2014-07-25

غزة: جار الأكثرين ذليل


غزة: جار الأكثرين ذليل


 

الدكتور منصور أبوشريعة العبادي \جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

 

لله در السموأل بن عادياء اليهودي عندما مدح نفسه وقومه على قلة عددهم وذم قبائل العرب من حوله عندما لم يجرؤ أي منها على إجارة  إمرئ القيس من بطش طالبيه بينما قام هو بإجارته وحفظ أمواله وأسلحته وابنته في حصنه المشهور المسمى بالأبلق والذي يقع في منطقة تيماء الواقعة بين المدينة المنورة وتبوك. ويقال أن ابن السموأل قد قتل من قبل طالبي إمرئ القيس أمام ناظري أبيه حين أمسكوا به خارج الحصن وقد طلبوا من السموأل أن يسلمهم ودائع إمرئ القيس على أن يسلموه إبنه إلا أنه رفض ذلك رفضا قاطعا وضحى بإبنه مقابل حفظه للأمانة.  يقول السموأل مادحا نفسه وقومه على هذا الموقف الشهم وغيرها من المواقف في هذه القصيدة المشهورة:  

 

إذا المرءُ لم يُدنس مِن اللُؤمِ عِرضُهُ
فكُلُّ رِداء يرتديهِ جميلُ
وإِن هُو لم يحمِل على النفسِ ضيمها
فليس إِلى حُسنِ الثناءِ سبيلُ
تُعيِّرُنا أنّا قليل عديدُنا
فقُلتُ لها إِنّ الكِرام قليلُ
وما قلّ من كانت بقاياهُ مِثلنا
شباب تسامى لِلعُلى وكُهولُ
وما ضرّنا أنّا قليل وجارُنا
عزيز وجارُ الأكثرين ذليلُ
لنا جبل يحتلُّهُ من نُجيرُهُ
منيع يرُدُّ الطرف وهُو كليلُ
رسا أصلُهُ تحت الثرى وسما بِهِ
إِلى النجمِ فرع لا يُنالُ طويلُ
هُو الأبلقُ الفردُ الّذي شاع ذِكرُهُ
يعِزُّ على من رامهُ ويطولُ
وإِنّا لقوم لا نرى القتل سُبّة
إِذا ما رأتهُ عامِر وسلولُ
يُقرِّبُ حُبُّ الموتِ آجالنا لنا
وتكرهُهُ آجالُهُم فتطولُ
وما مات مِنّا سيِّد حتف أنفِهِ
ولا طُلّ مِنّا حيثُ كان قتيلُ
تسيلُ على حدِّ الظُباتِ نُفوسُنا
وليست على غيرِ الظُباتِ تسيلُ
صفونا فلم نكدُر وأخلص سِرّنا
إِناث أطابت حملنا وفُحولُ
علونا إِلى خيرِ الظُهورِ وحطّنا
لِوقت إِلى خيرِ البُطونِ نُزولُ
فنحنُ كماءِ المُزنِ ما في نِصابِنا
كهام ولا فينا يُعدُّ بخيلُ
ونُنكِرُ إِن شِئنا على الناسِ قولهُم
ولا يُنكِرون القول حين نقولُ
إِذا سيِّد مِنّا خلا قام سيِّد
قؤُول لِما قال الكِرامُ فعُولُ
وما أُخمِدت نار لنا دون طارِق
ولا ذمّنا في النازِلين نزيلُ
وأيّامُنا مشهورة في عدُوِّنا
لها غُرر معلومة وحُجولُ
وأسيافُنا في كُلِّ شرق ومغرِب
بِها مِن قِراعِ الدارِعين فُلولُ
مُعوّدة ألّا تُسلّ نِصالُها
فتُغمد حتّى يُستباح قبيلُ
سلي إِن جهِلتِ الناس عنّا وعنهُمُ
فليس سواء عالِم وجهولُ
فإِنّ بني الريّانِ قطب لِقومِهِم
تدورُ رحاهُم حولهُم وتجولُ

 

وهاهو اليوم يعيد التاريخ نفسه ويعود حال العرب إلى الحال الذي كانوا عليه قبل الإسلام قبائل متفرقة ضعيفة لا يمكنها أن تجير من يستجير بها من المستضعفين والمظلومين. وما الأحداث التي تجري في غزة هاشم وما يتعرض له أهلها من حصار وقتل وتشريد من قبل العدو الصهيوني إلا دليل على خيبة وجبن ولؤم الدول العربية. فغزة هاشم جارة لأكبر دولة عربية ومن ورائها دول عربية كثيرة عاجزة تمام العجز عن نصرة الشعب الفلسطيني في غزة بل وصل الخذلان والخوف بهم أنه لا يمكنهم أن يقدموا الطعام والدواء إليهم ولا نقول السلاح. وليت الأمر توقف عند هذا الحد فهاهم العرب اليوم يقومون ببناء جدر من حديد حول قطاع غزة حتى لا يمكنوهم من حفر الأنفاق التي يجلبون من خلالها الطعام والدواء لساكني القطاه  ومرة أخرى لله درك يا سموأل فما أبلغ وصفك لحال العرب الذين لم يكتفوا فقط قي عدم حماية أهل غزة بل تعاونوا مع العدو على حصارهم:

    وما ضرنا أنا قليل وجارنا                       عزيز وجار الأكثرين ذليل  

 

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق