المسلمون في صحف إدريس عليه السلام
الدكتور منصور أبوشريعة العبادي \ جامعة
العلوم والتكنولوجيا الأردنية
لقد ذكرت قي مقالة (صحف إدريس وآياته المتوافقة مع القرآن) أن هناك توافقا كبيرا في كثير من
الآيات الواردة في صحف إدريس مع ما ورد في
القرآن الكريم. فلقد أكد على وجود سبع سموات يعلوها عرش الرحمن وقد وصف في رحلة
عروجه إليها ما في هذه السموات من مخلوقات ووصف عرش الرحمن وصفا تشير إلى عظمته. ووصف
الجتة وما فيها من نعيم والنار وما فيها
من عذاب ووصف ما في السماء الدنيا من أجرام وقاس أبعادها وحركاتها. وفي هذه
المقالة سأعرض إحدى الرؤى التي رآها إدريس عليه السلام حول المحطات الرئيسية في
تاريخ البشر وخاصة ما يتعلق بالشرائع السماوية وهي رؤيا الأسابيع السبعة. وفي هذه الرؤيا يوجد نص صريح على ظهور أمة
الإسلام في الأسبوع الأخير من حياة البشر فقد جاء في الباب 93 من صحف إدريس عليه السلام (النسخة الأثيوبية) ما
نصه:
1- وبعد هذا
شرع إخنوخ يقرأ من الكتب.
2- وقال إخنوخ لما يخص أبناء البر ومختاري
العالم وحول نبتة العدالة والاستقامة حول هولاء
سأتكلم لكم وأعلمكم يا أبنائي أنا إخنوخ كما ظهر لي من رؤيا السماء وكما تعلمت من أصوات الملائكة المقدسين وكما
فهمت من ألواح السماء.
3- وشرع
إخنوخ يتكلم بما في الكتب فقال: ولدت السابع في الأسبوع الأول حيث لا زالت
العدالة والاستقامة باقية.
4- ومن ثم سيظهر
بعدي في الأسبوع الثاني شر عظيم وسيظهر الغش وفيه تكون النهاية الأولى وفيه
ينجو إنسان وفي نهايته سيظهر الظلم وسيعمل فيه قانون للخطاه.
5- وبعد ذلك في الأسبوع الثالث وفي نهايته سيتم
اختيار رجل كنبتة للعدالة الصالحة وبعده ستبقى نبتة الصلاح
للأبد.
6- وبعد ذلك في الأسبوع الرابع وفي نهايته ستظهر نبؤات القديسين والأبرار وسيوضع قانون لكل الأجيال ومكان لهم ,
7- وبعد ذلك في الأسبوع الخامس وفي نهايته سيبنى
بيت للمجد والملك.
8- وبعد
ذلك في الأسبوع السادس فإن الذين يعيشون فيه سيعمون وتنسى قلوبهم الحكمة وينغمسون
في الشرك وفيه سيرفع إنسان وفي نهايته سيحرق بيت الملك بالنار وسيتشتت جميع نسل
الجذر المختار.
9- وبعد ذلك في الأسبوع السابع سيظهر جيل مرتد
وستكون أعمالهم كثيرة ولكن جميع هذه الأعمال ستكون مرتدة.
10- وفي نهايته سيتم اختيار الصالحين المختارين من نبتة الصلاح الأبدية ولهم ستعطى تعاليم بسبعة أضعاف حول جميع
المخلوقات.
11- هل يوجد أي إنسان يمكنه سماع صوت القدوس ولا
يرتجف؟ ومن هو الذي يمكنه أن يفكر تفكيره؟ ومن هو الذي يمكنه أن ينظر في جميع
أعمال السماء؟
12- وهل
يمكن لأي أحد أن يفهم أعمال السماء ويرى الأرواح ويحكي عنها أو أن يصعد ويرى جميع نهاياتها ويفهمها أو أن يعمل
أي شيء مثلها؟
13- وهل
يمكن لأي إنسان أن يعلم طول وعرض الأرض؟ ولمن أعطيت جميع قياساتها؟
14- وهل
يمكن لأي إنسان أن يعلم طول السماء وما هو ارتفاعها وعلى أي شيء قامت وكم هو ضخما
عدد النجوم وأين تقع جميع المنيرات؟
93.1 And, after this, Enoch began to speak from the books:
93.2 And Enoch said: “Concerning
the sons of righteousness, and concerning the chosen of the world, and
concerning the plant of righteousness and uprightness, I will speak these
things to you, and make them known to you, my children. I, Enoch, according to
that which appeared to me in the Heavenly vision, and that which I know from
the words of the Holy Angels, and understanding from the Tablets of Heaven.”
93.3 And Enoch then began
to speak from the books, and said: “I was born the seventh, in the first week,
while justice and righteousness still lasted.
93.4 And, after me, in
the second week, great injustice will arise, and deceit will have sprung up.
And in it there will be the First End, and in it, a man will be saved. And
after it has ended, iniquity will grow, and He will make a law for the sinners.
93.5 And after this in
the third week, at its end, a man will be chosen as the Plant of Righteous
Judgment, and after him will come the Plant of Righteousness, forever.
93.6 And after this, in
the fourth week, at its end, visions of the righteous and Holy will be seen,
and a Law for All Generations, and an enclosure will be made for them.
93.7 And after this, in
the fifth week, at its end, a House of Glory and Sovereignty will be built
forever.
93.8 And after this, in
the sixth week, all those who live in it will be blinded. And the hearts of
them all, lacking wisdom, will sink into impiety. And in it, a man will ascend,
and at its end the House of Sovereignty will be burnt with fire. And in it the
whole race of the chosen root will be scattered.
93.9 And after this, in
the seventh week, an apostate generation will arise. And many will be its deeds
- but all its deeds will be apostasy.
93.10 And at its end, the
Chosen Righteous, from the Eternal Plant of Righteousness, will be chosen, to whom
will be given sevenfold teaching, concerning his whole creation.
93.11 For is there any
man who can hear the voice of the Holy One and not be disturbed? And who is
there who can think his thoughts? And who is there who can look at all the
works of Heaven?
93.12 And how should
there be anyone who could understand the works of Heaven, and see a soul, or a
spirit, and tell about it, or ascend and see all their ends and comprehend
them, or make anything like them?
93.13 And is there any
man who could know the length and breadth of the Earth? And to who has all its
measurements been shown?
93.14 Or is there any man
who could know the length of Heaven, and what is its height, and on what is it
fixed, and how large is the number of stars, and where do all the lights rest?
الأسبوع الأول
يمثل
الأسبوع الأول الفترة من أدم عليه السلام حتى إدريس عليه وهو السابع من ذرية آدم
فهو نبى الله
إدريس عليه السلام (إنوخ أو أخنوخ) بن يرد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش بن شيث بن
آدم أبو البشر عليه السلام (Enoch, the son of Jared, the son
of Mahalaleel, the son of Cainan, the son of Enos, the son of Seth, the son of
Adam) وهو الجد الثاني لنوح عليه السلام (نوح بن لامَك بن متوشلخَ بن إنوخ). ويقال أنه قد أدرك من حياة آدم عليه
السلام مائة وعشرين سنة وعاش على الأرض
ثلاثمائة وخمسة وستين سنة ثم رفعه الله عز وجل إلى السماء حيا كما أكد على ذلك القرآن
الكريم في قوله تعالى (وَاذْكُرْ فِي
الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ
مَكَانًا عَلِيًّا (57)) مريم.
ولقد أكد إدريس عليه السلام أن الصلاح كان سمة هذا الأسبوع (ولدت
السابع في الأسبوع الأول حيث لا زالت العدالة والاستقامة باقية).
الأسبوع الثاني
أما الأسبوع الثاني فهو الأسبوع الذي عاش فيه
نوح عليه السلام وفيه عم الشر جميع سكان الأرض ولم تنجح محاولات نوح عليه السلام
في إصلاحهم كما جاء في قوله تعالى (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ
يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ
لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا
ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي
دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ
إِسْرَارًا (9)) نوح.
وفي هذا الأسبوع أباد الله عز وجل جميع سكان الأرض باستثناء نوح عليه السلام وعدد
قليل من المؤمنين ولذلك سماها إدريس عليه السلام النهاية الأولى للبشرية (ومن ثم سيظهر بعدي في الأسبوع الثاني شر عظيم وسيظهر الغش
وفيه تكون النهاية الأولى وفيه ينجو إنسان وفي نهايته سيظهر الظلم وسيعمل فيه قانون
للخطاه). ومن الواضح أن الإنسان الذي نجى من النهاية الأولى هو نوح عليه
السلام مصداقا لقوله تعالى (وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا
خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)
فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ
(15)) العنكبوت. أما المقصود بقانون للخطاة في قول إدريس عليه
السلام فقد يكون هو قوله تعالى (وَإِنْ مِنْ
قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ
مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)) الإسراء.
الأسبوع الثالث
أما
الأسبوع الثالث فهو الأسبوع الذي عاش إبراهيم عليه السلام في نهايته (وبعد ذلك في الأسبوع الثالث وفي نهايته سيتم اختيار إنسان كنبتة
للعدالة الصالحة وبعده ستبقى نبتة الصلاح للأبد). ومن الواضح أن
أقوام كثر قد ظهروا في هذا الأسبوع أمثال عاد وثمود والفراعنه وحضارات ما بين
النهرين وغيرهم كما جاء في قوله تعالى (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى
بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)) الإسراء. أما الإنسان الذي تم اختياره ليكون نبتة
للصلاح فهو بالطبع إبراهيم عليه السلام والذي انحصرت النبوة في ذريته وهذا يصدقه
قوله تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا
وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ
فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26)) الحديد.
الأسبوع الرابع
أما
الأسبوع الرابع فهو الأسبوع الذي عاش في نهايته موسى عليه السلام وبدأ فيه نزول
الشرائع السماوية التي تحكم حياة البشر وكان أولها شريعة موسى عليه السلام كما
وردت في التوراة (وبعد ذلك في الأسبوع الرابع وفي
نهايته ستظهر نبؤات القديسين والأبرار وسيوضع قانون لكل الأجيال ومكان لهم ). فالمقصود
بقول إدريس عليه (قانون لكل الأجيال) هو الأحكام الشرعية التي وردت في الكتب المقدسة والتي
تحدد تصرفات ومعاملات وعبادات الناس وذلك مصداقا لقوله نعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ
بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ
وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ
شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي
ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْكَافِرُونَ (44)) المائدة.
الأسبوع الخامس
أما
الأسبوع الخامس فهو الأسبوع الذي تم
فيه إقامة دول وممالك تحكمها الشرائع السماوية بدأت بملك داوود وسليمان عليهما
السلام (وبعد ذلك في الأسبوع الخامس وفي
نهايته سيبنى بيت للمجد والملك). والمقصود ببيت المجد والملك هنا هو
الهيكل الذي بناه سليمان عليه السلام في
القدس كبيت للعبادة والحكم مصداقا لقوله تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا
وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20)) المائدة.
الأسبوع السادس
أما
الأسبوع السادس فهو الأسبوع الذي بدأ
فيه اليهود بترك شريعة موسى عليه السلام وعبادة الأوثان وظهر الفساد فيهم (وبعد ذلك في الأسبوع السادس فإن الذين يعيشون فيه سيعمون وتنسى
قلوبهم الحكمة وينغمسون في الشرك وفيه سيرفع إنسان وفي نهايته سيحرق بيت الملك بالنار
وسيتشتت جميع نسل الجذر المختار). والإنسان الذي سيرفع هو عيسى عليه السلام الذي جاء لإعادة
اليهود إلى دينهم الصحيح ولكنهم كذبوه وعزموا على قتله ولكن الله نجاه من كيدهم
ورفعه حيا إليه مصداقا لقوله تعالى (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ
وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ
طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155)
وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156)
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ
وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ
اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا
اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ
إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)) النساء. وفي نهاية
الأسبوع تم حرق الهيكل بشكل نهائي وذلك في عام 70 م على يد الرومان وتم قتل كثير من
اليهود وطرد البقية من جميع الأرض المقدسة وتشتيتهم في جميع أنحاء العالم وتسليط
الأمم عليهم بالقتل والتعذيب وذلك مصداقا لقوله تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ
الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ
أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ
بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168)) الأعراف.
الأسبوع السابع
أما
الأسبوع السابع فهو الأسبوع الذي ظهرت
فيه كل من الأمة المسيحية في أوله والأمة االإسلامية في آخره (وبعد
ذلك في الأسبوع السابع سيظهر جيل مرتد وستكون أعمالهم كثيرة ولكن جميع هذه الأعمال
ستكون مرتدة. وفي نهايته سيتم اختيار
الصالحين المختارين من نبتة الصلاح الأبدية ولهم ستعطى تعاليم بسبعة أضعاف حول جميع
المخلوقات). فالجيل المرتد
هم المسيحيون الذين جعلوا المسيح عليه السلام ندا لله عز وجل ولقد تنبأ عليه
السلام بهؤلاء المرتدين وسماهم فاعلي الإثم رغم أنهم عملوا أعمالا صالحة كثيرة
باسم المسيح عليه السلام كما جاء ذلك في
إنجيل متى (21«لَيْسَ
كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.
بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 22كَثِيرُونَ
سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ
تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا
قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ
أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!). ولقد حذر القرآن الكريم المسيحين من مغبة هذه الردة
في آيات كثيرة منها فوله تعالى (يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا
الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ
أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا
تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ
سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي
الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)) النساء.
أما المختارون فمن الواضح
أنهم هم المسلمون فنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم هو من نسل إسماعيل إبن إبراهيم
عليهما السلام والذي وصفه إدريس عليه السلام بنبتة الصلاح الأبدية التي لا يظهر
نبي إلا منها وهو ما تنبأ به إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ
وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً
مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ
يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)) البقرة . أما الصفة الثانية للمسلمين فهي أنهم سيعطون
من العلم سبعة أضعاف ما أعطي لغيرهم وإذا ما قارنت ما في القرآن الكريم والسنة
النبوية من علوم عن الكون والإنسان والأمم السابقة والعبادات والتشريعات والأخلاق
وغيرها مع ما في التوراة والإنجيل لوجدتها تفوقها بأضعاف كثيرة وصدق الله العظيم
القائل (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا
عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً
وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)) النحل.
كشف
أسرار الكون
ليس من الغريب أن يختم
إدريس عليه السلام الفصل المتعلق برؤيا الأسابيع السبع بالحديث عن الكون وأبعاد
الأرض والسماء لأنه يعرف أن البشر في هذا الأسبوع سيكتشفون كثيرا من أسرار الكون
وكما أكد على ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى (سَنُرِيهِمْ
آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ
الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53))
وقوله تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ
آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93))
النمل. لقد قال إدريس عليه السلام أن
المسلمين سيعطون علما كثيرا عن جميع المخلوقات (ولهم ستعطى تعاليم بسبعة أضعاف حول جميع المخلوقات). وهذا ما
نجده في القرآن الكريم فقد كشف للبشر كثيرا من أسرار الكون بينما تكاد تخلو الكتب السماوية السابقة
باستثناء صحف إدريس عليه السلام من الآيات التي تتحدث عن معجزات الله عز وجل في هذا الكون. فقد
أشار القرآن إلى أن جميع أجرام الكون من سموات وآراضين قد خلقت من الدخان الذي كان يملأ الفضاء وهذا ما
أكد عليه العلماء في هذا العصر وذلك في
قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ
دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا
أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ
وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا
بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)) فصلت.
وأشار
إلى مراحل خلق الإنسان من التراب وهي الطين اللازب ثم الحمأ المسنون ثم الصلصال
الذي كالفخار ثم سلالة الطين والتي جاءت متطابقة مع ما مع ما اكتشفه العلماء كما
شرحت ذلك في كنابي (بداية الخلق في القرآن الكريم).
وأشار إلى مراحل خلق الإنسان من النطفة وذلك
في قوله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ
سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13)
ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً
فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ
أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14))
المؤمنون. وأشار إلى ضخامة هذا الكون من خلال القسم بمواقع النجوم في السماء الدنيا
فقط وأكد على أن من يعلم أبعاد النجوم لا بد أن يقدر عظمة هذا القسم وذلك في قوله
سبحانه (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)
وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76)) الواقعة.
وأشار إلى الدور الكبير
الذي تلعبه الجبال من خلال الجذور الضاربة في وشاحها السائل في حفظ القشرة الأرضية
الرقيقة من الإنزلاق والاهتزاز وذلك في
قوله تعالى (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ
تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15))
النحل. وأشار إلى الدور الكبير الذي تلعبه أوراق النباتات في
تأمين الطعام لجميع الكائنات الحية في قوله تعالى (وَهُوَ
الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ
فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ
النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ
وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى
ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ (99)) الأنعام. وأشار
إلى أن الماء هو أصل الحياة فقال عز من قائل (أَوَلَمْ
يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا
فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا
يُؤْمِنُونَ (30)) الأنبياء. وأشار إلى أن جميع أجرام الكون في حركة دائمة
وتجري في مدارات محددة وذلك في قوله تعالى (وَجَعَلْنَا
السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَهُوَ
الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ
يَسْبَحُونَ (33)) الأنبياء. وأشار إلى مراحل تكون المطر والبرد في قوله
تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا
ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ
مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ
فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ
يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43)) النور.
أما الآيات القرآنية التي
تدعو البشر إلى النظر والتفكر في كل ما خلق الله عز وجل من مخلوقات في هذا
الكون فهي بالمئات حيث تؤكد هذه الآيات على وجود معجزات باهرات تدل على وجود خالق
لا حدود لعلمه وقدرته سبحانه وتعالى كما في قوله تعالى (إِنَّ
فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ
وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ
فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ
لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ
حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)) الجاثية وقوله تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ
النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ
الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ
وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ (164)) البقرة وقوله
تعالى (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20)
وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)) الذاريات. بل إن القرآن
الكريم قد أكد على التفكر في مخلوقات الله عبادة من أهم العبادات التي يمكن
للإنسان أن يقوم بها فقال عز من قائل (إِنَّ فِي
خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ
لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا
وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ
رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191))
آل عمران. أما ما يؤكد على أن أمة الإسلام
هي أمة العلم التي وصفهم بها إدريس عليه السلام هو أن معجزات الله عز وجل في هذا
الكون لا تقدر حق قدرها إلا بالعلم وأن العلماء هم أكثر الناس خشية لله عز وجل
وذلك مصداقا لقوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ
أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا
أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا
وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ
أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ
اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)) فاطر.
جزاكم الله خيرا
ردحذف