2016-07-05

وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت

وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت

الدكتور منصور أبوشريعة العبادي \ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

جاء القرآن الكريم مصدقا لما سبقه من الكتب المقدسة ومصححا لكثير  من التحريفات التي حصلت فيها بل وجاء  بتشريعات ومعلومات لم ترد في أي من هذه الكتب وذلك مصداقا لقوله تعالى (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37)) يونس.  ومن المسائل التي ذكرتها الكتب المقدسة السابقة مسألة هبوط ملائكة من السماء إلى الأرض قامت بتعليم البشر الأوائل كثير ا من الأمور التي تتعلق بشؤون حياتهم وذلك لنقلهم من الحياة البدائية إلى الحياة المدنية من خلال استغلال ما في الأرض من الخيرات التي سخرها الله عز وجل لهم.  وعلى  الرغم من أن القرآن الكريم لم يتطرق لهذه المسألة إلا في آية واحدة إلا أنها تكفي لتصديق بعض ما ذكرته الكتب المقدسة السابقة حول هذا الموضوع.  وهذه الآية هي قوله تعالى (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)) البقرة.  لقد جاءت هذه الآية رغم قصرها على ذكر   ثلاث حقائق  وردت متفرقة في مصادر  مختلفة مما يؤكد على معجزة هذا القرآن وأنه تنزيل من لدن عليم خبير.  فحقيقة نزول الملائكة لتعليم البشر جاء ذكرها في صحف إدريس وفي الألواح المسمارية للحضارة السومرية والبابلية. أما حقيقة نزولهم في بابل فقد وردت في ألواح السومريين والبابلين فقط وأما حقيقة أسماء بعضهم كهاروت وماروت فقد وردت في صحيفة إدريس السلوفاكية.
وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت
لقد ذهب المفسرون من الصحابة والتابعين مذاهب شتى ومتناقضة في تفسير قوله تعالى (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ  فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) البقرة. ونحن نعذر  هؤلاء المفسرين طالما أن الرسول صلى الله عليه وسلم  لم يقم بتفسيرها  ولذلك اعتمدوا على اجتهادتهم الشخصية وما أتيح لهم من معلومات من الكتب المقدسة السابقة.   فالتفسير الأول الذي يؤكد وجود الملكين وقيامهما بتعليم الناس السحر  فينسب إلى  كعب الأحبار  حيث قال : (أن الملائكة أنكروا أعمال بني آدم وما يأتون في الأرض من المعاصي ، فقال الله لهم : إنكم لو كنتم مكانهم أتيتم ما يأتون من الذنوب ، فاختاروا منكم ملكين . فاختاروا هاروت وماروت ، فقال الله لهما : إني أرسل رسلي إلى الناس ، وليس بيني وبينكما رسول ، انزلا إلى الأرض ، ولا تشركا بي شيئا ، ولا تزنيا . فقال كعب : والذي نفس كعب بيده ، ما استكملا يومهما الذي نزلا فيه حتى أتيا ما حرم الله عليهما
أما التفسير الثاني الذي ينفي أن يكون هاروت وماروت ملكين فينسب إلى ابن عباس والربيع  ومفاده (أن ما التي في أول الآية تفيد النفي أي أنه  لم  ينزل السحر على الملكين  وعلى هذا فإن  قوله ) تعالىببابل هاروت وماروت ) من المؤخر الذي معناه التقديم وأن اللذين يعلمانهم ذلك رجلان : اسم أحدهما هاروت واسم الآخر ماروت ويكونهاروت وماروت "  على هذا التأويل  ترجمة على "الناس" .(  ومن الواضح أن هذا التفسير يتعارض مع الفهم المباشر للآية ويحتاج إلى تأويل لغوي معقد ومربك والدافع هو تنزيه الملائكة عن تعليم الناس السحر. ولقد فند أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسيره  هذا الرأي فقال (قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي ، قول من وجه "ما" التي في قوله) : وما أنزل على الملكين إلى معنى "الذي" دون معنى "ما" التي هي بمعنى الجحد وإنما اخترت ذلك  من أجل أن "ما" إن وجهت إلى معنى الجحد  تنفي عن "الملكين" أن يكونا منزلا إليهما  ولم يخل الاسمان اللذان بعدهما - أعني "هاروت وماروت"  من أن يكونا بدلا منهما وترجمة عنهما أو بدلا من "الناس" في قوله) : يعلمون الناس السحر وترجمة عنهم  فإن جعلا بدلا من "الملكين" وترجمة عنهما ، بطل معنى قوله : ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ؛ لأنهما إذا لم يكونا عالمين بما يفرق به بين المرء وزوجه ، فما الذي يتعلم منهما من يفرق بين المرء وزوجه؟  ).
إن المعنى الظاهر لهذه الآية والذي لا لبس فيه أنه يوجد ملكان وهما هاروت وماروت عاشا في أرض بابل (العراق حاليا) وأنه قد أنزل عليهما علما ما وأنهما كان يعلمان الناس من هذا العلم ومن جملته علم السحر  وكان لا يعلمان أحدا من الناس هذا السحر  إلا بعد أن يحذراه من العمل به لكي لا يقع في الكفر. ولكن هذه الآية تثير كثير ا من التساؤلات عن وظيفة هاذين الملكين قي الأرض وهل لا زالا موجودين  وما الذي أنزل عليهما ومن الذي أنزل عليهما وعلى أي هيئة يظهران للناس وهل هما صالحين أم طالحين. وفي غياب أجوبة مباشرة من سيدنا  محمد صلى الله عليه وسلم عن هذه الأمور الغيبية فلا  سبيل للإجابة عليها إلا من خلال الرجوع إلى الكتب المقدسة السابقة أو كتب التاريخ بعد التأكد من  صحة ما ورد فيها إن وجد . ولقد عثرت على نص في صحيفة إدريس السلوفاكية يشير  إلى إسمي الملكين والوظيفة التي وكلها الله عز وجل لهما على الأرض. أما المصدر الثاني الذي يؤكد وجود ملائكة وكذلك شياطين قامت بتعليم الناس في أول عهدهم علوم تتعلق بشؤون دنياهم فهي صحيفة إدريس الأثيوبية.  أما المصدر الثالث الذي يؤكد وجود كائنات غير بشرية كانت تعلم الناس وحددت المكان وهو أرض بابل فهي الألواح الطينية السومرية التي وجدت في جميع أنحاء العراق والتي تعود لما قبل أربعة آلاف سنة من الآن.
الملكان هاروت وماروت لحراسة وتعليم صحف إدريس
            ما كنت لأنتبه إلى أن أسمى الملكين الذين وردا في صحيفة إدريس السلوفاكية  هما هاروت وماروت لولا أن المحقق الذي حقق الكناب قال في الحاشية أن هاذين الملكين ليسا الملكين الذين ذكرهما القرآن الكريم وبدون توضيح منطقي لذلك رغم أنه قال في مكان آخر  أنه ربما وقعت نسخة من هذا الكتاب  في يد محمد صلى الله عليه وسلم . لقد جاء في هذه الصحيفة أن الله عز وجل أمر أحد ملائكته لتعليم إدريس بعد وصوله إلى السماء السابعة كثير من حقائق الكون وكتابتها في ثلاثمائة وستة وستين كتاب. فقد جاء في الفصل الثالث عشر  ما نصه (وأخبرني (أي الملك) عن جميع مخلوقات السماء والأرض والبحر ذهابهم وإيابهم وصوت الرعد  والشمس والقمر وحركات النجوم وتقلباتها والفصول والسنوات والأيام والساعات وحركات الرياح وأعداد الملائكة وأناشيد جمهرة المسلحين 2 وكل ما يتعلق بالإنسان وكل لغة لأناشيدهم وأعمار  البشر  ومبادئهم وتعاليمهم والأناشيد العذبة وجميع ما يلزم للتعلم 3 وأملى علي الملك فرتيل ثلاثين يوما وثلاثين ليلة ولم تفتر شفتاه عن الكلام ولم أفتر   ثلاثين يوما وثلاثين ليلة من كتابة جميع الملاحظات 4 وقال لي فرتيل جميع الأشياء التي أخبرتك عنها وكتبتها إجلس واكتب عن جميع ما يتعلق بأرواح البشر ذلكم الذين لم يلدوا والأماكن التي أعدت لهم إلى الأبد 5 كل روح خلقت خالدة قبل تأسيس الكون 6 وكتبتها جميعها على التواصل لثلاثين يوما وثلاثين ليلة ونسختها جميعها بدقة فكتبت  ثلاثمائة وستة وستين كتاب ).
XXIII. 1. And he told me all the works of *the heaven and * the earth and the sea, * and their goings and comings ^, * the noise of the thunder ; the sun and moon and the movement of the stars ; their changings ; the seasons and years ; days and hours * ; and ' goings of the winds ; and the numbers of the angels ; * the songs of the armed hosts ®. 2. And everything relating to man, and every language of their songs, and the lives of men, and the precepts ^ and instructions, and sweet-voiced singings, and all which it is suitable to be instructed in. 3. * And Vretil instructed me thirty days and thirty nights, and his lips never ceased speaking ; and I did not cease thirty days and thirty nights writing all the remarks ^''. 4. And Vretil " said to me : * ' All the things which I have told thee, thou hast written down. Sit ^^ down and * write all about ^^ the souls of men, those of them wtiich. are not born, and the places prepared for them for ever. 5- ^'^'^ every soul was created eternally^ before the foundation of the world.' 6. And I * wrote all out continuously ^ during thirty days and thirty nights, * and I copied all out accurately, and I wrote366 books ^.,
وفي الفصل الثالث والثلاثين  أمر  الله عز وجل إدريس عليه السلام بالنزول إلى الأرض مع كنبه ليخبر أولاده عن كل ما شاهده في رحلته إلى السموات وما أخبره به الله سبحانه  مباشرة. وقد أخبر الله عز وجل إدريس عليه السلام بأنه قد وكل ملكيين وهما هاروت وماروت لحفظ كتبه من الضياع إلى أخر الزمان (5 والآن إنتبه با إدريس وأعلم من يكلمك وخذ الكتب التي كتبتها بنفسك 6 وسأرسل لك صمؤيل وإيجنيل اللذين أتيا بك إلي فاذهب معهم إلى الأرض وأخبرك أولادك الأشياء  التي قلتها لك وما شاهدته بدءا من السماء الدنيا  وحتى عرشي 7 لأني خلقت جميع الموجودات وجميع القوى وليس هناك من يعارضني أو يعصيني فكلهم خاضعين لقدرتي ويعملون بحكمي 8 أعطهم الأعمال التي كتبت من قبلك وعليهم أن يقرأوها ويعلمون أن خالق الجميع وليعلموا أنه لا  إله معي  9 وعليهم نشر  الكتب التي كتبتها إلى أولاد أولادهم ومن جيل إلى جيل ومن أمة إلى أمة 10 وسأعطيك يا إدريس رسولي القائد الكبير  ميكائيل  لكتبك وكتب أبائك آدم وشيث وأنوش وكينان ومهاليل وجارد أبوك 11 وسوف لن استرجعها حتى آخر الدهر  حيث أني أمرت ملكي اللذين وضعتهما على الأرض كحراس لها 12 وأمرتهما بأن يحرسوها بحيث أن ما قدرته على أهلك لن يضيع في الطوفان القادم )
XXXIII. …. 5. And now pay attention, Enoch, and know thou who is speaking to thee, and do thou take the books which thou thyself hast written. 6. And I give thee * Samuil and Eagnil ' who brought thee * to Me ^- And go * with them * upon the earth, and tell thy sons what things I have said to thee, and what thou hast seen from the lowest heaven up to My throne. '7. For I have created all the hosts, and all the powers, and there is none that opposes Me, or is disobedient i o Me. For all are obedient to My sole power, and labour for My rule alone. 8. Give ^ them the works written out by thee, *and they shall read them, and know Me to be the Creator of all; and shall understand that there is no other God beside Me ^. 9. * They shall distribute the books of thy writing to their children's children^, and from generation to generation, and from nation to nation. 10. * And I will give thee, Enoch, My messenger, the great captain Michael, for thy writings and for the writings of thy fathers, Adam, Seth, Enos, Kainan, Malaleel, and Jared, thy father*. 11. *And I shall not require them till the last age, for I have instructed My two angels, Ariukh and Mariukh, whom I have put upon the earth as their guardians. 12. And I have ordered them in time to guard them that the account of what I shall do in thy family may not be lost in the deluge to come ^
وفي الفصل الخامس والثلاثين أخبر الله عز وجل إدريس عليه السلام بأن الملكين هاروت وماروت سيقومان بإطلاع  البشر على هذه  الكتب وخاصة الأجيال التي ستظهر بعد الطوفان مباشرة والأجيال التي  ستظهر في آخر الزمان (1 وسأبقي على رجل صالح من جنسك (أي بعد الطوفان) مع جميع أهله والذين سيعملون وفقا لمشيئتي ومن ذريتهم وبعد حين ستظهر   أجيال عديدة ولكن سيكون كثير منهم لا يقنعون 2 وبعد انقراض تلك العائلة سأطلعهم على كتبك وكتب آبائك والحراس عليها  سيطلعون عليها الرجال المستقيمين الذين يرضونني ولا يستهينون باسمي 3 وسبنقلونها لجيل آخر  وعندما يقرأونها سيبتهجون أكثر مما سبق ).
XXXV. I. And I will leave a righteous man *of thy race ', with all his house who shall act according to My will. From their seed * after some time ^ will be raised up a numerous ^ generation, but * of these, many will be ^ very insatiable. 2. Then on the extinction of that family, I will show them the books of thy writings, and of thy fathers, and the guardians of them on earth will show them to the men who are true, * and please Me, who do not take My name in vain ^. 3. And they shall tell to another ^ generation, and these * having read them ', shall be glorified at last more than before.
وبناء على هذه النصوص فقد يكون الملكين هاروت وماروت هما الملكين الذين وكلهما الله عز وجل بحراسة الكتب التي أنزلت مع إدريس عليه السلام وكذلك سمح لهما بتعليم بعض ما فيهما للناس. إن العلوم التي كتبها إدريس عليه السلام في كتبه تتعلق بجميع ما يجري في هذا الكون خيره وشره كما ذكر ذلك في الفصل الثالث عشر  المكتوب أعلاه. ومن الواضح أن بعض الناس كانت تتعلم العلوم التي تنفع البشر  وبعضهم كان يتعلم العلوم التي تضر البشر  كالسحر مثلا بدليل قوله تعالى (وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ). وكان الملكان يحذران الناس الذين يتعلمون العلوم الضارة بأن هذه العلوم قد تقودهم إلى الكفر  وإن تعليمهما الناس هذه العلوم الضارة إنما هي وسيلة لاختبار البشر .
ولكن الشياطين كفروا يعلمون السحر
لقد ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تؤكد على أن للشياطين القدرة على تعليم البشر  مختلف أنواع الشر من خلال الوسوسة في عقولهم كما في قوله تعالى (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119)) النساء وقوله تعالى (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)) الحجر. وتحصل الشياطين على هذه الشرور من خلال المعلومات التي كانت لدى إبليس عندما كان في السماء ومن خلال استراقه هو  وقبيله  السمع لما يجري في السماء بعد طرده منها كما جاء ذلك في قوله تعالى (وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)) الحجر وقوله تعالى (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)) الجن.
ولقد جاء تأكيد ذلك في صحيفة إدريس الأثيوبية وذلك في الفصل الثامن (1 وعلم أزازيل البشر  صناعة السيوف والسكاكين والدروع والمزارد وعلمهم معادن الأرض وتعدينها والأساور والزينة وإستخدام الإثمد وتزيين الجفون وجميع الأحجار الكريمة ومواد التلوين 2وكان هناك شر عظيم وفسوق كثير  ووقعوا (أي الناس) في الذنوب  وكانت جميع مسالكهم ضالة 3 وعلم سيمجازا السحر  وقطع الجذور وأرماروس  فك الطلاسم وباركال علم التنجيم وكوكابيل البروج وإزاكيل معرفة السحب وأراكيل علامات الأرض وشامسيل علامات الشمس وساريل علم مسار القمر   )
VIII. 1. And Azâzêl taught men to make swords, and knives, and shields, and breastplates, and made known to them the metals of the earth and the art of working them, and bracelets, and ornaments, and the use of antimony, and the beautifying of the eyelids, and all kinds of costly stones, and all colouring tinctures. 2. And there arose much godlessness, and they committed fornication, and they were led astray, and became corrupt in all their ways. 3 Semjâzâ taught enchantments, and root-cuttings, Armârôs the resolving of enchantments, Barâqîjâl, (taught) astrology, Kôkabêl the constellations, Ezêqêêl the knowledge of the clouds, Araqiêl the signs of the earth, Shamsiêl the signs of the sun, and Sariêl the course of the moon. (trans. R. H. Charles)
الألواح الطينية السومرية
في عام 1849م اكتشف عالم الآثار  البريطاني أوستن ليرد (Austen Layard) في مدينة نينوى في العراق ما يقرب من عشرين ألف لوح طيني مكتوب عليها باللغة المسمارية ولذا أطلق عليه اسم الألواح المسمارية (Cuneiform Tablets). وبعد أن قام الدارسين بترجمة هذه الألواح تبين لهم أنها تعود لحضارات ظهرت في جنوب العراق  قبل أربعة آلاف سنة قبل الميلاد وهي الحضارات السومرية والأكادية والبابلية, ولقد دقع  هذا الاكتشاف علماء الآثار  للتنقيب عن مزيد من هذه الألواح في مناطق هذه الحضارة فعثروا على عشرات الآلاف منها يوجد معظمها  في المتاحف البريطانية والفرنسية. ولقد كشفت هذه الألواح عن أن أول هذه الحضارات وهي الحضارة السومرية كانت متقدمة جدا بحيث أن بعض العلماء يشكون أنها  ظهرت بشكل طبيعي بل تمت بمساعدة مخلوقات غير أرضية كما ورد ذلك في بعض تلك الألواح.
لقد كانت الحضارة السومرية متقدمة في أساليب الزراعة والصناعة واستخراج المعادن  وتخطيط المدن وشق الطرق وقنوات الري والتصريف وبناء المعابد والبيوت والأسوار وبناء السفن والقوارب وعمل التماثيل. وفي مجال التعليم اخترعوا الكتابة وأسسوا المدارس التي تدرس مختلف أنواع العلوم. وفي مجال الرياضيات والهندسة  اخترعوا نظام العد العشري والستيني وحددوا زاوية محيط الدائرة بثلاثمائة وستين درجة وحسبوا مساحات وأحجام كثير من الأشكال الهندسية. وفي مجال التقويم حددوا عدد الأشهر باثني عشر  شهرا وعدد أيام السنة الشمسية والقمرية وعدد آيام الأسبوع مع أسمائها وعدد أيام الأشهر وعدد الفصول وعدد ساعات اليوم. وفي مجال الفلك حددوا عدد الكواكب وعدد البروج الإثني عشر   وتحديد مواقع كثير من النجوم واستخدامها في تحديد مواعيد الزراعة. وقاموا بوضع التشريعات الإدارية والقانونية والاقتصادية التي تنظم حياتهم وكذلك انتخاب مجالس الشورى التي تتخذ القرارات في أوقات السلم والحرب.
إن أهم ما يلفت النظر  في حضارة السومريين هو معتقداتهم الدينية وكتابتهم لتاريخ البشر  منذ نشأتهم على الأرض والتي كتبت على شكل أساطير. ففي مجال التاريخ تم العثور على ما يسمى بصحيفة الملك والتي قسمت تاريخ البشر إلى ما قبل الطوفان وما بعد الطوفان فقد حكم قبل الطوفان ثمانية ملوك تمتد فترة حكمهم لما يزيد عن 240 ألف سنة بينما حكم بعد الطوفان سلسلة ملوك سومر  ولكن لفترات حكم تقلصت بشكل كبير. وفي ألواح أخرى  جاء وصف الطوفان ونجاة بعض البشر على ظهر  سفينة مشابها لما جاء في الكتب المقدسة . وجاء وصف خلق الكون مطولا في ألواح أخرى وفيه تمت أحداث كالتي ذكرتها الكتب المقدسة كانفصال السماء عن الأرض. وتتحدث أسطورة أخرى  عن قيام آلهة ثلاثة وهم الأناناكي (Anunnaki) بتصنيع الإنسان وتعليمه. أما اللوح الذي يهمنا والذي يتعلق بقيام مخلوقات غير بشرية بتعليم البشر مقومات الحضارة والذي يدعم إشارة القرآن الكريم إلى أن الملكين هاروت وماروت كانا يقومان بتعليم البشر مختلف أنواع المعارف. فقد جاء في هذا اللوح ما نصه:
(في البداية كانوا يعيشون عيشة بائسة وبدون قوانين كحال الوحوش. ولكن في السنة الأول ظهر حيوان بقدرات إنسان أسمه أونس (Oannes) خرج من الخليج  العربي في المكان المجاور لأرض بابل له جسم سمكة ولكن على رأسها يوجد رأس إنسان ويخرج من ذيلها رجلي إنسان. له صوت إنسان وحفظت صورة له حتى اليوم. ويمضي يومه بين الناس بدون أكل ويعلمهم الكتابة وجميع أنواع العلوم والفنون. وكان يعلمهم بناء المدن وتأسيس المعابد وسن القوانين ويشرح لهم أسس المعرفة الهندسية. ويجعلهم يفرقون بين بذور الأرض وكيف يقطفون الثمار  وباختصار يعلمهم كل شيء يسهل  حياة البشر وينظم شؤونهم. ومنذ ذلك الحين لم يضف شيء يذكر  لتعليماته. وعندما تغيب الشمس يعود المخلوق أونس إلى البحر حيث أنه برمائي.  وبعد ذلك يخرج حيوان آخر  مثل أونس.  )
"At first they led a somewhat wretched existence and lived without rule after the manner of beasts. But, in the first year appeared an animal endowed with human reason, named Oannes, who rose from out of the Erythian Sea, at the point where it borders Babylonia. He had the whole body of a fish, but above his fish's head he had another head which was that of a man, and human feet emerged from beneath his fish's tail. He had a human voice, and an image of him is preserved unto this day. He passed the day in the midst of men without taking food; he taught them the use of letters, sciences and arts of all kinds. He taught them to construct cities, to found temples, to compile laws, and explained to them the principles of geometrical knowledge. He made them distinguish the seeds of the earth, and showed them how to collect the fruits; in short he instructed them in everything which could tend to soften human manners and humanize their laws. From that time nothing material has been added by way of improvement to his instructions. And when the sun set, this being Oannes, retired again into the sea, for he was amphibious. After this there appeared other animals like Oannes."



ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق