2025-11-21

وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً

 

وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً

الدكتور منصور أبو شريعة العبادي \ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية


        إن من أكبر النعم التي أنعم الله عز وجل بها على البشر هو تسخيير مجموعة من الحيوانات المستأنسة يأكلون لحومها وشحومها ويشربون ألبانها ويصنعون بيوتا متنقلة خفيفة وملابس وأحذية من أصوافها وأشعارها وأوبارها وجلودها ويوقدون نارهم من روثها وبعرها ويركبون بعضها ويحملون عليها حوائجهم وبضائعهم في تنقلاتهم وأسفارهم وتجارتهم ويحرثون ويسقون بها أرضهم وزرعهم وأشجارهم. وتعتبر المنتجات الحيوانية من لحوم وألبان من أهم مصادر الطعام للبشر الغنية بالبروتينات إلى جانب الحبوب والفواكه والخضروات الغنية بالكربوهيدرات والمعادن والفيتامينات. وإن من أكبر معجزات الله عز وجل في الأنعام هي قدرة جهازها الهضمي الفريد  على إنتاج اللحوم والحليب من الأعشاب والحشائش وأوراق الأشجار والزروع المكونة من مادة السليلوز والتي يصعب هضمها من قبل معدة الإنسان. إن تحويل مادة السليلوز عديمة الفائدة إلى لحوم وألبان غنية بالعناصر الغذائية للإنسان يتطلب تصميم جهاز هضمي معقد لهذه الأنعام يختلف عن الجهاز الهضمي للإنسان كما سنشرح ذلك لاحقا. فالأنعام من الحيوانات المجترة والتي تقوم بتخزين الأعشاب التي تلتهمها بسرعة وبدون مضغ في أحد الغرف الأربع المكونة لمعدتها وهي الكرش وذلك أثناء النهار. ومن ثم يتم تخمير هذه الأعشاب من قبل عدد هائل من الميكروبات في الكرش ويتم إعادته إلى الفم  ليعاد مضغه وخلطه باللعاب بشكل جيد بما يسمى بعملية الإجترار وأخيرا تمريره إلى غرف المعدة الأخرى لهضمه وإمتصاصه. ويتميز الجهاز الهضمي للحيوانات المجترة بكفاءته العالية جدا في تحويل الأعشاب وأوراق الأشجار الغنية بالسيليلوز الذي يصعب هضمه من قبل بقية الحيوانات غير المجترة إلى لحوم وألبان يسهل هضمها من قبل الإنسان. وللتدليل على ذلك فإن إنتاج لترا واحدا من الحليب يحتاج أن يأكل الحيوان كيلو غرام واحد فقط من الحشائش الجافة ويحتاج إنتاج كيلوغرام واحد من اللحم أكل خمسة كيلوغرامات من الأعشاب الجافة. ولذلك فقد لفت الله عز وجل أنظار البشر لمعجزة تحويل الأعشاب عديمة الفائدة إلى فرث ثم إلى دم ثم إلى لحوم وألبان في بطون هذه الأنعام  وذلك في قوله تعالى (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)) النحل وقوله سبحانه (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22)) المؤمنون.

أما المعجزة الثانية من معجزات الله عز وجل في الأنعام فهي تذليلها وترويضها للبشر بما يسمى بالحيوانات المستأنسة (Domestic animals) كالخيل والبغال والحمير والفيلة والخنازير والكلاب والقطط والأرانب والدواجن. فالطابع الغالب على الحيوانات البرية أو المتوحشة (Wild animals) أنها لا تتعايش مع البشر وتهرب منهم ولا تعتمد عليهم في تأمين سبل عيشها. أما الحيوانات المستأنسة فقد أودع الله عز وجل في جيناتها  ما يجعلها تستأنس بالناس وتعيش بالقرب منهم وتعتمد عليهم في تأمين طعامها وشرابها ومسكنها. ولقد تبين للعلماء في هذا العصر أن عملية إستئناس (Domestication) الحيوانات البرية تحتاج إلى تعديل بعض الجينات في شريطها الوراثي (genetically adapted) وذلك من خلال عمليات التهجين الإختياري ( selective breeding) للحصول على الصفات المرغوبة (Desirable traits) للإستئناس.  ولقد إمتن الله عز وجل على البشر بتذليل هذه الحيوانات لهم وخاصة الأنعام وذلك في قوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (73)) يس وقوله تعالى (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)) النحل وقوله سبحانه (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80)) غافر.

وأما المعجزة الثالثة في الأنعام فهي كثرة المنافع الي تقدمها للبشر كاللحوم والألبان للأكل والشرب والجلود والصوف والشعر والوبر لصناعة الخيام والملابس والأحذية والأثاث والفرش والبعر والروث للتدفئة والطبخ ولتسميد الأرض وكذلك قوة أجسام بعضها للحمل والسفر والحرث والسقي. ومن منافع الأنعام تمتع البشر بزينة أشكال وألوان أجسام صغارها وكبارها وجمال مناظرها وهي تسرح في المراعي والحقول. ولقد عدد القرءان الكريم هذه المنافع المختلفة في آيات كثيرة لعل البشر يعتبرون منها ويشكرون الله عز وجل على هذه النعم  كما في قوله تعالى (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)) النحل وقوله تعالى (وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142)) الأنعام  وقوله سبحانه (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80)) النحل  وقوله تعالى (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13)) الزخرف.


والأنعام من الحيوانات المجترة (ruminants) وهي تلك التي تقوم بتخزين الطعام الذي تأكله في أحد الغرف الأربع المكونة لمعدتها وهي الكرش ليتم تخميره (fermenting) لفترة من الزمن ثم  يتم استرجاع الطعام إلى الفم أو ما يسمى بالإجترار(rumination)  ليعاد مضغه وخلطه باللعاب بشكل جيد ومن ثمتمريره  إلى غرف المعدة الأخرى لإتمام عملية الهضم. ويعود السبب في الحاجة إلى عملية الإجترار هو أن الطعام الرئيسي الذي تتغذى عليه الحيوانات المجترة هي الأعشاب والحشائش وأوراق الأشجار وقش  (Straw) الزروع التي تتكون بشكل رئيسي من مادة السليلوز(cellulose) الموجود في جدار الخلية النباتية.  والسليلوز هو نوع من أنواع الكربوهيدرات المعقدة (complex carbohydrates) وهي السكريات المتعددة  (Polysaccharides) حيث يتكوّن من وحدات متكررة من سكر الجلوكوز قد تصل إلى عدة آلاف وحدة.  وهذه الوحدات السكرية مرتبطة  بروابط هيدروجينية قوية جدا مكونة ألياف متينة تجعل من السليلوز مادة صعبة الهضم في معدات معظم الكائنات الحية.

ويوجد ما يزيد عن مائتي نوع من أنواع الثدييات ذوات الظلف (hoofed mammals) المجترة (Ruminantia) وهي رتبة فرعية من الثدييات العاشبة أي آكلة الأعشاب والأعلاف (grass/roughage eaters) والتي تتميّز بامتلاكها أظلافًا مشقوقة ( cloven hooves) ومعدة مكوّنة من أربع حجرات تساعدها على اجترار الطعام وهضمه على مراحل. وتتميز الحيوانات المجترة بميزة فريدة وهي أن أسنانها لا تتوقف عن النمو طول حياتها (continuously growing teeth) حيث أنها أطرافها تتأكل (abrasion) باستمرار نتيجة لقضم كميات كبيرة من الأعشاب والأوراق يوميا. ومن أشهر أنواع الحيوانات المجترة الأنعام وهي الأبقار والأغنام والماعز والإبل (الإبل شبه مجترة) والجواميس والظباء والأيائل والزرافات. ويوجد كثير من الحيوانات العاشبة غير المجترة كالخيل والبغال والحمير والفيلة والكوالا والباندا والأرانب حيث تمتلك معدة  كالإنسان إلا أنه يتم تخمير الأعشاب في المصران الأعور والأمعاء الغليظة. ولقد حدد القرءان الكريم أربعة أنواع من هذه الحيوانات المسماة بالأنعام (livestock or cattle) وهي البقر والإبل والغنم والمعز وذلك في قوله تعالى (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6)) الزمر وقوله تعالى (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144)) الأنعام.


يختلف تركيب الجهاز الهضمي الحيوانات المجترة بشكل جذري عن تركيب تلك التي للإنسان وبقية الحيوانات العاشبة غير المجترة حيث أنه نظام هضمي فريد ( unique digestive system).  وتتكون معدة الحيوانات المجترة من أربع غرف رئيسية تعمل على هضم الأعشاب والحشائش بكفاءة عالية تفوق كفاءة معدات الحيوانات غير المجترة. والغرف الأربع لمعدة الحيوان المجتر هي على التوالي الكرش (Rumen) والشبكية (Reticulum) وأم التلافيف أو الورقية (Omasum) والأنفحة أو المعدة الحقيقية (Abomasum). فالكرش الذي يشكل ثمانين بالمائة من حجم الجهاز الهضمي للحيوان البالغ يستلم النباتات التي يلتهمها الحيوان بدون مضغ أو خلط باللعاب ويبتلعها من خلال المريء . ويحتوي الكرش على أنواع مختلفة من الميكروبات المختصة في هضم السليلوز النباتي كالبكتيريا ( bacteria) والفطريات (fungi) والأوليات (protozoa) والطلائعيات وقد يصل عددها إلى مائة بليون ميكروب في الملليمتر المكعب الواحد من سائل الكرش. ويقوم الكرش بعملية تخمير الأعشاب والحشائش لعدة ساعات في بيئة رطبة وحامضية وعند درجة حرارة تبلغ 40 درجة مئوية تقوم الميكروبات خلالها بتحليل وهضم هذا الطعام الغني بالسليلوز.


 ويلزم لتكسير الروابط القوية بين وحدات سكر الجلوكوز في السليلوز وجود إنزيم خاص هو إنزيم السليولاز (Cellulase) والذي تنتجه أنواع خاصة من البكتيريا تسمى البكتيريا السليلوزية  (Cellulolytic bacteria) وهي نوع  من البكتيريا اللاهوائية (anaerobic) التي تتكاثر وتعيش  في كروش الحيوانات المجترة تحت ظروف خاصة من درجة الحرارة ودرجة الحموضة والرطوبة. وتنتج الميكروبات (microbes) من تحليل السليلوز (break down cellulose)  أحماض دهنية طيارة (volatile fatty acids) كالأسيتيت (acetate) والبروبيونيت (propionate) والبوتيريتت (butyrate) والتي يتم إمتصاصها فورا من جدار الكرش ويحملها الدم إلى الكبد لتمد الحيوان بالطاقة اللازمة.  وتنتج الميكروبات المتكاثرة لبناء أجسامها بروتينات ميكروبية (microbial  protein) يتم تحليلها إلى أحماض أمينية (amino acids) وأمونيا (ammonia) ومن ثم إمتصاصها في المعدة الحقيقية إلى جانب إطلاق غازات الميثان (methane) وثاني أكسيد الكربون والتي يقوم الحيوان بالتخلص منها بالتجشؤ (Eructation) من خلال الفم.

إن كروش الحيوانات المجترة حديثة الولادة لا تحتوي على الميكروبات اللازمة لهضم الأعشاب ولذلك فهي تعتمد على حليب أمهاتها في غذائها. ومن بديع صنع الله عز وجل أن الغرف الثلاث الأولى للجهاز الهضمي لصغار الحيوانات المجترة وهي الكرش والشبكية وأم التلافيف تكون صغيرة الحجم بينما يبلغ حجم المعدة الحقيقية أو الأنفحة ما يقرب من 70 بالمائة من حجم المعدة الكلية. ولذلك فإن الحليب الذي تشربه صغار الحيوانات المجترة يذهب مباشرة من خلال مجرى خاص وهو الاخدود المريئي (oesophageal groove) إلى المعدة الحقيقية مباشرة حيث يتم هضمه فيها ومن ثم يتم إمتصاص نواتج الهضم في الأمعاء الدقيقة. ومع تقدم عمر الصغير يبدأ بالحصول على ميكروبات الكرش من الماء والهواء ومن جسم أمه وخاصة الضرع ويبدأ الكرش بالتوسع بشكل متسارع استعدادا لتحول غذاء الصغار من الحليب إلى الأعشاب.


ويتصل بالكرش من الجهة الأمامية الغرفة الثانية من غرفات المعدة وهي الشبكية (Reticulum) أو القلنسوة (bonnet or kings-hood) وهي كروية الشكل وبحجم لا يتجاوز خمسة بالمائة من حجم المعدة الكلي وتتصل بالكرش من خلال فتحة مزودة بطية عضلية (muscular fold) قريبة من مصب المريء في الكرش. إن السطح الداخلي للشبكية ليس أملسا بل يتكون من بروزات على شكل خلية النحل (honeycomb) تعمل على الإمساك بالمواد الصلبة أي الرفث ( cud ) وإرجاعه إلى الكرش ومن ثم إلى الفم للإجترار.  إن الوظيفة الرئيسية للشبكية إلى هي فصل قطع الطعام (particle separation) الكبيرة والصغيرة القادمة من المريء حيث تقوم بالإنقباض بشكل دوري وعند كل عملية إنقباض يتم إعادة القطع الكبيرة إلى الفم ليتم طحنها بشكل جيد وخلطها باللعاب وإعادتها إلى الكرش بما يسمى بالإجترار. وتنتج الحيوانات المجترة كميات كبيرة من اللعاب فعلى سبيل المثال تنتج البقرة ما يزيد عن مائة لتر من اللعاب يوميا. أما القطع الدقيقة المذابة بسائل المعدة فيتم دفعها إلى الغرفة الثالثة من غرف المعدة وهي أم التلافيف من خلال الصمام الواقع بين الشبكية وأم التلافيف (reticule-omasal sphincter).  ويتميز المريء (esophagus) عند الحيوانات المجترة بأنه ثنائي الاتجاه (bidirectional) حيث يسمح بحركة الطعام من الفم إلى الكرش وبالعكس من خلال تغيير اتجاه انفباضات عضلات المريء.

        تقع الغرفة الثالثة وهي غرفة أم التلافيف (Omasum) أو الحفثة على الجانب الأيمن الأمامي من الكرش بحجم يبلغ عشرة بالمائة من حجم المعدة الكلي وسميت بهذا الأسم لانها جدارها الداخلي مكون من طيات عديدة (multiple leaflets) تشبه صفحات الكتاب (book-like structure) لزيادة مساحة سطحها الداخلي.  وتتكون الطية الواحدة من عدة طبقات عضلية رقيقة مغطاة بغشاء مخاطي غير غدي. وتعمل أم التلافيف كمصفاة تمرر الجزيئات المتخمرة الدقيقة وتقوم بامتصاص الماء والأملاح (minerals) والأحماض الدهنية الطيارة (volatile fatty acids) وبعض العناصر الغذائية ولا تفرز أي أنزيمات هاضمة حيث يخلو جدارها من الغدد. وتدفع أم التلافيف الطعام غير المهضوم الخالي نسبيا من الماء إلى الغرفة الرابعة والأخيرة من المعدة وهي الأنفحة أو المعدة الحقيقية من خلال صمام يربط بينهما.

        وتقع الغرفة الرابعة وهي الأنفحة (Abomasum) وهي المعدة الحقيقة التي تشبه معدة الإنسان وبقية الحيوانات غير المجترة أسفل منتصف الكرش ويبلغ حجمها خمسة بالمائة من حجم المعدة الكلية. ويحتوي جدار الأنفحة على الغدد التي تفرز حمض الهيدروكلوريك (hydrochloric acid) والإنزيمات الهاضمة (digestive enzymes) مثل البيبسين وذلك لهضم البروتين الغذائي (dietary protein) والبروتين الميكروبي ( microbial  protein) الذي أنتجته الميكروبات من السليلوز في الكرش. تدفع الأنفحة بالطعام المهضوم إلى الأمعاء الدقيقة ( small intestine) لإمتصاص الأحماض الأمينية الناتجة من هضم البروتينات ومن ثم إلى الأمعاء الغليظة ( large intestine) التي تقوم بتخمير ما تبقى من ألياف سليلوزية غير مهضومة وإمتصاص الماء وبعض الأملاح وإخراج الفضللات.


        تقوم بعض الخلايا الموجودة على سطح الزغب الموجود في الأمعاء الدقيقة والغليظة  بإفراز الأنزيمات الخاصة بهضم المواد العضوية المختلفة وتحويلها إلى الوحدات الأساسية للبروتينات والكربوهيدرات والدهون.  فالكربوهيدرات المعقدة يتم تحويلها إلى السكاكر الثنائية (Disaccharides) كالسكروز  واللاكتوز والمالتوز  ومن ثم يتم تحويلها إلى الوحدات الأساسية وهي السكاكر الأحادية (Monosaccharides) كالجلوكوز  والفركتوز  والجالاكتوز. أما البروتينات فيتم تحويلها إلى الأحماض الأمينية من قبل عدد من الأنزيمات المعوية تسمى الببتيديزات (Peptidases). أما الدهون فلا تفرز الأمعاء الدقيقة أنزيمات خاصة لهضمها حيث قد تم هضمها من قبل أنزيمات الليباز والكوليباز البنكرياسية وتم تحويلها من ثلاثيات الغليسريد (triglycerides) والفوسفوليبيدات (Phospholipid) إلى أحاديات الغليسريد (monoglycerides) والأحماض الدهنية (fatty acids) ومن ثم تم تحويلها باستخدام الأملاح الصفراوية إلى  مستحلب من المذيلات (Micelles).

وبعد أن تم تحويل المواد العضوية المعقدة إلى الوحدات الأساسية تبدأ أهم عمليات الجهاز الهضمي وهي عملية الإمتصاص (absorption) والتي تتم من قبل الخلايا التي تغطي سطح الزغب الموجود في الأمعاء الدقيقة. إن كل نوع من أنواع الجزيئات التي تمتصها الأمعاء يتم امتصاصه بآليات محددة فالسكريات البسيطة وهي سكر الجلوكوز والجالاكتوز والفركتوز يتم امتصاصها باستخدام النقل الفعال بمساعدة البروتينات ومن خلال الانتشار البسيط لبعضها عندما يكون تركيزها عاليا في الأمعاء. أما الأحماض الأمينية فيتم امتصاصها من خلال آليات مختلفة تعتمد على نوع الحامض الأميني وخصائصه الفيزيائية والكيميائية كالنقل الفعال التشاركي. إن السكاكر البسيطة والأحماض الأمينية التي تمتصها الخلايا المبطنة للأمعاء الدقيقة يتم جمعها من قبل الشعيرات الدموية الدقيقة المنتشرة في الزغب لينقلها الدم إلى الكبد.  أما الأحماض الدهنية وأحاديات وثنائيات الغليسيريد فيتم امتصاصها من قبل الخلايا من خلال الانتشار البسيط أو ما يسمى النقل السلبي. 


يتم تغذية الشعيرات الدموية المنتشرة بكثافة في جدار القناة الهضمية وخاصة الأمعاء الدقيقة والغليظة من الشريان  الحشوي (mesenteric artery) المتفرع من الشريان الأورطي البطني (aorta Abdominal). وتقوم هذه الشعيرات الدموية بامتصاص المواد الغذائية المختلفة من خلايا الأمعاء ومن ثم تبدأ بالتجمع التدريجي لتكون الوريد الكبدي  البابي (portal hepatic vein) الذي يحمل هذه المواد إلى الكبد. إن مرور هذا الدم الغني بالمواد الغذائية من خلال الكبد ضروري جدا حيث أن ضخه بشكل مباشر إلى الدورة الدموية سيؤدي حتما إلى هلاك الحيوان وذلك بسبب أن تركيز هذه المواد في الدم يجب أن يكون ضمن حدود معينة. إن أحد أهم وظائف الكبد الكثيرة هو معالجة المواد الغذائية القادمة من الأمعاء فيقوم أولا بالتخلص من أي مواد لا يحتاجها الجسم وخاصة السامة منها وثانيا تحديد المقادير التي يحتاجها الجسم من هذه المواد وضخها إلى الدورة الدموية من خلال الوريد الكبدي (hepatic vein) وثالثا تحويل المواد الزائدة عن حاجة الجسم إلى أشكال يمكن تخزينها في الكبد أو في أماكن أخرى من الجسم. وبما أن سكر الجلوكوز يشكل نسبة كبيرة من المواد الغذائية الممتصة من الأمعاء فإن الكبد لا يضخ إلى الدم إلا المقدار الذي يحتاجه الجسم ويقوم بتحويل المتبقي إلى مركب آخر وهو الجلايكوجين (glycogen) يتم تخزينه في الكبد والذي يقوم بتحويله إلى جلوكوز عند الحاجة.


يعتبر الضرع (Udder)  العضو المخصص لتحويل الدم إلى الحليب في الثديات (mammals) لتغذية صغارها لفترة محددة يعتمد طولها على نوع الحيوان. ويستخدم الحليب الفائض في الحيوانات المجترة كطعام للإنسان.  ويتألف الضرع من زوجين من الغدد الثديية (mammary glands) أو الغدد اللبنية (milk glands) في الابقار والإبل  وزوج واحد في الأغنام والماعز وتنتهي كل غدة حليبية ببروز أسطواني الشكل يسمى الحلمة (teat or nipple). ويتكون الضرع من عدد من الفصوص (lobes)  يحتوي كل فص منها على  مجموعة من الفصيصات ((lobules)  والتي تحتوي بدورها على عشرات البصيلات أو الحويصلات (alveoli) التي تحتوي على الغدد اللبنية (milk glands) وهي الوحدات المفرزة للحليب (milk-producing units).  وتصب البصيلات الحليب الذي تنتجه في أنابيب دقيقة تسمى القنوات اللبنية (milk ducts) والتي تتحد مع بعضها البعض لتكون عدد من القنوات الرئيسية التي تصب في مخزن الغدة (teat cistern) الذي يتصل بحلمة الضرع. ويحيط بفتحة الحلمة صمام قوي مكون من عضلة عاصرة (sphincter muscle) يمنع الحليب من الخروج من الضرع إلا عند الرضاعة والحلب. وتحيط بالبصيلات شبكة من الأوعية الدموية التي تقوم بتغذيتها بالدم والذي تقوم بتحويله إلى حليب إلى جانب شبكة من الأوعية اللمفاوية التي تفرز سائلا لمفاويا يضاف إلى الحليب لتزويده بالأجسام المناعية اللازمة للرضيع.  ويملأ الفراغ فيما بين الفصوص  والفصيصات والقنوات مواد داعمة ودهنية تعطي الثدي شكله المنتفخ والطري. وكذلك يتخلل الضرع مجموعة من العضلات الملساء والتي تعمل عند انقباضها بشكل لاإرادي على خروج الحليب من فتحة الحلمة. ويغطى الضرع جلد رقيق ومرن  مما يسمح بزيادة حجم الضرع ليتسع أكبر كمية من الحليب والذي يتراوح بين 20 إلى 30 لتر من الحليب في الأبقار وما يقرب من لترين في الأغنام وثلاثة لترات في الماعز. ويتم تثبيت الضرع بجسم الحيوان باستخدام أربطة داعمة (Supporting ligaments) مكونة من أغشية ليفية قوية تتصل بعظام الحوض وجدار البطن.




يقوم الشريان الفرجي الخارجي (pudendal arteries external)  والشريان العجاني البطني (abdominal iliac artery)  والمتفرعة من الأورطة البطني (abdominal aorta) بتغذية ضرع الحيوانات المجترة  وذلك لنقل المواد الغذائية البسيطة التي يحملها الدم إلى الغدد اللبنية التي تقوم بتحويلها إلى مواد غذائية معقدة في الحليب. وتتكون الغدد الثديية (mammary gland) من ملايين الحويصلات المنتجة للحليب (milk-producing alveoli) والتي تقوم بتحويل الوحدات الغذائية البسيطة كالإحماض الأمينية والدهنية وسكر الجلوكوز إلى أنواع مختلفة من البروتينات والدهون وسكر اللاكتوز (Lactose). والحويصلات المنتجة للحليب لها شكل كروي بقطر يصل لعدة ملليمترات وهي مبطنة بطبقة واحدة من الخلايا الطلائية الإفرازية (secretory epithelial cells) ومحاطة بخلايا طلائية عضلية ملساء (myoepithelial cells) يتخللها شبكة كثيفة من الشعيرات الدموية (dense network of capillaries) التي تضخ ما تحمله من وحدات غذائية بسيطة إلى السائل ما بين الخلوي. والحويصلات هي مصانع تمثيل غذائي عالية النشاط (highly active metabolic factories) تقوم بتصنيع الحليب الغني بالبروتينات والدهون والكربوهيدرات وخاصة سكر اللاكتوز من خلال إمتصاص المواد الغذائية الخام من السائل المحيط بها. إن عملية إفراز الحليب من الحويصلات تتم تحت سيطرة الهرمونات (Hormonal control) كهرمونات الأنسولين (insulin) والبرولاكتين (Prolactin). ويتم ضخ الحليب من الحويصلات (Milk ejection) إلى القنوات اللبنية من خلال إنقباض الخلايا العضلية المحيطة بها من خلال هرمون الأوكسيتوسين(Oxytocin) وذلك عند إثارة الضرع بالمص أو الحلب (suckling or milking).

يتميز الجهاز الهضمي للحيوانات المجترة بكفاءته العالية جدا في تحويل الأعشاب وأوراق الأشجار الغنية بالسيليلوز الذي يصعب هضمها من قبل بقية الحيوانات غير المجترة إلى لحوم وألبان يسهل هضمها من قبل الإنسان. وتقاس كفاءة التحويل بما يسمى معامل التحويل   الغذائي Feed Conversion Ratio)) وهو لتر حليب لكل كيلوغرام مادة أعشاب جافة أو كيلوغرام لحم لكل كيلوغرام مادة أعشاب جافة.  إن إنتاج لترا واحدا من الحليب يحتاج إلى أكل ما بين  1,0 و 1,2 كغ من مادة الأعشاب الجافة (Dry Matter Intake) في الأبقار وذلك تبعا لجودة العلف وما بين     0,8 و 1,0 كغ في الإبل و وما بين     0,8  و 0,9 كغ في الأغنام وما بين     0,6  و 0,8 كغ  في الماعز. وعندما تتغذى هذه الحيوانات على الأعشاب الخضراء الطازجة التي قد تزيد نسبة الماء فيها عن 80 بالمائة فإنه يلزمها أكل خمسة أضعاف كمية الأعشاب الجافة. أما إنتاج كيلوجرام واحد من اللحم فيحتاج إلى أكل ما بين  6 إلى 10 كغ من مادة الأعشاب الجافة (Dry Matter Intake) في الأبقار وذلك تبعا لجودة العلف وما بين      8 إلى 10 كغ في الإبل و وما بين 5 إلى 7  كغ في الأغنام وما بين    4,5 إلى 6 كغ  في الماعز.


إن إنتاج لترا واحدا من الحليب يتطلب مرور خمسمائة لتر من الدم في شبكة الشعيرات الدموية في الضرع. فعلى سبيل المثال فإن البقرة التي تنتج 25 لترا من الحليب في اليوم يتطلب مرور 12500 لترا من الدم في الشبكة الدموية للضرع أي بمعدل 520 لترا من الدم في الساعة. وتقوم الشبكية اللمفاوية (Lymphatic network) المنتشرة في الضرع بسحب العناصر الغذائية البسيطة المنتشرة في السائل ما بين الخلوي والتي لم تتمكن الحويصلات اللبنية من هضمها وإعادتها إلى القلب ومنه إلى الدم مرة ثانية. ويحتوي الحليب الذي تنتجه الحويصلات اللبنية معظم العناصر الغذائية الرئيسية بنسب تتفاوت حسب نوع الحيوان المجتر وهي البروتينات (proteins) والكربوهيدرات (carbohydrates) والدهون (lipids) والأملاح المعدنية (minerals) والفيتامينات (vitamins)  والهرمونات(hormones) والأنزيمات (enzymes). وتصل نسبة البروتينات في الحليب 3,5 بالمائة في البقر والإبل والماعز و 6 بالمائة في الضأن بينما تصل نسبة الدهون فيه 3,5 بالمائة في البقر و 4 بالمائة في الإبل و 7,5 بالمائة في الضأن و 5 بالمائة في الماعز. وأما سكر اللاكتوز فتصل نسبته 5 بالمائة في كل من البقر والإبل والضأن والماعز. ويشكل الماء ما نسبته 88 بالمائة في البقر و 90 بالمائة في الإبل و83 بالمائة في الضأن و 87 بالمائة في الماعز. وحليب هذه الحيوانات المجترة غني بالأملاح المعدنية كالكالسيوم والبوتاسيوم والصوديم والفسفور حيث يتتراوح  محتواه منها  بين غرام واحد وغرامين في اللتر الواحد لكل معدن تبعا لنوع الحيوان.

تبلغ مدة الرضاعة الطبيعية لصغار الأنعام من 6 إلى 8 أشهر في الأبقار  ومن 9 إلى 12 شهرا في الإبل ومن 3 إلى 4 أشهر في الأغنام والماعز ويمكن تقليل المدة إلى النصف في الفطام المبكر لزيادة إنتاج الحليب. ويبلغ طول فترة  الإدرار أو موسم الحلب   (Lactation Period)  عشرة أشهر في الأبقار تنتج خلالها من 4 إلى 12 ألف لتر من الحليب وذلك حسب نوع السلالة. ويبلغ طول فترة الإدرار في الإبل بين 9 و 18 شهرا  تنتج خلالها من 2 إلى 6 ألاف لتر من الحليب.  ويبلغ طول فترة الإدرار في الأغنام بين 4 و 8 أشهر  تنتج خلالها من 100 إلى 500 لتر من الحليب وفي الماعز بين 6 و 10 أشهر  تنتج خلالها من 300 إلى 800 لتر من الحليب. وتبلغ مدة الحمل تسعة أشهر في الأبقار و 12 شهر في الإبل وخمسة أشهر في الأغنام والماعز.


 إن اللون الأبيض للحليب ناتج عن ظاهرة غريبة وفريدة وهي ما يسمى بتأثير تايندال (Tyndall effect)  والذي ينتج عن تبعثر أو تشتت (scattering) موجات الضوء المرئي (wavelengths of visible light) عن ملايين الجسيمات العالقة الدقيقة (suspended particles fine) في السائل.  وتتكون هذه الجسيمات المشتتة للضوء من حبيبات دقيقة (Tiny micelles) كروية الشكل  تتألف من بروتينات الكاسين (casein proteins) المتحدة بأيونات فوسفات الكالسيوم ( calcium phosphate) والتي لا يتجاوز قطرها عشر الميكرومتر وكذلك من الكريات الدهنية (fat globules) التي قد يصل قطرها خمسة ميكرومترات.


بلغ الإنتاج العالمي من الحليب في عام 2022م ما يقرب من 930 مليون طن منها 753 مليون طن من الأبقار و 143 مليون من الجواميس وخمسة ملايين طن من الإبل وعشرة ملايين طن من الأغنام و 19 مليون من الماعز. وتعتبر الهند أكبر منتج للحليب في العالم حيث تنتج ما نسبته 22 بالمائة من الإنتاج العالمي تليها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 11 بالمائة ثم باكستان بنسبة 7 بالمائة ثم الصين بنسبة 4,5 بالمائة ثم البرازيل بنسبة 4 بالمائة ثم ألمانيا وروسيا بنسبة 3,5 بالمائة لكل منهما ثم فرنسا وتركيا ونيوزلندا بنسبة 2 بالمائة لكل منها. يتم استهلاك الحليب من قبل البشر كحليب خام بعد غليه أو بسترته (pasteurization) أو تجفيفه (dried milk) أو بعد تحويله من خلال التخمير (ermentation)  إلى مختلف أنواع الألبان (Yogurt) والأجبان (Cheese) أو من خلال الخض  والتسخين إلى مختلف أنواع الدهون كالزبدة (Butter) والسمن (semn) والقشدة أو الكريمة (Cream) . ويتراوح معدل استهلاك مشتقات الحليب من قبل البشر بين 30 كيلوغرام في السنة للفرد الواحد في الدول الفقيرة إلى 150 كيبوغرام في الدول الغنية.

وبلغ الإنتاج العالمي من لحوم الأنعام في عام 2022م ما يزيد عن 100 مليون طن منها 80 مليون طن من لحوم  300 مليون رأس من الأبقار وسبعة ملايين طن من لحوم الجواميس وعشرة ملايين طن من لحوم ستمائة مليون رأس من الغنم وسبعة ملايين طن من لحوم خمسمائة مليون رأس من الماعز ونصف مليون طن من لحوم أربعة ملايين رأس من الإبل. وإلى جانب لحوم الأنعام يستهلك البشر كميات كبيرة من لحوم الدواجن خاصة الدجاج ولحوم الأسماك ولحوم الخنازير ولحوم بعض الحيوانات البرية كالغزلان والطيور كالحمام والحبش والوز والبط.  وبلغ الإنتاج العالمي من لحوم الدجاج في عام 2022م 140 مليون طن ومن لحوم الأسماك 200 مليون طن ومن لحوم الخنازير التي يحرمها الإسلام  120 مليون طن. ويقدر الإنتاج العالمي من جلود الأنعام في عام 2022م بما يقرب من 15 مليون طن تستخدم في صناعة الأحذية والحقائب والمعاطف والأثاث. ويقدر الإنتاج العالمي من صوف وشعر ووبر الأنعام في عام 2022م بما يقرب من ثلاثة ملايين طن تستخدم في صناعة الملابس والسجاد والأثاث.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق