2013-06-18

يـا شـامُ يـا شامُ يا أرض المحبينا \ عصام العطار

يـا شـامُ يـا شامُ يا أرض المحبينا
 
عصام العطار (سوريا  1927-؟)


يـا شـامُ يـا شامُ يا أرض المحبينا
هـان الـوفاءُ وما هان الوفا فـينا
نحـيا على الـبعد أشـواقا مـؤرقـة
 لا الوصلُ يدنو ولا الأيام تسلـينا
إِنّا حملناكِ في الأضلاعِ عاطِفة
وصُورة مِن فُتُونِ الحُسنِ تسبِينا
ماذا أصابكِ مِن أيدي الطُّغاةِ وما
أصاب فيكِ وقد غِبنا المُؤاخِينا
في مِخلبِ الظُّلمِ مِن أكبادِنا مِزق
وفي النُّيُوبِ بقايا مِن أمانينا
وسائِلين مِن الأحبابِ ما صنعت
أيدي الخُطوبِ بِنا في الغربِ نائِينا
لقد نكأتُم جِراحا في أضالِعِنا
وقد أثرتُم دُموعا في مآقينا
نلقى على البُعدِ مِن أيدي أصادِقِنا!
ما لا نُلاقِيهِ مِن أعدى أعادِينا
كانوا سُيوفا بِأيدي الخصمِ مُرهفة
ولم يكونوا سُيوفا في أيادِينا
تبّا لِدُنيا على نِيرانِ فِتنتِها
ذاب الوفاءُ فلا تلقى الوفِيِّينا
لكِننا وعُيونُ اللهِ تلحظُنا
نمضِي على الدربِ والإِيمانُ حادِينا
نمضي على الدربِ لا الكُفرانُ يصرِفُنا
عنِ المسِيرِ ولا العُدوانُ يثنِينا
نرنوإلى اللهِ أبصارا وأفئِدة
اللّهُ غايتُنا واللهُ راعينا
وما طلبنا ثوابا مِن سِواهُ وما
خِفنا عِقابا ولم نُشرِك بِهِ دِينا
العيشُ مِن أجلِهِ -إِن كان- بُغيتُنا
والموتُ مِن أجلِهِ أحلى أمانِينا
ماقيد الفكر منا جور طاغية
أوأوهن العزم بطش المستبدينا
غرامنا الحق لم نقبل به بدلا
إن غيرت غير الدنيا المحبينا
في الخوفِ والأمنِ ما زاغت مواقِفُنا
والعُسرِ واليُسرِ قد كُنا ميامِينا
فما رآنا الهُدى إِلا كواكِبهُ
وما رآنا الندى إِلاّ عناوِينا
وما رآنا العِدى إِلاّ جبابِرة
وما رآنا الفِدا إِلاّ قرابِينا
نفوسنا السلسل الصافي فإن غضبت
للحق ثارت على الباغي براكينا
عِشنا أبِيّين أحرارا فإِن هلكت
في الحقِّ أنفُسُنا مِتنا أبِيِّينا
يا شامُ أين لقـاءات الصفيـيـنـا
 وأين سامرُنا الـماضـي وناديـنـا
وأين يا شام ريعان الشـباب وقـد
 أمسى الشباب رمـادا بين أيديـنـا
أيامـنا في سبـيل الله عاطـرة
وفي مناجـاته طـابت لياليـنـا
لم نـعرف الإثم في سر ولا عـلن
سيان ظاهرنا البادي وخافـيـنا
أحـلامنا الطهر لا رجس ولا كدر
 إذا نثاها الصبا رفت رياحيـنا
وأين يا شـام أيـام الجـهاد وقـد
 زان الجهاد كريم من مواضـيـنا
وأين إخـوتنا الأبـرار لا برحـوا
 لله جندا يصـدُّون المغـيريـنـا
مشاعل الـحق والظلماء عاكـفـة
تهدي إليه على رغم المضليـنـا
كنا الشموس بأرض الشام مـشرقة
 كنا الغيوث ربيعا في روابـيـنـا
كنا الحصون بأرض الشام شامـخة
 فيها الحماة إذا عزّ المحامونـا
كنا الرياح إذا نادى الصريخ بنا
كنا الرجاء إذا ضيمت أراضيـنا
كنا الجبال ثباتـا فـي مواقفـنـا
كنا السماء سموا في معانـيـنـا
فوق المخاوف لا الإرهـابُ يرهبنا
 فوق المطامع لا الإغراء يُغريـنا
فوق الدنا أبدا ما حـطّ طائرُنـا
 في أسر فتنتـها أوزلّ ماشـيـنا
فوق الدنا أبـدا كانـت مآمـلُـنـا
 وفوق زخرفها الفاني أمانـيـنـا
كنّا العقيدة قد جلّت وقـد خلُصـت
 كنا العدالة قد صحت موازيـنـا
كنا الشمائل قد طابت وقـد عذبـت
 فماحكتها الصّبا طيبا ولا ليـنـا
فأين منـّا وقـد بنـّا حواضـرنـا
 وأين منّا وقد غبـنـا بواديـنـا
وأين منّا على شحط مرابـعُـنا
 وأين منّا على بُعد مغانـيـنـا
هل حنّت الورق شوقا عند غيبتنا
 كما حننّا وهل هاجت شجـيـينا
وهل بكى بردى أم جف مدمـعـه
 لما بكى من تباريح المشوقـيـنا
وهل رأت في دروب الخلد غوطتُنا
 وفي خمائله في الأهـل ساليـنـا
وأدمـع الأم يا للأم هـل تـركـت
 لهـا دموعا وأجفانا عواديـنا
إن أسعد الدمعُ فاض الدمع منهـمرا
أوغاض مدمعُـها فالقلبُ يبكـينا
جرح من البعـد يا أمـاه قـرّحـه
 مرُّ السـنين ولم يلق المداويـنـا
جرح حملنا كلانا في جوانـحـنـا
 يكاد في عصفات الشوق يُرديـنا
لئن جزعنا فقـد أودى تصـبُّـرُنـا
 على الفراق وقد أعيا تسلـيـنـا
يا أمِّ سوف يعود الشـمل مجتمـعـا
 لا خيّب الله في اللقيا أمانـيـنـا
فإن قضـى الله ألا نلـتـقي فـغـدا
في ظلّ رحمته يحلوا تلاقينا
يا شامُ هذي تباريح البعـيـدينا
 يا شام هذي شجون المُستهاميـنا
يا شام هيجتِ الذكـرى لواعجـنـا
 وأرخـصت دمعها الغالي مآقيـنا
يا شام قد عظُمت قدرا مطالبُـنـا
 يا شام قد بعُدت شأوا مراميـنـا
نمضي مع الله لا ندري أتُدنـيـنا
 أقـدارنا منك أم تأبى فتقصـيـنا
نمضي مع الله لا تدري جوارينا
 مـتى وأين ترى نلقي مراسيـنا
نمضـي مع الله قدمـا لا تعوقنـا
 عن المضي وإن جلت-مآسينا
نمضي مع الله والإسلام يهديـنـا
 الله يمسـكنا والله يزجـيـنـا
نمضي مع الله والجـلى تناديـنـا
 راضين راضين ما يختار راضينا
يا شام لا تجزعي فالله راعـيـنـا
 يا شام لا تيأسي فالله كافـيـنـا
يا شام جرحك في قلبي أكابده
دما سخيا وآلاما أفانينا
لا عاش فيك قرير العين طاغية
ولا رأى الأمن يوما في مغانينا
عشنا أبيين أحرارا فإن هلكت
في الحق أنفسنا متنا أبيينا
أيامنا في سبيل الله عاطرة
وفي مناجاته طابت ليالينا
لم نعرف الإثم في سر ولا علن
سيان ظاهرنا البادي وخافينا
أحلامنا الطهر لا رجس ولا كدر
إذا ثناها الصبا رفت رياحينا
مشاعل الحق والظلماء عاكفة
تهدي إليه على رغم المضلينا
ياشام لا تجزعي فالله راعينا
ياشام لا تيأسي فالله كافينا
تأتِي جِراح فتثوِي في أضالِعِنا
على جِراح ولا ننسى فِلِسطِينا
الدِّين يهتِفُ أن هُبُّوا لِنُصرتِها
الدِّين يهتِفُ أن هُبُّوا لِنُصرتِها
يميتنا الحزن تفكيرا بحاضرنا
ويبعث الغد آمالا فيحينا
يا كُربة النفسِ لِلإِسلامِ ما صنعت
بِكُلِّ أرض بِهِ أيدِي المُعادِينا
ومِحنةُ العالمِ المنكُوبِ تنشُرُنا
على فواجِعِها يوما وتطوِينا
الأرضُ قد مُلِئت شرّا وزلزلها
جورُ الطُّغاةِ ولُؤمُ المُستغِلِّينا
في الشرقِ والغربِ آلام مُؤرِّقة
تبدوأحايِين أو تخفى أحايِينا
ياللطغاة وما أشقى الأنام بهم
عاثوا قوارين أوعاثوا فراعينا
يسقونك الشهد صرفا في كلامهمُ
وفي فعالهمُ ســّما وغسلينا
إِن يبدُ مكرُهُمُ أو يبدُ فتكُهُمُ
كانُوا شياطِين أو كانوا ثعابِينا
أين الطواعِينُ مِنهُم في إِبادتِهِم
لِلخلقِ قد ظلم الناسُ الطواعِينا
ياثورة الحق تمشي في أضالعنا
نور ونارا وتمشي في روابينا
يا ثورة الحقِّ إِن الكون مسرحُنا
فلا حُدُود تصُدُّ الحق والدِّينا
رِسالةُ اللهِ ربِّ الناسِ أنزلها
لِلناسِ طُرّا فلا تميِيز يلوِينا
ياثورة الحق قد طال الظلام بنا
وآن للفجر أن يمحودياجينا
تأله الظُّلمُ ألوانا بِعالمِنا
فحطِّمي الظُّلم فِرعونا وقارُونا
وحرِّري الأرض بِالإِسلامِ والتمِسِي
خير الهِدايةِ مِن خيرِ النبِيِّينا
اللهُ أكبرُ والدُّنيا سواسِية
فيها البرِيةُ إِنشاء وتكوِينا
لم يفترِق أحد بِالأصلِ عن أحد
أعمالُنا هِي تُعلِينا وتُدنِينا
قودي خطانا على منهاج خالقنا
حقا وعدلا وتحريرا وتأمينا
قودي خطانا لما يشتاق عالمنا
سلما وحبا وإحسانا وتحسينا
قودي خطانا لما تشدو حضارتنا
علما وفكرا وتشييدا وتمدينا
فهُو الخلاصُ لنا مِما يُعنِّينا
وهُو السبِيلُ إِلى أعلى مراقِينا
يا ثورة الحقِّ ما أحلى مرائِينا
الغيبُ يبدولنا نصرا وتمكِينا
وباسِمُ الغدِ عبر الأُفقِ نلمحُهُ
يهفُولِملقاتِنا غارا ونِسرِينا
وقادم النصر نحياه ونلمسه
الله أكده فالنصر آتينا
وقد يكُونُ بِنا والعُمر مُنفسِح
وقد يكُونُ بِأجيال تُوالِينا
فإن ظفرنا فقد نلنا مطالبنا
وإن هلكنا فإن الله جازينا
الموت في طاعة الرحمن يسعدنا
والعيش في سخط الرحمن يشقينا
لقد رضِينا الجِهاد الصِّرف جائِزة
فضلُ الجِهادِ إِذا نِلناهُ يكفِينا
بئس الحياة اذا الطاغوت عبّدنا
نجرُّ أيامها صغرا مرائينا
أما المنية في عز وفي شرف
فهي الأثيرة نطريها وتطرينا
ياثورة الحق هل خاب الرجا فينا
كنا على العهد أحرارا أبيينا
عشنا كراما لعهد الله راعينا
غرا حماة لدين الله وافينا
نطير للغاية القصوى مجدِّينا
ونقحم الموت لا نخشى مجلينا
نرجوالشهادة أونصرا يواتينا
نعطي الحياة فنعلي الحق والدينا

من كتاب (خمسون ألف بيت من الشعر) \ منصور العبادي

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق