2017-08-27

بلى قادرين على أن نسوي بنانه

بلى قادرين على أن نسوي بنانه
الدكتور منصور أبوشريعة العبادي \ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية


لقد كان إنكار  البعث بعد الموت الذريعة الرئيسية التي حاججت الأمم بها من بعث إليهم من رسل الله عز وجل كما جاء ذلك في آيات كثيرة في القرآن الكريم منها قوله تعالى   "أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)" المؤمنون وقوله تعالى " بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83) " المؤمنون وقوله تعالى"أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (18) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (19)" الصافات. ويتحجج منكرو البعث باستحالة أن يعاد بناء أجسامهم مرة ثانية بعد أن تحولت إلى تراب بعد موتهم فرد عليهم القرآن الكريم بحجج دامغة كما في قوله تعالى  "وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)" يس وقوله تعالى " وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51)" الإسراء.
وفي قوله تعالى "أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ لَنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)" القيامة تأكيد من الله عز وجل على أنه سبحانه قادر على إعادة خلق الإنسان من التراب يوم القيامه  محافظا على أدق تفاصيل جسمه التي كان عليها في الدنيا. إن اختيار  الله عز وجل لبنان الإنسان أي أصابع يديه  من بين جميع أعضاء جسمه الأخرى لا بد  وأن يكون لوجود سر ما في هذه الأصابع. ولقد قال بعض المفسرين بأن هذا السر  هو أن  عظام أصابع اليد هي من أدق وأصغر  العظام في جسم الإنسان ومن يقدر  على جمع  وإعادة تركيب هذه العظام الصغيرة فمن باب أولى أن يقوم بجمع بقية عظام الجسم. والحقيقة أن في اليد البشرية بشكل عام من أسرار  الخلق ما لا يمكن حصره ولقد تمكن العلماء في العصر الحديث من كشف كثير من هذه الأسرار   كما شرحت في مقالة (وفي أنفسكم أفلا تبصرون- اليد البشرية). أما أصابع اليد على وجه التحديد ففيها مجموعة من أسرار  الخلق العجيبة التي لا يطلع عليه إنسان عاقل إلا ويوقن بأنها لا بد أنها سويت من لدن خالق لا حدود لعلمه وقدرته. ومن هذه الأسرار  قدرة أصابع اليد على القيام بحركات بارعة تمكن اليد من القيام بوظائف لا حصر لها لما فيه مصلحة الإنسان وهو ما لا يتوفر  في أيدي بقية الحيوانات. وعلى باطن  أصابع اليد توجد أعلى كثافة للمستقبلات الحسية مما تمكن  الإنسان من معرفة مختلف خصائص الأشياء التي تمسك بها من حيث الصلابة والليونة والخشونة والنعومة واليبوسة والرطوبة والسخونة والبرودة والثقل والخفة. وعلى باطن  أصابع اليد توجد كذلك تجعدات أو بروزات دقيقة  تظهر على شكل خطوط متعرجة ترسم أشكالا عجيبة لا حصر لعددها. وتقوم هذه البروزات بوظائف عديدة أهمها زيادة الاحتكاك بين الجلد وسطوح الأشياء التي تمسك بها اليد لكي لا تنزلق وتزيد كذلك من حساسية حاسة اللمس. وقد وجد العلماء أن الأشكال التي ترسمها هذه البروزات على رؤوس أصابع اليد لا يمكن أن تتطابق بين أي شخصين في العالم حتى لو كانا توأمين ولذلك تم استخدامها كوسيلة للتعرف على الأشخاص بما يسمى التعرف ببصمة اليد (Fingerprint identification). وعلى ظهر رؤوس أصابع اليد توجد الأظافر  التي إلى جانب الناحية الجمالية التي تعطيها لليد فإنها تقوم بوظائف عديدة كحك الجلد والشعر والإمساك بالأشياء الدقيقة وتقشير   القشور ونزع الأشواك وكوسيلة للدفاع  وزيادة حساسية اللمس وغيرها.  



إن من أنار  الله عز وجل بصيرته يوقن بأن اليد البشرية لا بد وأنها خلقت من صانع لا حدود لعلمه وقدرته لما فيها من دقة الصنع وبديع الحركات وشدة الإحساس والقوة. وممن أدرك هذا الإبداع في الخلق بنافذ بصيرته العالم الفذ اسحق نيوتن الذي قال (في غياب أي دليل آخر فإن الإبهام وحده يقنعني بوجود الله) (Sir Isaac Newton once said, “In the absence of any other proof, the thumb alone would convince me of God’s existence.). وما على الإنسان إلا أن يحاول أن يستخدم يده بدون الإبهام  ليدرك أبعاد مقولة نيوتن.   وقال آخر عن قدرات اليد البشرية (إن استطاعة اليد البشرية مذهلة في قدرتها على القيام بعدد لا متناهي من الأشكال والحركات باستخدام مصفوفة الأصابع البارعة. إن ربع المساحة المخصصة للحركة في الدماغ مقيضة للتحكم بحركة هذا الجهاز الرائع لوحده .  فالجمع بين القوة والمرونة والبراعة والتحكم البالغ الدقة التي تبديها أيدينا لا يوجد ما يضاهيه في العالم المخلوق. )
(The capacity of the human hand is stunning in its ability to achieve, at will, a seemingly infinite number of shapes and configurations through the use of its array of dexterous fingers. Approximately one-quarter of the portion of the brain dedicated to movement is devoted to controlling motions of this exquisite device alone. The particular combination of strength, flexibility, dexterity and fine-tuned motor control exhibited by our two hands is unmatched in the created world.)

إن اليد البشرية معجزة كبرى من معجزات الخالق سبحانه وتعالى فالذي يدرس شكل اليد الخارجي فقط سيجد أن هذا الشكل هو الشكل الأمثل والأجمل والذي يدرس تركيب عظامها بأشكالها وأبعادها وموادها يجد إبداعا في التصميم لا يمكن لأحد أن يعدل عليه وكذلك لمن يدرس مفاصلها وطرق ربطها وعضلاتها وطرق تثبيتها وجلدها وما فيه من مستقبلات حسية وما عليها من بصمات وكذلك أعصابها وشرايينها وأوردتها وطرق تمديدها. وأما الذين يقومون بدراسة الطرق التي تقوم بها مراكز الحركة في الدماغ للتحكم بهذه اليد فإنهم يقفون عاجزين عن فهم أسرار البرامج المخزنة فيها والمسؤولة عن كل حركة من حركات اليد. لقد تم تصميم الأجزاء المختلفة لليد بحيث يمكنها القيام بوظائف عديدة ومعقدة وغاية في التباين بحيث يكاد يكون من المستحيل الجمع بينها في جهاز واحد. ويمكن للإنسان أن يتيقن  من هذه الحقيقة  باستعراض أصحاب المهن والهوايات المختلفة وهم يستخدمون أيديهم بطرق غاية في التباين كالعجان والخباز   والحلاق والنجار والحداد والدهان والغزال والحائك والطابع والكاتب والرسام والخطاط  والموسيقار  والملاكم والمصارع ولاعبي الكرةاليدوية  والحجار والبناء والنحات وغير ذلك من الحركات التي يقوم بها أي شخص لخدمة نفسه.
إن أول وأهم قدرات اليد هو إمكانية وصولها إلى أي موضع على سطح جسم الإنسان كالوصول إلى الفم لتمكينه من أكل طعامه وشرب شرابه والوصول إلى بقية الأعضاء لحكها أو لغسلها أو لعلاجها. واليد قادرة كذلك على سحب ودفع الأجسام وكذلك حملها على ظهره أو كتفه أو رأسه. وهي قادرة كذلك على قذف الأجسام كالحجارة مثلا لمسافات بعيدة وذلك لاصطياد الحيوانات والطيور أو للدفاع عن نفسه عند تعرضه للخطر. وهي قادرة على إمساك والتقاط مختلف الأجسام التي تتراوح في أحجامها من حبات الرمل وبذور النباتات إلى قطع الصخور وجذوع الأشجار. ولقد زود الله سبحانه وتعالى جلد رؤوس الأصابع بمستقبلات حسية من مختلف الأنواع وبكثافة عالية تمكن الإنسان من معرفة مختلف خصائص الأشياء التي تمسك بها من حيث الصلابة والليونة والخشونة والنعومة واليبوسة والرطوبة والسخونة والبرودة والثقل والخفة.


عظمات وعضلات ومفاصل وأربطة  اليد
تتكون اليد  البشرية من ثلاثة أجزاء رئيسية وهي العضد (arm) والساعد (forearm) والكف (hand) وتعد عظمتي الترقوة  ولوح الكتف  من عظام اليد وذلك لأن العضلات المحركة للذراع مثبتة  عليها.. فالعضد يتكون من عظمة واحدة تسمى عظمة العضد  (humerus) بينما يتكون الساعد من عظمتين تسميان الزند (ulna) والكعبرة (radius) ويتكون الكف مع مفصل الرسغ (wrist) من سبعة وعشرين عظمة. وقد تم تصميم كل عظمة من هذه العظام بطريقة بالغة الإتقان من حيث أبعادها وشكل أسطحها لكي يتم تثبيت مختلف أنواع العضلات عليها.   وترتبط هذه العظام مع بعضها البعض بسبعة عشر مفصلا من أنواع مختلفة تسمح في حركة هذه العظام إما في اتجاه واحد أو اتجاهين أو ثلاثة اتجاهات أو بشكل دوراني. ويتم تحريك عظام اليد حول مفاصلها من خلال عدد كبير من العضلات المثبتة على هذه العظام وعلى شكل طبقات بسبب كثرتها. ويتم التحكم بهذه العضلات باستخدام الأعصاب القادمة من مراكز الحركة في الدماغ أو من خلال العقد العصبية. ويتم تغذية عظام وعضلات اليد من خلال  الشرايين والأوردة والتي تم اختيار مساراتها وكذلك مسارات الأعصاب بشكل متقن بين عضلات ومفاصل لضمان عدم تعرضها للتلف أو القطع أثناء قيام اليد بحركاتها المختلفة.

وتتكون عظمات كف اليد والرسغ من ثلاث مجموعات وهي عظام الرسغ Carpal bones)) وعظام المشط metacarpal bones)) وعظام السلاميات Phalanges bones)). فعظمات الرسـغ تتكون من ثمانية عظمات صغيرة غير منتظمة الشكل وهي مرتبة في صفين فالصف العلوي يتكون من أربعة عظمات تتمفصل مع السطح السفلي لعظمتي الكعبرة والزند بينما تتمفصل عظمات الصف السفلي مع قواعد عظام مشط اليد الخمس. وتعمل عظمات الرسغ كمفصل إنزلاقي يسمح بحركة كف اليد بشكل عامودي أو أفقي ضمن نطاق زاوي محدد بالنسبة لمستوى  الساعد. أما مشط اليـد فيتكون من خمسة عظمات مستطيلة وهي أسطوانية الشكل لكل منها طرف كروي الشكل يسمي القاعدة  يتمفصل مع  عظمات الرسغ  والطرف الأخر كروي الشكل أيضا ولكنه  أصغر من القاعدة يسمي الرأس ويتمفصل مع ما يقابله من عظمات السلاميات الأولي. ويتصل بكل عظمة من عظمات المشط باستثناء مشط الإبهام ثلاثة عظمات تسمى السلاميات بينما يتصل بمشط الإبهام سلاميتين فقط.

ويتم التحكم بحركة أصابع اليد من خلال العضلات الموجودة في الساعد وفي كف اليد فعضلات الساعد (forearm) عددها تسعة عشر عضلة ثمانية منها تقع على الناحية الأمامية والأحد عشر الباقية تقع على الناحية الخلفية وهي مرتبة على ثلاث طبقات  السطحية والمتوسطة والعميقة. إن أكثر كثافة للعضلات موجودة على الساعد وذلك لكي تتمكن من تحريك كف اليد حول مفصل الرسغ وتحريك  أصابع اليد حول مفاصلها المختلفة. ويتجلى لنا في هذا التصميم حكمة الخالق سبحانه وتعالى حيث لم يضع  هذه العضلات في أصابع اليد لكي لا يكبر حجمها ولكي لا تعيق حركات اليد الرشيقة والدقيقة. وتتميز عضلات الساعد بوجود أوتار طويلة ورفيعة عند مغارزها تنقل حركاتها بكل كفاءة إلى أصابع اليد ولا يكاد الإنسان أن يحس بحركة هذه العضلات والأوتار  وهي تحرك أصابع اليد بمنتهى الرشاقة فسبحانه من خالق لطيف خبير. أما عضلات كف اليد فعددها ستة عشر عضلة صغيرة ووظيفنها  القيام بثني وتقريب وإبعاد بعض أصابع اليد.

                وتعتبر العضلات  المحركات التي تقوم بتحريك عظام اليد حول مفاصلها ويتم ذلك من خلال انقباض خلايا العضلات فيقصر طولها عن حالها وهي في حالة الانبساط. ولكي يتم تحريك إحدى عظمات اليد حول مفصلها فإنه يلزم تثبيت أحد طرفي العضلة المحركة له على العظم المقابل والطرف الآخر على العظم القابل للحركة حول المفصل. ويلزم لتحريك أي عظمة مفصلية في مستوى واحد عضلتان أحدهما تقوم بشد العظمة في الاتجاه المطلوب بينما تقوم الثانية بشده في الاتجاه المعاكس. ويتم تثبيت أطراف العضلات على العظام باستخدام الأوتار (Tendons) وهي عبارة عن ألياف دقيقة بيضاء اللون بالغة المتانة ولكنها ليست مرنة كالأربطة. وترتبط الأوتار بأطراف العضلات بعد أن يستدق  رأسها وهي تقوم مقام الأسلاك في الآلات الحديثة حيث تقوم بإيصال قوة شد العضلة إلى مسافات بعيدة كما هو الحال مع العضلات الموجودة على الساعد وتقوم بتحريك الأصابع من خلال الأوتار. ويتم تحريك مفصل الرسغ من خلال العضلات المثبتة على الساعد حيث يلزم أربع عضلات لتحريكه في مستويين. أما مفاصل أصابع اليد الأربعة عشر فيتم تحريكها من خلال  خمسة وثلاثين عضلة منها على  الساعد عشرين عضلة والبقية في الكف.

وتستخدم اليد ستة أنواع مختلفة من المفاصل ففي مفصل الكتف الذي يربط عظمة العضد بعظمة لوح الكتف يستخدم المفصل الكروي الحقي    (Ball and socket joint) وهو  يسمح  بحركة عظمة العضد في جميع الاتجاهات مع إمكانية تدويرها مما يمكن الشخص من تحريك ذراعه إلى الأمام والخلف والأعلى والأسفل والجوانب. أما الكوع فيتكون من مفصلين أولهما من النوع المسمى بالمفصل الرزي (Hinge joint)  وهو يربط عظمة العضد مع عظمة الزند ويسمح بحركة الساعد في مستوى واحد فقط حيث يتم مد الساعد أو ثنيه بالنسبة للعضد. وأما المفصل الآخر في الكوع فهو من النوع المسمى المفصل المداري (Pivot joint) وهو يسمح بحركة عظمة الكعبرة بشكل دوراني حول عظمة الزند مما يمكن تدوير كف اليد بمقدار 180 درجة. أما مفصل الرسغ فهو من أعقد المفاصل تركيبا وهو يربط ما بين عظمتي الساعد مع عظام  الأمشاط للأصابع الخمس وهو من النوع المنزلق (gliding joint) ويتكون من ثماني عظمات صغيرة مرتبة في صفين وتسمح بتحريك كف اليد في مستويين متعامدين وتحريك الإبهام في مستويين متعامدين كذلك. وأما مفاصل الأصابع فهي من نوعين النوع الأول يسمى المفصل السرجي (saddle joints)  والثاني يسمى المفصل اللقمي (condyloid joints) وهي تسمح بحركة الأصابع في مستوى واحد كالثني والمد مع إمكانية فرد الأصابع عن بعضها البعض.

 ويغطي سطوح العظام المتلامسة عند المفاصل غضاريف  (Articular Cartilage) تسمى الغضاريف الزجاجية (Hyaline Cartilage) وهي شبه شفافة بيضاء اللون تميل للزرقة وذات لمعان ومكونة  من عدة طبقات من شبكات معقدة من الألياف المختلفة والتي أهمها ألياف الكولاجين.  ولهذه الغضاريف خصائص عجيبة لا يجمع بينها إلا مصمم لا حدود لعلمه وقدرته سبحانه فسطحها في غاية الملاسة لكي تسمح بحركة العظام بأقل احتكاك ممكن وهي عالية المرونة أي أنها قابل للإنضغاط وذلك لكي تقوم بامتصاص الصدمات المتكررة التي تتعرض لها مفاصل اليد  وهي في غاية المتانة رغم أنها طبقة رقيقة لا تتجاوز عدة ملليمترات ولذلك فإنها تتحمل ضغوط ميكانيكية عالية دون أن تتمزق وهي تخلو من الشرايين والأعصاب ويتم تغذية خلاياها من السائل المحيط بها من خلال الانتشار. ومن لطف الله عز وجل بالإنسان وبقية مخلوقاته أن هذه الطبقة الغضروفية يمكن أن تصلح نفسها إذا ما أصابها أي عطب نتيجة الاستخدام المتواصل لليد على مدى عمر الإنسان.   


إن  الغضاريف مهما بلغت نعومة سطحها لا يمكنها منع الاحتكاك تماما ولذا فقد أبدع الله سبحانه وتعالى طريقة مكملة للتقليل من الاحتكاك وهي استخدام سائل لتزييت سطوح هذه الغضاريف يطلق عليه  اسم السائل المصلي أو الزلالي (Synovial fluid). ويكون هذا السائل طبقة بالغة الرقة على سطح الغضروف لا تتجاوز 50 ميكرومتر تقوم إلى جانب تزييت المفصل بتوفير الغذاء والأكسجين للغضروف الذي يخلو كما أسلفنا من الشرايين. وللحفاظ على هذا السائل الثمين يتم إحاطة كامل المفصل بألياف قوية بيضاء اللون محكمة الإغلاق لتكون ما يسمى بحافظة أو كبسولة المفصل (joint capsule). ويبطن ألياف المحفظة الغشاء المصلي (Synovial membrane)  الذي يتكون من خلايا طلائية إفرازية  تفرز السائل المصلي الذي يغطي جميع أجزاء العظام في داخل المحفظة. كما تقوم الحافظة إلى جانب الحفاظ على السائل المصلي بربط عظام المفصل ببعضها إلى جانب الأربطة والعضلات لضمان قوة المفاصل والحيلولة دون خلعها.  
ويتجلى الإبداع في تصميم اليد في الطرق المستخدمة في ربط عظام المفاصل ببعضها البعض في غياب البراغي والصواميل التي يستخدمها البشر لربط الأجزاء المتحركة في آلاتهم ومعداتهم. وتوجد ثلاثة مستويات من الربط في المفاصل أولها ألياف المحفظة حيث يتم تثبيت أطراف الألياف على كامل محيط كل من العظميين المكونين للمفصل. أما المستوى الثاني فهو باستخدام الأربطة الليفية (fibrous ligaments) وهي عبارة عن حزم منفصلة من النسيج الليفي تثبت أطرافها على عظمتي المفصل خارج المحفظة. وتختلف الأربطة عن ألياف المحفظة بأنها موضوعة في أماكن محددة حول المفصل وبأطوال محسوبة بدقة بالغة  حيث تعمل هذه الأربطة إلى جانب وظيفة الربط  على تحديد حركة المفاصل في الاتجاهات المختلفة. فهذه الأربطة لا تسمح لعظام المفصل بالحركة إلا في الاتجاهات المحددة لها وكذلك ضمن المدى المسموح به وتمنع تجاوزها الحد الأعلى لزاوية حركتها. وتتميز ألياف الأربطة بمتانتها العالية وبوجود درجة من المرونة تسمح بزيادة طولها قليلا عن الحد المسموح به وذلك لكي لا تنقطع في حالة تعرض المفصل لضغط خارجي. 


التحكم بحركات اليد
 على الرغم من التعقيد البالغ لتركيب اليد إلا أن هذا التعقيد لا يكاد يذكر مع التعقيد الموجود في الطرق المستخدمة للتحكم بحركة اليد من خلال تحريك عضلاتها المختلفة. فلكي تتمكن العضلة من تحريك العظمة ضمن المدى المسموح به فإن يلزم تصميمها بحيث يمكنها أن تتقلص بأطوال مختلفة. وقد تم ذلك بطريقة بارعة من خلال تقسيم ألياف العضلة إلى مجموعات يطلق عليها اسم وحدة التحريك (Motor Unit) كل مجموعة تحتوي على عدد من الألياف ويتم  التحكم بكل مجموعة بليف عصبي واحد يتفرع ليتصل بكل ألياف المجموعة وعندما يرسل العصبون الخاص بها بنبضاته إلى الوحدة فإن جميع أليافها تتقلص بنفس الوقت وبنفس المقدار. وبما أن العضلة تتكون من آلاف الوحدات فإنه يمكن تفليص كامل العضلة بالطول المطلوب من خلال إرسال نبضات تحكم لعدد محدد من الوحدات يتناسب مع الطول المطلوب.

ويتم التحكم بعضلات اليد من خلال الأعصاب الموجودة في خمسة جذور (Roots) تتفرع من الحبل الشوكي أربعة منها تخرج من بين فقرات العنق الأخيرة والخامس من الفقرة الصدرية الأولى. ويتم إعادة ترتيب الألياف ألعصبية الموجودة هذه الجذور الخمسة في المشبك (brachial plexus) لتخرج في ثلاث حزم تسمى الجذوع (Trunks) وينقسم كل جذع إلى قسمين (Division) لتعود لتتحد مع بقية الأقسام بعد أن تسير مسافة قصيرة لتخرج على شكل ثلاث حزم تسمى الحبال (Cords) والتي تبدأ بالتفرع تدريجيا لترتبط بمختلف عضلات اليد. إن عملية إعادة ترتيب الألياف العصبية في المشبك عملية بالغة التعقيد لا يمكن للبشر مهما بلغت إمكانياتهم أن يقوموا بها. فكل جذر من الجذور الخمس يحتوي على مئات الآلاف من الألياف العصبية بعضها حسية وبعضها حركية ويجب أن يذهب كل ليف من هذه الألياف إلى مكان محدد في اليد ولهذا يلزم تجميع الألياف الذاهبة إلى منطقة معينة في اليد مع بعضها ولفها في حبل واحد لإيصالها بطريقة آمنة إلى المنطقة المعنية لتبدأ بالتفرع إلى أماكنها في تلك المنطقة.


وتقع المراكز العصبية المسؤولة عن الحركات الإرادية في الجزء الخلفي من فص المخ الأمامي وهي تحتل مساحة أكبر بكثير  في القشرة المخية من تلك التي لبقية الحيوانات . وقد جاءت هذه الزيادة لتلبي القدرات الحركية الهائلة لكل من يدي الإنسان ولسانه وشفتيه فاليدان هما آلة العمل والكتابة واللسان والشفتان هما آلة الكلام وهاتان القدرتان إلى جانب القدرة العقلية هي ما ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان على غيره من الكائنات الحية.إن اليد بذراعها وبأصابعها الخمس تحتل مساحة كبيرة من المساحة الكلية المخصصة للحركات الإرادية في الجسم. ولا يدرك أكثر الناس حجم العمليات والمعالجات التي تجري في مراكز الحركة في الدماغ وكذلك كمية المعلومات الذاهبة والقادمة بين اليد والدماغ عند القيام بتحريك اليد لأداء مهمة معينة مهما بلغت بساطتها.  فمعظم الناس يعتقد أن جميع خطوات عملية تحريك أيديهم وأرجلهم وألسنتهم إنما تتم بشكل كامل تحت سيطرتهم وهي ليست كذلك أبدا حيث أن جميع الخطوات تتم بشكل غير إرادي ما عدا الخطوة الأولى وهي خطوة تحديد نوع الحركة ووقت ابتدائها. فعندما ينوي الشخص تحريك يده في وضعية ما فإن هنالك برنامجا ضخما مخزن في مركز الحركة الرئيسي والمراكز المساعدة له يلزم تشغيله ليحدد سلسلة النبضات العصبية التي يجب أن ترسل لمختلف عضلات اليد وبتزامن منقطع النظير. فعندما ينوي الشخص الإمساك بكوب من الماء ليشرب منه فإن يلزم تحريك جميع عضلات اليد لنقلها من وضعها التي كانت فيه إلى موضع الكوب فتقوم بالإمساك به ثم نقله إلى فمه. وخلال هذه الفترة الزمنية يتم إرسال مئات الملايين  من الإشارات العصبية من الدماغ لعضلات اليد ومن عضلات اليد إلى الدماغ تحدد العضلات المراد تحريكها ومقدار شدها في كل لحظة زمنية. وكيف يمكن للإنسان أن يعطي سلسلة الأوامر لتحريك يده وهو يجهل أصلا تركيب يده وكم فيها من عضلات ومفاصل وألياف عصبية وغير ذلك وحتى لو علم ذلك فإنه لا حول له ولا قوة في فعل ذلك. ويتضح ذلك جليا إذا ما أصاب أعصاب اليد أي خلل أو قطع فالشخص المصاب يعطي الأوامر لدماغه لتحريك يده ولكن اليد لا تستجيب أبدا لعدم وصول الإشارات من الدماغ إلى عضلات اليد.


 إن عملية تحريك اليد للقيام بمهمة معينة  لا تتم فقط من خلال إرسال الإشارات الكهربائية من الدماغ إلى عضلات اليد بل تحتاج لتغذية راجعة من اليد إلى الدماغ تحدد وضعية المفاصل المختلفة ومقدار شد العضلات في كل لحظة زمنية.  ويتم ذلك من خلال استخدام عدد كبير من المستقبلات الحسية (sensory receptors) التي يتم زرعها في داخل المفاصل والعضلات والأربطة والأوتار  والتي تقوم بإرسال إشارات كهربائية إلى الدماغ أو الحبل الشوكي تحدد وضع كل من هذه المكونات في كل لحظة زمنية. والمستقبلات الحسية المصممة خصيصا للقيام بهذه المهمة هي من نوع المستقبلات الميكانيكية (mechanoreceptors)  والتي تستجيب لحركات العضلات والمفاصل والتي توجد بأشكال مختلفة حسب نوع المكون الموجودة فيه كالمغزل العضلي (muscle spindle) الموجود في العضلات و (Golgi tendon organ) الموجود في الأوتار. ويعتبر المغزل العضلي  من أشهر المستقبلات الميكانيكية المستخدمة في اليد والذي يتم زرعه في بطن العضلة من خلال لفه عدة لفات حول بعض الألياف العضلية الداخلية.
وبهذه الطريقة يمكن لمركز الحركة في الدماغ تحريك اليد بحرية تامة في جميع الاتجاهات ليقوم بمهام لا حصر لها.  فمفصل الكتف يسمح  بتحريك عضد اليد في مستويين متعامدين وبزاويتين كبيرتين قد تصلان إلى 180 درجة مما يجعلها قادرة للوصول إلى أي مكان على الجسم. أما مفصل الكوع فيسمح بحركة ساعد اليد في مستوى واحد   على امتداد العضد ويمكن ثنيه باتجاه العضد بزاوية تصل إلى 145 درجة هذا إلى جانب إمكانية تدويره بزاوية قد تصل إلى  180 درجة مما يساعد على قلب كف اليد من اتجاه إلى الاتجاه المعاكس . أما مفصل الرسغ فيسمح بحركة كف اليد في مستويين  متعامدين حيث يمكن تحريك الكف يمينا وشمالا بزاوية تبلغ  50 درجة وإلى الأعلى والأسفل بزاوية تبلغ 120 درجة.  وتتميز كف اليد البشرية بكبر مساحة باطنها مما مكنها من الإمساك بأجسام أكبر حجما. ويبلغ عدد الأصابع فيها خمسة أصابع بثلاثة مفاصل لأربعة منها ومفصلين للإبهام وقد تم وضع الأربعة في مستوى واحد بينما وضع الإصبع الخامس وهو الإبهام في وضع يمكنه فيه مواجه بقية الأصابع.  ويمكن تحريك الأصابع الأربعة المتجاورة في مستوى واحد من خلال ثني كل من سلامياتها الثلاث بزاوية تصل إلى 90 درجة مما يمكن كف اليد من الإمساك بالأشياء بشكل بالغ السهولة. ويمكن كذلك إبعاد أو فرد هذه الأصابع الأربعة عن بعضها مما يزيد من مساحة سطحها وتمكينها من التعامل مع الأجسام الكبيرة.

أما إصبع الإبهام فيعتبر اللاعب الأكبر في تحديد مهارات اليد فبدونه تصبح اليد البشرية مشابهة لأيدي القرود في قدراتها. ويتميز الإبهام على بقية أصابع اليد بأنه موضوع في مواجهة بقية الأصابع بحيث يمكنه ملامسة أي جزئ من هذه الأصابع سواء من الداخل أو من الخارج. وعلى خلاف أمشاط الأصابع الأربع التي تتحرك مجتمعة فإن مشط الإبهام يتحرك لوحده من مفصل الرسغ في مستويين اثنين متعامدين. فالمستوى الأول هو مستوى الكف حيث يمكن للإبهام أن يكون بموازاة الأصابع الأربع أو يبتعد عنها بزاوية قد تصل إلى تسعين درجة. أما المستوى الثاني فهو عامودي على مستوى الكف حيث يمكن للإبهام عمل زاوية قائمة مع هذا المستوى.  وعلى الرغم من أن الإبهام له سلاميتان بخلاف الأصابع الأخرى التي لها ثلاث سلاميات إلا أن التحكم بحركة هاتان السلاميتان أكثر دقة من التحكم ببقية السلاميات.



المستقبلات الحسية في أصابع اليد
تعتبر حاسة اللمس (touch sense) لدى الإنسان من أكثر  الحواس الخمس تعقيدا حيث يتوجب على هذه الحاسة إبلاغ الدماغ عن أي شيء يلامس جلد الإنسان وتحديد طبيعة هذا الشيء. وهذا يتطلب زرع حساسات  (Sensors) مختلفة الأنواع على مسافات متقاربة على جميع أنحاء الجسم بحيث يمكن للإنسان تحديد الموضع الذي تمت عنده الملامسة بدقة عالية. إن هذه الحاسة تعتبر معجزة من معجزات الخلق فزراعة ما يقرب من خمسة ملايين مستقبل حسي في جلد لا يتجاوز سمكه الخمسة ملليمترات ولا تتجاوز مساحته المترين معجزة علمية تجعل العلماء والمهندسون يحنون رؤوسهم إجلالا لمن صنع هذا الجلد. إن التعقيد الموجود في ملايين الخلايا الحسية المزروعة في الجلد وملايين الأعصاب التي تنقل النبضات الحسية إلى الدماغ لا يكاد يذكر مع التعقيد الموجود في مراكز الإحساس والبرامج المخزنة فيها. ويستخدم الإنسان حاسة اللمس كغيره من الكائنات الحية للتعرف على درجة حرارة الجو المحيط بجسمه لكي يتخذ التدابير اللازمة لحماية جسمه من الحرارة أو البرودة الزائدة وكذلك التعرف على الأشياء التي تلامس أو تضغط على جسمه لكي يتخذ الإجراءات المناسبة. ويتميز الإنسان على بقية الكائنات الحية باستخدامه لحاسة اللمس للتعرف على خصائص الأجسام الملموسة كالصلابة والليونة والخشونة والنعومة والطراوة والقساوة والرطوبة والجفاف وخاصة من خلال خلايا الحس الموجودة في أصابع اليد. وتقع حاسة اللمس الابتدائية في مقدمة الفص الأوسط من القشرة المخية بينما تقع وحدات المعالجة الحسية خلفها على نفس الفص وتحتل أعصاب أصابع اليد والشفتان والوجه واللسان   أكبر مساحة من المساحة الكلية لحاسة اللمس.



ويوجد ستة أنواع من المستقبلات الحسية تقع على أعماق مختلفة في آدمة الجلد وتستجيب لأنواع مختلفة من المؤثرات. وقد صنف العلماء هذه المستقبلات إلى ثلاثة أنواع رئيسية وهي المستقبلات الحرارية (Thermoreceptors) وتستجيب للتغيرات في الحرارة والبرودة والمستقبلات الميكانيكية (Mechanoreceptor) وتستجيب لللمس الخفيف والضغط القوي والاهتزازات وحركة الشعر  ومستقبلات الألم (Nociceptor) وتستجيب لأي ضرر قد يصيب الجلد. وعند دراسة تركيب هذه  المستقبلات الحسية يتجلى للدارس مدى علم الله وقدرته في تصميمها بل إن المطلع على ما يصنعه البشر اليوم من حساسات (sensors) لاستخدامها في التطبيقات المختلفة يجد الفارق الكبير بين صنع البشر وصنع خالق البشر وصدق الله العظيم القائل "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)" النمل. إن حساسية هذه المستقبلات لا يضاهيها حساسية أي حساس صنعه البشر فالإنسان يستطيع أن يحس بحشرة قد لا ترى بالعين المجردة عندما تحط على يده بل إنها من شدة حساسيتها يمكنه أن يحس بالأشياء التي تلامس ملابسه  فينتقل هذا اللمس الخفيف للملابس ومن ثم للجلد ومن ثم للحساسات المزروعة فيه. لقد  أشار القرآن الكريم إلى حقيقة أن الجلد هو جهاز الإحساس الرئيسي في جسم الإنسان فقال عز من قائل "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56)" النساء.



إن أبسط المستقبلات الحسية هي مستقبلات الألم (pain) وهي عبارة عن نهايات عصبية حرة ومعراه (free nerve ending) موجودة في طبقة البشرة قريبا من سطح الجلد وتستجيب لأي تخريب أو ضرر قد يحصل في الجلد ويقدر عددها في الجلد وبقية أجزاء الجسم الداخلية  بثلاثة ملايين نهاية عصبية. وأما مستقبلات الحرارة فتسمى حويصلات رافيني (corpuscules of Ruffini) وهي عبارة عن شبكة من النهايات العصبية في داخل حويصلة مغزلية الشكل بطول ملليمتر واحد وتقع في منتصف الأدمة ويبلغ  عددها ستة عشر ألف مستقبل موزعة على جميع أنحاء الجسم مع زيادة في التركيز في رؤوس الأصابع والأنف والشفاه والجبهة وتوجد أعلى كثافة لها في رؤوس أصابع اليد حيث تبلغ 75 مستقبل في السنتيمتر المربع الواحد. وتستجيب هذه المستقبلات للزيادة في درجة الحرارة وليس لقيمتها المطلقة وتبلغ أعلى استجابة لها عند 40 درجة مئوية. وأما مستقبلات البرودة أو فقدان الحرارة فتسمى كريات كراوس (Bulbs of Krause) وهي أيضا عبارة عن لفيفة من النهايات العصبية المعراه موجودة داخل غشاء كروي وتقع على عمق 0.5 ملليمتر من سطح الجلد ويبلغ عددها مائة وخمسين ألفا موزعة على جميع أنحاء الجسم مع زيادة في التركيز في رؤوس الأصابع والأنف. وتستجيب هذه المستقبلات للنقصان في درجة الحرارة وليس لقيمتها المطلقة وتبلغ أعلى استجابة لها عند 20 درجة مئوية.


أما مستقبلات اللمس والضغط الخفيف فيوجد منها نوعان وهي أقراص ميركل وحويصلات ميسنر (  Merkel disks & Meissner’s corpuscles). فأقراص ميركل عبارة عن خلايا متخصصة  تسمى خلايا ميركل  مرتبطة بنهايات عصبية وموجودة في الطبقة القاعدية من البشرة أي قريبة من سطح الجلد وتوجد أعلى كثافة لها في رؤوس أصابع اليد حيث تبلغ 750 مستقبل في السنتيمتر المربع الواحد. وهذه المستقبلات بالغة الحساسية لأي شيء يلامس الجلد لأول مرة ثم تقل حساسيتها لوجوده مع مرور الوقت ولذلك نجد أن الجلد يألف الملابس ولا يرسل أي إشارات للدماغ عنها. أما حويصلات ميسنر فهي أكثر تعقيدا في تركيبها من أقراص ميركل وتقع أسفل منها في طبقة الأدمة وتستجيب للضغط الخفيف وللاهتزازات ذات الترددات المنخفضة التي تقل عن 50 هيرتز وتوجد أعلى كثافة لها في رؤوس أصابع اليد حيث تبلغ 1500 مستقبل في السنتيمتر المربع الواحد.  أما مستقبلات حركة الشعر (Hair Follicle Receptors) فهي عبارة عن نهايات عصبية ملفوفة حول جذر الشعرة وتحس بأدنى تحرك للشعرة من أي مؤثر خارجي ويقدر عددها بعدة ملايين أي بعدد شعر الجسم. أما مستقبلات الضغط القوي والاهتزازات  فتسمى حويصلات باسينيان (Pacinian corpuscles) وهي أبعد المستقبلات عن سطح الجلد في أسفل الأدمة وأكبرها حجما وأكثرها تعقيدا في التركيب ويقدر عددها بثلاثين ألف مستقبل وتوجد أعلى كثافة لها في رؤوس أصابع اليد حيث تبلغ 75  مستقبل في السنتيمتر المربع الواحد. ويشبه تركيب هذه المستقبلات تركيب البصلة فهي مكونة من طبقات كثيرة قد يصل عددها إلى العشرين طبقة يملأ بينها مادة سائلة وتوجد الألياف العصبية في لب هذا المستقبل. وتستجيب هذه المستقبلات لأي ضغط أو شد يقع على الجلد وخاصة الضغط القوي وكذلك تستجيب للاهتزازات الميكانيكية ذات الترددات العالية والتي تصل إلى 300 هيرتز.  

بصمات أصابع اليد
يتميز جلد باطن اليد وكذلك القدم عن بقية جلد الإنسان بوجود تجعدات أو بروزات دقيقة (ridges) تظهر على شكل خطوط متعرجة ترسم أشكالا عجيبة لا حصر لعددها على سطح الجلد. وتقوم هذه البروزات بوظائف عديدة أهمها زيادة الاحتكاك بين الجلد وسطوح الأشياء التي تمسك بها اليد أو تمشي عليها القدم فيزداد ثباتها. أما الوظيفة الثانية فهي أنها تزيد من حساسية حاسة اللمس ولذا نجد أن هذه البروزات تزداد بشكل كبير في رؤوس الأصابع. فعند تحريك الأصابع على أسطح الأشياء فإن هذه البروزات تهتز  بتردد يعتمد على خشونة السطح ويتم إلتقاط هذه الترددات من قبل المستقبلات الحسية تحت الجلد ويرسلها للدماغ لتحديد طبيعة السطح.  وتكون هذه التجعدات ثلاثة ثلاثة أنواع من الأشكال الرئيسية وهي الأقواس (arches) والأنشوطات  (loops) والدوامات (whorls). فالأقواس يدخل الخط فيها من أحد الجوانب ويرسم قوسا بأبعاد معينة في منتصف المنطقة ثم يخرج من الجانب الآخر. أما الأنشوطات فيدخل الخط من أحد الجوانب ثم يرسم أنشوطة بشكل مائل في منتصف المنطقة ثم يخرج من نفس الجانب الذي دخل منه. وأما الدوامات فيدخل الخط فيها من أحد الجوانب ثم يرسم عدة دوائر حلزونية ثم ينتهي الخط في مركز الحلزون دون أن يخرج منها. ولكل نوع من هذا الأنواع الرئيسية يوجد أنواع فرعية تحدد أشكال وأبعاد الأقواس  والأنشوطات  والدوامات.



وقد وجد العلماء أن الأشكال التي ترسمها هذه البروزات على رؤوس أصابع اليد لا يمكن أن تتطابق بين أي شخصين في العالم حتى لو كانا توأمين من نفس البويضة  ولذلك تم استخدامها كوسيلة للتعرف على الأشخاص بما يسمى التعرف ببصمة اليد (Fingerprint identification).  ويعود السبب في استحالة  تطابق البصمات  بين الأشخاص هو أنه يتم تحديد أشكالها من خلال آليتين أولها من خلال الجينات والتي تحدد الشكل العام  لهذه البروزات أما الأخرى فهي طبيعة البيئة التي يتعر ض لها الطفل في شهوره الأولى في الرحم وهي التي تعطي بعض العشوائية (randomness) لأشكال الخطوط لهذه البروزات. ولهذا السبب نجد أن التوائم رغم أنهم يتطابقون في جيناتهم والتي ترسم الشكل العام للبصمة إلا أنه يستحيل أن يتعرضوا تماما لنفس الظروف وهم في داخل الرحم فلذلك وجد اختلاف في بصماتهم.  وفي العصر الحديث تم استخدام بصمات اليد لكشف مرتكبي الجرائم إذا ما تركوا آثار بصماتهم على أسطح الأشياء التي لمسوها أثناء ارتكاب الجريمة.  ومع انتشار   الأجهزة الإلكترونية الحديثة القادرة على تحليل البصمات والتعرف على هوية أصحابها ظهرت استخدامات كثيرة لهذه البصمات كما في المعاملات البنكية والعقارية وغيرها.  


أظافر اليد
الأظافر  (nails) هي مادة مرنة وشبه شفافة مكونة من مادة الكراتين (Keratin) تغطي الجهة الخلفية من مقدمة أصابع اليد وكذلك الرجل. وتنمو  هذه الأظافر  من شبكة مشيمية (germinal matrix) تقع تحت الجلد في المنطقة الخلفية للظفر  حيث تقوم خلايا الظفر  الجديدة بدفع الخلايا القديمة إلى الأمام مكونة صفيحة الظفر . وتقوم الأظافر   إلى جانب الناحية الجمالية التي تعطيها لليد بوظائف عديدة ظاهرة يعرفها جميع الناس كحماية رؤوس الأصابع وحك الجلد والشعر  والإمساك بالأشياء الدقيقة وتقشير   القشور ونزع الأشواك وكوسيلة للدفاع عن نفسه وغيرها.  أما الوظائف الخفية التي يجهلها كثير من الناس فهي أن حاسة اللمس في الأصابع تزداد بشكل كبير بوجود هذه الأظافر  حيث تعمل كدعامة للأصابع عند الضغط على الأشياء الملموسة.  وكذلك وجد العلماء أن دقة حركة ورشاقة رؤوس الأصابع تزداد بوجود هذه الأظافر   لأنها تعطيها بعض الصلابة وتمنعها من الترهل.  وقد استفاد الأطباء من حالة مادة الأظافر  وحالة ما تحتها من الطبقات التي قد ترى من وراء الظفر لكشف بعض الأمراض وحالة الجسم بشكل عام.  


   


                 

               


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق