محمود سامي البارودي
(مصر 1839 – 1904م)
هو البينُ حتّى لاسلام
ولا ردُّ
|
ولا نظرة يقضى بها حقّهُ الوجدُ
|
لقد نعب الوابور
بالبينِ بينهم
|
فساروا ولا زمُّوا جمالا ولا شدُّوا
|
سرى بِهِمُ سير الغمامِ كأنّما
|
لهُ في تنائى كلِّ ذى
خلّة قصدِ
|
فلا عين إلاّ وهى عين
من البكى
|
ولا خدّ إِلاّ
لِلدُّمُوعِ بِهِ خدُّ
|
فيا سعدُ حدِّثنِي بِأخبارِ من مضى
|
فأنت خبِير بِالأحادِيثِ يا سعدُ
|
لعلّ حديث الشوقِ
يطفئُ لوعة
|
مِن الوجدِ أو يقضِي بِصاحِبهِ الفقدُ
|
هُو النّارُ في
الأحشاءِ لكِن لِوقعِها
|
على كبدى ممّا ألذُّ
بهِ بردُ
|
لعمرُ المغانى وهى
عندِى عزيزة
|
بِساكِنِها ما شاقنِي بعدها عهدُ
|
لكانت وفِيها ما ترى عينُ ناظِر
|
وأمست وما فِيها لِغيرِ الأسى وفدُ
|
خلاء من الأُلاّفِ إلاّ عصابة
|
حداهم إلى عرفانها أمل
فردُ
|
دعتهم إليها نفحة عنبريّة
|
وبالنّفحة ِ الحسناءِ
قد يُعرفُ الوردُ
|
وقفنا فسلّمنا فردّت بِألسُن
|
صوامت إلاّ أنّها ألسن لُدُّ
|
فمن مقلة عبرى ومن لفحِ زفرة
|
لها شرر بين الحشا ما
لهُ زندُ
|
فيا قلبُ صبرا إن ألمّ
بك النّوى
|
فكُلُّ فِراق أو تلاق لهُ حدُّ
|
فقد يُشعبُ الإِلفانِ أدناهُما الهوى
|
ويلتئِمُ الضِّدّانِ أقصاهُما الحِقدُ
|
على هذِهِ تجرِي اللّيالِي بِحُكمِها
|
فآوِنة قُرب وآوِنة بُعدُ
|
وما كُنتُ لولا الحُبُّ أخضعُ لِلّتِي
|
تسئُ ولكنّ الفتى للهوى عبدُ
|
فعُودِي صُلب لا
يلِينُ لغامِز
|
وقلبِي سيف لا يُفلُّ لهُ حدُّ
|
إِباء كما شاء الفخارُ وصبوة
|
يذِلُّ لها فى خيسهِ
الأسدُ الوردُ
|
وإِنّا أُناس ليس
فِينا معابة
|
سِوى أنّ وادِينا
بِحُكمِ الهوى نجدُ
|
نلينُ-وإن كنّا أشدّاء-للهوى
|
ونغضبُ في شروى نقِير فنشتدُّ
|
وحسبك منّا شيمة عربيّة
|
هِي الخمرُ ما لم يأتِ مِن دُونِها حردُ
|
وبى ظمأ لم يبلغِ
الماءُ رِيّهُ
|
وفى النّفسِ أمر ليس
يدركهُ الجهدُ
|
أودُّ وما وُدُّ
امرِىء نافِعا لهُ
|
وإن كان ذا عقل إذا لم
يكن جدُّ
|
وما بِي مِن فقر لِدُنيا وإِنّما
|
طِلابُ العُلا مجد
وإِن كان لِي مجدُ
|
وكم مِن يد للّهِ عِندِي ونِعمة
|
يعضُّ عليها كفّهُ الحاسِدُ الوغدُ
|
أنا المرءُ لا يطغيهِ
عزّ لثروة
|
أصاب ولا يُلوِي بِأخلاقِهِ الكدُّ
|
أصدُّ عنِ الموفورِ
يدركهُ الخنا
|
وأقنعُ بالميسورِ
يعقبهُ الحمدُ
|
ومن كان ذا نفس كنفسِي تصدّعت
|
لعزّتهِ الدنيا وذلّت لهُ الأُسدُ
|
ومن شيمى حبُّ الوفاءِ
سجيّة
|
وما خيرُ قلب لا
يدُومُ لهُ عهدُ
|
ولكنّ إخوانا بمصر
ورفقة
|
نسونا فلا عهد لديهم ولا وعدُ
|
أحِنُّ لهُم شوقا على أنّ دُوننا
|
مهامه تعيا دون أقربها
الربدُ
|
فيا ساكِنِي الفُسطاطِ!
ما بالُ
كُتبِنا
|
ثوت عندكم شهرا وليس
لها ردُّ
|
أفى الحقِّ أنّا
ذاكرون لعهدكم
|
وأنتُم علينا ليس يعطِفُكُم وُدُّ
|
فلا ضير إِنّ اللّه يُعقِبُ عودة
|
يهُونُ لها بعد المُواصلة ِ الصّدُّ
|
جزى اللّهُ خيرا من جزانِي بِمِثلِهِ
|
على شُقّة غزرُ الحياة ِ
بها ثمدُ
|
أبِيتُ لذِكراكُم بها مُتملمِلا
|
كأنِّي سلِيم أو مشت نحوهُ الوِردُ
|
فلا تحسبونى غافلا عن ودادكم
|
رويدا فما فى مهجتى حجر صلدُ
|
هُو الحُبُّ لا
يثنِيهِ نأي ورُبّما
|
تأرّج مِن مسِّ
الضِّرامِ لهُ النّدُّ
|
نأت بِي عنكُم غُربة وتجهّمت
|
بِوجهِي أيّام خلائِقُها نُكدُ
|
أدورُ بعينى لا أرى
غير أُمّة
|
مِن الرُّوسِ
بِالبلقانِ يُخطِئُها العدُّ
|
جواث على هام الجبالِ
لغارة
|
يطير بها ضوءُ
الصّباحِ إذا يبدو
|
إذا نحنُ سرنا صرّح
الشّرُّ باسمهِ
|
وصاح القنا بالموتِ واستقتل الجندُ
|
فأنت ترى بين الفرِيقينِ كبّة
|
يُحدِّثُ فيها نفسهُ البطلُ الجعدُ
|
على الأرضِ مِنها بالدِّماءِ جداوِل
|
وفوق سراة ِ النّجمِ مِن نقعِها لِبدُ
|
إِذا اشتبكُوا، أو راجعُوا الزّحف خِلتهُم
|
بُحُورا توالى بينها الجزرُ والمدُّ
|
نشلُّهمُ شلّ العطاشِ
ونت بها
|
مُراغمة ُ السُّقيا، وماطلها الوِردُ
|
فهُم بين مقتُول طرِيح، وهارِب
|
طليح ، ومأسور يجاذبهُ
القدُّ
|
نروحُ إلى الشُّورى
إذا أقبل الدُّجى
|
ونغدُو عليهِم بالمنايا إِذا نغدُو
|
ونقع كلجِّ البحرِ
خضتُ غمارهُ
|
ولا معقِل إِلاّ المناصِلُ والجُردُ
|
صبرتُ لهُ والموتُ يحمرُّ تارة
|
وينغلُّ طورا في العجاجِ فيسودُّ
|
فما كُنتُ إِلاّ
اللّيث أنهضهُ الطّوى
|
وما كُنتُ إِلاّ
السّيف فارقهُ الغِمدُ
|
صئُول ولِلأبطالِ همس مِن الونى
|
ضروب وقلبُ القرنِ فى
صدرهِ يعدو
|
فما مُهجة إِلاّ ورُمحِي ضمِيرُها
|
ولا لبّة إِلاّ وسيفِي لها عِقدُ
|
وما كُلُّ ساع بالِغ سُؤل نفسِهِ
|
ولا كلُّ طلاّب
يصاحبهُ الرشدُ
|
إِذا القلبُ لم ينصُركِ فِي كُلِّ موطِن
|
فما السّيفُ إِلاّ آلة
حملُها إِدُّ
|
إذا كان عقبى كلِّ شئ
وإن زكا
|
فناء ، فمكروهُ
الفناءِ هو الخلدُ
|
وتخليدُ ذكرِ المرءِ
بعد وفاتهِ
|
حياة لهُ، لا موت يلحقُها
بعدُ
|
ففِيم يخافُ المرءُ سورة يومِهِ
|
وفى غدهِ ما ليس من
وقعهِ بدُّ
|
لِيضن بِي الحُسّادُ غيظا، فإِنّنِي
|
لآنافهم رغم وأكبادهِم
وقدُ
|
أنا القائِلُ
المحمُودُ مِن غيرِ سُبّة
|
ومن شيمة الفضلِ
العداوة ُ والضدُّ
|
فقد يحسُدُ المرءُ ابنهُ وهو نفسُهُ
|
وربّ سوار ضاق عن
حملهِ العضدُ
|
فلا زلتُ محسودا على
المجدِ والعلا
|
فليس بمحسود فتى ولهُ ندُّ
|
اريد تحليل لهذه القصيدة من فضلكم
ردحذفانا في حاجة الى تحليله ايضا
حذف