2018-09-03

ثم استوى إلى السماء وهي دخان


ثم استوى إلى السماء وهي دخان

الدكتور منصور أبوشريعة العبادي \جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية


نشرت مجلة النيويورك تايمز  الأمريكية (The New York Times) في عام 1991م مقالا ملفتا للنظر بعنوان (The Big Bang – Mostly Smoke?) وترجمته ( الانفجار العظيم --  غالبه دخان ).  وتتحدث المقالة عن الحالة التي كان عليها الكون في بداية ظهوره وذلك قبل مرحلة تشكل النجوم والمجرات وتؤكد على أن الكون كان في أول نشأته كرة من الدخان المكون بداية من الجسيمات الأولية والفوتونات ومن ثم من ذرات الهيدروجين والهيليوم.  وقد تكرر ذكر  الحالة الدخانية للكون في تقارير علمية كثيرة فيما بعد ففي  أحد التقارير  وصف الكاتب حالة الكون البدائي بقوله (About 300,000 years after the big bang, the universe was like a smoke-filled chamber from which light could not escape. By the time the universe was a billion years old, the smoke—actually a gas of light-trapping hydrogen—had cleared almost entirely, allowing stars and galaxies to become visible.) وترجمته (بعد ما يقرب من ثلاثمائة ألف عام بعد الانفجار  العظيم كان الكون على ما يشبه الغرفة المملؤة بالدخان التي لا يمكن للضوء أن ينفذ منه. وعندما أصبح عمر  الكون بليون عام انقشع هذا الدخان المكون من غاز الهيدروجين الممتص للضوء بشكل كلي مما سمح برؤية النجوم والمجرات).  وفي مقالات أخرى أطلق بعض العلماء اسم الضباب بدلا من الدخان على هذه المرحلة من مراحل تطور الكون فلقد كان عنوان إحداها (Astronomers have found when and how the cosmic fog was lifted) وترجمتها (الفلكيون يجدون متى وكيف انقشع الضباب الكوني).  وفي مقالة أخرى قال كاتبها (For its first 370,000 years, the universe was filled with a hot, dense fog of ionized gas.) وترجمته (في أول 370 ألف عام كان الكون مليئا بضباب حار وكثيف من الغاز المتأين).

لقد تفرد القرآن الكريم عن بقية الكتب السماوية السابقة بذكر  هذه المرحلة الدخانية التي كان عليها الكون عند نشأته الأولى  وذلك في قوله تعالى "ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)" فصلت. والمقصود بالسماء في  قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) هو الفضاء الذي امتلأ بالدخان الناتج عن الانفجار الكوني العظيم فلم يكن ثمة سماء  بالمعنى المعروف قبل ذلك. ومن الواضح أن علماء  الفلك الذين أطلقوا اسم الدخان على حالة الكون هذه كانوا أكثر دقة من العلماء  الذين أطلقوا اسم الضباب. فكلا التسميتان الدخان والضباب اطلقتا مجازا على مكونات الكون في بداية نشأته وهي الجسيمات الأولية بمختلف أنواعها ومن ثم ذرات الهيدروجين والهيليوم.  ولكن تسمية الدخان تعطي صورة في ذهن المتلقي أقرب للحقيقة فلطالما ارتبط  الدخان بالنار  والسواد وهو بذلك يوحي بالحالة الحارة التي كان عليها الكون وكذلك  بحالة الظلام التي كانت تسود الكون في مراحل تطوره الأولى (dark age) وذلك على عكس الضباب المرتبط اسمه في الغالب بالبرودة والبياض.  ولقد شرحت في مقالات سابقة مدلولات هذه الآية وما هو المقصود باليومين الذين خلق الله عز وجل فيهما السموات السبع وكذلك الأرض الأولية والأربعة أيام التي قدر الله فيها أقوات الأرض لتكون صالحة للحياة وذلك في مقالة (خلق الأرض في يومين) ومقالة ( وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام) .
 ولا بد هنا من أن نسأل الذين لا يصدقون بأن هذا القرآن منزل من عند الله عز وجل من أين جاء هذا النبي الأمي الذي عاش في أمة أمية بهذه الحقيقة الكبرى عن حالة الكون عند بداية خلقه والتي بقيت مجهولة إلى أن كشفها الله على أيدي خلقه في هذا العصر فقط. وكذلك نسأل ما هي المصلحة التي سيجنيها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لو كان هذا القرآن من تأليفه من ذكر هذه الحقيقة العلمية  وغيرها الكثير من حقائق الكون وهو يعلم أن البشر  جميعا في تلك الفترة لا يمكنهم فهم مدلولات هذه الآيات القرآنية. ولكن الذي أنزل هذه القرآن وكشف هذه الحقيقة سبحانه وتعالى يعلم أن البشر بما أتاهم الله عز وجل من علم وبهدي منه سيتمكنون يوما ما من كشف كثير من أسرار  الكون التي أشار  إليها القرآن تلميحا فيوقنوا  باستحالة أن يكون هذا القرآن من تأليف البشر  مصداقا لقوله تعالى "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) " فصلت وقوله سبحانه "وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)" النمل وقوله تعالى "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)" الطلاق.  وكذلك فإن ذكر  القرآن  لهذه الحقيقة العلمية دون غيره من الكتب السماوية ينفي نفيا قاطعا التهمة التي يتشدق بها الكفار على مر العصور من أن هذا القرآن قد ألفه  سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالاعتماد على كتب الأولين كما قال تعالى على لسانهم "وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)" الفرقان وقوله سبحانه"وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)" النحل.   
ومن المناسب هنا أن ألخص الأحداث والحقب التي مر بها الكون منذ الانفجار العظيم حتى يومنا هذا علما بأني شرحتها بشيء من التفصيل في مقالات أخرى مبينة في قائمة المراجع كمقالة (الانفجار العظيم في القرآن الكريم وفي صحيفة ادريس السلوفاكية). ظهرت دراسات كثيرة في الفيزياء الفلكية حول الانفجار الكوني العظيم وحول  الحالة الدخانية للكون من حيث طولها الزمني  والأحداث التي حصلت لمادة الكون خلالها وقسموها إلى حقب (epoch) متعاقبة. لقد تمت ستة من أهم هذه الحقب في الثانية الأولى فقط من عمر الكون  حيث بدأت بما يسمى بحقبة بلانك (Planck Epoch) وهي لحظة حدوث انفجار عظيم (massive blast) لما يسمى بالبيضة الكونية (cosmic egg) التي كانت تحتوي على جميع مادة وطاقة هذا الكون وقد أطلق على هذا الإنفجار فيما بعد اسم الانفجار العظيم (Big Bang). لقد كان الكون عند ساعة الصفر على شكل نقطة مادية غاية في الصغر (gravitational singularity)  لها درجة حرارة وكثافة غاية في الكبر ولا يعرف العلماء على وجه التحديد ماهية المادة الأولية التي انبثق منها هذا الكون ولا من أين جاءت ولماذا اختارت هذا الوقت بالتحديد لكي تنفجر ولا يعرفون كذلك أيّ شيء عن حالة الكون قبل الانفجار وصدق الله العظيم القائل "مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا" الكهف 51. ويغلب على ظن العلماء أن مادة الكون كانت عند بداية الانفجار مادة صرفة ذات طبيعة واحدة وتحكمها قوة طبيعية واحدة وقد بدأت هذه المادة الصرفة بالتمدد بشكل رهيب وبسرعات غاية في الكبر نتيجة لهذا الانفجار لتملأ الفضاء من حولها هذا إذا ما كان هناك ثمة فضاء حيث يعتقد العلماء أن المكان والزمان قد ظهرا مع ظهور هذا الانفجار. لقد كان الكون الأولي على شكل كرة نارية متجانسة تملؤها سحابة من المادة الصرفة العالية الحرارة والكثافة حيث قدر العلماء درجة حرارة الكون عند لحظة الانفجار برقم هو حاصل رفع الرقم عشرة للأس 35 درجة بينما قدرت الكثافة برقم هو حاصل رفع الرقم عشرة للأس مائة وعشرين إيرج لكل سنتيمتر مكعب.

وبعد حقبة بلانك جاءت حقبة التوحد الكبير(Grand Unification Epoch) وفيها انفصلت قوة الجاذبية (gravity force) عن بقية قوى الطبيعة الأساسية الأربع  وبدأ تشكل بعض الجسيمات الأولية (elementary particles) وضديداتها (antiparticles). وفي حقبة  الانتفاخ (Inflationary Epoch) انفصلت القوة النووية القوية (strong nuclear force) وبدأ الكون بالتمدد بشكل أسي وليس خطي ليظهر ما يسمى بالكون المنتفخ (inflated universe). وفي حقبة الكهروضعيفة (Electroweak Epoch) التي لا زالت فيها القوة الكهربائية (electric force) والقوة النووية الضعيفة (weak nuclear force) متحدة امتلأ الكون بما يسمى بالبوزنات (bosons) وهي الجسيمات الحاملة لقوى الطبيعة (force carriers)   والفوتونات (photons) أي أن الكون كان مكون  بشكل رئيسي من الإشعاعات (radiation) وليس المادة. وفي حقبة الكوارك (Quark Epoch) بدأت الجسيمات الأولية المكونة للذرات والتي أهمها الكواركات والإلكترونات بالتشكل وذلك بعد انفصال القوة الكهربائية عن القوة النووية الضعيفة.  وفي الحقبة السادسة والأخيرة من حقب الثانية الأولى من عمر الكون وهي حقبة الهادرون (Hadron Epoch) وبعد أن هبطت درجة حرارة الكون إلى تريليون درجة بدأت الهادرونات كالبروتونات والنيوترونات وهي الجسيمات المكونة لنوى الذرات بالتشكل.

أما حقب ما بعد الثانية الأولى فهي حقبة الليبتون (Lepton Epoch) وامتدت من بعد الثانية الأولى إلى ثلاثة دقائق من عمر الكون وفيها ظهرت الليبتونات وهي الإلكترونات (electrons) وضديداتها  البوزترون (positrons) بالظهور بكميات كبيرة, وفي حقبة تشكل النوى (Nucleosynthesis epoch) والتي امتدت من ثلاث دقائق إلى عشرين دقيقة بدأت نوى ذرات الهيدروجين والهيليوم بالتشكل من البروتونات والنيوترونات وذلك بعد أن هبطت درجة حرارة الكون إلى بليون درجة.  وفي حقبة الفوتون (Photon Epoch) والتي امتدت حتى 240 ألف عام أصبح الكون مكون بشكل رئيسي من ذرات الهيدروجين والهيليوم المتأينة (ionized)  وكذلك الإلكترونات وكميات ضخمة من الفوتونات التي تحمل معظم طاقة الكون. وفي حقبة الارتباط (Recombination) والتي امتدت حتى 300 ألف عام  ابتدأت الإلكترونات بالإرتباط بنوى ذرات الهيدروجين والهيليوم لتنتج ذرات متعادلة كهربائيا وذلك بعد أن هبطت درجة حرارة الكون إلى ثلاثة ألاف درجة. وفي الحقبة المظلمة  (Dark Age) والتي امتدت حتى 150 مليون عام كان يتم امتصاص الفوتونات من قبل ذرات الهيدروجين والهيليوم ولا ينفذ منها أي كمية تذكر إلى الخارج ولذا كان الظلام يسود الكون في هذه الحقبة. وفي حقبة التأين (Reionization epoch)  والتي امتدت حتى ألف مليون عام بدأت النجوم والمجرات الأولية بالتشكل وبدأت الإشعاعات التي تصدرها هذه النجوم نتيجة التفاعلات النووية فيها بإعادة تأيين ذرات الهيدروجين والهيليوم المحيطة بهذه النجوم وقل بذلك  امتصاصها للفوتونات وبدأ الظلام ينقشع تدريجيا ليصبح الكون شفافا كما نشاهده اليوم.  لقد كانت النجوم  الأولية التي  تشكلت في تلك الحقبة كبيرة الحجم وقصيرة العمر  وكانت تنفجر بعد نفاد وقودها من الهيدروجين والهيليوم على شكل مستعرات عظمى (supernovas). ومن بقايا هذه النجوم المتفجرة تكونت نجوم جديدة أصغر حجما ومحاطة  بالكواكب كما هو الحال مع مجموعتنا الشمسية التي تكونت قبل 4500 مليون عام.  وخلال عمر الكون البالغ 13700 مليون عام تشكلت أشكال وأحجام لا حصر لها من النجوم والمجرات  في مختلف أطوارها وهي مندفعة بسرعات خيالية بعيدا عن مركز الكون الذي حدث فيه الانفجار العظيم.
المراجع

4-      مقالة (الانفجار العظيم في القرآن الكريم وفي صحيفة ادريس السلوفاكية) منصور أبوشريعة العبادي
5-      مقالة (خلق الأرض في يومين) منصور أبوشريعة العبادي

6-      مقالة (وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام) منصور أبوشريعة العبادي



2018-08-24

تبارك الذي جعل في السماء بروجا


تبارك الذي جعل في السماء بروجا

الدكتور منصور أبوشريعة العبادي \ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية


                عندما يقسم الله عز وجل بأحد مخلوقاته في هذا الكون أو  يكرر ذكره في القرآن الكريم فإنما هو  يلفت أنظارهم إلى ما في هذا المخلوق من أسرار  ويدعوهم إلى التفكر  في بديع خلقه والإقرار  بأنه مخلوق من قبل خلق لا حدود  لقدرته وإبداعه. وبروج السماء من هذه المخلوقات التي تكرر ذكرها في القرآن الكريم ثلاثة مرات وأطلق اسمها على أحد سوره  وذلك في قوله تعالى  "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)" البروج  وقوله سبحانه "تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61)" الفرقان    وقوله عز من قائل "وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16)" الحجر.  والبروج كما هو  بقية مخلوقات هذا الكون قد سخرها لما هو في مصلحة هذا الإنسان الذي جعله الله عز وجل خليفة له على هذه الأرض إلا أنه من المؤسف أن كثير من الناس لاقوا هذه النعم بالجحود والنكران مصداقا لقوله تعالى "وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)" ابراهيم.
                تلعب بروج السماء أدوارا بالغة الأهمية في حياة البشر  على هذه الأرض فقد تم استخدامها  لعمل تقاويم زمنية تحدد  مواعيد زراعة وحصاد مزروعاتهم ومواعيد شعائرهم وأحداثهم مصداقا لقوله تعالى " لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ".  وتم استخدام البروج لتحديد الاتجاهات وتسهيل سفر البشر  في البر والبحر والجو  وتجنيبهم التياه والهلاك في الصحاري والبحار  مصداقا لقوله تعالى "لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ". والبروج واحدة من أجمل أنواع الزينة التي سخرها الله عز وجل للبشر والتي تبعث في نفوسهم البهجة والسرور  والتأمل مصداقا لقوله تعالى " وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ".  أما المهمة الأخيرة لهذه البروج فهي أنها قد تكون من المقاعد التي تتخذها الشياطين للتسمع على أخبار  السماء مصداقا لقوله تعالى "وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)" الجن.  ولذلك فقد حفظها الله سبحانه وتعالى من تسمع الشياطين لهذه الأخبار  مصداقا لقوله تعالى "وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)" الحجر.
والسماء ذات البروج
يعرف البرج السماوي  بأنه مجموعة من النجوم المتقاربة واللامعة التي يمكن مشاهدتها بالعين المجردة  وهي ترسم في صفحة السماء أشكال مختلفة حسب ما  يتخيلها الناظر إليها من الأرض.  ولقد لاحظ البشر على مر العصور  أن النجوم المشاهدة بالعين المجردة  لا تتوزع بشكل منتظم على القبة السماوية (celestial dome)  بل تتكتل على شكل مجموعات  من النجوم يتراوح بين ثلاثة نجوم وعشرات  النجوم.  وأطلق العرب على الواحدة من هذه التشكيلة الكوكبة (constelation) بشكل عام أو  البرج (zodiac) إذا ما  وقعت ضمن دائرة البروج (zodiac circle). إن النجوم المتجاورة  التي تتشكل منها الكوكبة الواحدة ليس بالضرورة أن تكون من نفس النوع أو على نفس المسافة من الأرض بل قد يكون أحدها نجما من مجرتنا  درب التبانة وآخر  مجرة بأكملها. وتعتمد طبيعة نجوم البرج على موقع الأرض في مدارها حول الشمس  وموقع الشمس في مدارها حول مركز المجرة  فبروج الشتاء مكونة في الغالب من النجوم الداخلية لمجرتنا درب التبانة وبروج الصيف مكونة من النجوم الخارجية لها وبروج الخريف والربيع  مكونة من بعض نجوم مجرتنا ومجرات خارج مجرتنا.   لقد عرفت حضارات ما بين النهرين في العراق وهي السومرية والأكادية والأشورية والكلدانية والبابلية وذلك ابتداء من الألفية الثالثة قبل الميلاد  البروج الأثني عشر  الواقعة على دائرة البروج واستخدموها في تحديد أشهر  السنة الشمسية كما سأفصل ذلك بعد قليل.



 وفي القرن الثالث قبل الميلاد تمكن علماء  الإغريق من تحديد  32 برجا جديدا  ليصبح عدد الأبراج   44 برجا.  وفي القرن الثاني بعد الميلاد أضاف فلكي الإسكندرية المشهور بطليموس  أربعة أبراج جديدة ليصبح العدد 48 برجاً وقام بوصف وتسمية هذه الأبراج في كتابه المشهور المجسطي، وابتداء من القرن الثامن بعد الميلاد اشتغل علماء العرب والمسلمين بدراسة هذه الأبراج  ووصف أشكالها وتسمية نجومها  كما فعل الفلكي أبو عبد الرحمن الصوفي في كتابه المشهور صور الكواكب الثمانية والأربعين ولا زالت معظم نجوم البروج المختلفة تحمل الأسماء العربية.  وفي بداية القرن السابع عشر  قام  الفلكي الألماني جوهان باير (Johann Bayer) بإضافة 12 برجا جديدا تقع في النصف الجنوبي للقبة السماوية وقام بوضع أول أطلس سماوي فيه تفصيلات ورسومات هذه البروج الستين وأعطى حروفا لاتينية لكل نجم من نجومها وذلكشدة لمعانه. وفي سنة 1679 أضاف العالم الفرنسي أوجستين روير (Augustine Royer)  بعض البروج الجديدة للقائمة وكذلك أضاف العالم الفرنسي نيكولا لوى دى لاكاى  Nicolas Louis de Lacalle)) في سنة 1763م أربعة عشر  برجا جديدا  لنصف الكرة الجنوبي.   وفي  عام  1930م  قام الاتحاد الفلكي العالمي( International Astronomical Union)  بتحديد عدد البروج  على القبة السماوية بثمانية وثمانين  برجا منها  48  برجا في نصف الكرة الشمالي و 28 برجا في نصف الكرة الجنوبي و 12 برجا تقع على  دائرة البروج.
فلك البروج الأثني عشر
                 فلك أو دائرة  البروج كما يعرفه الفلكيون  هو  شريط وهمي على سطح الكرة السماوية (celestial sphere) تتوسطه الدائرة الكسوفية (ecliptic) أو دائرة البروج (zodiac)  ولا يزيد عرضه عن 18 درجة قوسية بواقع  9  درجات على كل جانب من الدائرة.  والدائرة الكسوفية هي المدار  الذي تدور فيه الأرض حول الشمس أو المدار  الظاهري الذي تدور فيه الشمس حول الأرض كما نشاهده من الأرض. وضمن هذا الشريط توجد مدارات القمر وكواكب المجموعة الشمسية وهذه المدارات تنحرف في الغالب عن الدائرة الكسوفية بمقدار ميل مدار الجرم عن مدار الأرض حول الشمس وكذلك تتقاطع معه في نقطتين. فمدار القمر على سبيل المثال يميل بمقدار 5,145 درجة عن مدار الأرض حول الشمس  وعندما يتاقطع مع الدائرة الكسوفية قد يحصل كسوف للشمس أو خسوف للقمر  ولذلك سميت بالدائرة الكسوفية. ومن الجدير بالذكر  أن الدائرة الكسوفية تميل بزاوية 23,4 درجة عن دائرة الاستواء السماوي (celestial equator)والتي تقع تماما فوق خط الاستواء الأرضي وذلك بسبب ميلان محور دوران الأرض حول نفسها عن مستوى دوران الأرض حول الشمس بهذه الزاوية.

                ويقع ضمن فلك البروج اثنا عشر برجا من البروج  الثمانية والثمانين الموزعة على سطح الكرة السماوية وهي موزعة بانتظام تقريبا حول محيط فلك البروج. وعندما تدور الأرض حول الشمس في سنة كاملة تكون الشمس قد مرت أو كسفت كل برج من هذه البروج الاثني عشر  وتكون مدة مكث الشمس في كل برج منها شهرا شمسيا كاملا. ولقد انتبه البشر منذ الحضارة السومرية قبل خمسة آلاف سنة إلى هذه الظاهرة الكونية واستخدموها لتحديد شهور السنة الاثني عشر  وفصول السنة الأربعة وتحديد مواعيد زراعة وحصاد محاصيلهم. وفي قول الله تعالى "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ " التوبة 36  إشارة واضحة إلى هذه الظاهرة الكونية التي سخرها الله للبشر. لقد ترك الله عز وجل للبشر أشياء كثيرة تتعلق بشؤون حياتهم ليخترعوها بأنفسهم   ولكن تحديد الله عز وجل الأشهر  بهذا العدد منذ أن خلق الله عز وجل السماوات والأرض هو توجيه لهم بربطها بهذه البروج الاثني عشر والاستفادة منها لتنظيم شؤون حياتهم.

                قسم قدامى البشر  فلك البروج إلى 12 قسما متساويا يقابل كل قسم زاوية مقدارها 30 درجة قوسية ليكون المجموع 360 درجة وهي الزاوية المركزية للدائرة بحيث يوجد في منتصف كل قسم منها  أحد البروج الاثني عشر. وأسماء هذه البروج   من الغرب إلى الشرق وعلى التوالي هي الحمل (Aries)  والثور (Taurus)  والتوأمان(Gemini)   والسرطان (Cancer)   والأسد (Leo) والعذراء أو  السنبلة (Virgo)  والميزان (Libra) والعقرب(Scorpius)   والقوس أو الرامي  (Sagittarius) والجدي (Capricornus) والدلو (Aquarius)  والحوت (Pisces). ولا يظهر  على القبة السماوية في الليل إلا  ستة من هذه البروج يغيب واحدا منها كل شهر  ويطلع مقابله برجا جديدا. 
وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب
يحتاج البشر  على مر العصور نظاما لتوقيت الزمن وذلك لتنظيم شؤون حياتهم وتحديد مواعيد زراعة وحصاد مزروعاتهم  ومعرفة مواعيد تغير  أحوال الطقس وتأريخ أحداثهم وعقودهم وشعائرهم.  ولقد قسم البشر  الزمن إلى سنين وشهور وأسابيع وأيام وساعات ودقائق وثواني وما دون ذلك من الفنرات الزمنية والتي قد يحتاجها البشر في مختلف التطبيقات. ولا يوجد اختلاف بين البشر  في عدد الأشهر  في السنة والأيام  في الأسبوع  والساعات في اليوم والدقائق في الساعة منذ الاتفاق عليها في عهد الحضارة السومرية  في العراق وذلك قبل ما يزيد عن خمسة الاف سنة. ولا يوجد شك عندي بأن بعض هذه التقسيمات للزمن قد تم بهدي أو بوحي من الله عز وجل مصداقا لقوله تعالى "هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5)" يونس وقوله تعالى "وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)" يس.  فقد أجمعت كثير من الروايات على أن إدريس عليه السلام هو أول من علم البشر  كثير من الأشياء التي تساعدهم في تسهيل أمور حياتهم كالكتابة وطرق الزراعة والصناعة وكذلك نظام تقسيم الزمن والذي لا زال موجودا  في الصحف المنسوبة إلى إدريس عليه السلام.
أما بخصوص السنة فقد استخدم البشر  طريقتين لتعريفها وهما السنة الشمسية  والسنة القمرية. فطول السنة الشمسية يساوي  المدة  التي تكمل فيها الأرض دورة كاملة في مدارها حول الشمس وعادة ما تقاس بين  اعتدالين ربيعيين متتاليين أو  خريفيين. والسنة الشمسية  سنة ثابتة الطول حيث يبلغ طولها 365.24219  يوما (365 يوما وخمسة ساعات و48 دقيقة و 45 ثانية)  وقد تم تقريبها إلى 365.25 يوما بحيث يكون طول السنة 365 يوما  لثلاث سنوات متتالية و 366 يوما للسنة الرابعة أو ما تسمى بالسنة الكبيسة (leap year). ويتم إنقاص  يوما واحدا من السنة كل  128سنة وذلك نتيجة تقريب السنة إلى 365.25 يوما بدلا من  365.24219  يوما.  ويتم تقسيم السنة الشمسية إلى 12 شهرا  بحيث يكون طول بعضها 30 يوما وبعضها 31 يوما وأحدها 28 يوما لكي يضاف إليه يوما واحدا كل أربع سنوات. ويتم إنقاص اليوم الزائد الناتج عن التقريب بجعل السنة الكبيسة سنة عادية في نهاية كل مائة سنة كما هو الحال مع  التقويم الغريغوري (Gregorian calendar). وبهذا فإن السنة في التقويم الغريغوري تتزامن إلى حد كبير  مع السنة الشمسية الفعلية بمعنى أن الاعتدالان الربيعي والخريفي  والانقلابان الصيفي والشتوي تحدث في تواريخ ثابتة. 

أما السنة القمرية (luner year) فهي سنة حسابية يبلغ طولها 12 شهرا قمريا والشهر القمري هو  الظاهرة الطبيعية التي تحدد طول السنة القمرية حيث أن طوله ثابت  وذلك على عكس السنة الشمسية التي هي نفسها الظاهرة الطبيعية التي تحدد طولها بينما طول الأشهر يحدد حسابيا. وطول الشهر القمري (synodic month)  يساوي  المدة التي يكمل فيها القمر  دورة ظاهرية كاملة في مداره حول الأرض وعادة ما يقاس بين محاقين (new moon) متتالين. ويكون القمر في منزلة المحاق عندما يقع بين الشمس والقمر تماما ويبلغ طوله المتوسط بناءا على ذلك 29,53059 يوما (29 يوما و 12 ساعة و 44 دقيقة)  وطول السنة القمرية 354,367 يوما أي أقل ب 10,88 يوما عن السنة الشمسية.  وفي التقويم القمري الاسلامي يتحدد طول الشهر   بالمدة بين رؤية هلالين جديدين متتاليين ويكون طول الشهر إما 29 أو 30 يوما بالتناوب بحيث يكون نصف الأشهر  بطول 29 يوما والنصف الآخر بطول 30 يوما وهذا يعطي 354 يوما لطول السنة. وبما أن طول السنة القمرية هو  354,367 يوما فعادة ما يوجد سنة كبيسة كل سنتين أو ثلاثة سنوات يكون فيها  خمسة أشهر  بطول 29 يوما وسبعة أشهر بطول 30 يوما.  ولا تستخدم السنة القمرية في تحديد فصول السنة ولا يعتمد عليها في تحديد مواعيد الزراعة وغيرها ولكنها تستخدم في تحديد أوقات الشعائر الدينية عند المسلمين وغيرهم.

يرتبط التقويم الشمسي بمنازل الشمس في دائرة البروج بينما يرتبط التقويم القمري بمنازل القمر  كذلك في دائرة البروج. فعندما تدور الأرض في مدارها حول الشمس فإن الشمس بضوئها الوهاج تحول دون  رؤية البرج الذي يقع خلفها تماما ويقال حينئذ أن الشمس قد نزلت في ذلك البرج. ويستدل على نزول الشمس في أحد البروج من خلال مراقبة البرج المقابل له تماما على فلك البروج (180 درجة) أو ما يسمى بالرقيب فرقيب الحمل هو الميزان وكذلك العكس ورقيب الثور هو العقرب وهكذا لبقية الأبراج. وعلى ذلك فإنه يمكن تحديد منزل  الشمس  في أي وقت من خلال معرفة البرج الرقيب الذي يطلع من جهة الشرق  عند غياب الشمس أو الذي يسقط في الغرب عند شروق الشمس. وعلى ذلك فإن تحديد بداية كل شهر من أشهر  السنة يتم من خلال مراقبة بداية طلوع الرقيب من الشرق عند غياب الشمس.  وتنزل الشمس في كل برج من فلك البروج مدة ثلاثين يوما تقريبا حيث تتحرك الشمس من الشرق إلى الغرب خلال منطقة البرج بمقدار درجة قوسية واحدة كل يوم. وبناء على ذلك فإنه يمكن عمل تقويم شمسي لأشهر وأيام السنة من خلال مراقبة الحركة اليومية للبروج الطالعة فأيام الشهر الأول على سبيل المثال هي حمل 1 ثم حمل 2 إلى حمل 30 أو 31 وهكذا لبقية الأشهر الاثني عشر, إن هذا التقويم الذي يعتمد على البروج فقط قد لا يكون دقيقا بسبب صعوبة تحديد الحدود الفاصلة بين مناطق البروج أو قلة عدد النجوم في البرج  بحيث لا تغطي كامل منطقة البرج.  
وعادة ما يتم الاستفادة من ظواهر الاعتدال (equinox)  والانقلاب (solstice) في وضع تقويم شمسي أكثر دقة حيث أن مثل هذه الظواهر تحدث في أيام محددة في السنة. وهذه الظواهر تحدث بسبب ميلان محور دوران الأرض بزاوية مقدارها  23.4 تقريبا على مستوى مدار الأرض محدثة بذلك ظاهرة الفصول الأربعة. فالاعتدال الربيعي أو الخريفي يحدث عندما يتقاطع مدار الأرض حول الشمس مع مستوى خط الاستواء وتكون الشمس عندها متعامدة فوق خط الاستواء ويتساوى عندها طول الليل والنهار. أما الانقلاب الصيفي  فيحدث عندما يصل مدار الشمس إلى أقصى درجة في الشمال ثم يبدأ بالعودة إلى الجنوب وعند ذلك تكون الشمس فوق مدار السرطان ( 23.4درجة عرض شمال) ويكون النهار أطول من الليل شمال خط الاستواء والعكس في الجنوب. أما الانقلاب الشتوي فيحدث عندما يصل مدار الشمس إلى أقصى درجة في الجنوب ثم يبدأ بالعودة إلى الشمال وعند ذلك تكون الشمس فوق مدار الجدي ( 23.4 درجة عرض جنوب) ويكون النهار أطول من الليل جنوب خط الاستواء والعكس في الشمال. وفي التقويم الشمسي الحالي تم تحديد  تاريخ  الاعتدالات والانقلابات وكذلك تاريخ دخول وخروج الشمس في كل برج من هذا البروج. فتاريخ الاعتدال الربيعي أي بداية فصل الربيع هو 21 أذار   وتاريخ الانقلاب الصيفي أي بداية الصيف هو 23 حزيران وتاريخ الاعتدال الخريفي أي بداية الخريف هو 21 أيلول   وتاريخ الانقلاب الشتوي أي بداية الشتاء هو 23 كانون ثاني. إن مواعيد ظواهر الاعتدال والانقلاب ليست ثابتة على المدى البعيد بسبب أن اتجاه محور دوران الأرض يتغير مع الزمن نتيجة ظاهرة الترنح (nutation)  لهذا المحور بشكل دائري حول العمود القائم على مدار الأرض حول الشمس. ومحور دوران الأرض يشير في الوقت الحالى الى النجم القطبي ولكنه يبتعد عنه تدريجيا ليشير إلى نجوم أخرى ويكمل محور الأرض دورته كل ستة وعشرين ألف سنة مسببا تغير مواعد الاعتدال فيما يسمى بالتقدم الاعتدالى (precession of equinox).  

لقد استفاد البشر من المنازل التي ينزلها القمر في دائرة البروج أثناء دورانه حول الأرض في ايجاد توقيت شمسي قمري  لتحديد بداية الفصول وتغيرات أحوال الطقس أو ما يسمى بالأنواء. فبما أن القمر يكمل دورته حول الأرض في  27,3 يوما  وهو ما يسمى بالشهر  القمري النجمي (lunar sidereal month) فقد قاموا بتقسيم دائرة البروج إلى 28 منزل يحل القمر في واحدة منها كل ليلة ثم ينتقل إلى المنزل الذي يليه. وبتقسيم 360 درجة وهي الدائرة المركزية للدائرة على عدد المنازل فإن عرض المنزل في دائرة البروج هو 12,86 درجة أو 13 تقريبا وهي الزاوية التي يتحرك بها القمر  في السماء كل ليلة. وبما أن العرب في جاهليتهم وكذلك بعد إسلامهم كانوا من أكثر  من اشتغل في تحديد النجوم الموجودة  في كل منزل من منازل القمر  فقد شاع استخدام هذا التوقيت العربي في كثير من الأمم ولذلك نجد أن كثير من نجوم منازل القمر لا زالت تحمل الأسماء العربية. وعند تقسيم منازل القمر  الثمانية وعشرين على عدد البروج الاثني عشر  يكون نصيب كل برج  منزلين  وثلث أي سبعة منازل في كل ثلاثة أبراج ولكن في الغالب يوجد منزلين في الأبراج الصغيرة وثلاثة في الكبيرة. وعادة ما يتم تحديد تاريخ بداية المنزل من خلال مراقبة طلوع أول نجوم هذا المنزل من الشرق قبل شروق الشمس ولذلك تسمى المنازل بأسماء تلك النجوم.  

فمنازل القمر  في برج الحمل هي الشرطان ( من 12 الى 24 مايو ) وهما نجمان والبطين ( من 25 مايو  الى 6 يونيو)  وهو ثلاثة أنجم خفية والثريا ( من 7  الى 19 يونيو)  وهي سبعة أنجم صغار.  وأما منازل برج الثور فهي  الدبران ( من 20 يونيو الى 2 يوليو)  وهي سبعة أنجم والهقعة ( من 3  الى 15 يوليو ) وهي ثلاثة أنجم.  وأما منازل برج التوأمان أو الجوزاء فهي الهنعة ( من 16 الى 28 يوليو ) وهي خمسة أنجم والذراع (من 29 يوليو الى 10 اغسطس) وهو نجمان.  وأما منازل برج السرطان فهي  النثرة ( من 11 الى 23 اغسطس ) وهي لطخة بين نجمين صغيرين  والطرفة ( من 24 اغسطس الى 5 سبتمبر ) وهي نجمان  والجبهة ( من 6 سبتمبر الى 19 سبتمبر ) وهي أربعة أنجم. وأما منازل برج الأسد فهي الزبرة ( من 20 سبتمبر الى 2 اكتوبر) وهي نجمان  والصرفة ( من 3 اكتوبر الى 15 اكتوبر ) وهي نجم نير.  وأما منازل برج العذراء  فهي العواء ( من 16 اكتوبر الى 28 اكتوبر) وهو خمسة أنجم والسماك ( من 29 اكتوبر الى 10 نوفمبر ) وهو نجم نير. وأما منازل برج الميزان فهي الغفر ( من 11 نوفمبر الى 23 نوفمبر ) وهو ثلاثة أنجم والزبانا ( من 24 نوفمبر الى 6 ديسمبر)  وهي نجمان والإكليل ( من 7 ديسمبر الى 19 ديسمبر ) وهو أربعة أنجم. وأما منازل برج العقرب فهي القلب ( من 20 ديسمبر الى 1 يناير) وهو ثلاثة أنجم هي قلب العقرب والشولة ( من 2 يناير الى 14 يناير ) وهي نجمان في شوكة العقرب.  وأما منازل برج القوس فهي النعايم ( من 16 يناير الى 27 يناير ) وهي ثمانية أنجم والبلدة ( من 28 يناير الى 9 فبراير ) وهي مساحة خالية من النجوم بين النعائم وسعد الذابح. وأما منازل برج الجدي فهي سعد الذابح ( من 10 فبراير الى 22 فبراير ) وهو نجمان  وسعد بلع ( من 23 فبراير الى 7 مارس) وهو نجمان وسعد السعود ( من 8 مارس الى 20 مارس) وهو نجمان. وأما منازل برج الدلو فهي سعد الاخبية (من 21 مارس الى 2 ابريل) وهو ثلاثة أنجم  والفرع المقدم (من 3 ابريل الى 15 ابريل) وهو نجمان نيران. وأما منازل برج الحوت فهي الفرع المؤخر ( من 16 ابريل الى 28 ابريل ) وهو نجمان  والرشاء أو بطن الحوت وكذلك السمكة( من 29 ابريل الى 11 مايو) وهي ثمانية عشر نجما على شكل سمكة.




لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر
إن من الضروريات التي يحتاجها البشر  للعيش على سطح هذه الأرض هو معرفة الاتجهات والتي تساعدهم في تحديد اتجاه سيرهم في البر والبحر وكذلك الجو سواء في الليل أو النهار. وتلعب الشمس وتضاريس الأرض في النهار  والقمر والنجوم والكواكب في الليل الدور الأكبر  في تحديد الاتجاهات المختلفة. ولقد أشار   الله عز وجل في القرآن الكريم إلى هذه النعمة في عدة آيات كما في قوله تعالى "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97)"  الأنعام  وقوله تعالى "وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)" النحل.  ولا  يمكن للبشر  الاستغناء عن هذه الوسائل الطبيعية لتحديد الاتجاه حتى مع وجود الوسائل الصناعية التي قد تتعرض للأعطال أو  نفاذ مصادر الطاقة التي تشغلها. وتستخدم الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية النجوم والبروج لتوجيهها في التجاه الصحيح  أثناء حركتها في الفضاء.  والاتجاهات الأربع هي الشمال والجنوب وهما على امتداد محور دوران الأرض حول نفسها والشرق والغرب وهما على امتداد خط الاستواء الذي يتعامد مع محور الدوران. ومن السهل تحديد الاتجاهات الأربع إذا ما تم تحديد أحد هذه الاتجهات فعلى سبيل المثال إذا ما تم معرفة الشمال فالمتجه بوجهه إلى الشمال يكون الجنوب إلى خلفه والشرق إلى يمينه  والغرب إلى يساره.
ويتم تحديد الشمال الجغرافي باستخدام النجم القطبي أو  نجم الجدي  (North star or Polaris) والذي يقع على امتداد محور دوران الأرض أي فوق القطب الشمالي تماما ويبدو  ثابتا لا يتحرك كبقية النجوم للمشاهد من شمال الكرة الأرضية.  ويستدل على النجم القطبي من بعض الكوكبات القريبة منه ككوكبة الدب الأكبر (big dipper) وكوكبة الدب الأصغر (little dipper) فهو ألمع نجوم الدب الأصغر ويقع في ذيله. ويتم استخدام نجمي الدب الأكبر  المسميان بالدليلين وهما الدبة (dubbe) والمراق (merak) لتحديد النجم القطبي الشمالي حيث أن إمتداد الخط الواصل بينهما يمر على هذا النجم  بشكل دائم رغم دوران هذا البرج حول النجم القطبي.  لا يوجد ما يماثل النجم القطبي الشمالي فوق القطب الجنوبي وعادة ما يستدل على القطب الجنوبي لسكان جنوب الكرة الأرضية من نجم خافت يمكن رؤيته بالعين المجرد في ليل مظلم يسمى أوكتانتس (sigma octantis) يقع في كوكبة الصليب الجنوبي (southern cross) وهو مائل بمقدار درجة واحدة عن محور دوران الأرض.

أما إتجاه الشرق أو الغرب فيمكن تحديدهما  في النهار من خلال مراقبة الشمس فهي تطلع من اتجاه  الشرق وتغيب في اتجاه الغرب بشكل تقريبي. ويمكن تحديد إتجاهي الشرق والغرب في أي مكان على سطح الأرض بشكل دقيق عند الاعتدالين الربيعي والخريفي حيث تطلع الشمس من الشرق وتغيب في الغرب تماما.  أما في الليل فيمكن تحديد اتجاه الغرب من مراقبة القمر  وكذلك البروج والكواكب فالقمر  كالشمس يتحرك في اتجاه الغرب بشكل تقريبي إلى أن يغيب فيه. ويمكن استخدام دائرة البروج للاستدلال على الشرق والغرب حيث أن الخط الواصل بين ثلاثة بروج متجاوره يشير  إلى اتجاه الشرق والغرب بشكل تقريبي ويمكن تحديد الغرب من الغرب بعد ذلك من ترتيب تلك البروج لمن يعرفها.  وفي فصل الشتاء حيث تظهر كوكبة الجبار (الجوزاء) يمكن تحديد الغرب أو الشرق من المكان الذي تغرب فيه أو تشرق منه نجمة المنطقة وهي إحدى نجوم هذه الكوكبة.  ونجمة المنطقة هي إحدى النجوم الثلاثة التي تشكل حزام الجبار  حيث تقع على خط مستقيم وهذه النجمة تقع فوق خط الاستواء الأرضي وهي بذلك تدور فوقه فتغرب في اتجاه الغرب تماما. ويمكن تحديد خط العرض للمراقب من قياس الزاوية بين خط الأفق والخط الواصل بين المراقب والنجم القطبي  حيث تساوي هذه الزاوية زاوية خط العرض الشمالي للشمال والجنوبي للجنوب.


ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين
إن مما أودع الله عز وجل في النفس البشرية  حبها لكل ما هو جميل حيث أن الأشياء الجميلة تبعث في النفس البهجة والسرور والراحة. وحيثما نظر الإنسان في هذا الكون يجدالجمال في كل ما خلق الله عز وجل من المخلوقات الحية وغير الحية فنجدها في أشكال وألوان الحيوانات والنباتات أوراقها وأزهارها وثمارها وتضاريس الأرض من هضاب وجبال وتلال وأودية وسهول وصحارى وفي البحار والأنهار والجداول وفي السماء ومافيها من أبراج ونجوم وكواكب وسدم وغيرها. ففي أشكال الحيوانات يقول عز من قائل "وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6)" النحل وقوله سبحانه  "وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)" النحل  وفي النباتات يقول سبحانه "وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)"  ق.  أما السماء وبروجها  ونجومها فيقول تعالى "إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6)" الصافات وقوله سبحانه " أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6)" ق وقوله تعالى " وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16)" الحجر.  وعندما يقول  الله عز وجل أنه زين السماء بالبروج والنجوم والكواكب فهذا يؤكد على أن توزيع النجوم في السماء لم يترك للصدفة بل تمت بتقدير من الله عز وجل لتكون دليلا على خالق لا حدود لإبداعه وكذلك كمصدر لإثارة البهجة والسرور  لهذا الإنسان.  ونستعرض فيما يلي خصائص بعض بروج السماء مع الصور وأسماء بعض نجومها والتي تغلب اللغة العربيةعلى أسماء معظمها مما دفع أحد الغربيين للقول بأن السماء عربية.
إن أوضح البروج في فصل الشتاء هي بروج الجوزاء (الجبار) والثور  والكلب الأكبر  والكلب الأصغر والتوأمين. فبرج الجوزاء أو الجبار (Orion)  هو أجمل بروج السماء  من حيث كثرة النجوم اللامعة فيه وطريقة ترتيبها ووجود عدة سدم فيه.  ويقع هذا البرج  فوق خط الاستواء الأرضي بمحاذاة  برجي الثور والتوأمين من الجنوب من دائرة  البروج بحيث تقع بعض نجومه الشمالية داخل هذه الدائرة والتي تشكل أحد منازل القمر.  ويتكون البرج من عدد كبير من النجوم الساطعة على شكل صياد جبار يتكون رأسه من مجموعة من النجوم المتقاربة أهمها الميسان (meissa) ومنكبه من نجمتين لامعتين هما منكب الجوزاء  (betelgeuse)  والمرزم (belatrix)  وحزامه من ثلاثة نجوم متقاربة تقع على استقامة واحدة  هي المنطقة (mintaka) والنظام (alnilam) والنطاق (alnitak). ويوجد عند ركبتيه نجمان هما رجل الجبار (rigel) وهو ألمع نجوم البرج والسيف (saiph) ويحمل بيده قوسا مكون من عدة نجوم. ويوجد في البرج ثلاثة سدم وهي سديم الجبار وسديم رأس الحصان وسديم اللهب والتي تتميز بتنوع ألوانها كالأحمر والأصفر والزهري والأسود.  وإلى الجنوب الشرقي من برج الجوزاء يوجد برج الكلب الأكبر  الذي يوجد فيه ألمع نجوم السماء على الاطلاق وهو  نجم الشعرى اليمانية (sirius) والذي ذكره القرآن الكريم في قوله تعالى "وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (49)" النجم. وإلى الشمال من الكلب الأكبر يوجد برج الكلب الأصغر  وفيه يوجد الشعرى الشامية (procyon).  وإلى الشمال الغربي من برج الجبار يوجد برج الثور ضمن دائرة البروج ومن نجومه  نجم الدبران (aldebaran) ونجوم الثريا السبع (pleades). وإلى الشمال الشرقي من برج الجبار يوجد برج التوأمان ضمن دائرة البروج ومن نجومه نجم التوأم المقدم (castor) والتوأم المؤخر (pollux).

أما أهم البروج التي  يمكن مشاهدتها في فصل الربيع فهي  برج  السرطان والأسد والعذراء  والعواء والدب الأكبر والشجاع. وبرج  الأسد يقع في دائرة البروج بين برجي السرطان والعذراء وتشكل نجومه ما يشبه شكل الأسد ومن ألمع نجومه  قلب الأسد (regulus) والمنجل (the sickle). أما برج العذراء فيقع إلى الجنوب الغربي من برج الأسد وضمن دائرة البروج ومن أشهر نجومه السنبلة أو السماك الأعزل (spica). ويقع إلى الشمال من برج العذراء برج العواء  (bootes)  والنجم الرئيسي فيه هو السماك الرامح (arcturus) وهو نجم برتقالي ساطع جدا. وإلى الشمال من برج الأسد يوجد أجمل بروج فصل الربيع وهو  برج الدب الأكبر أو بنات نعش الكبرى (ursa major or big dipper) وهو من البروج دائمة الظهور بسبب قربها من القطب الشمالي.  ويتكون البرج من سبعة نجوم لامعة ثلاثة منها على شكل ذيل يسمى آخرها بالقائد (alkaid) بينما تشكل الأربعة الباقية شكلا مستطيلا يسمى النجمان الواقعان على الضلع المقابل للذيل بالدليلين وهما الدبة (dubbe) والمراق (merak). وإلى الشمال من الدب الأكبر يوجد الدب الأصغر  أو بنات نعش الصغرى الذي له نفس شكل الدب الأكبر  وفي ذيله يوجد النجم القطبي الشمالي وهو ألمع نجومها.  وإلى الجنوب من دائرة البروج بمحاذاة كل من بروج السرطان والأسد والعذراء يوجد أكبر وأطول بروج السماء وهو برج الشجاع (hydra) وهو على شكل ثعبان طويل ومن ألمع نجومة الفرد أو عنق الشجاع (a[phard).

 أما أهم البروج المشاهدة في فصل الصيف فهي  بروج الميزان والعقرب  والقوس والحواء  والعقاب أو النسر الطائر والقيثارة أو النسر الواقع  والأوزة أو الدجاجة. فبرج العقرب والذي يقع في دائرة البروج بين برجي الميزان والقوس هو أجملها  ويتكون من تشكيلة كبيرة  من النجوم اللامعة على شكل عقرب  ونجومه الرئيسية هي قلب العقرب الأحمر (antares) والزباني(graffias)  والإكليل()  والشولة (shaula). ويقع برج الميزان  إلى الغرب من العقرب ونجومة خافتة ومن أهمها الزبان الشمالي (zubeneschamali) والزبان الجنوبي (zubenelgenubi). ويقع برج القوس أو الرامي إلى الشرق من العقرب. ويقع برج الحواء (ophiuchus or the serpent bearer) بين برجي العقرب والقوس إلى الشمال من دائرة البروج ومن ألمع نجومها رأس الحواء (rasalhague).    ويقع برج العقاب (aquila) إلى الشمال من برج القوس ونجمه الرئيسي هو نجم النسر الطائر أو الطير (altair). وبرج القيثارة (lyra) يقع إلى الشمال من برج العقاب ونجمه الرئيسي هو النسر الواقع (vega) وهو من أكثر النجوم الشمالية لمعانا، ويقع  برج الأوزة (cygnus)  إلى الغرب من برج القيثارة وله شكل يشبه الأوزة برقبة طويلة وذنب قصير ونجمه الرئيسي هو الذنب (deneb).  وفي هذا الفصل يشكل كل من نجم النسر الطائر والنسر الواقع والذنب مثلثا جميلا يدعى مثلث الصيف،



وأما أهم البروج في فصل الخريف فهي بروج الجدي والدلو  والحوت والفرس والمرأة المسلسلة أو الأندروميدا. وتعد كوكبة الفرس الأعظم (pegasus) من أوضح بروج الخريف وتقع إلى الشمال من برج الدلو  ومن أشهر  نجومها الساعد (scheat) والمنكب (merkab) والجنب (algenib) وسرة الفرس (a[pheratz) والتي تشكل ما يسمى بمربع الخريف. ويقع برج الحوت في دائرة البروج بين برجي الحمل والدلو ومن نجومه الرشاء (alreshcha) وفم الحوت (fomalhaut) وإلى الشرق منه يقع برج الدلو وفيه نجوم سعد السعود وسعد الملك وسعد الأخبية.   أما برج الجدي فيقع في دائرة البروج إلى الشرق من برج الدلو ومن نجومه الجدي (algedi) وذنب الجدي وسعد الذابح وسعد الناشرة   وإلى الشمال من كوكبة الفرس تقع كوكبة المرأة المسلسلة  ومن نجومها المئزر (mirach) وعناق الأرض (almach).