2019-07-04

فلينظر الإنسان إلى طعامه


فلينظر الإنسان إلى طعامه


الدكتور منصور أبوشريعة العبادي\جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية




          من الأشياء التي أمر الله عز وجل البشر للتفكر في معجزات خلقها هو الطعام الذي يأكله الإنسان ثلاث مرات في اليوم على الأقل وعلى مدى حياته وذلك في آيات كثيرة منها قوله تعالى"فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) " عبس. ولو أن الإنسان أعطى لعقله الفرصة لأن يتفكر في الطعام الذي يأكله أثناء أكله لاكتشف دون عناء أن فيه من المعجزات الكثيرة ما تدفعه دفعا إلى اليقين بأن خالقا لا حدود لعلمه وقدرته وفضله قد قام بتوفير هذا الطعام له. إن أول هذه المعجزات هو هذا العدد الهائل من أنواع الطعام الذي وفره الله عز وجل للإنسان من حبوب وبقول وفواكه وخضروات وبذور ولحوم وشحوم وألبان وأجبان وبيوض يعجز معظم البشر عن إحصاء واحد بالألف منها. بل إنه لو تم الطلب من أوسع علماء البشر خيالا أن يضع مواصفات لأنواع أطعمة بأشكال وألوان ومذاقات وروائح مختلفة لم أمكنه أن يقترح جزء يسير مما وفره الله عز وجل للبشر وصدق الله العظيم القائل "وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)" إبراهيم. أما المعجزة الثانية فهي أنه على الرغم من وجود آلاف الأنواع من الطعام إلا أنه يندر أن يتشابه إثنان منها سواء في الشكل أواللون أو الطعم  أو الرائحة أو محتواها من العناصر الغذائية حتى في أصناف النوع الواحد. أما المعجزة الثالثة فهي أن الله عز وجل قد زين للناس حب أكل الطعام وذلك من خلال شكلها ولونها ومذاقها ورائحتها وذلك لكي تمد الجسم  بالمغذيات التي تلزمه ولولا ذلك لألزم الإنسان نفسه إلزاما بأكل ما لا يحبه من هذا الطعام. أما المعجزة الرابعة فهي أن الله عز وجل قد صمم بتقدير بالغ محتويات كل نوع من أنواع الطعام من العناصر الغذائية كالبروتينات والدهون والكربوهيدرات وغيرها وذلك لتلبي حاجة جسم الإنسان من هذه العناصر الغذائية. 



إن غالبية البشر يأكلون الطعام من أجل اللذة ولا يلقون بالا في الغالب لما يحتويه من عناصر غذائية تعود بالفائدة على أجسامهم بينما نجد أن رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد انتبه لهذه الحقيقة في الحديث الذي رواه  الطبراني وابن السني عن ابن عمر أنه قال (أن النبي إذا خرج من الخلاء قال الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى في قوته ودفع عني آذاه) وهذا الحديث يلخص تماما وظائف الجهاز الهضمي الثلاث وهي الأكل والهضم والإخراج.  وفي المقابل نجد أن كثيرا من البشر يأكلون شتى أنواع الطعام كل يوم ولا يفكرون ولو للحظة واحدة في من يقف وراء خلق هذه الأطعمة أو أن يقومون بشكره سبحانه وتعالى عليها ولذلك شبههم الله عز وجل بالحيوانات فقال عز من قائل "إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)" محمد. إن كل  ما يطلبه الله عز وجل من البشر عندما يأكلون هذه الأطعمة التي لا حصرلها هو شكره عليها مصداقا لقوله سبحانه "فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114)" النحل وقوله سبحانه "وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35)" يس.



أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج بهيج

يقدرعلماء الأحياء عدد أنواع النباتات التي تعيش على الأرض حاليا  بما يقرب من تسعة ملايين نوع ولقد تم تحديد وتصنيف ما يقرب من ثلاثمائة ألف نوع. ولقد قام العلماء بتصنيف النباتات تبعا لمعايير مختلفة فمن حيث هيكلها  صنفت إلى نباتات وعائية وحزازية وطحلبية ومن حيث التكاثر إلى بذرية وغير بذرية أو سرخسية ومن حيث الحجم إلى أشجار وشجيرات وحشائش وأعشاب ومن حيث البذور إلى معراة ومغطاة وذات فلقة أو فلقتين  وغير ذلك من التصانيف. وتشكل النباتات المزهرة أو البذرية تسعين بالمائة من النباتات المعروفة حيث يبلغ عدد أنواعها المصنفة 260 ألف نوع مقسمة إلى ما يقرب من 450عائلة. لقد أشار القرآن الكريم إلى هذا التنوع الهائل في نباتات الأرض في آيات كثيرة وأكد أن في هذا التنوع  معجزات بينات لكل ذي عقل سوي كما في قوله تعالى "أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) " الشعراء وقوله تعالى "الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54)" طه. إن من معجزات خلق هذه النباتات  هو انه على الرغم من هذا العدد الهائل من أنواع النباتات إلا أنه من المستحيل أن تجد نبات يشبه نبات آخر سواء في شكلها العام وشكل سيقانها وأوراقها وأزهارها وثمارها. إن كل نبتة من نباتات الأرض هي تحفة فنية تثير البهجة والسرور في نفوس الناظرين إليها كما أشارت إلى ذلك الآيات القرانية كما في قوله تعالى "وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8)" ق وقوله تعالى "أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60)" النمل. 



كلوا مما في الأرض حلالا طيبا

قدرعلماء الأحياء عدد أنواع النباتات التي يمكن للبشر الإستفادة منها في طعامهم وشرابهم ودوائهم ما يزيد عن عشرين ألف نوع منها ألفي نوع مشهورة لدى معظم البشر. ولقد اهتدى البشر إلى الأنواع القابلة للأكل من خلال التجربة فمكونات بعض هذه النباتات يستسغيها الإنسان عند أكلها ولا تسبب له مشاكل هضمية بعد أكلها.  وقام البشر  بتصنيف النباتات القابلة للأكل إلى خمسة أصناف رئيسية وهي الحبوب (grains) والبقول (legumes) والفواكه (fruits) واالخضروات (vegetables) والبذور (seeds). ويأكل البشر من النباتات إما ثمارها أو أزهارها أو أوراقها أو سيقانها  أو جذورها أو بذورها أو زيوتها أو أصماغها. وقد قدر علماء النبات عدد النباتات التي تؤكل ثمارها ب 1728 نوع وأوراقها ب 2457 نوع وأزهارها ب 690 نوع وجذورها ب 1181 نوع وبذورها ب 1332 نوع وزيوتها ب 525 نوع وأصماغها ب 40 نوع.  ولقد أباح الله عز وجل بفضله أكل كل ما يمكن أكله من هذه النباتات مصداقا لقوله تعالى  "يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) " البقرة وقوله تعالى "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)" النحل.


مشتبها وغير متشابه

لم يقتصر فضل الله عز وجل على البشر بأن وفر لهم آلاف الأنواع من الحبوب والبقول والفواكه والخضروات بل وفر لهم عشرات بل مئات الأصناف من كل نوع من هذه الأنواع. فتجد أن النوع الواحد من هذه النباتات له أصناف كثيرة تتشابه في شكلها العام ولكنها تتفاوت  إما في شكلها الخاص أو حجمها أو لونها أو طعمها أو صلابتها أو غير ذلك من الصفات. ومما يبعث على الدهشة والعجب أن نجد أن البشر قد يحبون أكل صنف من أصناف النوع الواحد ولا يحبون بقية الأصناف رغم اشتراكها في طعمها العام. وقد تمكن البشر على مر التاريخ من إنتاج أصناف جديدة لكل نوع من أنواع الثمرات التي يأكلونها من خلال مزاوجة الأصناف المختلفة مع بعضها البعض. وعلى سبيل المثال يوجد أكثر من ثلاثة آلاف نوع من التمور وعشرة آلاف من الأعناب وسبعة آلاف من التفاح وسبعمائة نوع من التين وهكذا الحال مع بقية الأنواع. ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الظاهرة العجيبة والنعمة الكبيرة على البشر في قوله تعالى "وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)" الأنعام وقوله تعالى "وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) " الأنعام



الحبوب والبقوليات

تعتبر الحبوب والبقوليات أهم مصادر غذاء البشر على مر التاريخ لما تتميز به من خصائص عديدة أهما التركيز العالي للمواد العضوية التي تحتويها حيث لا تتجاوز نسبة الماء فيها خمسة عشر بالمائة. أما الميزة الثانية فهي أنها تحتوي على جميع أنواع المواد العضوية من بروتينات وكربوهيدرات ودهون وفيتامينات وألياف مما جعلها غذاء أساسيا يلبي حاجة أجسام البشر من عناصر غذائية. وأما الميزة الثالثة فهي أن تدني نسبة الماء فيها تجعلها قابلة للتخزين لفترات زمنية طويلة قد تصل لعدة سنوات. ويوجد عشرات الأنواع من الحبوب والبقوليات القابلة للزراعة في معظم مناطق العالم ومن أهمها القمح والأرز والذرة والشعيروالشوفان والحمص والعدس والفول والترمس والفاصولياء والبازيلاء.  ولقد ذكر القرآن الكريم الحبوب كطعام أساسي للبشر في عدة آيات كما في قوله تعالى "وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33)" يس وقوله تعالى "وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11)" ق.






الفواكه

  الفواكه هي ثماربعض الأشجار المزهرة والمعمرة وتتكون في الغالب من نسيج لحمي   ذي طعم حلو أو حامض يحتوي  بذور هذه الأشجاروقد يتكون بعضها من نسيج شبه صلب داخل قشرة صلبة كالجوز واللوز والفستق والبندق. وتتميز الفواكه بكثرة أشكالها والوانها ومذاقتها فلكل نوع من أنواعها  شكله ولونه وطعمه الخاص به الذي يميزه عن غيره من الفواكه. بل إن للنوع الواحد من الفواكه أصناف كثيرة قد يصل عددها في بعض الفواكه إلى عدة مئات لكل منها شكله ولونه ومذاقه الخاص به. ويوجد عدة مئات من أنواع الفواكه ينتشرزراعة بعضها  في مختلف مناطق العالم وبعضها في مناطق محددة توفر البيئة المناسبة لنموها كما في فواكه المناطق الاستوائية أو المدارية. إن المواد العضوية الرئيسية في الفواكه هي السكريات الأحادية والثنائية والفيتامينات وبعض المعادن بينما يكاد يخلو معظمها من البروتينات والدهون. ومن أشهر أنواع الفواكه المعروفة لدى عامة البشر التين والعنب والنخيل والرمان والزيتون والموز والتفاح والأجاص والمشمش والدراق والخوخ والكرز والتوت والعناب والبرتقال والليمون والبوملي واليوسفي والنكتارين والمانجا والجوافة والسفرجل والأناناس والكيوي وجوز الهند والجوز واللوز والبن والصنوبر والفستق والبندق والكستنة والكاشو والخروب والبلوط وغيرها الكثير. ولقد ورد ذكر الفواكه في آيات كثيرة وأكد على أنها الطعام الأفضل لأهل الجنة كما في قوله تعالى " فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19)" المؤمنون وقوله تعالى "وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)" الرحمن وقوله تعالى "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42)" المرسلات. 





الخضروات

      الخضروات هي ثمرات بعض النباتات العشبية الحولية التي تنمو وتثمر خلال عدة أشهر ويزرع بعضها في الصيف أو في الشتاء  أو على مدار العام في مختلف مناطق العالم. ويوجد مئات الأنواع من الخضروات تصنف في الغالب تبعا للجزء الذي يؤكل من النبات كالثمار والجذور والدرن والأوراق والسيقان والأزهار والبذور.  فمن الخضروات الثمرية المشهورة البندورة والباذنجان والكوسا والخيار والفقوس والبامية والفاصوليا والبازيلاء واللوبيا والبطيخ والشمام واليقطين والقرع وغيرها. ومن الخضروات الجذرية والدرنية البطاطا والبصل والثوم والفجل والجزر واللفت والشمندروالزنجبيل وغيرها. ومن الخضروات الورقية الخس والسبانخ والملفوف والخبيزة والبقدونس والكزبرة والجرجير والنعناع وغيرها. ومن الخضروات الزهرية القرنبيط  والبروكلي والأرض شوكي.  إن المواد العضوية الأعلى في الخضروات بشكل عام هي الكربوهيدرات والفيتامينات والمعادن والألياف وتحتوي على كميات متوسطة من البروتينات وكميات قليلة من السكريات والدهون. وقد جاء ذكر بعض أنواع الخضروات في قوله تعالى "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) " البقرة.



البذور

        يستفيد البشر من بذور كثير من النباتات لما تحتويه من عناصر غذائية وعلاجية كثيرة ومتنوعة.  وتحتوي البذور على جميع المواد العضوية بمقادير متفاوتة وتتميز بوجود كميات كبيرة من الدهون والزيوت ولذا يستخدم كثير منها لاستخراج الزيوت لأغراض الأكل والصناعة والوقود. ومن البذور المشهورة بذور السمسم والقزحة والحلبة والكتان واليانسون والكمون ودوار الشمس والقرع والبطيخ.



ونفضل بعضها على بعض في الأكل

إن الطحالب البحرية والنباتات البرية هي الكائنات الحية الوحيدة التي تقوم بتحويل المواد غير العضوية المتوفرة في الطبيعة إلى  مواد عضوية مختلفة تستخدم لبناء أجسام الكائنات الحية المختلفة وكذلك إمدادها بالطاقة اللازمة لإجراء العمليات الحيوية في خلاياها.  وتحتاج النباتات والطحالب لبناء الجزيئات العضوية ما يزيد عن ستين عنصرا من العناصر الطبيعية التي يحويها تراب الأرض ومائها وهوائها والبالغ عددها اثنين وتسعين عنصرا. وتشكل ستة من هذه العناصر وهي الكربون والأوكسجين والهيدروجين والنيتروجين والكالسيوم والفوسفور ما يقرب من تسع وتسعين بالمائة من وزن الكائن الحي. بينما تشكل بقية العناصر الواحد بالمائة المتبقي والتي من أهمها الكبريت والصوديوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم والكلور والفلور واليود والحديد والنحاس والزنك والمنغنيز والموليبدنيوم والسلينيوم والكروم والبرومين والسيليكون والرصاص والألمنيوم والليثيوم والزرنيخ.  وعلى الرغم من هذا العدد الهائل من أنواع النباتات إلا أنه يندر أن يتشابه أي منها في أنواع وكميات المواد العضوية التي تصنعها هذه النباتات ولهذا نجد هذا التفاوت الكبير  في العناصر الغذائية الموجودة في النباتات التي يستهلكها البشر. إن هذا التفاوت في أنواع وكميات المواد العضوية التي تنتجها النباتات يستلزم تفاوتا في أنواع وكميات العناصر الطبيعية التي تأخذها هذه النباتات من هواء وتراب الأرض. لقد أشار القرآن الكريم في آيتين إلى هذه الحقيقة العلمية التي كان البشر يجهلونها في عصر نزول القران وذلك في قوله تعالى "وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)" الرعد وقوله تعالى "وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) " الأنعام.   



تحتوي خلايا الطحالب والنباتات على أضخم مصنع على وجه هذه الأرض يقوم بإنتاج سكر الجلوكوز من الماء وغاز ثاني أكسيد الكربون فقط وذلك من خلال عملية التركيب أو التمثيل الضوئي (photosynthesis). وتستخدم جميع الكائنات الحية هذا السكر لإنتاج مختلف أنواع المواد العضوية اللازمة لبناء أجسامها وكذلك القيام بحرقه في داخل خلاياها لإنتاج الطاقة اللازمة لإجراء عملياتها الحيوية المختلفة. وتأخذ النباتات البرية غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء من خلال أوراقها وتمتص الماء وبقية العناصر من التراب من خلال جذورها بينما تأخذ الطاقة اللازمة للتصنيع من أشعة الشمس الساقطة على أوراقها. أما الطحالب البحرية فتأخذ جميع ما تحتاجه من عناصر من المركبات الذائبة في ماء  البحر والطاقة التي تلزمها من الشمس التي تنفذ أشعتها إلى داخل مياهه. ويتكون مصنع سكر الجلوكوز هذا من مكونات دقيقة تسمى البلاستيدات الخضراء (Chloroplasts) وهي موجودة في خلايا النباتات والطحالب وهي مكونات بالغة التعقيد لا تتجاوز أبعادها عدة ميكرومترات. وتقوم هذه البلاستيدات بإدخال جزيئات الماء وثاني أكسيد الكربون من خلال مسامات أغشيتها إلى تراكيبها الداخلية بينما يقوم جزيء الكلوروفيل (chlorophyll) بالتقاط الطاقة الشمسية وتخزينها في ثناياه بشكل مؤقت. ومن ثم  تقوم بعض الأنزيمات بتحليل جزيئات ثاني أكسيد الكربون والماء إلى مركباتها بينما تقوم أنزيمات أخرى بتصنيع سكر الجلوكوز من نواتج هذا التحليل والطاقة الشمسية التي أمسك بها الكلوروفيل. ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه البلاستيدة الخضراء والتي  أسماها الخضر في قوله تعالى "وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)" الأنعام. 


وتقوم البلاستيدات بأخذ ستة جزيئات من ثاني أكسيد الكربون وإثني عشر جزيء من الماء وكمية كافية من الطاقة الشمسية وتنتج مقابل ذلك جزيئا واحدا من سكر الجلوكوز مع ستة جزيئات من الأوكسجين وستة جزيئات من الماء. ويقدر العلماء كمية ثاني أكسيد الكربون الذي تأخذه النباتات والطحالب من الهواء سنويا  بخمسمائة بليون طن وكمية الماء الذي تمتصه النباتات من الأرض والطحالب من البحر بأربعمائة وعشرة بلايين طن وكمية الطاقة التي تستمدها من ضوء الشمس  بجزء من ألفي جزء من مجموع الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض. وتنتج البلاستيدات في المقابل  ثلاثمائة وواحد وأربعين بليون طن من سكر الجلوكوز ومائتين وخمسة بلايين طن من الماء وثلاثمائة وأربعة وستون بليون طن من الأوكسجين. إن هذه الكمية الضخمة من سكر الجلوكوز الذي تنتجه النباتات والطحالب سنويا تقوم عليها حياة جميع الكائنات الحية التي تعيش على الأرض سواء في برها أو بحرها. ويستخدم هذا السكر  في أجسام الكائنات الحية لغرضين رئيسين أولهما استخدامه كمادة خام لتصنيع جميع أنواع المواد العضوية اللازمة لبناء أجسام هذه الكائنات كالكربوهيدرات والدهون والبروتينات والأحماض النووية وثانيهما استخدامه كوقود  يزود الكائنات الحية  بالطاقة اللازمة لإجراء مختلف العمليات الحيوية التي تحتاجها. وعلى الرغم من بساطة تركيب سكر الجلوكوز إلا أن العلماء قد تيقنوا من استحالة تصنيعه من مواده الخام عند درجة حرارة الجو وذلك بدون وجود الأنزيمات وصدق الله العظيم القائل "أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) " النمل.



وتقوم خلايا الكائنات الحية بتفكيك أو حرق جزيء سكر الجلوكوز وتحويل الطاقة الكيميائية المخزنة فيه إلى طاقة كيميائية يتم حملها بجزيء تداول الطاقة وهو ثلاثي فوسفات الأدينوساين (ATP). والميتوكندريون هو المكون المسؤول عن عملية الحرق في داخل الخلايا الحية وفيه من تعقيد التركيب مثل  ما في تركيب البلاستيدة الخضراء.  إن تحلل سكر الجلوكوز لمكوناته الأساسية لا تتم إلا بوجود الأوكسجين فهو الذي يقوم بعملية الأكسدة أو الحرق من خلال اتحاده بالهيدروجين وتحرير الطاقة الموجودة في الروابط الكيميائية بين الهيدروجين والكربون من خلال دورة كريبس أو حامض السيتريك (Krebs or citric acid cycle). وقد وجد العلماء أن الجزيء الواحد من سكر الجلوكوز ينتج عند تحليله أو حرقه خمس وثلاثين جزيئا ناقلا للطاقة (ATP) وبكفاءة تحويل قد تصل إلى ما يقرب من أربعين في المائة. وينتج عن تحلل سكر الجلوكوز في الميتكوندريون غاز ثاني أكسيد الكربون والماء اللذين يخرجان كفضلات من الخلايا ليعودان كمواد غير عضوية إلى الجو ولولا هذا التقدير لنفدت جميع الكميات الموجودة على الأرض من الماء وثاني أكسيد الكربون منذ زمن بعيد



تتكون أجسام الكائنات الحية من ثلاثة أنواع رئيسية من المواد وهي الماء (Water) والمواد العضوية (Organic) والمواد غير العضوية (Nonorganic). ويشكل الماء النسبه الأكبر من وزن الكائنات الحية حيث تتراوح بين خمسين وتسعين بالمائة وذلك حسب نوع الكائن. ويؤكد العلماء على أن ظاهرة الحياة ما كانت لتظهر على الأرض لولا الخصائص الفريدة للماء الذي قال عنه عالم الكيمياء الفيزيائية الروسي إيغور بتريانوف أنه أغرب مادة في هذا الكون وذلك في كتابه "الماء تلك المادة العجيبة" وصدق الله العظيم القائل "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)" الأنبياء. ولا يقتصر دور الماء على كونه السائل الوحيد الذي يمكنه أن يسهل التفاعلات الكيميائية بين جزيئات المواد التي تلزم لبناء أجسام الكائنات الحية بل هو مصدر عنصر الهيدروجين الذي يدخل في تركيب المواد العضوية. ويعتبر الماء  أفضل المذيبات على الإطلاق  (excellent solvent) فهو قادر على إذابة مختلف أنواع العناصر والمركبات العضوية وغير العضوية في حالتها الصلبة أو السائلة أو الغازية. أما الخاصية الثانية للماء فهي قدرته على تأيين أنواع مختلفة من الجزيئات الضرورية للحياة وهذا شرط ضروري لحدوث التفاعلات الكيميائية  بين المواد المختلفة. أما الخاصية الثالثة فهي امتلاكه لتوتر سطحي عالي (high surface tension) مما يمكنه من الالتصاق بالأشياء التي يلامسها والانتشار بكل سهولة في أجسام الكائنات الحية وكذلك الصعود إلى الأعلى عبر الأنابيب الشعرية بما يسمى الخاصية الشعرية (capillarity). 




أما المواد العضوية  فتقسم إلى خمسة أنواع رئيسية وهي البروتينات والكربوهيدرات والدهون والأحماض النووية والفيتامينات. وتتكون جميع أنواع المواد العضوية  من وحدات أساسية من المواد العضوية البسيطة يتم ربطها ببعضها البعض على شكل سلاسل لتنتج مواد بمواصفات غاية في التنوع بعضها لغرض بناء أجسام الكائنات الحية كالبروتينات والدهون وبعضها لتخزين الطاقة كالكربوهيدرات والدهون وبعضها لتخزين المعلومات كالأحماض النووية وبعضها لتسهيل حدوث العمليات الكيميائية عند درجات حرارة منخفضة نسبيا كالأنزيمات والفيتامينات. ويتم تصنيع البروتينات Proteins)) من أربعة عناصر رئيسية وهي الكربون والهيدروجين والأوكسجين والنيتروجين إلى جانب عدد من العناصر الأخرى كالكبريت والفسفور واليود والمغنيسيوم والمنجنيز والحديد وغيرها. وتتكون البروتينات من سلاسل طويلة من جزيئات الأحماض الأمينية (Amino Acids)  العشرين يتراوح طولها ما بين عدة عشرات كما في الببتيدات (peptides) وعشرات الآلاف كما في الببتيدات المتعددة (polypeptides). ويتم تصنيع جميع أنواع البروتينات في داخل مصانع بالغة الصغر  تسمى الرايبوسومات تقع في سيتوبلازم الخلية بعد أن يتم تزويدها بالأحماض الأمينية اللازمة ونسخة من التعليمات التي تبين ترتيبها والموجودة كبرامج على شريط الحامض النووي. وتقوم البروتينات بوظائف كثيرة أهمها بناء مكونات أجسام الكائنات الحية كالخلايا الصلبة في العظام والمرنة في العضلات والشفافة في العيون والحساسة للمؤثرات الخارجية في الحواس المختلفة وغيرها الكثير. أما الوظيفة المهمة الأخرى فهي عملها كإنزيمات (Enzymes) تستخدم لهدفين رئيسيين أولهما كمحفزات (catalysts) تعمل على زيادة سرعة التفاعلات الكيميائية (chemical reactions) حيث أن ن معدل سرعة التفاعلات الكيميائية بين الجزيئات بوجود الإنزيمات يزيد بعشرة آلاف مليون مرة عن المعدل في حالة غيابها.  أما الهدف الثاني فهو تمكين الخلية وكذلك شريط الحامض النووي من التحكم بسير هذه التفاعلات حيث لا يمكن للجزيئات العضوية المختلفة الموجودة في نفس الحيز من التفاعل بمعدلات تذكر إلا بوجود هذه الإنزيمات. 




وأما الكربوهيدرات (Carbohydrates) فتبنى من ثلاثة عناصر فقط وهي الكربون (carbon) والهيدروجين (hydrogen) والأوكسجين (oxygen) وهي تشمل مجموعة كبيرة من السكريات والنشويات والسليلوز وغيرها. إن أهم وظيفة للمواد الكربوهيدراتية هي تخزين الطاقة الكيميائية التي تستمدها من الشمس في روابطها ومن ثم إمداد خلايا الجسم بهذه الطاقة للقيام بمختلف وظائفها الحيوية. وتقوم المواد الكربوهيدراتية بوظائف أخرى غير تخزين الطاقة كاستخدامها كوحدات بناء في بعض مكونات الخلية والمواد العضوية الأخرى كالأحماض النووية والأنزيمات المتممة (coenzymes). إن أبسط أشكال المواد الكربوهيدراتية هي السكريات الأحادية Monosaccharides)) كسكر الجلوكوز (glucose) والفركتوز (fructose) والرايبوز (ribose). وتعتبر السكريات الأحادية وخاصة سكر الجلوكوز الوقود التي تستخدمه الخلايا الحية في جميع أجسام الكائنات الحية لإمدادها بالطاقة في عملياتها الأيضية (metabolism). وأما الأشكال الأخرى فهي السكريات الثنائية (Disaccharides) كالسكروز (sucrose) والسكريات المتعددة Polysacchrides)) كالجلايكوجين (glycogen) والنشا (starch)  والسليلوز (cellulose). وأما الدهون Lipids or Fats)) فتبنى من ثلاثة عناصر وهي الكربون والهيدروجين والأوكسجين بالإضافة إلى بعض العناصر الثانوية كالفوسفور والنيتروجين والكبريت. وتقوم الدهون بوظائف متعددة في الجسم أولها تخزين الطاقة (energy storage) في روابطها الكيميائية وإمداد الجسم بها عند الحاجة أما الوظيفة الثانية للدهون فهي وظيفة بنائية (structural function) حيث تدخل في تركيب كثير من مكونات الخلية خاصة في الغشاء الخلوي والغشاء النووي وتدخل كذلك في تركيب كثير من الهرمونات والفيتامينات. وتوجد الدهون في أجسام الحيوانات والنباتات  بأشكال مختلفة كالزيوت (Oils) والشحوم (Fats) والشموع (Waxes) ويتم تصنيع جميع أنواع الدهون من سكر الجلوكوز وذلك بعد تحويله إلى حامض البايروفك. وأما الأحماض النووية Nucleic Acids)) فتبنى من أربعة عناصر رئيسية وهي الكربون والهيدروجين والأوكسجين والنيتروجين على شكل سلاسل خطية غير متفرعة تبنى من جزيئات عضوية صغيرة تسمى النيوكليوتيدات Nucleotides)). وتستخدم الأحماض النووية لتخزين ونقل المعلومات الوراثية (Genetic information) في كل خلية من خلايا الجسم حيث لا تخلو أي خلية حية من شريط واحد على الأقل من الأحماض النووية.  




أما الفيتامينات (Vitamins) فهي جزيئات عضوية صغيرة تلعب دورا مهما في تمكين الخلايا الحية من القيام بوظائفها الحيوية من خلال عملها  كمرافقات للأنزيمات. ولقد تمكن العلماء من التعرف على ما يقرب من عشرين نوع من الفيتامينات إلا أن عدد المشهور منها ثلاثة عشر وهي فيتامينات ألف (A) وباء 1 أو الثايمين   (B1 or Thiamin) وباء 2 أو الريبوفلافين (B2 or Riboflavin) وباء 3 أو النايسين (B3 or Niacin) وباء 5 أو حامض البانتوثينك (B5 or Pantothenic Acid) وباء 6 (B6) وباء 7 أو البيوتين (B7 or Biotin) وباء 9 أو حامض الفوليك (B9 or Folic Acid) وباء 12 (B12) وسي (C) ودال (D) وإي (E) وكاف (K).  وأما المعادن و الأملاح المعدنية (Mineral Salts) فهي مواد غير عضوية  تلعب دورا مهما في مساعدة الخلاياعلى القيام بوظائفها المختلفة من أهمها تحويل الماء الموجود في الدم وكذلك الماء الموجود في داخل وخارج الخلايا إلى محاليل بمواصفات محددة.  ومن أهم الأملاح الموجودة في الجسم كلوريد الصوديوم وهو ملح الطعام وكلوريد البوتاسيوم وفوسفات الكالسيوم والبيكربونات  والتي تتحول عند إذابتها في الماء إلى منحلات كهربائية (electrolytes) مكونة من أيونات موجبة (cation) وأيونات سالبة (anion) تتحرك بحرية في المحلول وتحوله إلى سائل موصل للكهرباء. إن من أهم وظائف الأملاح هو الحفاظ على حجم ثابت للسوائل  في أجسام الكائنات (osmolality) وكذلك ضبط الأس الهيدروجيني (potential for Hydrogen (pH)). وتقوم العناصرالمعدنية  كذلك بوظائف أخرى في الجسم فالكالسيوم يدخل في تركيب العظام ويعمل على انقباض العضلات والكلور يستخدم لإنتاج حامض الكلوريك في المعدة ويدخل اليود في تركيب هرمون الثيروكسين (thyroxine) الذي تنتجه الغدة الدرقية. ويدخل الفوسفور في تركيب  العظام والأحماض النووية وفي جزيء الطاقة (ATP) وأما الحديد  فيدخل في تركيب جزيء الهيموجلوبين الذي يقوم بنقل الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون. وأما البوتاسيوم والصوديوم فيستخدمان في الخلايا العصبية لتوليد النبضات العصبية. وأما الكبريت فإنه يدخل في تركيب البروتينات ويسرع من تدوير الدم وإفراز العصارات المعدية وينظم دقات القلب ويدخل في تركيب الأعصاب. وأما المغنيسيوم  فيساهم في ما يزيد عن 300 عملية من عمليات الأيض حيث يقوم بتحفيز عدد كبير من الأنزيمات ويعمل على تقوية العظام والأسنان ويزيد من مرونة الأنسجة ويساعد في نمو الخلايا. وأما المنغنيز فيدخل في تركيب بعض الأنزيمات التي تساعد على بناء الأحماض الدهنية والكوليسترول ويقوي الأعصاب.  وأما الزنك فيساعد في إنتاج الهرمونات وبعض البروتينات والأحماض النووية  ويلعب دورا كبيرا في عمل الجهاز المناعي..

ومن كل تأكلون لحما طريا

لقد فضل الله عز وجل الإنسان على غيره من الحيوانات بأن جعل جهازه الهضمي قادر على هضم اللحوم إلى جانب النباتات بينما نجد أن الحيوانات إما أن تكون آكلة للنباتات أو آكلة للحوم وليس كليهما. ومن المعروف أن تركيز المواد العضوية وخاصة البروتينات والدهون في اللحوم أعلى بكثير من تلك التي في معظم النباتات مما يقلل من حجم الطعام الذي يدخله الإنسان في جهازه الهضمي. ولقد سخر الله عز وجل للإنسان لحوم عدد كبير من أنواع الحيوانات والطيور والأسماك ذات اللحم الطري الذي يمكن هضمه بسهولة في جهازه الهضمي. وبما أن الإنسان قد يجد بعض المشقة  في صيد الحيوانات البرية والطيور والأسماك  فقد ذلل الله عز وجل مجموعة من الحيوانات والطيور التي يسهل تربيتها من قبل الإنسان ويستفيد من لحومها وألبانها وبيضها. ومن هذه الحيوانات تلك المسماة بالأنعام وهي الإبل والبقر والغنم والماعز والتي أكد القرآن الكريم على أنها من أكبر النعم التي أنعم بها الله سبحانه على البشر وذلك في آيات كثيرة كما في قوله تعالى "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73)" يس وقوله تعالى "وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) " النحل وقوله تعالى "وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)" النحل وقوله نعالى "وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22)"المؤمنون. لقد حرم الله عز وجل أكل لحوم بعض حيوانات البر كالخنزير والحيوانات والطيور الأكلة للحوم وكذلك دماء الحيوانات والميت منها مصداقا لقوله تعالى  "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)" المائدة.  ولقد أحل  الله عز وجل أكل لحوم جميع أنواع حيوانات البحر مصداقا لقوله تعالى "وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)" النحل.



هناك 6 تعليقات :

  1. مقالة جميلة ورائعة جدا جزاكم الله خيرا

    ردحذف
  2. بقي أمر مهم آخر هو الأمر الرباني للإنسان بالنظر إلى نوعية طعامه المادي والروحي وعاقبة طيب المطعم وسوء المطعم .فالآية الكريمة قد لاتوجه لكل تلك العمليات الدقيقة التي لايعلمها إلا قلة من الناس ، بل توجه كل إنسان إلى تحري طيب مطعمه والنظر في مآلاته

    ردحذف
  3. سلمت الانامل يا اخ مقالاتك كلها رائعة

    ردحذف
  4. اعاننا الله على الطاعة و العبادة التي خلقنا من اجلها .
    ان هذا التسخير كله للانسان والنعم الجمة في المطعم و المشرب لهدف واحد في حياته هو العبادة .
    اللهم اجعلنا من الشاكرين لنعمك واتممها علينا يا كريم

    ردحذف
  5. بارك الله بك دكتور منصور وأفاد الله بعلمكم الأمتين العربية والإسلامية والعالم

    ردحذف
  6. جزاك الله خيراً وبارك فيك. دمت ذخرا لامة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.

    ردحذف