شرف
الدين عمر بن علي ابن الفارض(مصر
1181 – 1235م)
أبرق بدا من جانِبِ الغورِ
لامعُ
|
أم ارتفعت عن وجه
ليلى البراقِعُ
|
نعم اسفرت ليلى فصار
بوجهها
|
نهارا به نور المحاسن
ساطع
|
أنارُ الغضا ضاءت
وسلمى بذي الغضا
|
أمِ ابتسمت عمّا
حــكتهُ المدامعُ
|
أنشرُ خزامي فاح أم
عرفُ حاجر
|
بأمّ القُرى أم عِطرُ عزّة ضائِعُ
|
ألا ليت شعري هل سليمي
مقيمة
|
بِوادي الحِمى حيثُ المُتيّمُ والِعُ
|
وهل لعلع الرّعدُ
الهتونُ بلعلع
|
وهل جادها صوب من
المُزنِ هامِعُ
|
وهل أردن ماء العذيبِ
وحاجر
|
جِهارا وسِرُّ اللّيلِ
بالصّبحِ شائِعُ
|
وهل قاعةُ
الوعساءمخضرّة الرّبى
|
وهل ما مضى فيها من
العيش راجعُ
|
وهل برُبى نجد فتوضِح
مُسنِد
|
أُهيل النّقا عمّا
حوتهُ الأضالِعُ
|
وهل بلوى سلع يسل عن
متيّم
|
بكاظمة ماذا بهِ الشّوقُ صانعُ
|
وهل عذباتُ الرّندِ
يقطفُ نورها
|
وهل سلمات بالحجازِ أيانعُ
|
وهل أثلاثُ الجزعِ
مثمرة وهل
|
عُيونُ عوادي الدّهرِ عنها
هواجِعُ
|
وهل قاصِراتِ الطّرفِ
عِين بعالج
|
على عهدي المعهودِ أم
هوِ ضائعُ
|
وهل ظبيات الرّقمتينِ
بعيدنا
|
أقمنا بها أم دون ذلك
مانعُ
|
وهل فتيات بالغُويرِ
يُرينني
|
مرابع نُعم نِعم تلك
المرابعُ
|
وهل ظلُّ ذاك الضّالِ
شرقيّ ضارج
|
ظليل فـقد روّتهُ منّي
المدامعُ
|
وهل عامر من بعد نا شعبُ
عامر
|
وهل هو يوما للمُحبّين جامِعُ
|
وهل أمّ بيت اللهِ يا
أمّ مالك
|
عريب لهم عندي جميعا
صنائعُ
|
وهل نزل الرّكبُ
العِراقي مُعرِّفا
|
وهل شرعت نحو الخيامِ
شرائعُ
|
وهل رقصت بالمأزمينِ
قلائص
|
وهل للقبابِ البيضِ
فيها تدافعُ
|
وهل لي بجمعِ الشّملِ
في جمع مسعد
|
وهل لليالي الخيفِ
بالعمرِ بائعُ
|
وهل سلّمت سلمى على
الحجرِ الّذي
|
بهِ العهدُ والتفّت
عليهِ الأصابعُ
|
وهل رضعت من ثديِ زمزم
رضعة
|
فلا حُرّمت يوما عليها
المراضِعُ
|
لعلّ أُصيحابي
بِمكّة يُبرِدُوا
|
بذِكرِ سُليمى ما تُجِنّ الأضالعُ
|
وعلّ الُّلييلاتِ
الّتي قد تصرّمت
|
تعودُ لنا يوما فيظفر طامعُ
|
ويفرح محزُون ويحيا
مُتيّم
|
ويأنس مشتاق ويلتذ
سامعُ
|
قلبي يُحدّثُني بأنّك مُتلِفي
|
روحي فداك عرفت أم لم
تعرفِ
|
لم أقضِ حقّ هواك إن
كُنتُ الذي
|
لم أقضِ فيهِ أسى ومِثلي من يفي
|
ما لي سِوى روحي
وباذِلُ نفسِهِ
|
في حبِّ من يهواهُ ليس
بمسرفِ
|
فلئن رضيت بها فقد
أسعفتني
|
يا خيبة المسعى إذا لم تسعفِ
|
يا مانِعي طيب المنامِ
ومانحي
|
ثوب السِّقامِ بهِ
ووجدي المتلفِ
|
عطفا على رمقي وما
أبقيت لي
|
من جِسمي المُضنى وقلبي المُدنفِ
|
فالوجدُ باق والوِصالُ
مُماطِلي
|
والصّبرُ فان
واللّقاءُ مُسوّفي
|
لم أخلُ من حسد عليك
فلاتُضع
|
سهري بتشنيعِ الخيالِ
المُرجِفِ
|
واسأل نُجوم اللّيلِ هل
زار الكرى
|
جفني وكيف يزورُ من لم
يعرِفِ
|
لا غرو إن شحّت
بِغُمضِ جُفونها
|
عيني وسحّت بالدُّموعِ
الدُّرّفِ
|
وبماجرى في موقفِ
التّوديعِ من
|
ألمِ النّوى شاهدتُ هول الموقِفِ
|
إن لم يكُن وصل لديك
فعِد بهِ
|
أملي وماطل إن وعدت
ولاتفي
|
فالمطلُ منك لديّ إن
عزّ الوفا
|
يحلوكوصل من حبيب
مسعفِ
|
أهفولأنفاسِ النّسيمِ
تعلّة
|
ولوجهِ من نقلت شذاهُ
تشوُّفي
|
فلعل نار جوانحي
بهُبوبِها
|
أن تنطفي وأودّ أن لا
تنطفي
|
يا أهل ودِّي أنتمُ
أملي ومن
|
ناداكُمُ يا أهل وُدّي
قد كُفي
|
عُودوا لما كُنتم
عليهِ من الوفا
|
كرما فإنِّي ذلك
الخلُّ الوفي
|
وحياتكم وحياتكم قسما وفي
|
عُمري بغيرِ حياتِكُم
لم أحلِفِ
|
لو أنّ روحي في يدي
ووهبتها
|
لمُبشّري بِقدومِكُم
لم أنصفِ
|
لا تحسبوني في الهوى
متصنِّعا
|
كلفي بكم خلق بغيرِ
تكلُّفِ
|
أخفيتُ حبّكمُ فأخفاني
أسى
|
حتى لعمري كِدتُ عني أختفي
|
وكتمتُهُ عنّي فلوأبديتُهُ
|
لوجدتُهُ أخفى من
اللُّطفِ الخفي
|
ولقد أقولُ لِمن تحرّش
بالهوى:
|
عرّضت نفسك للبلا
فاستهدفِ
|
أنت القتيلُ بأيِّ من
أحببتهُ
|
فاختر لنفسك في الهوى
من تصطفي
|
قل للعذولِ أطلت لومي
طامعا
|
أنّ الملام عنِ الهوى
مستوقفي
|
دع عنك تعنيفي وذق طعم
الهوى
|
فإذا عشقت فبعد ذلك
عنِّفِ
|
برح الخفاءبحُبّ من لو
في الدّجى
|
سفر الِّلثام لقلتُ يا
بدرُ اختفِ
|
وإن اكتفى غيري بِطيفِ
خيالِهِ
|
فأنا الّذي بوصالهِ لا
أكتفي
|
وقفا عليهِ محبّتي
ولِمِحنتي
|
بأقلّ مِن تلفي بِهِ
لا أشتفي
|
وهواهُ وهو أليّتي
وكفى بِهِ
|
قسما أكادُ أُجِلّهُ
كالمُصحفِ
|
لو قال تِيها:قِف على
جمرِ الغضا
|
لوقفتُ ممتثلا ولم
أتوقفِ
|
أو كان من يرضى بخدّي موطِئا
|
لوضعتهُ أرضا ولم
أستنكفِ
|
لا تنكروا شغفي بما
يرضى وإن
|
هو بالوصالِ عليّ لم
يتعطّفِ
|
غلب الهوى فأطعتُ أمر صبابتي
|
من حيثُ فيهِ عصيتُ
نهي معنِّفي
|
مني لهُ ذُلّ الخضوع
ومنهُ لي
|
عزُّ المنوعِ وقوّة ُ المستضعفِ
|
ألِف الصّدود ولي فؤاد
لم يزل
|
مُذ كُنتُ غير
وِدادِهِ لم يألفِ
|
ياما أميلح كلّ ما
يرضى بهِ
|
ورضابهُ ياما أحيلاهُ
بفي
|
شربنا على ذكرِ
الحبيبِ مدامة
|
سكِرنا بها من قبلِ أن
يُخلق الكرمُ
|
لها البدرُ كأس وهي
شمس يديرها
|
هِلال وكم يبدو إذا
مُزِجت نجمُ
|
ولولا شذاها ما
اهتديتُ لحانها
|
ولولا سناها ما
تصوّرها الوهمُ
|
ولم يُبقِ مِنها
الدّهرُ غير حُشاشة
|
كأنّ خفاها في صُدورِ
النُّهى كتمُ
|
فإن ذكرت في الحيِّ
أصبح أهلهُ
|
نشاوى ولا عار عليهم
ولا إثمُ
|
ومن بينِ أحشاءِ
الدِّنانِ تصاعدت
|
ولم يبق مِنها في
الحقيقةِ إلاّ اسمُ
|
وإن خطرت يوما على
خاطِرِ امرِىء
|
أقامت بهِ الأفراحُ
وارتحل الهمُ
|
ولو نظر النُّدمانُ
ختم إنائِها
|
لأسكرهم من دونها ذلك
الختمُ
|
ولو نضحوا مِنها ثرى
قبرِ ميت
|
لعادت إليهِ الرُّوحُ وانتعش
الجسمُ
|
ولو طرحوا في فئِ
حائطِ كرمها
|
عليلا وقد أشفى
لفارقهُ السُّقمُ
|
ولو قرّبوا من حلها
مقعدا مشى
|
وتنطقُ من ذكري
مذاقتها البكمُ
|
ولو عبقت في الشّرقِ
أنفاسُ طيبها
|
وفي الغربِ مزكوم لعاد
لهُ الشّمُّ
|
ولو خضبت من كأسها
كفُّ لامس
|
لما ضلّ في ليل وفي
يدهِ النّجمُ
|
ولو جليت سرّا على
أكمه غدا
|
بصيرا ومن راووقها
تسمعُ الصُّمُّ
|
ولو أنّ ركبا يمّموا
تُرب أرضِها
|
وفي الرّكبِ ملسوع لما
ضرّهُ السمُّ
|
ولو رسم الرّقي حروف اسمها على
|
جبينِ مصاب جنّ أبرأهُ
الرّسمُ
|
وفوق لِواء الجيشِ لو رُقِم
اسمُها
|
لأسكر من تحت الِّلوا
ذلك الرّقمُ
|
تُهذّبُ أخلاق
النّدامى فيهتدي
|
بها لطريقِ العزمِ من
لا لهُ عزمُ
|
ويكرُمُ من لم يعرِفِ
الجود كفُّهُ
|
ويحلُمُ عِند الغيظِ
من لا لهُ حِلمُ
|
ولو نال فدمُ القومِ
لثم فِدامِها
|
لأكسبهُ معنى
شمائِلِها اللّثمُ
|
يقولون لي صفها فأنت
بوصفها
|
خبير أجل! عِندي بأوصافِها
عِلمُ
|
صفاء ولا ماء ولُطف
ولا هوا
|
ونور ولا نار وروح ولا جسمُ
|
تقدّم كلّ الكائناتِ
حديثها
|
قديما ولا شكل هناك
ولا رسمُ
|
وقامت بِها الأشياءُ
ثمّ لحِكمة
|
بها احتجبت عن كلِّ من
لا لهُ فهمُ
|
وهامت بها روحي بحيث
تمازجا
|
اتّـحادا ولا جرم
تخلّلهُ جرمُ
|
وكرم ولا خمر ولي
أُمُّها أُمُّ
|
وكرم ولا خمر وفي أمِّها
أمُّ
|
ولُطفُ الأواني في
الحقيقةِ تابِع
|
للطفِ المعاني
والمعاني بها تنمو
|
وقد وقع التّفريقُ
والكُلُّ واحِد
|
فأرواحنا خمر وأشباحنا
كرمُ
|
ولا قبلها قبل ولا بعد
بعدها
|
وقبليّةُ الأبعادِ فهي
لها حتمُ
|
وعصرُ المدى من قبلِهِ
كان عصرها
|
وعهدُ أبينا بعدها
ولها اليتمُ
|
محاسِنُ تهدي
المادِحينِ لِوصفِها
|
فيحسُنُ فيها مِنهمُ
النّثرُ والنّظمُ
|
ويطربُ من لم يدرِها
عند ذِكرِها
|
كمُشتاقِ نُعم كلّما
ذُكِرت نُعمُ
|
وقالوا شربت الإثم
كلاّ وإنّما
|
شرِبتُ التي في تركِها
عندي الإثمُ
|
هنيئا لأهلِ الديرِ كم
سكروا بها
|
وما شربوا منها
ولكنّهم همُّوا
|
وعندي منها نشوة قبل نشأتي
|
معي أبدا تبقي وإن
بلى العظمُ
|
عليك بها صرفا وإن شئت
مزجها
|
فعدلك عن ظلمِ الحبيبِ
هو الظُّلمُ
|
فدونكها في الحانِ
واستجلِها بهِ
|
على نغمِ الألحانِ فهي
بها غنمُ
|
فما سكنت والهمّ يوما
بِموضِع
|
كذلِك لم يسكُن مع
النّغمِ الغمُّ
|
وفي سكرة منها ولو عمر ساعة
|
ترى الدّهر عبدا
طائِعا ولك الحُكمُ
|
فلا عيش في الدُّنيا
لمن عاش صاحيا
|
ومن لم يمت سكرا بها
فاتهُ الحزمُ
|
على نفسهِ فليبكِ من
ضاع عمرهُ
|
وليس لهُ فيها نصيب
ولا سهمُ
|
هل نارُ ليلى بدت ليلا
بِذي سلمِ
|
أم بارق لاح في
الزّوراءِ فالعلمِ
|
أرواح نعمان هلاّ
نسمة سحرا
|
وماء وجرة هلاّ نهلة
بفمِ
|
يا سائق الظّعنِ يطوي
البيد معتسفا
|
طيّ السّجِلّ بذاتِ
الشّيحِ من إضمِ
|
عُج بالحِمى يا رعاك
اللّهُ مُعتمدا
|
خميلة الضّالِ ذات الرّندِ والخزمِ
|
وقِف بِسِلع وسِل
بالجزعِ هل مُطرت
|
بالرّقمتينِ أثيلات
بمنسجمِ
|
ناشدتُك اللّه إن جُزت
العقيق ضُحى
|
فاقر السّلام عليهِم
غير مُحتشِمِ
|
وقُل تركتُ صريعا في
دِيارِكُمُ
|
حيّا كميِّت يعيرُ
السُّقم للسُّقمِ
|
فمِن فُؤادي لهيب ناب
عن قبس
|
ومن جفوني دمع فاض
كالدِّيمِ
|
وهذهِ سنّةُ العشّاقِ
ما علقوا
|
بِشادِن فخلا عُضو من
الألمِ
|
يالائما لا مني في
حبِّهم سفها
|
كُفّ الملام فلوأحببت
لم تلُمِ
|
وحُرمةِ الوصلِ
والوِدِّ العتيقِ
|
وبالعهدِ الوثيقِ وما
قد كان في القدمِ
|
ما حلتُ عنهم بسلوان
ولا بدل
|
ليس التّبدُّلُ
والسُّلوانُ من شيمي
|
ردُّوا الرُّقاد لجفني
علّ طيفكمُ
|
بمضجعي زائر في غفلة ِ
الحلمِ
|
آها لأيّامنا بالخيفِ
لو بقِيت
|
عشرا وواها عليها كيف
لم تدمِ
|
هيهات واأسفي لو كان
ينفعني
|
أو كان يجدى على ما
فات واندمي
|
عني إليكم ظباء
المنحنى كرما
|
عهِدتُ طرفي لم ينظُر
لِغيرِهِمِ
|
طوعا لقاض أتى في
حُكمِهِ عجبا
|
أفتى بسفكِ دمي في
الحلِّ والحرمِ
|
أصمّ لم يسمعِ
الشّكوى وأبكم لم
|
يُحر جوابا وعن حالِ
المشوقِ عمِي
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق