ثابت بن أوس الأزدي (الشنفرى) (اليمن ؟-554م)
أقيموا بني أمي صدور مطِيكم
|
فإني
إلى قوم سِواكم لأميلُ
|
فقد حمت الحاجاتُ والليلُ مقمر
|
وشُدت
لِطيات مطايا وأرحُلُ
|
وفي الأرض منأى للكريم
عن الأذى
|
وفيها
لمن خاف القِلى مُتعزّلُ
|
لعمرُك
ما بالأرض ضيق على أمرئ
|
سرى راغبا أو راهبا وهو يعقلُ
|
ولي
دونكم أهلون سِيد عملّس
|
وأرقطُ زُهلول وعرفاءُ جيألُ
|
هم الأهلُ لا مستودعُ السرِّ ذائع
|
لديهم
ولا الجاني بما جرّ يُخذلُ
|
وكلّ أبيّ باسل
غير أنني
|
إذا عرضت أولى الطرائدِ أبسلُ
|
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن
|
بأعجلهم إذ أجشعُ القومِ أعجل
|
وما ذاك إلا بسطة عن تفضل
|
عليهِم
وكان الأفضل المتفضِّلُ
|
وإني كفاني فقدُ من ليس جازيا
|
بِحُسنى ولا في قربه مُتعلّلُ
|
ثلاثةُ أصحاب فؤاد مشيع
|
وأبيضُ إصليت وصفراءُ عيطلُ
|
هتوف
من المُلسِ المُتُونِ يزينها
|
رصائعُ قد نيطت إليها ومِحملُ
|
إذا زلّ عنها السهمُ حنّت كأنها
|
مُرزّأة ثكلى
ترِنُ وتُعوِلُ
|
ولستُ بمهيافِ يُعشِّى سوامهُ
|
مُجدعة سُقبانها وهي بُهّلُ
|
ولا جبأ أكهى مُرِبِّ بعرسِهِ
|
يُطالعها في شأنه كيف يفعلُ
|
ولا خرِق هيق كأن فُؤادهُ
|
يظلُّ به المكّاءُ يعلو ويسفُلُ
|
ولا خالفِ داريّة مُتغزِّل
|
يروحُ ويغدو داهنا يتكحلُ
|
ولستُ بِعلّ شرُّهُ دُون خيرهِ
|
ألفّ
إذا ما رُعته اهتاج أعزلُ
|
ولستُ بمحيار الظّلامِ إذا انتحت
|
هدى الهوجلِ العسيفِ يهماءُ هوجلُ
|
إذا الأمعزُ الصّوّان لاقى مناسمي
|
تطاير منه قادح ومُفلّلُ
|
أُدِيمُ مِطال الجوعِ حتى أُمِيتهُ
|
وأضربُ عنه الذِّكر صفحا فأذهلُ
|
وأستفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ
|
عليّ
من الطّولِ امرُؤ مُتطوِّلُ
|
ولولا اجتناب الذأم لم يُلف مشرب
|
يُعاش به إلا لديِّ
ومأكلُ
|
ولكنّ نفسا مُرة لا تقيمُ بي
|
على الضيم إلا ريثما أتحولُ
|
وأطوِي على الخُمص الحوايا كما
|
انطوت خُيُوطةُ ماريّ تُغارُ وتفتلُ
|
وأغدو على القوتِ الزهيدِ كما غدا
|
أزلُّ تهاداه التّنائِفُ أطحلُ
|
غدا طاويا يعارضُ الرِّيح هافيا
|
يخُوتُ بأذناب الشِّعاب ويعسِلُ
|
فلمّا لواهُ القُوتُ من حيث أمّهُ
|
دعا
فأجابته نظائرُ نُحّلُ
|
مُهلهلة شِيبُ الوجوهِ كأنها
|
قِداح بكفيّ ياسِر تتقلقلُ
|
أو الخشرمُ المبعوثُ حثحث دبرهُ
|
محابيضُ أرداهُنّ سام مُعسِّلُ
|
مُهرّتة فُوه
كأن شُدُوقها
|
شُقُوقُ العِصِيِّ كالحات وبُسّلُ
|
فضجّ
وضجّت بِالبراحِ كأنّها
|
وإياهُ
نوح فوق علياء ثُكّلُ
|
وأغضى وأغضت واتسى واتّست بهِ
|
مراميلُ عزّاها وعزّتهُ مُرمِلُ
|
شكا وشكت ثم ارعوى بعدُ وارعوت
|
وللصّبرُ إن لم ينفع الشكوُ أجملُ
|
وفاء وفاءت بادِرات وكُلُّها
|
على نكظ مِمّا يُكاتِمُ مُجمِلُ
|
وتشربُ أسآرِي القطا الكُدرُ بعدما
|
سرت قربا أحناؤها تتصلصلُ
|
هممتُ وهمّت وابتدرنا
وأسدلت
|
وشمّر مِني فارِط مُتمهِّلُ
|
فولّيتُ عنها وهي تكبو لِعقرهِ
|
يُباشرُهُ منها ذُقون وحوصلُ
|
كأن وغاها حجرتيهِ وحولهُ
|
أضاميمُ من سفرِ القبائلِ نُزّلُ
|
توافين مِن شتّى إليهِ فضمّها
|
كما ضمّ أذواد الأصاريم منهل
|
فعبّت غشاشا ثُمّ مرت كأنها
|
مع الصُّبحِ ركب
من أُحاظة مُجفِلُ
|
وآلف وجه الأرض عند افتراشها
|
بأهدأ تُنبيه سناسِنُ قُحّلُ
|
وأعدلُ منحوضا كأن فصُوصهُ
|
كِعاب دحاها لاعب فهي مُثّلُ
|
فإن تبتئس بالشنفرى أم قسطلِ
|
لما اغتبطت بالشنفرى قبلُ أطولُ
|
طرِيدُ جِنايات تياسرن لحمهُ
|
عقِيرتُهُ في أيِّها حُمّ أولُ
|
تنامُ إذا ما نام يقظى عُيُونُها
|
حِثاثا إلى مكروههِ تتغلغلُ
|
وإلفُ هموم ما تزال تعُودهُ
|
عِيادا
كحمى الرّبعِ أو هي أثقلُ
|
إذا وردت أصدرتُها ثُمّ إنها
|
تثوبُ
فتأتي مِن تُحيتُ ومن علُ
|
فإما تريني كابنة الرّملِ ضاحيا
|
على رقة أحفى
ولا أتنعلُ
|
فإني لمولى الصبر أجتابُ بزّه
|
على مِثل قلب السِّمع والحزم أنعلُ
|
وأُعدمُ أحيانا وأُغنى
وإنما
|
ينالُ الغِنى ذو البُعدةِ المتبذِّلُ
|
فلا جزع من خِلة مُتكشِّف
|
ولا مرِح تحت الغِنى أتخيلُ
|
ولا تزدهي الأجهال حِلمي ولا أُرى
|
سؤولا بأعقاب الأقاويلِ أُنمِلُ
|
وليلةِ نحس يصطلي القوس ربها
|
وأقطعهُ اللاتي بها يتنبلُ
|
دعستُ على غطش وبغش وصحبتي
|
سُعار
وإرزيز ووجر وأفكُلُ
|
فأيّمتُ نِسوانا وأيتمتُ وِلدة
|
وعُدتُ كما أبدأتُ والليل أليلُ
|
وأصبح
عني بالغُميصاءِ جالسا
|
فريقان مسؤول وآخرُ يسألُ
|
فقالوا لقد هرّت بِليل كِلابُنا
|
فقلنا أذِئب عسّ أم عسّ فُرعُلُ
|
فلم تكُ إلا نبأة ثم هوّمت
|
فقلنا قطاة رِيع أم ريع أجدلُ
|
فإن يكُ من جنّ لأبرح طارقا
|
وإن يكُ إنسا ماكها الإنسُ تفعلُ
|
ويوم من الشِّعرى يذوبُ لُعابهُ
|
أفاعيه
في رمضائهِ تتململُ
|
نصبتُ له وجهي ولا كنّ دُونهُ
|
ولا ستر إلا الأتحميُّ المُرعبلُ
|
وضاف
إذا هبت له الريحُ طيّرت
|
لبائد عن أعطافهِ ما ترجّلُ
|
بعيد بمسِّ الدِّهنِ والفلى عُهدُهُ له
|
عبس
عاف من الغسل مُحولُ
|
وخرق كظهر الترسِ قفر قطعتهُ
|
بِعامِلتين ظهرهُ ليس يعملُ
|
وألحقتُ أولاهُ بأخراه مُوفيا
|
على قُنّة أُقعي مِرارا وأمثُلُ
|
ترُودُ الأراوِي الصُّحـمُ حولي كأنّـها
|
عـذارى عليهِـنّ المُلاءُ المُذيّـلُ
|
ويركُـدن بالآصـالِ حولِي كأنّنـي من
|
العُصمِ أدفى ينتحي الكِيح أعقلُ
|
من كتاب (خمسون ألف بيت من الشعر) \منصور العبادي
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق