بديعة ابن معصوم المدني في مدح الرسول
علي بن أحمد بن معصوم
المدني (الحجاز 1642 – 1707م)
حسن ابتدائي بذكري جيرة الحرم
|
له براعة شوق تستهل دمي
|
دعني وعجبي وعج بي بالرسوم ودع
|
مركّب الجهل واعقِل مطلق الرُّسُمِ
|
بانوا فهان دمي عندي فها ندمي
|
على ملفق صبري بعد بعدهم
|
وذيّل الدمُ دمعي يوم فرّقّهم
|
وراح حبي بلبي لاحقا بهم
|
يا زيد زيد المنى مذ تم طرفني
|
وقال هِم بهم تُسعد بقربهمِ
|
كم عاذل عادل عنهم يصحف لي
|
ما حرفته وشاة الظلم والظلم
|
ما زلت في حرق منهم وفي حزن
|
مشوّش الفكر من خصمي ومن حكمي
|
ظنُّوا سلوِّي إذ ضنُّوا فما لفظوا
|
بذكر أُنس مضى للقلب في إضمِ
|
قدري أبوحسن يا معنوي بهم
|
ووصف حال ابنة حال بحبهم
|
أجروا سوابق دمعي في محبتهم
|
واستطردوها كخيلي يوم مزدحم
|
ذوى وريقُ شبابي في الغرام بهم
|
من استعارة نار الشّوق والألمِ
|
ولوا بسخط وعنف نازحين وقد
|
قابلتهم بالرِّضا والرفق من أممِ
|
وإن هم استخدموا عيني لرعيهم
|
أوحاولوا بذلها فالسعدُ من خدمي
|
إن افتنانهم في الحسن هيمني
|
قدما وقد وطِئت فرق السُّهى قدمي
|
لفِّي ونشري انتهائي مبدأي شغفي
|
معهم لديهم إليهم منهم بهم
|
ما أسعد الظبي لويحكي لحاظهم
|
أوكنت يا ظبيُ تُعزى لالتفاتِهمِ
|
أمّلت عودهم بعد العتاب وقد
|
عادوا ولكن إلى استدراكِ صدِّهمِ
|
قالوا وقد أبهموا إنّا لنرغبُ أن
|
نراك من إضم لحما على وضمِ
|
إن أدنُ ينأوا وما قلبي كقلبهم
|
وهل يطابقُ مصدوع بملتئِم
|
أرسلت إذ لذ لي جيهم مثلا
|
وقد يكون نقيعُ السمِّ في الدّسمِ
|
تخييرُ قلبي أضناني بهم ومحا
|
مني الوجود وألجاني إلى الندم
|
راموا النزاهة عن هجووقد فعلوا
|
ما ليس يرضاه حفظُ العهد والذِّممِ
|
هازلت بالجد عذالي فقلت لهم
|
أكثرتم العذل فاخشوا كِظّة البشمِ
|
تهكما قلت للواشين لي بهم
|
لقد هُديتم لفصل القول والحِكمِ
|
قالوا وقد زخرفوا قولا بموجبه
|
فهِمت قلتُ هيام الصبِّ ذي اللمّمِ
|
كم ادعوا صدقهم يوما وما صدقوا
|
سلمت ذاك فما أرجوبصدقهم
|
قالوا سمعنا وهم لا يسمعون وقد
|
أوروا بجنبيّ نارا باقتباسِهمِ
|
عدلت قصدا لأسلوب الحكيم وقد
|
قالوا تشاقلت ثوب الصدق والحكم
|
هديت يا لائمي فاترك مواربتي
|
فليس يحسن إلا ترك ودهم
|
أحسن أسيء ظن حقق ادن أقص أطل
|
حُك وشِّ فوِّف أبِن اخفِ ارتحل أقمِ
|
من رام رشد أخي غيّ هدى وأتى
|
كلامه جامعا للصدق لا التهم
|
قالوا تراجعهم من بعد قلت نعم
|
قالوا أتصدقُ قلتُ الصِّدق من شيمي
|
وإ نّني سوف أوليهم مناقضة
|
إذا هرمتُ وشبّ الشيخُ بالهرمِ
|
غايرت غيري في جيهم فأنا
|
أهوى الوشاة لتقريبي لسمعهم
|
هم وشحوني بمنثور الدموع وقد
|
توشّحوا من لأڑليهم بمنتظمِ
|
عدمتُ تذييل حظِّي حين قصّره
|
طول التفرق والدنيا إلى عدم
|
تشابهت فيهم أطراف وصفهم
|
ووصفهم لم يطقه ناطق بفم
|
أنا الذي جئتُ تتميما لمدحهم
|
نظما بقول يباهي الدر في القيم
|
هجوت في معرض المدح الحسود لهم
|
فقلتُ انّك ذوصبر على السّدمِ
|
لم يكتفوا بي عميدا في محبّتهم
|
بل كلُّ ذي نظر فيهم أراه عمي
|
زاد احتباك غرامي يا عذول بهم
|
فبرئ القلب من غي أواتهم
|
نتائجي اتصلت والاتصال بهم
|
عز وعزي بهم فخر على الأمم
|
بهجرهم كم وكم فل الهوى أمما
|
وردّ صدرا على عجز بهجرِهم
|
سلوت من بعدهم هيف القدود فلم
|
استثنِ إلاّ غصونا شُبِّهت بهمِ
|
وقد قصدتُ مراعاة النظير لهم
|
من جُلّنار ومن ورد ومن عنم
|
رفعت حالي إليهم إذ خفضت وقد
|
نصبت طرفي إلى التوجيه رسلهم
|
طربت في البعد من تمثيل قربهم
|
والمرءُ قد تزدهيه لذّة ُ الحلمِ
|
اتبت نفسي وقلت الشيب أنذرني
|
وأنتِ يا نفسُ عنه اليوم في صممِ
|
لا بر صدقي وعزمي في العلى قسمي
|
إن لم أردّكِ ردّ الخيل باللُّجم
|
وقد هديت إلى حسن التخلص من
|
غي النسيب بمدحي سيد الأمم
|
محمّد أحمدُ الهادي البشير بن عبـ
|
عبد الله فخر نزار باطرادهم
|
عز الذليل ذليل العز مبغضه
|
فاعجب لعكس أعاديه وذلهم
|
هوالقسيم له أوفى القسيم على
|
نفي القسيم ولا ترديد في القِسمِ
|
زاكي النجار علوالمجد ناسبه
|
زاهي الفخار كريمُ الجدِّ ذوشممِ
|
أفضاله ومعاليه ورفعته
|
جمع من الفضل فيه غير منقسم
|
أوصافُه انسجمت للذاكرين لها
|
في هل أتى في سبا في نُون والقلم
|
فاسمع تناسب أطرافِ المديح له
|
وافهم معانيه إن كنت ذا فهم
|
معظّم بائتلاف المعنيين له
|
من عفومقتدر أوعزِّ منتقمِ
|
كل البليغ وقد أطرى مبالغة
|
عن حصر بعض الذي أولى من النعم
|
لوأنه رام إغراق العداة له
|
لأصبح البر بحرا غي مقتحم
|
ولا غلوإذا ما قلت عزمته
|
تكاد تثني عهود الأعصر القُدُمِ
|
قاسُوه بالبحر والتفريقُ متّضح
|
أين الأجاج من المستعذب الشبم
|
تلميحُه كم شفى في الخلق من عِلل
|
وما لعيسى يد فيها فلا تهِمِ
|
وآدم إذ بدا عنوانُ زلّته
|
به توسل عند الله في القدم
|
به دعا إذ دعا فرعونُ شيعته
|
موسى فافلت من تسهيم سحرهم
|
لاح الهدى فهدى تشريع ملته
|
لما بدا لسلوك المنهج الأمم
|
والله لولا هُداه ما اهتدى أحد
|
لمذهب من كلام الله ذي الحِكمِ
|
نفى بإيجابه عنّا وسنّتِه
|
جهلا نضل به عن واضح اللقم
|
ولا رجوع لغاوي نهج ملته
|
بلى بإرشاده الكشاف للغمم
|
ردّت بمُعجزه من غير تورية
|
له الغزالة ُ تعدونحوأُفقهمِ
|
تجاهل العارفُ الباغي فقال له
|
أمعجز ما ترى أم سحر مجترم
|
وقصدُ إحضاره في الذِّهن لاح لنا
|
لمّا سرى فيؤمُّ الرسل من أممِ
|
هوالعوالمُ عن حصر بأجمعها
|
وملحق الجزء بالكلي في العظم
|
تهذيبُ فطرته أغناهُ عن أدب
|
في القول والفعل والأخلاق والشِّيمِ
|
ما زال آباؤه بالحمد مذ عُرفوا
|
فكان أحمدهم وفق اتّفاقِهمِ
|
ضياؤه الشمسُ في تفريق جمع دُجى
|
وقدره الشمسُ لم تُدرك ولم تُرم
|
وكم غزا لِلعِدى جمعا فقسّمه
|
فالزوج للأيم والمولود لليتم
|
فمن يماثله أومن يجانسه
|
أومن يقاربه في العلم والعلم
|
لقد تقمص بردا وشعته له
|
فخرا يدُ الأعظمين البأسِ والكرمِ
|
تكميل قدرته بالحلم متصف
|
مع المهابة في بشر وفي أضم
|
شيئان شبههما شيئان منه لنا
|
نداه في المحل مثل البرء في السقم
|
سامي الكناية مهزول الفصيل إذا
|
ما جاءه الضيف أبدى بشر مبتسم
|
لا يسلبُ القِرن إيجابا لرِفعته
|
ويسلب النقص من إفضاله العمم
|
يجزي العداة بعدوان مشاكلة
|
والفضلُ بالفضل ضعفا في جزائهم
|
ساوت شجاعتُه فيهم فصاحته
|
فردهم معجزا بالكلم والكلم
|
ماضيه كالبرق والتشبيه متضح
|
ينهل في إثره ما لاح صوب دم
|
إذا فرائد جيش عنده اتسقت
|
مشى العرضنة والشعواءُ في ضرم
|
كفاه نصرا على تصريع جيشهم
|
رُعب تُراعُ له الآسادُ في الأُجُم
|
لم تبق يدر لهم بدرا وفي أحد
|
لم يبق من أحد عند اشتقاقهم
|
ألم يفد أجرُ برّ جاد في ملأ
|
لم يستحل بانعكاس عن عطائهم
|
إ ن مد كفا لتقسيم النوال لهم فهم
|
ما بين مُعطى ومُستجد ومُستلمِ
|
درى إشارة من وافاه مجتديا
|
فجاد ما جاد مرتاحا بلا سأم
|
شمس وبدر ونجم يُستضاء به
|
ترتيبُه ازدان من فرعِ إلى قدم
|
ما أوغل الفكرُ في قول لمدحته
|
وهوالزعيم زعيم القادة البهم
|
للواصفين عُلاه كلّ آونة
|
توليد معنى به الألفاظ لم تقم
|
إبداع مدحي لمن لم يُبقِ من بِدع
|
أفاد رِبحي فإن أطنبتُ لم أُلمِ
|
فهل نوادرُ قولي إذ أتت علمت
|
بأنها مدح خير العرب والعجم
|
تطريز مدحي في علياه منتظم
|
في خير منتظم في خير منتظمِ
|
تكرار قولي حلا في الباذخ العلم م
|
ابن الباذج العلم بن الباذج العلم
|
وآلُه الطاهِرون المُجتبون أتى
|
في هل أتى ظاهرا تنكيتُ فضلهمِ
|
هم عصمة للورى تُرجى النجاهُ بهم
|
يا فوز من زانه حسن اتباعهم
|
أ طعهمُ واحذر العِصيان تنجُ إذا
|
بيضُ الوجوه غدت في النّار كالفحمِ
|
بسط الأكف يرون الجود مغنمة
|
لا يعرفون لهم لفظا سوى نعم
|
ما الروضُ غِبّ النّدى فاحت روائحُه
|
يوما بأضوع من تفريغ نعتِهِم
|
بيض المكارم سود النقع حور ظبى
|
خضرُ الديار فدبِّج وصف حالهمِ
|
تفسيرهم ومزاياهم وفخرهم
|
بعلمِهم ومعاليهم وجودِهمِ
|
لا يستطيع الورى تعديد فضلهم
|
في العلم والحلم والأفضال والكرمِ
|
الحسنُ ناسق والإحسانُ وافق م
|
والإفضال طابق ما بين انتظامهم
|
ما طاب تعليل نشر الريح إذ نسمت
|
إلاّ لالمامها يوما بأرضِهمِ
|
من التعطف ما زالوا على خلق
|
إنّ التعطف معروف لخلقهمِ
|
يعفون عن كلِّ ذي ذنب إذا قدروا
|
مستتبعين نداهم عند عفوهم
|
تمكينُ عدل لهم أرسوا قواعده
|
يرعى به الذئب في الموعى مع الغنم
|
وظنُّهم زاد إيضاحا وبخلُهُم
|
بعرضهم ونداهم فاض كالديم
|
إن شئت في معرض الذم المديح فقل
|
لا عيب فيهم سوى إكثار نيلهم
|
محققون لتوهيم العدى أبدا
|
كأنّهم يعشقون البيض في القِممِ
|
من كلِّ كاسرِ جفن لا هدوله
|
من الغرار فخذ ألغاز وصفهم
|
هم أردفوا عذب الخطى جائلة
|
حيث الوشاحُ بضرب الصّارم الخذِمِ
|
قل في علي أمير النحل غرتهم
|
ما شئت وفق اتساع المدح واحتكم
|
لا تعرضن لتعريضي بمدحته
|
فإنني في وِلادي غيرُ متّهمِ
|
همُ همُ ائتلفوا جمعا وما اختلفوا
|
لولا الأبوة قلنا باستوائهم
|
إيداع قلبي هواهم شاد لي بهم
|
من العناية ركنا غير منهدم
|
الحمدُ لله حمدا دائما أبدا
|
على مواردتي قومي بحبِّهمِ
|
إنّ التزامي في ديني بجدِّهم
|
ما زال يفعم قلبي صدقُ ودِّهم
|
إذا تزاوج إثمي فاقتضى نقمي
|
حققت فيهم رجائي فاقتضى نعمي
|
هم المجاز إلى باب الجنان غدا
|
فلستُ أخشى وهم لي زلّة القدمِ
|
جردت منهم لأعناق العدى قضبا
|
تبري الرقاب بحدّ غير منثلمِ
|
حققت إيهام توكيدي لحبهم
|
ولم أزل مغريا وجدي بهم بهم
|
بهم ترصّع نظمي وانجلى ألمي
|
وكم توسع علمي واعتلى علمي
|
طويت عن كل أمر يستلذ به
|
كشحا وقد لذّ لي تفصيل مدحهمِ
|
إذا أتيت بترشيح لمدحتهم
|
حلّى لساني وجيدي فضلُ ذكرهم
|
حذفتُ ودّ سِوى آل الرسول ولم
|
أ مدح سِواهم ولم أحمد ولم أرُمِ
|
تقييد قلبي بمدحي فيهم شرفي
|
في النشأتين ففخري في مديحهم
|
سمطت من فرحي في وصفهم مدحي
|
ولم أنل منحي إلا بجاههم
|
جزيت في كلمي أغليت في حكمي
|
أبديت من هممي أرويت كل ظمي
|
نلتُ السّلامة من بحر القريض وقد
|
سلكته لاختراعي در وصفهم
|
وصحبُه الأوفياءُ الأصفياء أتى
|
تضمينُ مزدوج مدحي لجمعهمِ
|
لفظي ومعناي قد صح ائتلافهما
|
بمدح أروع ماضي السّيف والقلمِ
|
موازن مازن مستحسن حسن
|
معاون صائن مستمكن شهمِ
|
تألف اللفظ والوزن البسيط له
|
فاطرب له من بديع النظم منسجمِ
|
وألف الوزن والمعنى له لسني
|
بمقول غير ذي عي ولا وجم
|
وجاء باللّفظ فيه وهومؤتلف
|
باللفظ يحدوبه الحادون بالنغم
|
لا ترض إيجاز مدحي فيه واصغ إلى
|
مدحي الذي شاع بين الحل والحرم
|
تسجيع منتظمي والغرُّ من حكمي
|
ألفاظها بفمي در من الحكم
|
وأنت يا سيد الكونين معتمدي
|
في أن تسهل ما أرجوومعتصمي
|
أدمجتُ مدحك والأيام عابسة
|
وأنت أكرمُ من يُرجى لدى الازمِ
|
وكم مننت بلا منّ على وجِل
|
من احتراس حلول الخطبِ لم ينمِ
|
حسن البيان أرانا منك معجزة
|
أ ضحت تقر لديها الفصح بالبكم
|
نُصِرت بالرُّعب والأقدارُ كافية
|
وعقد نصرك لم يحلُله ذوأضمِ
|
كم مارد حرد شطرته بيد
|
تشطير منتقم بالله مُلتزمِ
|
فمن يساويك في فضل ومكرمة
|
وأنت أفضلُ خلق الله كلِّهمِ
|
براعتي أبتِ التصريح في طلبي
|
لِما رأت من غوادي جودِك السّجمِ
|
الحق بحسن ابتدائي ما أنال به
|
حسن التخلص يتلوحسن مختتم
|