدنى من بنية العظام ولا تستنفذ مكوناته من قبل بقية أجهزة الجسم وكذلك العمل على إدارة عملية إلتئام العظام إذا ما تعرضت للكسر. ويوجد في الأنواع الثلاثة من الخلايا العظمية مستقبلات لأنواع مختلفة من الهرمونات وهي التي تعطيها الأوامر بالعمل أو التوقف عن العمل ومن أهم هذه الهرمونات هرمون الكالسيتونين وهرمون الغدة الجاردرقية.
ويتم بناء عظام القشرة من وحدات أساسية تسمى الواحدة منها الأوستيون (osteons) أو ما يسمى بنظام هافير(Haversian systems) وهي عبارة عن أجسام أسطوانية دقيقة كالخيوط لها تركيب داخلى معقد يتكون من شبكة من الطبقات الصلبة المتمركزة (concentric lamellae) يوجد بينها تجاويف وفي مركز الأوستيون توجد قناة تسمى قناة هافير (Haversian canal). ويوجد في داخل تجاويف (lacunae) هذه الشبكة الخلايا العظمية البالغة وهي خلايا الأوستوسايتس (osteocytes) وترتبط هذه الخلايا مع بعضها البعض من خلال زوائد خلوية (cellular extensions) تعمل على نقل الغذاء من خلية إلى خلية. ويتفرع من قناة هافير قنوات دقيقة تمتد بشكل مستعرض لتصل إلى السطح الخارجي للعظمة تسمى قنوات فولكمان (Volkmann's canals) ومن خلالها تمر الأوعية الدموية والأعصاب التي تتفرع من الأوعية الدموية الموجودة في السمحاق لتصل إلى قناة هافير ومنها إلى الخلايا الحية في داخل الأوستن. أما عظام النخاع فتتكون من صفائح عظمية (trabeculae) يتخللها كثير من التجاويف غير المنتظمة وتكون سماكة الجدران العظمية بين التجاويف أقل بكثير من تلك التي في عظام القشرة ولذلك فهي أقل كثافة.
وتحتوي التجاويف إلى جانب الخلايا العظمية خلايا أخرى تكون ما يسمى بنخاع العظم الأحمر (red bone marrow) والتي تنتج خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية. ففي النخاع يتم إنتاج خلايا الدم الحمراء (Red blood cell) وهي خلايا عديمة النواة تحتوي على صبغة الهيموجلوبين التي تقوم بنقل الأكسجين من الرئة إلى الجسم ونقل ثاني أكسيد الكربون من الجسم إلى الرئتين. ومن الجدير بالذكر أن خلايا الدم الحمراء الموجودة في نخاع العظم تحتوي على أنوية تمكنها من الانقسام والتكاثر أما خلايا الدم الحمراء التي تخرج من العظام إلى الجسم فيتم نزع الأنوية منها لكي يمنعها من التكاثر وهي في الدم. وفي داخل النخاع يتم إنتاج مختلف أنواع خلايا الدم البيضاء (White blood cell) والتي تقوم بمهمة الدفاع عن الجسم عن مختلف أنواع الأمراض المعدية التي تسببها الميكروبات والجراثيم بمختلف أنواعها. ويوجد في نخاع العظام خلايا جذعية يمكنها إنتاج أنواع مختلفة من خلايا الدم البيضاء يقوم كل منها بمحاربة أنواع محددة من الميكروبات فهناك الخلايا الحبيبية الأكولة أو المتعادلة (Neutrophil) والتي تقوم بقتل وهضم الميكروبات والخلايا الحبيبية القاعدية (Basophil) التي تقوم بإفراز مواد كيميائية مضادة للحساسية والخلايا الحبيبية الحامضية (Eosinophil) والتي تقاوم الأمراض الطفيلية والخلايا اللمفاوية (Lymphocyte) والتي تقوم بإنتاج المضادات المختلفة لمختلف أنواع الميكروبات. ويقوم النخاع أيضا بإنتاج الصفائح الدموية (Platelet) وهي عبارة عن صفائح رقيقة من الستوبلازم لا يتجاوز قطرها 3 نانومتر تقوم بوقف نزف الدم من خلال تخثيره بعد أن تتجمع هذه الصفائح مع بعضها البعض عند مكان النزف فتقوم بسده.
أنواع العظام
يتكون الهيكل العظمي للإنسان من 206 عظمة وذلك حسب الطريقة التي اتفق عليها علماء التشريح في عملية العد فالعدد الفعلى أكبر من ذلك فهم يعدون الفقرات العجزية عظمة واحدة رغم أن عددها الفعلي خمسة عظمات ولكنها ملتحمة ببعضها البعض وكذلك الحال مع الفقرات العصعصية التي تعد واحدة رغم أنها أربعة عظمات ملتحمة وعظمة الورك التي تعد واحدة رغم أنها مكونة من ثلاثة عظمات ملتحمة. وبسبب التماثل بين نصفي الجسم فإن معظم عظمات الهيكل العظمي تأتي على شكل أزواج حيث يوجد 85 زوجا من العظمات المتماثلة و 36 عظمة فردية أي هناك 121 شكلا مختلفا لهذه القطع العظمية تتراوح أحجامها من الكبيرة جدا كعظمة الفخذ إلى الصغيرة جدا كعظمات الأذن. وقد تم تقسيم الجهاز الهيكلي إلى قسمين رئيسين فالقسم الأول هو الهيكل المحوري (axial skeleton) والذي يتكون بدوره من ثلاثة أجزاء وهي الجمجمة (skull) والعمود الفقري (Vertebral column) والقفص الصدري (chest cage) ويبلغ مجموع عظماته 80 عظمة. أما القسم الثاني فهو الهيكل الطرفي (appendicular skeleton) والذي يتكون من الأطراف العلوية أي اليدين (upper limbs) ويبلغ عدد عظماته 64 عظمة والأطراف السفلية أي الرجلين (lower limbs) ويبلغ عدد عظماته 62 عظمة. وعلى الرغم من أن كل عظمة من عظمات الهيكل العظمي لها شكلها المميز إلا أنه يمكن تصنيفها ضمن أربعة أشكال رئيسية وهي العظام الطولية (long bones) كعظام الذراع والساعد والفخذ والساق والعظام المسطحة (flat bones) كعظام الجمجمة والكتف والحوض والعظام القصيرة أو المكعبة (short bones) كعظام الرسغ والعرقوب والعظام غير المنتظمة (irregular bones) كعظام الفقرات والوجه.
عظام الجمجمة
تتكون الجمجمة من 28 عظمة موزعة إلى ثلاثة مجموعات فالمجموعة الأولى وعددها ثمانية عظمات فتشكل عظام القحف (Cranial Bones) والمجموعة الثانية وعددها 14 عظمة فتشكل عظام الوجه (Facial Bones) والمجموعة الثالثة وعددها ستة عظمات فتشكل العظيمات السمعية (Auditory Ossicles). فعظام القحف الثمانية عبارة عن عظمات مسطحة بدرجة محددة من التقعر لتشكل عند وصلها ببعضها البعض تجويفا كروي الشكل يتم وضع الدماغ فيه. وعظمات القحف هي العظمتان الجداريتان (Parietal) والعظمتان الصدغيتان (Temporal) والعظمة الجبهية (Frontal) والعظمة القذالية (Occipital) والعظمة الغربالية (Ethmoid) والعظمة الوتدية (Sphenoid). إن أعجب عظمة في جسم الإنسان من حيث الشكل هي العظمة الوتدية فهي تحفة فنية بديعه لها شكل الوطواط بجناحين كبيرين بينهما جناحين صغيرين وأربعة أرجل كما هو ظاهر في صورة سابقة. ويتم ربط عظمات القحف ببعضها البعض بمفاصل ثابتة تسمى الدرزات (sutures) حيث تسمح هذه المفاصل بقدر قليل من الحركة يتيح للعظمات أن تنمو وتتمد خاصة عند الأطفال. وفي تصميم المفاصل الدرزية من الاتقان والدقة ما يدعو إلى الدهشة حيث أن حواف عظمات القحف ليست مستقيمة بل فيها تعرجات دقيقة كسن المنشار مصممة بحيث تتراكب تماما مع تعرجات العظمات المقابلة.
ويوجد في عظام القحف عدد كبير من الثقوب أو الفتحات (foramina of skull) تمر من خلالها الأوعية الدموية التي تغذي الدماغ وكذلك الأعصاب القحفية والحبل الشوكي. ومن أكبر هذه الثقوب الثقب الأكبر ( foramen magnum ) والذي يقع عند قاعدة الجمجمة في العظمة القذالية ويمر من خلاله الحبل الشوكي spinal cord)) وبعض الأوعية الدموية الرئيسية التي تغذي الدماغ. أما بقية الثقوب فتوجد في العظمات الوتدية والغربالية والصدغية ومن أهمها ثقبي العصب السمعي (Internal Acoustic Meatus) وثقبي العصب البصري (optic canal). وليتخيل القارئ منظر الخلايا العظمية وهي تبني هذه العظام ابتداءا من خلية واحدة وعندما تصل إلى أماكن هذه الثقوب تلتف حولها لتترك ثقوبا بأقطار محددة تتسع تماما لقطر العصب أو الوعاء الدموي الذي يمر من خلاله فسبحانه من خالق لا حدود لقدرته. ويوجد على جانبي الثقب الأكبر بروزان عظميان يسمى الواحد منها البروز أو اللقمة القذالية (condyles occipital) ترتكز بهما الجمجمة على عظمة الأطلس (Atlas) وهي أولى عظمات الفقرات العنقية مكونة المفصل القذالي الأطلسي (Atlanto-occipital joint) وهو مفصل زلالي يسمح بحركة الرأس إلى الأمام والخلف.
وأما عظام الوجه الأربعة عشر والتي تبرز من الناحية الأمامية لعظام القحف فهي عظمتي الفك العلوي (Maxilla) والعظمتان الوجنيتان (Zygomatic) والعظمتان الأنفيتان (Nasal) والعظمتان الحنكيتان (Platine) والعظمتان الدمعيتان (Lacrimal) والمحارتان الأنفيتان السفليتان (Inferior nasal concha) وعظمة الفك السفلي (Mandible) وعظمة الميكعة (Vomer). وباستثناء عظمة الفك السفلي فإن عظمات الوجه تتمفصل مع بعضها البعض بمفاصل درزية ثابتة. أما عظمة الفك السفلي فهي العظمة المتحركة الوحيدة في عظمات الجمجمة وعليها تثبت الأسنان السفلية. وهذه العظمة تتمفصل مع العظمتين الصدغيتين (Temporal bones) من خلال المفصلين الصدغيين الفكيين (temporomandibular joint). والمفصل الصدغي الفكي هو من نوع المفاصل الرزية (Hinge joints) وهو يسمح بحركة الفك السفلي إلى الأعلى والأسفل ضمن زاوية قد تصل إلى 30 درجة وإلى اليمين والشمال ضمن زاوية قليلة جدا لا تتجاوز عدة درجات. وهذا المفصل من أكثر المفاصل حركة في جسم الإنسان وعضلاته من أقوى العضلات حيث يستخدم عند الأكل وأثناء الكلام والذي يستغرق عدة ساعات في اليوم.
وأما العظيمات السمعية فهي ثلاثة عظمات صغيرة تقع في الأذن الوسطى (middle ear) من كل أذن وهي المطرقة (Malleus or hammer) والسندان (Anvil or incus) والركاب (Stirrup or stapes). وهذه العظيمات هي أصغر عظمات الهيكل العظمي حيث لا يتجاوز طول الواحدة منها عدة ملليمترات وهي تتمفصل فيما بينها وفيما بين الطبلة والقوقعة بمفاصل من انواع مختلفة. ويوجد أسفل الجمجمة وفوق الحنجرة تماما فيما بين عظمة الفك السفلي عظمة واحدة تدعم الحنجرة تسمى العظمة الداعمة للحنجرة أو العظمة اللامية ( Hyoid bone) ولا يعدها علماء التشريح من عظام الجمجمة حيث أنها لا تتصل بأي عظمة منها. وهذه العظمة لها شكل شبيه بالفك السفلي يبرز منها زوجان من القرون أحدهما كبير والأخر صغير وعليها يتم تثبيت أطراف عضلات الحنجرة التي تقوم بسحب الحنجرة إلى الأعلى عند بلع الطعام وذلك لإغلاق فتحة القصبة الهوائية بلسان المزمار.
عظام العمود الفقري
أما العمود الفقري (vertebral column) فيتكون من 26 عظمة تسمى الفقرات (vertebrae) وهي مقسمة إلى خمسة مجموعات وهي الفقرات العنقية (cervical vertebrae) وعددها سبعة فقرات والفقرات الصدرية (thoracic vertebrae) وعددها 12 فقرة والفقرات القطنية (lumbar vertebrae) وعددها خمسة فقرات والفقرات العجزية (sacrum vertebrae) وعددها خمسة فقرات ملتحمة ولذلك تعد عظمة واحدة والفقرات العصعصية (coccyx vertebrae) وعددها أربعة فقرات ملتحمة وتعد كذلك عظمة واحدة. وإذا ما تم النظر إلى العمود الفقري السليم من الأمام أو من الخلف فإنه يبدو مستقيما أما من الجانب فإنه غير مستقيم وتظهر فيه أربعة إنحناءات مميزة إثنتان منهما محدبتان أي تنحيان إلى جهة الظهر وتوجدان في المنطقتين الصدرية والعجزية والأخريان مقعرتان أي تنحيان إلى جهة البطن وتوجدان في المنطقتين العنقية والقطنية. ويبلغ متوسط طول العمود الفقري عند الرجال 75 سم وعند النساء 65 سم. ويقوم العمود الفقري بوظائف متعددة أولها أنه يعمل كدعامة رئيسية للجسم وهو الذي يعطي جسم الإنسان الوضعية المنتصبة. فالجمجمة بأكملها ترتكز على العظمة العنقية الأولى وهي عظمة الأطلس بينما يتم تثبيت عظمتي الحوض حول العظمات العجزية والعصعصية التي تقع في أسفله. أما عظام القفص الصدري والبالغ عددها 12 زوجا فيتم تثبيتها على جوانب الفقرات الصدرية الاثنتي عشر. وأما الوظيفة الثانية للعمود الفقري فهي حماية أعضاء الجسم الداخلية بالتعاون مع القفص الصدري والحوض وكذلك حماية الأعصاب الموجودة في الحبل الشوكي والجذور المتفرعه منه. أما الوظيفة الثالثة فهي إتاحة حركة كل من الرأس والنصف العلوي من الجسم إلى الأمام والخلف واليمين والشمال وكذلك الدوران وذلك ضمن مدى محدد سنشرحه فيما بعد.
وباستثناء الفقرتين الأولى والثانية من الفقرات العنقية والفقرة العجزية والفقرة العصعصية فإن بقية الفقرات لها نفس التركيب مع اختلاف بسيط في أحجامها وأشكال واتجاهات النتوءات التي تبرز من سطحها. فالفقرة الأولى من فقرات العنق تسمى الأطلس (Atlas) وعليها ترتكز الجمجمة بكاملها وهي على شكل حلقة تتكون من عظمتين جانبيتين عريضتين يبرز من سطحهما الجانبي الخارجي نتوء عظمي مثقوب يستخدم لتثبيت الأربطة. ويوجد على سطحها العلوي مقعدان طوليان تثبت عليهما قاعدة الجمجمة أو ما تسمى اللقمة القذالية (condyles occipital) بينما يوجد على سطحها السفلي بروز عضمي مسطح ودائري الشكل يتمفصل مع مقعدين موجودين في السطح العلوي للفقرة العنقية الثانية. ويوجد في المنطقة الأمامية والخلفية لفقرة الأطلس عظمتان مقوستان تسميان القوس الأمامي يكون ما يسمى بثقب الأطلس الأمامي والذي يثبت فيه محور أو سن الفقرة العنقية الثانية والقوس الخلفي والذي يكون الثقب الخلفي الذي يمر من خلاله الحبل الشوكي. أما الفقرة الثانية فتسمى المحور (Axis) وهي أيضا على شكل حلقة يبرز من سطحها الأمامي العلوي نتوء عظمي أسطواني الشكل (dens) يدخل في ثقب القوس الأمامي لعظمة الأطلس ويعمل كمحور تدور عليه عظمة الأطلس.
وهاتان العظمتان تساهمان بالقدر الأكبر من حركات الجمجمة حيث يمكن تحريكها إلى الأمام والخلف وإلى اليمين والشمال وكذلك إجراء الحركة الدورانية. فالمفصل القذالي الأطلسي (Atlanto-occipital joint) يقوم بتحريك الجمجمة إلى الأمام والخلف بزاوية تتراوح بين 8 و 13 درجة بينما يقوم بتحريكها إلى اليمين والشمال بزاوية تبلغ 4 درجات وذلك من خلال تدحرج اللقمة القذالية على السطح العلوي لعظمة الأطلس ولا يقوم بأي حركة دورانية. أما المفصل الأطلسي المحوري (Atlanto-axial joint) فهو المسؤول عن الحركة الدورانية للجمجمة والتي تصل إلى 50 درجة وذلك من خلال دوران عظمة الأطلس حول سن عظمة المحور المثبت في داخل قوسها. ومن عجائب تصميم فقرتي الأطلس والمحور أن الأولى تدور حول الثانية بهذه الزاوية الكبيرة دون أن تقوم بإغلاق الثقب المخصص لمرور الحبل الشوكي من خلالهما وللقارئ أن يتفكر في هذا التصميم العجيب من خلال النظر للصورة المرفقة.
أما الفقرات العجزية (sacrum vertebrae) فهي عبارة عن عظمة واحدة مثلثة الشكل تقريبا مكونة من خمسة فقرات ملتحمة ويبلغ متوسط ارتفاعها 10 سم. إن الفقرة العليا من الفقرات العجزية لها عرض كبير قد يصل في المتوسط إلى 10 سم أي ما يزيد عن ضعف عرض بقية فقرات العمود الفقري ثم يقل عرض الفقرات التالية تدريجيا. ويتم تثبيت الفقرات العجزية في الفجوة الخلفية الواقعة بين عظمتي الحوض في ما بين العظمتين الحرقفيتين وذلك لسد الفراغ الذي بينهما ولتثبيت الحوض على العمود الفقري وذلك من خلال مفصل ثابت يسمى مفصل الحوض (sacroiliac joint). ويتم تثبيت الفقرات العجزية مع الحوض بأربطة قوية بالغة الإحكام لكي تتمكن من حمل ما يقع عليها من أثقال من النصف العلوي من الجسم. وتتمفصل الفقرة الأخيرة من الفقرات العجزية مع الفقرات العصعصية (coccyx vertebrae) وهي عبارة عن عظمة واحدة ناتجة عن التحام أربعة فقرات. وتنحني الفقرات العجزية والعصعصية إلى الأمام لكي تسد جزءا من الفتحة السفلية لعظام الحوض.
أما بقية الفقرات العنقية والفقرات الصدرية والقطنية فلها نفس التركيب العام مع اختلاف في أحجامها وأشكال واتجاهات النتوءات التي تبرز منها. فهي تتكون من جزئين رئيسين وهما جسم الفقرة (Vertebral Body) وقوس الفقرة(Vertebral arc). فجسم الفقرة عبارة عن كتلة عظمية اسطوانية الشكل تقريبا لها سطحين مقعرين وبارزين إلى الخارج يسميان السطوح النهائية (Endplates) وفي داخلهما يتم تثبيت القرص الغضروفي أو الديسك (disk) الذي يفصل أجسام الفقرات عن بعضها البعض. أما قوس الفقرة فيتكون من بروزين عضميين يخرجان من جانبي الجزء العلوي الخلفي لجسم الفقرة ويتألف كل بروز من جزئين أحدهما قصير دائري الشكل يسمى السويقة أو العنيق ( Pedicle) وأما الآخر فيمتد من السويقة على شكل عظمة مسطحة على شكل نصف دائرة وتسمى الصفيحة Lamina) ). وتلتقي الصفيحتان مع بعضهما من الجهة الخلفية لجسم الفقرة لتشكلا فيما بينهما وبين جسم الفقرة ثقبا واسعا مثلث الشكل تقريبا.
وعند تركيب الفقرات فوق بعضها البعض تكون هذه الثقوب قناة طويلة تسمى القناة الشوكية (spinal canal) والتي يمر من خلالها الحبل الشوكي (spinal cord). ويوجد على الحافتين العليا والسفلى لكل سويقة من سويقتي القوس ثلم ( Notch ) دائري الشكل يكون عند تركيب الفقرات فوق بعضها فتحة أو ثقب Hole) ) على كل جانب من جانبي الفقرة يستخدم لمرور الأعصاب الشوكية (Spinal Nerves) التي تتفرع من الحبل الشوكي وكذلك مرور الأوعية الدموية المغذية للنخاع الشوكي. ويختلف قطر الثقب من فقرة إلى فقرة وذلك حسب حجم الأعصاب التي تخرج من تلك الفقرات وهي أكبر ما تكون عند الفقرات العنقية والفقرات القطنية حيث تخرج منهما الأعصاب الكبيرة المتجهة للأطراف العلوية والأطراف السفلية. ويبرز من السطح الجانبي والخلفي لقوس الفقرة ثلاثة أنواع من النتوءات وهي زوج من النتوءات المستعرضة ( transverse processes) وزوج من النتوءات المفصلية (articular processes) والنتوء الشوكي (spinous process). فالنتوءات المستعرضة تخرج بشكل جانبي من منتصف السطح الجانبي للقوس وتستخدم في تثبيت الأربطة عليها وكذلك منع انزلاق الفقرات في الاتجاه الجانبي. وأما النتوءات المفصلية فتخرج من سطح القوس بعد النتوءات المستعرضة متجهة إلى الأعلى ويوجد على رأس كل نتوء سطحين للتمفصل مع الفقرات المجاورة أحدهما يتجه سطحه إلى الأعلى والآخر إلى الأسفل وبهذا يوجد أربعة مفاصل في كل فقرة تسمى المفاصل الوجيهية (facet joints). أما النتوء الشوكي فيخرج بشكل مائل من منتصف السطح الخلفي للقوس وهو على شكل منقار الطير ويستخدم كرافعة تساعد على تسهيل حركة الفقرات وكذلك تمنع انزلاق الفقرات في الاتجاه الأمامي إلى جانب استخدامها لأغراض حماية الحبل الشوكي فهو الجزء الأكثر عرضة للمؤثرات الخارجية.
ويوجد بين كل فقرتين من فقرات العمود الفقري جسم غضروفي أسطواني الشكل يسمى القرص الفقاري (Intervertebral Discs) يبلغ سمكه ربع سمك جسم الفقرة تقريبا ويتم تثبيته بين أسطح أجسام الفقرات المتجاورة. ويتكون السطح الخارجي للقرص من غضروف ليفي شديد المتانة يسمى الحلقة الليفية (Annulus Fibrosus) وهو مبني من طبقات متعددة من الألياف الكولاجينية يتم تمديدها في اتجاهات مختلفة لتعطيه المتانة المطلوبة. بينما يتكون لب القرص من كتلة من نسيج هلامي (gel-like material) تسمى النواة اللبية (nucleus pulposis) ولها نفس تركيب مادة الحلقة ولكن نسبة الماء فيها أعلى ويمكن لهذه الكتلة التحرك في الاتجاهات المختلفة عند الضغط على سطح القرص فيقل بذلك سمك القرص في مكان ما ويزيد في المكان المقابل. وتقوم هذه الاقراص بوظائف مختلفة أولها وأهمها استخدامها كمفاصل تسمح بحركة الفقرات فيما بينها وبالتالي حركة العمود الفقري وثانيها منع احتكاك الفقرات ببعضها وثالثها امتصاص الصدمات والضغط التي يتعرض لها العمود الفقري أثناء حركة الجسم. ومن عجائب تصميم هذه الأقراص أنه لا يوجد شرايين دموية تمدها بالغذاء بل تستمد غذائها من عظام الفقرات الملتصقة بها من خلال الانتشار.
لقد تم حماية الحبل الشوكي بفقرات العمود الفقري بشكل بالغ الإتقان فهو موجود في داخل مجري مبني من عظام متحركة وذلك على عكس الدماغ المحمي بعظام الجمجمة الثابتة. وفي هذا الحال يتطلب تصميم فقرات العمود الفقري بطريقة بالغة الدقة لكي لا تقوم بقطع الحبل الشوكي أو تضغط على الأعصاب الخارجة منه عند تحرك هذه الفقرات أو عند تعرضها للضربات والصدمات والحركات العنيفة. إن الحبل الشوكي محمي من جهة الظهر ومن الجوانب بالنتوءات العظمية الموجودة في كل فقرة ومحمي من الجهة البطنية بجسم عظمة الفقرة وكذلك بالقرص (Disk) الموجود بين الفقرات والذي يستخدم لتسهيل حركة الفقرات وكذلك لامتصاص الصدمات بسبب مرونته.
عظام القفص الصدري
أما القفص الصدري (chest or rib cage) فيتكون من 25 عظمة وهي عظمة القص Sternum)) وعظمات الضلوع (ribs) وعددها 24 عظمة والتي تأتي على شكل أزواج. فعظمة القص من العظام المسطحة يبلغ طولها 17 سم ولها شكل يشبه الخنجر يسمى الجزء العلوي منه يد القص (manubrium) وهي مضلعة الشكل يوجد في رأسها ثلم كبير يمكن إحساسه باليد. ويلي يد القص جزء منتظم يسمى جسم القص (Gladiolus) ومن ثم الجزء السفلي المسمى بالنتوء الخنجري (xiphoid process) وهو أقل عرضا من جسم القص ومكون من مادة غضروفية تتحول إلى عظم مع تقدم العمر. وتتمفصل عظمتا الترقوة (Clavicle) مع يد عظمة القص عند نهايتها العليا من خلال المفصل القصي الترقوي (Sternoclavicular Joint ) وهو مفصل غضروفي متين يسمح بحركة محدودة جدا للترقوة لامتصاص الصدمات. وتقوم يد عظمة القص بحماية قوس الشريان الأورطي والشرايين المتفرعة منه بينما يحمي جسمها القلب والقصبة الهوائية. أما الضلوع فعددها إثني عشر زوجا منها سبعة أزواج حقيقية (true ribs) وخمسة أزواج كاذبة (false ribs) من حيث اتصالها أو عدم اتصالها بعظمة القص. وعظمات الضلوع مكونة من أربعة أجزاء وهي الرأس والعنق والحدبة والجسم فالجسم الذي يشكل معظمها مكون من عظم مسطح وأشكالها نصف دائرية ويتراوح متوسط أطوالها بين 12 سم و 24 سم بينما يبلغ متوسط عرضها 2سم. وتتمفصل الضلوع جميعها من الخلف مع جوانب الفقرات الصدرية الإثني عشر أما من الأمام فتلحم سبعة أزواج من الضلوع وهي الأزواج العليا بشكل مباشر بيد وجسم عظمة القص من خلال الغضاريف الضلعية (costal cartilages) وثلاثة أزواج منها بشكل غير مباشر من خلال غضاريف تلتحم بغضاريف الأزواج الحقيقية بينما لا يلتحم الزوجان السفليان بعظمة القص وتترك رؤوسها سائبة ولذا تسمى الضلوع العائمة أو السائبة (floating ribs). ويكون كل زوج من الأضلاع بعد تمفصلها مع العمود الفقري وعظمة القص أشكال دائرية تبدأ بقطر صغير عند الضلع الأول ثم تزداد تدريجيا إلى أن تصل إلى أكبر قطر عند الضلع السابع ثم تبدأ بالتناقص تدريجيا لبقية الضلوع. وترتبط الضلوع ببعضها البعض بعضلات رقيقة تسمى العضلات الوربية تعمل عند انقباضها وانبساطها على توسيع وتضيق القفص الصدري لكي تتمكن الرئتان من إجراء عملية الشهيق والزفير. وبهذا الترتيب فإن الضلوع تكون مع العمود الفقري من الخلف وعظمة القص من الأمام ما يشبه القفص يحتوي في داخله الأعضاء المهمة وهي القلب والرئتان والشرايين والأوردة الرئيسية والمريء والقصبة الهوائية.
عظام الأطراف العلوية
ويتكون كل طرف من الأطراف العلوية من 32 عظمة وهي عظمة الترقوة (clavicle or collar bone) وعظمة الكتف أو اللوح (scapula or shoulder blade) وعظمة العضد (Humerus) وعظمتي الساعد وهما الكعبرة (radius) والزند (ulna) وعظمات الرسغ الثمانية (Carpal bone) وعضمات مشط اليد الخمس (metacarpal bone) وسلاميات الأصابع (halanges) وعددها 14 عظمة. فعظمة الترقوة من العظام الطويلة المقوسة والقوية يبلغ متوسط طولها 15 سم ومتوسط عرضها 2,5 سم وتقع في وضع مستعرض أسفل الرقبة مباشرة ويمكن لمسها باليد حيث لا يوجد حولها عضلات. ويتمفصل طرفها الأنسي المستدير الشكل مع عظمة القص من خلال المفصل القصي الترقوي بينما يرتبط طرفها الوحشي المفلطح الشكل مع النتوء الأخرمي لعظمة لوح الكتف. إن وظيفة الترقوة هو ربط الذراع مع الهيكل العظمي المحوري وذلك من خلال الرباط الغرابي الترقوي وإذا ما انكسرت الترقوة فإن الكتف يميل والذراع يسقط إلى جانب الجسم ولايمكن رفعها.
أما عظمة اللوح فهي عظمة مسطحة على شكل مثلث قائم الزاوية تقريبا وتقع في الناحية الخلفية للكتف حيث يرتكز سطحها الأمامي على الضلوع ويمتد أحد حروفها وهو الأطول بشكل عمودي موازيا للعمود الفقري ويسمى الحرف الأنسي (medial border) وذلك ما بين الضلع الثاني والضلع السابع ويبلغ متوسط طوله 14 سم. أما الحرف العلوي (superior border) وهو الأقصر فيمتد بشكل أفقي تقريبا ليعمل زاوية قائمة مع الحرف الأنسي ويبلغ متوسط طوله 11 سم. وأما الحرف الثالث وهو الحرف الوحشي (lateral border) فيمتد بشكل مائل ليلتقي مع الحرف العلوي عند طرف الكتف ليكونا الزاوية العليا الوحشية ويبلغ متوسط طوله 16سم. ويوجد على الزاوية العليا الوحشية سطح مفصلي مقعر يسمى الحفرة العنابية أو الحقية (glenoid socket) يتمفصل فيها رأس عظمة العضد لتكوين مفصل الكتف ويبلغ متوسط قطرها 4 سم تقريبا. ويخرج من عظمة اللوح ثلاثة نتوءات وهي النتوء الغرابي (Coracoid Process) والذي يبرز من السطح الأمامي عند حافة الحفرة العنابية بشكل عمودي ثم ينحرف إلى الخارج وترتبط بهذا النتوء عدد من عضلات وأوتار الذراع. أما النتوء الثاني فهو شوكة اللوح (scapular spine) وهو نتوء طولي يقع على السطح الخلفي لعظمة اللوح ويمتد من حافة الجزء العلوي للحرف الأنسي إلى أن يصل إلى ما قبل حافة الحفرة العنابية حيث يبرز منه النتوء الثالث وهو النتوء الأخرمي (Acromion Process). ويبرز النتوء الأخرمي أولا بشكل عمودي عن السطح الخلفي لعظمة الكتف ثم ينحرف ليسير إلى الجهة الوحشية بشكل موازي لسطحها ثم ينعطف مرة أخرى إلى الداخل لكي يتمكن من التمفصل مع عظمة الترقوة. إن الوظيفة الرئيسية للوح الكتف هو تثبيت أطراف كثير من العضلات والأوتار التي تحرك العضد والرقبة والصدر على كل من سطحيها الداخلى والخارجي ولذلك فهي صعبة الكسر بسبب أنها مغطاة بطبقة كثيفة من العضلات التي تحميها. ومن عجائب تصميم لوح الكتف أنه لا يرتبط بالهيكل العظمي المحوري إلا من خلال الترقوة على الرغم من أنه يحمل جميع عظام اليد وهذا التصميم يعطي الكتف وكذلك الذراع حرية كبيرة في الحركة. ونذكر القارئ من جديد أن هذه العظمة المعقدة التركيب يتم تصنيعها ابتداءا من خلية واحدة فقط يحتوي شريطها الوراثي على أبعادها وخطوات تصنيعها مكتوبة بطريقة رقمية وهذا ما لا يستطيعه البشر رغم التقدم العلمي الذي أحرزوه.
أما عظمة العضد (Humerus) فهي من العظام الأسطوانية الطويلة التي توجد في منطقة العضد من ذراع اليد ويبلغ متوسط طولها 36 سم ومتوسط قطرها 2,5 سم وتتكون من ثلاثة أجزاء وهي النهاية العلوية وجسم العظمة والنهاية السفلية. وتتكون النهاية العلوية من رأس العضد (head of humerus) وهو على شكل نصف كرة يبرز من جسم العظمة بشكل مائل من خلال رقبة قصيرة وسطحه مغطى بطبقة غضروفية ملساء. ويتمفصل هذا الرأس مع التجويف العنابي أو الحقي (glenoid cavity) الموجودة في عظمة اللوح لتكوين مفصل الكتف وهو مفصل زلالي من النوع الكروي الحقي (Ball and socket joint). وفي مقابل الرأس يوجد حدبتان بينهما مجرى يمتد لعدة سنتيمترات على جسم عظمة العضد وتستخدم هذه الحدبات لتثبيت أربطة مفصل الكتف بشكل محكم. أما النهاية السفلية فهي عريضة ومفلطحة ويبرز منها خمسة نتوءات إثنان منها يبرزان من الجوانب وهما النتوء الأنسي والنتوء الوحشي (medial and lateral epicondyles) وثلاثة نتوءات تبرز من رأسها (capitulum) ويوجد بينها مجريان لتشكل فيما بينها ما يشبه البكرة (trochlea). وهذه النهاية مغطاة بغضروف أملس تتمفصل مع عظمة الزند ليكون مفصل الكوع وهو مفصل زلالي زري (Hinge joint) يسمح بحركة ساعد اليد في مستوى واحد فيقوم إبعاده أو تقريبه من العضد. وعلى الحدبة الوحشية أي الخارجية والتي تسمى اللقمة (Capitulum) تتمفصل عظمة العضد مع عظمة الكعبرة باستخدام مفصل مداري (Pivot joint) وهذا المفصل يسمح بحركة الساعد بشكل دوراني ليقوم بتدوير كف اليد بما يقرب من 180 درجة.
وأما عظمتا الساعدForearm) ) وهما الزند والكعبرة فهما عظمان طويلان يمتدان جنبا إلى جنب من مفصل الكوع أو المرفق إلى مفصل الرسغ ويبلغ متوسط طول عظمة الزند 28 سم وطول عظمة الكعبرة 26 سم. ويتكون الطرف العلوي لعظمة الزند (Ulna) عند المرفق من رأس مستعرض يوجد فيه حفرة كبيرة هلالية الشكلTrochlear notch) ) تتمفصل في داخلها بكرة عظمة العضد ويحدها من الخلف نتوء كبير هو النتوء المرفقي ( Olecranon process) ومن الأمام النتوء التاجي (coronoid process). أما الطرف السفلي لعظمة الزند فهو كروي الشكل ويوجد نتوء إبري أو مدبب (Styloid process) على جانبه الأنسي ويزداد جسمها استدقاقا عند طرفها السفلي. أما عظمة الكعبرة (Radius) والتي تقع في الناحية الخارجية أو الوحشية من اليد فهي أصغر من عظمة الزند قليلا وجسمها ذو شكل منشوري ولها طرف علوي أسطواني الشكل سطحه الأمامي مقعر الشكل مغطي بغضروف للتمفصل مع الحدبة الوحشية لعظمة العضد بينما سطحه الجانبي أسطواني يحيط بالرأس وذلك للتمفصل مع عظمة الزند عند الثلمة او الحفرة الكعبرية (radial notch) الموجودة على سطح الزند حيث يتحرك حوله بشكل دائري ليسمح بتدوير كف اليد. أما الطرف السفلي لعظمة الكعبرة فهو أكبر من الطرف السفلي لعظمة الزند وسطحه الأمامي فيه بعض التقعر ويوجد نتوء مدبب على جانبه الوحشي ويوجد كذلك على محيطه عدة ثلمات تمر خلالها أوتار العضلات المحركة لكف اليد. وعند تدوير كف اليد فإن عظمة الزند تبقى ثابتة في موضعها بينما تتحرك عظمة الكعبرة حول الطرف العلوي لعظمة الزند بحيث تتخذ موقعا أقرب للجسم عند قلب الكف إلى الأعلى.
أما عظمات كف اليد وعددها 27 عظمة فتتكون من ثلاث مجموعات من العظام فالمجموعة الأولي هي عظام الرسغ Carpal bones)) والمجموعة الثانية هي عظام المشط metacarpal bones)) وأما المجموعة الثالثة فهي عظام السلاميات Phalanges bones)). فعظمات الرسـغ تتكون من ثمانية عظمات صغيرة غير منتظمة الشكل وهي مرتبة في صفين فالصف العلوي يتكون من أربعة عظمات تتمفصل مع السطح السفلي لعظمتي الكعبرة والزند بينما تتمفصل عظمات الصف السفلي مع قواعد عظام مشط اليد الخمس. وتتفاوت عظمات الرسغ في أحجامها وأشكالها وقد أطلق عليها أسماء ترتبط بأشكالها فعظمات الصف العلوي هي القاربي (Scaphoid) والهلالي (Lunate) والمثلثي (Triquetral) والحمصي (Pisiform) وعظمات الصف السفلي هي المربعي (Trapezium) والمنحرفي (Trapezoid) والكبير (Capitate) والكلابي (Hamate). ويتم ترتيب عظمات الرسغ على شكل قوس يكون تجويفه من جهة باطن الرسغ وتمر الأوتار والأعصاب التي تتحكم بعضلات الكف من خلال هذا التجويف الذي يسمى النفق الرسغي (Carpal tunnel). وتعمل عظمات الرسغ كمفصل إنزلاقي يسمح بحركة كف اليد بشكل عامودي أو أفقي ضمن نطاق زاوي محدد بالنسبة لمستوى الساعد. ويتكون مشط اليـد من خمسة عظمات مستطيلة وهي أسطوانية الشكل لكل منها طرف كروي الشكل يسمي القاعدة يتمفصل مع عظمات الرسغ والطرف الأخر كروي الشكل أيضا ولكنه أصغر من القاعدة يسمي الرأس ويتمفصل مع ما يقابله من عظمات السلاميات الأولي. ويتصل بكل عظمة من عظمات المشط باستثناء مشط الإبهام ثلاثة عظمات تسمى السلاميات بينما يتصل بمشط الإبهام سلاميتين فقط وأشكال عظام هذه السلاميات يشبه شكل عظام الأمشاط إلا أن طولها وقطرها أقل.
عظام الأطراف السفلية
يتكون كل طرف من الأطراف السفلية من 31 عظمة وهي عظمة الورك (hip or innominate bone) وهي إحدى عظمتي الحوض (pelvic bones) وعظمة الفخذ (Femur) وعظمة الركبة أو الرضفة (Patella) وعظمتي الساق وهما القصبة (tibia) والشظية (fibula) وعظمات رسغ الرجل أو العرقوب السبع (tarsus) وعظمات مشط الرجل الخمس (metatarsal) وسلاميات أصابع القدم (Phalanges) وعددها 14 عظمة.
ويتكون الحوض من عظمتين متماثلتين وهما عظمتي الورك وهما عظمتان لهما شكل غير منتظم تكونان فيما بينهما ما يشبه حوض الماء إلا أن له فتحة واسعة في أسفله. ويتكون كل منهما من ثلاثة عظمات وهي العظمة الحرقفية (Ilium) وهي عظمة مسطحة ومقعرة يبلغ متوسط عرضها 15 سم وتمتد من جانب العمود الفقري بموازاة الفقرات العجزية على شكل لوح ثم تنثني إلى الأمام لتنتهي بحافة عريضة تسمى القمة الحرقفية (iliac crest). أما العظمة الوركية (Ischium) والتي يبلغ طولها 9 سم فتتفرع من أسفل العظمة الحرقفية وتمتد إلى الأسفل على شكل عظمة طولية تنحني باتجاه الوسط لتلتقي مع العظمة العانية (Pubis). وأما العظمة العانية والتي يبلغ طولها 7 سم فتتفرع أيضا من نفس المكان الذي تفرعت منه العظمة الوركية ولكنها تتجه إلى الوسط لتلتقي مع العظمة العانية المقابلة ليكونا فيما بينهما المفصل العاني (pubic symphysis) وهو مفصل غضروفي ثابت. وتكون العظمة الوركية والعظمة العانية فيما بينهما فتحة دائرية الشكل تسمى الفتحة السادة (obturator foramen) يمر من خلالها الأوعية الدموية والأعصاب إلى الأطراف السفلية.
ويوجد في الجهة الخارجية عند أسفل العظمة الحرقفية وعند نقطة إلتقاء العظمات الثلاث تجويف واسع يسمى الحق الحرقفي (Acetabulum) يبلغ متوسط قطره 5 سم وفيه يتم تثبيت رأس عظمة الفخذ ليكون مفصل الورك. وترتبط عظمتي الورك من الأمام عند منتصف العانة بمفصل غضروفي ثابت يسمى (pubic symphysis). وتعتبر عظمة الحوض من أهم عظام الهيكل العظمي فعليه يرتكز عظام الهيكل العظمي المحوري وذلك من خلال ربطه عند منتصفه بالفقرات العجزية (sacrum vertebrae) والفقرات العصعصية (coccyx vertebrae) بأربطة بالغة الإحكام. وتقوم عظمة الحوض بتوزيع وتوجيه الثقل الواقع عليها من النصف الأعلى من الجسم إلى الرجلين وذلك في وضعية الوقوف والمشي والركض وغير ذلك من الأوضاع. أما الوظيفة الثانية للحوض فهي استخدامه كمحور يسمح بحركة الرجلين حوله من خلال مفصلي الورك وهذه الوظيفة تتطلب تصميما ميكانيكيا بديعا يحافظ على إتزان وضع الجسم عند الحركة خاصة عند تبديل ثقل الجسم من رجل إلى رجل. أما الوظيفة الثالثة فهي استخدامه كجدار لحماية ما في داخله من أعضاء الجسم المهمة كالأعضاء التناسلية والمثانة والأمعاء الدقيقة إلى جانب حماية الأجنة في بطون أمهاتهم. وقد تم تصميم حوض الأنثى ليكون مختلفا بعض الشيء في أبعاده عن حوض الرجل فهو عند الأنثى أكثر عرضا واستدارة وأقل طولا وتقوسا وفتحته السفلى أوسع وذلك لكي يتناسب مع مهمتي الحمل والوضع اللتين تقوم بهما الأنثى.
أما عظمة الفخذ فهي أطول عظام الجسم إذ يصل متوسط طولها 50 سم أي يزيد عن ربع طول الجسم ويصل متوسط قطرها 3 سم. وهذه العظمة لها جسم طويل أسطواني الشكل يبرز من نهايتها العليا بشكل مائل رأس كروي الشكل له عنق طويلة نسبيا يتمفصل مع الحق الموجود في عظمة الحوض ليكون مفصل الورك. ويبرز من الجهة المقابلة للرأس أي الجهة الوحشية حدبة كبيرة رباعية الزوايا تعرف بالنتوء الأعظم ((Greater Trochanter تثبت عليها أربطة مفصل الورك. أما النهاية السفلية فهي أكبر وأعرض وتحتوي على حدبتين كبيرتين وهما النتوء الوحشي والنتوء الأنسي (medial condyles &lateral ) تستخدمان للتمفصل مع عظمتي القصبة والشظية من خلال مفصل الركبة. ويوجد أمام النهاية السفلى لعظمة الفخذ عظمة سمسمية تسمى الرضفة ( (Patella وهي أكبر العظام السمسمية Sesamoid bone) ) فى الجسم وهي مدفونة في وتر العضلة الرباعية الرؤوس وتعمل على حماية مفصل الركبة.
أما الساق فيتكون من عظمتين طويلتين وهما القصبة ((Tibia ويبلغ متوسط طولها 43 سم ومتوسط قطرها 2 سم والشظية ( Fibula) ويبلغ متوسط طولها 40 سم. فالقصبة وهي ثاني أكبر عظمة في الجسم بعد عظمة الفخذ فلها نهاية عليا عريضة لها حدبتين وهما النتوء الأنسيي والنتوء الوحشيLateral & medial condyles وتتمفصلان مع عظمة الفخذ لتكون مفصل الركبة. أما النهاية السفلي للقصبة فإنها تتمفصل مع السطح العلوي للعظم القنزعي أو الكاحل (talus) وهو أحد عظام رسغ القدم لتكون مفصل الكاحل ويوجد على جانبه الأنسي أي الداخلي نتوء مدبب (Styloid process) وهو الذي يسمى الكعب الأنسي (.(medial malleolus أما عظمة الشظية فإن طولها قريب من طول عظمة القصبة ولكن قطرها أقل بكثير وتقع في الناحية الخارجية أو الوحشية من عظمة القصبة. وترتكز النهاية العليا للشظية على الجدار الأسفل للنتوء الوحشي للقصبة بينما تتمفصل النهاية السفلى مع عظمة الكاحل من الجانب الخارجي أو الوحشي لتكون ما يسمى بالكعب الوحشي (lateral malleolus).
أما القدم (foot) فيتكون من ثلاث مجموعات من العظام وهى عظام رسغ القدم أو العرقوب (Tarsal bones) وعظام مشط القدم ( metatarsal bones) وعظام السلاميات (Phalanges). فعظام رسغ القدم تتكون من سبعة عظمات غير منتظمة الشكل مرتبة في ثلاث صفوف فالصف الأول يتكون من عظمتين وهما عظمة العقب أو الكعب Calcaneus) ) وهي الأكبر والعظمة القنزعية أو الكاحل (talus ) والتي ترتكز فوق عظمة الكعب وهي تتمفصل مع عظمة القصبة (Tibia) من الأعلى وعظمة الشظية ( Fibula) من الجانب الخارجي أو الوحشي. أما الصف الثاني فيتكون من عظمتين الأولى هي العظمة الزورقية (Navicular bone ) وتتمفصل من الخلف مع العظمة القنزعية والثانية هي العظمة المكعبة (cuboid) وتتمفصل من الخلف مع عظمة الكعب. وأما الصف الثالث فيتكون من ثلاثة عظمات تسمى العظمات الأسفينية cuneiform bones)) وتتمفصل جميعها من الخلف مع العظمة الزورقية. وأما عظام مشط القدم فهي أطول بكثير من عظام مشط اليد وتتمفصل ثلاثة منها وهي الإبهام وما يليها مع العظمات الأسفينية الثلاث بينما تتمفصل الأخيرتين مع العظمة المكعبة وأما من الأمام فتتمفصل كل واحدة منها مع ما يقابلها من سلاميات الصف الأول. أما السلاميات فيوجد ثلاثة منها في كل إصبع ما عدا الإبهام فله سلاميتان فقط كما هو الحال في اليد وهي بشكل عام أقصر من سلاميات اليد. وتترتب عظام القدم لتكون قوسين أحدهما طولي والآخر مستعرض وذلك من الجهة الداخلية للقدم وقد وجد العلماء أن هذا التقوس يساعد القدم على أداء وظيفتها بشكل أفضل مما لو كانت منبسطة (flat foot) ويجنب كذلك الأوعية الدموية والأعصاب في أخمص القدم الضغط الواقع على القدم من وزن الجسم.
المفاصل
على الرغم من أن كل عظمة من عظمات الهيكل العظمي فيها من إعجاز التصميم ما فيها إلا أن قدرة الخالق سبحانه وتعالى تتجلى في تصميم أشكال المفاصل التي تربط فيما بين هذه العظمات. ويتجلى ذلك في اختيار المفصل المناسب لكل نوع من أنواع الحركة المراد إجراؤها في المكان المناسب فلو ترك الأمر للصدفة لتصمم هذه الهيكل كما يدعي المبطلون لوضعت مفاصل في غير أماكنها ولما تحرك الجسم بكل هذه المرونة. وكذلك استخدام أنواع خاصة من الغضاريف على رؤوس عظام المفصل وخلطات محددة من الزيوت لتزييت المفاصل وذلك لحمايتها من التآكل نتيجة الاحتكاك المستمر بين العظام ومن السخف أن يعتقد أي إنسان عاقل أن الصدفة تأبه كثيرا لتآكل عظام المفاصل فتخترع طرق تقلل من هذا الاحتكاك. أما الطرق التي تم استخدامها لربط العظام ببعضها عند المفاصل والطرق التي تم بها تثبيت العضلات على العظام لتحريكها في الاتجاهات المختلفة ففيها من براعة التصميم ما فيها. إن أربطة المفاصل المختلفة وخاصة مفاصل الأطراف العلوية والسفلية تتعرض لقوى وضغوط غاية في العلو لفترات زمنية طويلة ولكنها رغم ذلك تبقى تعمل بكل كفاءة لعشرات السنين.
ويوجد في الهيكل العظمي ثلاثة أنواع رئيسية من المفاصل وهي المفاصل الليفية (Fibrous joint) والمفاصل الغضروفية (Cartilaginous joint) والمفاصل المصلية أو الزلالية ( (Synovial joint. ففي المفاصل الليفية تلتحم العظام فيما بينها بواسطة نسيج ليفي يسمى الدرز Suture)) ولا يسمح هذا المفصل بأي نوع من الحركة سوى الحركة الناتجة عن نمو العظم ومع تقدم العمر يتحول النسيج الليفي إلى نسيج عظمي. وتستخدم المفاصل الدرزية بشكل رئيسي في ربط عظام الجمجمة فحواف عظمات القحف ليست مستقيمة بل فيها تعرجات دقيقة كسن المنشار مصممة بحيث تتراكب تماما مع تعرجات العظمات المقابلة بشكل بالغ الإحكام. أما المفاصل الغضروفية (Cartilaginous joint) فتربط بين نهايات بعض العظام المتجاورة وهي تسمح بحركة محدودة جدا لهذا العظام وهي على نوعين الأول هو المفصل الغضروفي الأولي وهو عبارة عن جسم غضروفي شفاف (hyaline cartilage) له أشكال مختلفة.وتستخدم في مفاصل الفقرات ومفاصل الأضلاع مع عظمة القص. أما النوع الثاني فهو المفصل الغضروفي الثانوي وهو عبارة عن طبقة من الليف الغضروفي الأبيض (fibrocartilage) وهو أشد متانة من النوع الأول ويسمح بحدوث حركات خفيفة جدا لامتصاص الضغط الواقع عليها كما هو الحال في مفصل العانة
أما المفاصل الزلالية والتي تشكل معظم مفاصل الجسم فتتكون من ستة أنواع يناسب كل منها طبيعة حركة المفصل المصممة من أجله. فالنوع الأول هو المفصل الكروي الحقي (Ball and socket joint) ويتكون من عظمة لها رأس كروي الشكل (ball) يثبت داخل تجويف عظمي له سطح كروي الشكل يسمى الحق (socket) وهو يسمح بحركة العظمة الأولى في اتجاهات مختلفة مع ثبات العظمة الثانية. ويستخدم هذا النوع في كل من مفصل الكتف حيث يثبت رأس عظمة العضد في حق عظمة اللوح وكذلك في مفصل الورك حيث يثبت رأس عظمة الفخذ في حق عظمة الحوض وهذا يسمح بحركة اليدين والرجلين في اتجاهات مختلفة ضمن المدى المحدد لها كالأمام والخلف والجوانب. أما النوع الثاني فهو المفصل الرزي (Hinge joint) وفيه يكون رأس إحدى العظمتين على شكل بكرة بينما رأس الأخرى يكون على شكل جسم اسطواني يدور في مجرى البكرة وبهذا فهو يسمح بحركة إحدى العظمتين في مستوى واحد فقط بالنسبة للعظمة الثانية كما هو الحال في في مفصل الكوع الذي يسمح بمد الساعد أو ثنيه بالنسبة للعضد وكما في مفصل الركبة الذي يسمح بمد وثني الساق بالنسبة للفخذ. وأما النوع الثالث فهو المفصل المداري (Pivot joint) وفيه يكون رأس إحدى العظمتين أسطواني الشكل بحيث يمكنه الدوران على سطح العظمة الأخرى كما هو الحال في رأس عظمة الكعبرة التي تدور حول النهاية العلوية لعظمة الزند عند الكوع مما يسمح بتدوير كف اليد بمقدار 180 درجة. أما النوع الرابع فهو المفصل المنزلق أو المسطح (gliding or plane joint) والذي يتكون في الغالب من مجموعة من العظمات التي تستخدم كمفصل بين عظمة كبيرة أو عظمتين من جهة ومجموعة من العظمات في الجهة المقابلة مما يسمح لها بالتحرك بمجموعها في اتجاهين متعامدين كما هو الحال مع مفصل الرسغ الذي يربط ما بين عظمتي الساعد مع عظام المشط وكذلك مفصل العرقوب الذي يربط بين عظمتي الساق وعظمات مشط القدم. وأما المفصل الخامس فهو المفصل السرجي (saddle joints) وفيه يكون شكل رأس إحدى العظمتين كسرج الفرس وهو يسمح بحركة المغصل باتجاهين متعامدين كما هو الحال مع المفصل الموجود بين مشط الإبهام مع عظمات رسغ اليد. وأما المفصل السادس فهو المفصل اللقمي (condyloid joints) وهو شبيه بالمفصل الكروي الحقي إلا أنه صغير الحجم ويسمح بالحركات المتعامدة وهو موجود بين المشط والسلاميات في اليد والرجل.
ويغطي سطوح العظام المتلامسة في المفاصل المصلية طبقة رقيقة من مادة غضروفية (Articular Cartilage) تسمى الغضاريف الزجاجية (Hyaline Cartilage) وهي شبه شفافة بيضاء اللون تميل للزرقة وذات لمعان. ولهذه الغضاريف خصائص عجيبة لا يمكن أن يجمع بين متطلباتها إلا مصمم لا حدود لعلمه وقدرته سبحانه وتعالى فقد صممها لكي تحقق متطلبات كثيرة لكي تقوم بالوظائف المنوطة بها. فسطحها أولا في غاية النعومة أو الملاسة لم يتمكن البشر من تصنيع أجسام بنفس الدرجة من الملاسة إلا في العصر الحديث وهذه الخاصية هي التي تسمح بحركة العظام فوق بعضها البعض بأقل احتكاك ممكن. أما الخاصية الثانية فهي أنها عالية المرونة أي أنها قابل للإنضغاط وذلك لكي تقوم بامتصاص الصدمات المتكررة التي تتعرض لها هذه المفاصل. أما الخاصية الثالثة فهي أنها في غاية المتانة رغم أنها طبقة رقيقة لا تتجاوز عدة ملليمترات ولذلك فإنها تتحمل ضغوط ميكانيكية عالية لعشرات السنوات دون أن تتمزق. أما الخاصية الرابعة فهي أنها تخلو من الشرايين والأعصاب ويتم تغذية خلاياها من السائل المحيط بها من خلال الانتشار. ومن لطف الله عز وجل بالإنسان وبقية مخلوقاته أن هذه الطبقة الغضروفية يمكن أن تصلح نفسها إذا ما أصابها أي عطب نتيجة الاستخدام المتواصل للمفاصل على مدى عمر الإنسان. وينم تحقيق هذه المواصفات العجيبة للغضروف باستخدام تراكيب معقدة من حيث نوع المواد المستخدمة وطرق تشكيلها حيث تتكون من عدة طبقات من شبكات معقدة من الألياف المختلفة والتي أهمها ألياف الكولاجين.
إن الغضاريف مهما بلغت نعومة سطحها لا يمكنها منع الاحتكاك تماما ولذا فقد أبدع الله سبحانه وتعالى طريقة مكملة للتقليل من الاحتكاك وهي استخدام سائل لتزييت سطوح هذه الغضاريف يطلق عليه اسم السائل المصلي أو الزلالي (Synovial fluid) ومنه جاءت تسمية المفاصل الزلالية. ويكون هذا السائل طبقة بالغة الرقة على سطح الغضروف لا تتجاوز 50 ميكرومتر تقوم إلى جانب تزييت المفصل بتوفير الغذاء والأكسجين للغضروف الذي يخلو كما أسلفنا من الشرايين. وللحفاظ على هذا السائل الثمين يتم إحاطة كامل المفصل بألياف قوية بيضاء اللون محكمة الإغلاق لتكون ما يسمى بحافظة أو كبسولة المفصل (joint capsule). ويبطن ألياف المحفظة الغشاء المصلي (Synovial membrane) الذي يتكون من خلايا طلائية إفرازية تفرز السائل المصلي الذي يغطي جميع أجزاء العظام في داخل المحفظة. كما تقوم الحافظة إلى جانب الحفاظ على السائل المصلي بربط عظام المفصل ببعضها إلى جانب الأربطة والعضلات لضمان قوة المفاصل والحيلولة دون خلعها. ويوجد في الحافظة أيضا أكياس صغيرة تدعى البورصة تعمل كعازل يحول دون احتكاك العظام فيما بينها أو مع الروابط أو الأوتار أو الجلد.
ويتجلى الإبداع في تصميم المفاصل في الطرق المستخدمة في ربط عظام المفاصل ببعضها البعض في غياب البراغي والصواميل التي يستخدمها البشر لربط الأجزاء المتحركة في آلاتهم ومعداتهم. وتوجد ثلاثة مستويات من الربط في المفاصل أولها ألياف المحفظة حيث يتم تثبيت أطراف الألياف على كامل محيط كل من العظميين المكونين للمفصل. أما المستوى الثاني فهو باستخدام الأربطة الليفية (fibrous ligaments) وهي عبارة عن حزم منفصلة من النسيج الليفي تثبت أطرافها على عظمتي المفصل خارج المحفظة. وتختلف الأربطة عن ألياف المحفظة بأنها موضوعة في أماكن محددة حول المفصل وبأطوال محسوبة بدقة بالغة حيث تعمل هذه الأربطة إلى جانب وظيفة الربط على تحديد حركة المفاصل في الاتجاهات المختلفة. فهذه الأربطة لا تسمح لعظام المفصل بالحركة إلا في الاتجاهات المحددة لها وكذلك ضمن المدى المسموح به وتمنع تجاوزها الحد الأعلى لزاوية حركتها. وتتميز ألياف الأربطة بمتانتها العالية وبوجود درجة من المرونة تسمح بزيادة طولها قليلا عن الحد المسموح به وذلك لكي لا تنقطع في حالة تعرض المفصل لضغط خارجي. أما المستوى الثالث من الربط فهو باستخدام العضلات والأوتار وهي تقوم إلى جانب وظيفة الربط بوظيفة تحريك المفاصل كما سنشرح ذلك بالتفصيل في الجهاز العضلي.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق