نهج البردة
أحمد شوقي (مصر 1868-1932م)
ريم
على القاعِ بين البانِ والعلمِ
|
أحلّ
سفك دمي في الأشهُرِ الحُرُمِ
|
رمى
القضاءُ بِعيني جُؤذر أسدا
|
يا
ساكِن القاعِ أدرِك ساكِن الأجمِ
|
لمّا
رنا حدّثتني النفسُ قائِلة
|
يا
ويح جنبِك بِالسهمِ المُصيبِ رُمي
|
جحدتُها
وكتمتُ السهم في كبِدي
|
جُرحُ
الأحِبّةِ عِندي
غيرُ ذي ألمِ
|
رُزِقت
أسمح ما في الناسِ مِن خُلُق
|
إِذا
رُزِقت اِلتِماس العُذرِ في الشِيمِ
|
يا
لائِمي في هواهُ والهوى قدر
|
لوشفّك
الوجدُ لم تعذِل ولم تلُمِ
|
لقد
أنلتُك أُذنا غير واعِية
|
ورُبّ
مُنتصِت والقلبُ في صممِ
|
يا
ناعِس الطرفِ لا ذُقت الهوى أبدا
|
أسهرت
مُضناك في حِفظِ الهوى فنمِ
|
أفديك
إِلفا ولا آلوالخيال فِدى
|
أغراك
باِلبُخلِ من أغراهُ بِالكرمِ
|
سرى
فصادف جُرحا دامِيا
فأسا
|
ورُبّ
فضل على العُشّاقِ لِلحُلُمِ
|
منِ
الموائِسُ بانا
بِالرُبى وقنا
|
اللاعِباتُ
بِروحي السافِحاتُ دمي
|
السافِراتُ
كأمثالِ البُدورِ ضُحى
|
يُغِرن
شمس الضُحى بِالحليِ والعِصمِ
|
القاتِلاتُ
بِأجفان بِها سقم
|
ولِلمنِيّةِ
أسباب مِن السقمِ
|
العاثِراتُ
بِألبابِ الرِجالِ وما
|
أُقِلن
مِن عثراتِ الدلِّ في الرسمِ
|
المُضرِماتُ
خُدودا أسفرت وجلت
|
عن
فِتنة تُسلِمُ الأكباد لِلضرمِ
|
الحامِلاتُ
لِواء الحُسنِ مُختلِفا
|
أشكالُهُ
وهو فرد غيرُ مُنقسِمِ
|
مِن
كُلِّ بيضاء أوسمراء زُيِّنتا
|
لِلعينِ
والحُسنُ في الآرامِ
كالعُصُمِ
|
يُرعن
لِلبصرِ السامي ومِن عجب
|
إِذا
أشرن أسرن الليث
بِالعنمِ
|
وضعتُ
خدّي وقسّمتُ الفُؤاد رُبى
|
يرتعن
في كُنُس مِنهُ وفي أكمِ
|
يا
بِنت ذي اللبدِ المُحميِّ جانِبُهُ
|
ألقاكِ
في الغابِ أم ألقاكِ في الأُطُمِ
|
ما
كُنتُ أعلمُ حتّى عنّ مساكنُهُ
|
أنّ
المُنى والمنايا مضرِبُ الخِيمِ
|
من
أنبت الغُصن مِن صمصامة ذكر
|
وأخرج
الريم مِن ضِرغامة قرِمِ
|
بيني
وبينُكِ مِن سُمرِ
القنا حُجُب
|
ومِثلُها
عِفّة عُذرِيّةُ العِصمِ
|
لم
أغش مغناكِ إِلا في
غُضونِ كِرى
|
مغناك
أبعدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرمِ
|
يا
نفسُ دُنياكِ تُخفى
كُلّ مُبكِية
|
وإِن
بدا لكِ مِنها حُسنُ مُبتسمِ
|
فُضّي
بِتقواكِ فاها كُلّما ضحِكت
|
كما
يفُضُّ أذى الرقشاءِ بِالثرمِ
|
مخطوبة
مُنذُ كان الناسُ خاطِبة
|
مِن
أوّلِ الدهرِ لم تُرمِل ولم تئمِ
|
يفنى
الزمانُ ويبقى مِن إِساءتِها
|
جُرح
بِآدم يبكي مِنهُ في
الأدمِ
|
لا
تحفلي بِجناها أوجِنايتِها
|
الموتُ
بِالزهرِ مِثلُ
الموتِ بِالفحمِ
|
كم
نائِم لا يراها وهي ساهِرة
|
لولا
الأمانِيُّ والأحلامُ لم ينمِ
|
طورا
تمُدُّك في نُعمى وعافِية
|
وتارة
في قرارِ البُؤسِ والوصمِ
|
كم
ضلّلتك ومن تُحجب بصيرتُهُ
|
إِن
يلق صابا يرِد أوعلقما يسُمُ
|
يا
ويلتاهُ لِنفسي راعها ودها
|
مُسودّةُ
الصُحفِ في مُبيضّةِ اللممِ
|
ركضتُها
في مريعِ المعصِياتِ
وما
|
أخذتُ
مِن حِميةِ الطاعاتِ لِلتُخمِ
|
هامت
على أثرِ اللذّاتِ
تطلُبُها
|
والنفسُ
إِن يدعُها داعي الصِبا تهِمِ
|
صلاحُ
أمرِك لِلأخلاقِ مرجِعُهُ
|
فقوِّمِ
النفس بِالأخلاقِ تستقِمِ
|
والنفسُ
مِن خيرِها في خيرِ عافِية
|
والنفسُ
مِن شرِّها في مرتع وخِمِ
|
تطغى
إِذا مُكِّنت مِن لذّة وهوى
|
طغي
الجِيادِ إِذا عضّت على الشُكُمِ
|
إِن
جلّ ذنبي عنِ الغُفرانِ لي أمل
|
في
اللهِ يجعلُني في خيرِ مُعتصِمِ
|
ألقى
رجائي إِذا عزّ المُجيرُ على
|
مُفرِّجِ
الكربِ في الدارينِ والغممِ
|
إِذا
خفضتُ جناح الذُلِّ أسألُهُ
|
عِزّ
الشفاعةِ لم أسأل سِوى أُممِ
|
وإِن
تقدّم ذوتقوى بِصالِحة
|
قدّمتُ
بين يديهِ عبرة الندمِ
|
لزِمتُ
باب أميرِ الأنبِياءِ ومن
|
يُمسِك
بِمِفتاحِ بابِ اللهِ يغتنِمِ
|
فكُلُّ
فضل وإِحسان وعارِفة
|
ما
بين مُستلِم مِنهُ ومُلتزِمِ
|
علّقتُ
مِن مدحِهِ حبلا أُعزُّ بِهِ
|
في
يومِ لا عِزّ بِالأنسابِ واللُّحمِ
|
يُزري
قريضي زُهيرا حين
أمدحُهُ
|
ولا
يُقاسُ إِلى جودي لدى هرِمِ
|
مُحمّد
صفوةُ الباري
ورحمتُهُ
|
وبُغيةُ
اللهِ مِن خلق ومِن نسمِ
|
وصاحِبُ
الحوضِ يوم الرُسلِ
سائِلة
|
متى
الوُرودُ وجِبريلُ الأمينُ ظمي
|
سناؤُهُ
وسناهُ الشمسُ طالِعة
|
فالجِرمُ
في فلك والضوءُ في علمِ
|
قد
أخطأ النجم ما نالت أُبُوّتُهُ
|
مِن
سُؤدُد باذِخ في مظهر سنِمِ
|
نُموا
إِليهِ فزادوا في الورى شرفا
|
ورُبّ
أصل لِفرع في الفخارِ نُمي
|
حواهُ
في سُبُحاتِ الطُهرِ قبلهُمُ
|
نورانِ
قاما مقام الصُلبِ والرحِمِ
|
لمّا
رآهُ بحيرا قال نعرِفُهُ
|
بِما
حفِظنا مِن الأسماءِ والسِيمِ
|
سائِل
حِراء وروح القُدسِ هل علِما
|
مصون
سِر عنِ الإِدراكِ
مُنكتِمِ
|
كم
جيئة وذهاب شُرِّفت بِهِما
|
بطحاءُ
مكّة في الإِصباحِ والغسمِ
|
ووحشة
لِاِبنِ عبدِ اللهِ بينهُما
|
أشهى
مِن الأُنسِ بِالأحسابِ والحشمِ
|
يُسامِرُ
الوحي فيها قبل مهبِطِهِ
|
ومن
يُبشِّر بِسيمى الخيرِ يتّسِمِ
|
لمّا
دعا الصحبُ يستسقون مِن ظمإ
|
فاضت
يداهُ مِن التسنيمِ بِالسنمِ
|
وظلّلتهُ
فصارت تستظِلُّ بِهِ
|
غمامة
جذبتها خيرةُ الدِيمِ
|
محبّة
لِرسولِ اللهِ
أُشرِبها
|
قعائِدُ
الديرِ والرُهبانُ في القِممِ
|
إِنّ
الشمائِل إِن رقّت
يكادُ بِها
|
يُغرى
الجمادُ ويُغرى كُلُّ ذي نسمِ
|
ونودِي
اِقرأ تعالى اللهُ قائِلُها
|
لم
تتّصِل قبل من قيلت لهُ بِفمِ
|
هُناك
أذّن لِلرحمنِ فاِمتلأت
|
أسماعُ
مكّة مِن قُدسِيّةِ النغمِ
|
فلا
تسل عن قُريش كيف حيرتُها
|
وكيف
نُفرتُها في السهلِ
والعلمِ
|
تساءلوا
عن عظيم قد ألمّ بِهِم
|
رمى
المشايِخ والوِلدانِ بِاللممِ
|
يا
جاهِلين على الهادي ودعوتِهِ
|
هل
تجهلون مكان الصادِقِ العلمِ
|
لقّبتُموهُ
أمين القومِ في صِغر
|
وما
الأمينُ على قول بِمُتّهمِ
|
فاق
البُدور وفاق الأنبِياء فكم
|
بِالخُلقِ
والخلقِ مِن حُسن ومِن عِظمِ
|
جاء
النبِيّون بِالآياتِ
فاِنصرمت
|
وجِئتنا
بِحكيم غيرِ مُنصرِمِ
|
آياتُهُ
كُلّما طال المدى جُدُد
|
يزينُهُنّ
جلالُ العِتقِ والقِدمِ
|
يكادُ
في لفظة مِنهُ مُشرّفة
|
يوصيك
بِالحقِّ والتقوى وبِالرحِمِ
|
يا
أفصح الناطِقين الضاد قاطِبة
|
حديثُك
الشهدُ عِند الذائِقِ الفهِمِ
|
حلّيت
مِن عطل جِيد البيانِ بِهِ
|
في
كُلِّ مُنتثِر في حُسنِ مُنتظِمِ
|
بِكُلِّ
قول كريم أنت قائِلُهُ
|
تُحيِ
القُلوب وتُحيِ
ميِّت الهِممِ
|
سرت
بشائِرُ باِلهادي ومولِدِه في
|
الشرقِ والغربِ مسرى
النورِ في الظُلمِ
|
تخطّفت
مُهج الطاغين مِن عرب
|
وطيّرت
أنفُس الباغين مِن عُجُمِ
|
ريعت
لها شرفُ الإيوانِ فاِنصدعت
|
مِن
صدمةِ الحقِّ لا مِن صدمةِ القُدُمِ
|
أتيت
والناسُ فوضى لا تمُرُّ بِهِم
|
إِلا
على صنم قد هام في صنمِ
|
والأرضُ
مملوءة جورا مُسخّرة
|
لِكُلِّ
طاغِية في الخلقِ مُحتكِمِ
|
مُسيطِرُ
الفُرسِ يبغي في رعِيّتِهِ
|
وقيصرُ
الرومِ مِن كِبر أصمُّ عمِ
|
يُعذِّبانِ
عِباد اللهِ في شُبه
|
ويذبحانِ
كما ضحّيت بِالغنمِ
|
والخلقُ
يفتِكُ أقواهُم بِأضعفِهِم
|
كالليثِ
بِالبهمِ أوكالحوتِ بِالبلمِ
|
أسرى
بِك اللهُ ليلا إِذ ملائِكُهُ
|
والرُسلُ
في المسجِدِ الأقصى
على قدمِ
|
لمّا
خطرت بِهِ اِلتفّوا بِسيِّدِهِم
|
كالشُهبِ
بِالبدرِ أوكالجُندِ بِالعلمِ
|
صلّى
وراءك مِنهُم كُلُّ ذي خطر
|
ومن
يفُز بِحبيبِ اللهِ يأتمِمِ
|
جُبت
السماواتِ أوما فوقهُنّ بِهِم
|
على
مُنوّرة دُرِّيّةِ اللُجُمِ
|
ركوبة
لك مِن عِز ومِن شرف
|
لا
في الجِيادِ ولا في الأينُقِ الرُسُمِ
|
مشيئةُ
الخالِقِ الباري وصنعتُهُ
|
وقُدرةُ
اللهِ فوق الشكِّ والتُهمِ
|
حتّى
بلغت سماء لا يُطارُ
لها
|
على
جناح ولا يُسعى على قدمِ
|
وقيل
كُلُّ نبِي عِند
رُتبتِهِ
|
ويا
مُحمّدُ هذا العرشُ فاستلِمِ
|
خططت
لِلدينِ والدُنيا عُلومهُما
|
يا
قارِئ اللوحِ بل يا لامِس القلمِ
|
أحطت
بينهُما بِالسِرِّ وانكشفت
|
لك
الخزائِنُ مِن عِلم ومِن حِكمِ
|
وضاعف
القُربُ ما قُلِّدت مِن مِنن
|
بِلا
عِداد وما طُوِّقت مِن نِعمِ
|
سل
عُصبة الشِركِ حول الغارِ سائِمة
|
لولا
مُطاردةُ المُختارِ
لم تُسم
|
هل
أبصروا الأثر الوضّاء أم سمِعوا
|
همس
التسابيحِ والقُرآنِ مِن أُممِ
|
وهل
تمثّل نسجُ العنكبوتِ لهُم
|
كالغابِ
والحائِماتُ الزُغبُ كالرُخمِ
|
فأدبروا
ووُجوهُ الأرضِ تلعنُهُم
|
كباطِل
مِن جلالِ الحقِّ مُنهزِمِ
|
لولا
يدُ اللهِ بِالجارينِ ما سلِما
|
وعينُهُ
حول رُكنِ الدينِ لم يقُمِ
|
تواريا
بِجناحِ اللهِ
واستترا
|
ومن
يضُمُّ جناحُ اللهِ لا يُضمِ
|
يا
أحمد الخيرِ لي جاه بِتسمِيتي
|
وكيف
لا يتسامى بِالرسولِ سمي
|
المادِحون
وأربابُ الهوى تبع
|
لِصاحِبِ
البُردةِ الفيحاءِ
ذي القدمِ
|
مديحُهُ
فيك حُبّ خالِص وهوى
|
وصادِقُ
الحُبِّ يُملي صادِق
الكلمِ
|
اللهُ
يشهدُ أنّي لا أُعارِضُهُ
|
من
ذا يُعارِضُ صوب العارِضِ العرِمِ
|
وإِنّما
أنا بعضُ الغابِطين ومن
|
يغبِط
ولِيّك لا يُذمم ولا يُلمِ
|
هذا
مقام مِن الرحمنِ مُقتبس
|
ترمي
مهابتُهُ سحبان بِالبكمِ
|
البدرُ
دونك في حُسن وفي شرف
|
والبحرُ
دونك في خير وفي كرمِ
|
شُمُّ
الجِبالِ إِذا طاولتها انخفضت
|
والأنجُمُ
الزُهرُ ما واسمتها تسِمِ
|
والليثُ
دونك بأسا عِند وثبتِهِ
|
إِذا
مشيت إِلى شاكي السِلاحِ كمي
|
تهفوإِليك
وإِن أدميت حبّتها
|
في
الحربِ أفئِدةُ الأبطالِ والبُهمِ
|
محبّةُ
اللهِ ألقاها
وهيبتُهُ
|
على
اِبنِ آمِنة في كُلِّ مُصطدمِ
|
كأنّ
وجهك تحت النقعِ
بدرُ دُجى
|
يُضيءُ
مُلتثِما أوغير مُلتثِمِ
|
بدر
تطلّع في بدر فغُرّتُهُ
|
كغُرّةِ
النصرِ تجلوداجِي الظُلمِ
|
ذُكِرت
بِاليُتمِ في القُرآنِ تكرِمة
|
وقيمةُ
اللُؤلُؤِ المكنونِ في اليُتُمِ
|
اللهُ
قسّم بين الناسِ رِزقهُمُ
|
وأنت
خُيِّرت في الأرزاقِ والقِسمِ
|
إِن
قُلت في الأمرِ لا أوقُلت فيهِ نعم
|
فخيرةُ
اللهِ في لا مِنك أونعمِ
|
أخوك
عيسى دعا ميتا فقام لهُ
|
وأنت
أحييت أجيالا مِن الزّممِ
|
والجهلُ
موت فإِن أوتيت مُعجِزة
|
فابعث
مِن الجهلِ أوفابعث مِن الرجمِ
|
قالوا
غزوت ورُسلُ اللهِ ما بُعِثوا
|
لِقتلِ
نفس ولا جاؤوا لِسفكِ دمِ
|
جهل
وتضليلُ أحلام
وسفسطة
|
فتحت
بِالسيفِ بعد الفتحِ بِالقلمِ
|
لمّا
أتى لك عفوا كُلُّ ذي حسب
|
تكفّل
السيفُ بِالجُهّالِ والعممِ
|
والشرُّ
إِن تلقهُ بِالخيرِ ضِقت بِهِ
|
ذرعا
وإِن تلقهُ بِالشرِّ
ينحسِمِ
|
سلِ
المسيحِيّة الغرّاء كم شرِبت
|
بِالصابِ
مِن شهواتِ الظالِمِ الغلِمِ
|
طريدةُ
الشِركِ يُؤذيها ويوسِعُها
|
في
كُلِّ حين قِتالا ساطِع الحدمِ
|
لولا
حُماة لها هبّوا لِنُصرتِها
|
بِالسيفِ
ما انتفعت بِالرِفقِ والرُحمِ
|
لولا
مكان لِعيسى عِند مُرسِلِهِ
|
وحُرمة
وجبت لِلروحِ في القِدمِ
|
لسُمِّر
البدنُ الطُهرُ الشريفُ على
|
لوحينِ
لم يخش مُؤذيهِ ولم يجِمِ
|
جلّ
المسيحُ وذاق الصلب شانِئُهُ
|
إِنّ
العِقاب بِقدرِ الذنبِ والجُرُمِ
|
أخوالنبِيِّ
وروحُ اللهِ في
نُزُل
|
فوق
السماءِ ودون العرشِ مُحترمِ
|
علّمتهُم
كُلّ شيء يجهلون
بِهِ
|
حتّى
القِتال وما فيهِ مِن الذِّممِ
|
دعوتهُم
لِجِهاد فيهِ سُؤدُدُهُم
|
والحربُ
أُسُّ نِظامِ الكونِ والأُممِ
|
لولاهُ
لم نر لِلدولاتِ في زمن
|
ما
طال مِن عُمُد أوقرّ مِن دُهُمِ
|
تِلك
الشواهِدُ تترى كُلّ آوِنة
|
في
الأعصُرِ الغُرِّ لا في الأعصُرِ الدُهُمِ
|
بِالأمسِ
مالت عُروش واعتلت سُرُر
|
لولا
القذائِفُ لم تثلم ولم تصُمِ
|
أشياعُ
عيسى أعدّوا كُلّ قاصِمة
|
ولم
نُعِدّ سِوى حالاتِ مُنقصِمِ
|
مهما
دُعيت إِلى الهيجاءِ قُمت لها
|
ترمي
بِأُسد ويرمي اللهُ بِالرُجُمِ
|
على
لِوائِك مِنهُم كُلُّ مُنتقِم
|
للهِ
مُستقتِل في اللهِ مُعتزِمِ
|
مُسبِّح
لِلِقاءِ اللهِ مُضطرِم
|
شوقا
على سابِخ كالبرقِ مُضطرِمِ
|
لوصادف
الدهر يبغي نقلة فرمى
|
بِعزمِهِ
في رِحالِ الدهرِ لم يرِمِ
|
بيض
مفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِم
|
مِن
أسيُفِ اللهِ لا الهِندِيّةُ الخُذُمُ
|
كم
في التُرابِ إِذا فتّشت عن رجُل
|
من
مات بِالعهدِ أومن مات بِالقسمِ
|
لولا
مواهِبُ في بعضِ الأنامِ لما
|
تفاوت
الناسُ في الأقدارِ والقِيمِ
|
شريعة
لك فجّرت العُقول بِها
|
عن
زاخِر بِصُنوفِ العِلمِ مُلتطِمِ
|
يلوحُ
حول سنا التوحيدِ جوهرُها
|
كالحليِ
لِلسيفِ أوكالوشيِ
لِلعلمِ
|
غرّاءُ
حامت عليها أنفُس ونُهى
|
ومن
يجِد سلسلا مِن حِكمة يحُمِ
|
نورُ
السبيلِ يُساسُ العالمون بِها
|
تكفّلت
بِشبابِ الدهرِ والهرمِ
|
يجري
الزمانُ وأحكامُ الزمانِ على
|
حُكم
لها نافِذ في الخلقِ مُرتسِمِ
|
لمّا
اعتلت دولةُ الإِسلامِ واتّسعت
|
مشت
ممالِكُهُ في نورِها التّممِ
|
وعلّمت
أُمّة بِالقفرِ
نازِلة
|
رعي
القياصِرِ بعد الشاءِ والنعمِ
|
كم
شيّد المُصلِحون
العامِلون بِها
|
في
الشرقِ والغربِ مُلكا باذِخ العِظمِ
|
لِلعِلمِ
والعدلِ والتمدينِ ما عزموا
|
مِن
الأُمورِ وما شدّوا مِن الحُزُمِ
|
سُرعان
ما فتحوا الدُنيا لِمِلّتِهِم
|
وأنهلوا
الناس مِن سلسالِها
الشبِمِ
|
ساروا
عليها هُداة الناسِ فهي بِهِم
|
إِلى
الفلاحِ طريق واضِحُ
العظمِ
|
لا
يهدِمُ الدهرُ رُكنا شاد عدلهُمُ
|
وحائِطُ
البغيِ إِن تلمسهُ ينهدِمِ
|
نالوا
السعادة في الدارينِ واِجتمعوا
|
على
عميم مِن الرُضوانِ مُقتسمِ
|
دع
عنك روما وآثينا وما حوتا
|
كُلُّ
اليواقيتِ في بغداد والتُومِ
|
وخلِّ
كِسرى وإيوانا يدِلُّ بِهِ
|
هوى
على أثرِ النيرانِ والأيُمِ
|
واترُك
رعمسيس إِنّ المُلك مظهرُهُ
|
في
نهضةِ العدلِ لا في نهضةِ الهرمِ
|
دارُ
الشرائِعِ روما كُلّما ذُكِرت
|
دارُ
السلامِ لها ألقت يد السلمِ
|
ما
ضارعتها بيانا عِند مُلتأم
|
ولا
حكتها قضاء عِند مُختصمِ
|
ولا
احتوت في طِراز مِن قياصِرِها
|
على
رشيد ومأمون ومُعتصِمِ
|
منِ
الّذين إِذا سارت كتائِبُهُم
|
تصرّفوا
بِحُدودِ الأرضِ والتُخمِ
|
ويجلِسون
إِلى عِلم ومعرِفة
|
فلا
يُدانون في عقل ولا فهمِ
|
يُطأطِئُ
العُلماءُ الهام إِن نبسوا
|
مِن
هيبةِ العِلمِ لا مِن هيبةِ الحُكُمِ
|
ويُمطرون
فما بِالأرضِ مِن
محل
|
ولا
بِمن بات فوق الأرضِ مِن عُدُمِ
|
خلائِفُ
اللهِ جلّوا عن
مُوازنة
|
فلا
تقيسنّ أملاك الورى بِهِمِ
|
من
في البرِيّةِ كالفاروقِ معدلة
|
وكابنِ
عبدِ العزيزِ الخاشِعِ الحشِمِ
|
وكالإِمامِ
إِذا ما فضّ مُزدحِما
|
بِمدمع
في مآقي القومِ مُزدحِمِ
|
الزاخِرُ
العذبُ في عِلم وفي أدب
|
والناصِرُ
الندبُ في حرب وفي سلمِ
|
أوكابنِ
عفّان والقُرآنُ في يدِهِ
|
يحنوعليهِ
كما تحنوعلى الفُطُمِ
|
ويجمعُ
الآي ترتيبا وينظُمُها
|
عِقدا
بِجيدِ الليالي غير مُنفصِمِ
|
جُرحانِ
في كبِدِ الإِسلامِ ما اِلتأما
|
جُرحُ
الشهيدِ وجُرح
بِالكِتابِ دمي
|
وما
بلاءُ أبي بكر بِمُتّهم
|
بعد
الجلائِلِ في
الأفعالِ والخِدمِ
|
بِالحزمِ
والعزمِ حاط الدين في مِحن
|
أضلّتِ
الحُلم مِن كهل ومُحتلِمِ
|
وحِدن
بِالراشِدِ الفاروقِ عن رُشد
|
في
الموتِ وهويقين غيرُ مُنبهِمِ
|
يُجادِلُ
القوم مُستلّا مُهنّدهُ
|
في
أعظمِ الرُسلِ قدرا كيف لم يدُمِ
|
لا
تعذُلوهُ إِذا طاف الذُهولُ بِهِ
|
مات
الحبيبُ فضلّ الصبُّ عن رغمِ
|
يا
ربِّ صلِّ وسلِّم ما أردت على
|
نزيلِ
عرشِك خيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ
|
مُحيِ
الليالي صلاة لا
يُقطِّعُها
|
إِلا
بِدمع مِن الإِشفاقِ مُنسجِمِ
|
مُسبِّحا
لك جُنح الليلِ مُحتمِلا
|
ضُرّا
مِن السُهدِ أوضُرّا مِن الورمِ
|
رضِيّة
نفسُهُ لا تشتكي سأما
|
وما
مع الحُبِّ إِن أخلصت مِن سأمِ
|
وصلِّ
ربّي على آل لهُ نُخب
|
جعلت
فيهِم لِواء البيتِ والحرمِ
|
بيضُ
الوُجوهِ ووجهُ الدهرِ ذوحلك
|
شُمُّ
الأُنوفِ وأنفُ
الحادِثاتِ حمى
|
وأهدِ
خير صلاة مِنك أربعة
|
في
الصحبِ صُحبتُهُم
مرعِيّةُ الحُرمِ
|
الراكِبين
إِذا نادى النبِيُّ بِهِم
|
ما
هال مِن جلل واشتدّ مِن عممِ
|
الصابِرين
ونفسُ الأرضِ واجِفة
|
الضاحِكين
إِلى الأخطارِ والقُحمِ
|
يا
ربِّ هبّت شُعوب مِن منِيّتِها
|
واستيقظت
أُمم مِن رقدةِ العدمِ
|
سعد
ونحس ومُلك أنت مالِكُهُ
|
تُديلُ
مِن نِعم فيهِ ومِن نِقمِ
|
رأى
قضاؤُك فينا رأي حِكمتِهِ
|
أكرِم
بِوجهِك مِن قاض ومُنتقِمِ
|
فالطُف
لأجلِ رسولِ العالمين بِنا
|
ولا
تزِد قومهُ خسفا ولا تُسِمِ
|
يا
ربِّ أحسنت بدء المُسلِمين بِهِ
|
فتمِّمِ
الفضل واِمنح حُسن مُختتمِ
|
من كتاب (خمسون ألف بيت من
الشعر) للدكتور منصور أبوشريعة العبادي
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق