ميمون بن قيس الوائلي (الأعشى) (نجد ؟-628م)
ودّع هريرة إن الركب مرتحلُ
|
وهل تطيقُ وداعا أيها الرّجلُ
|
غرّاءُ فرعاءُ مصقُول عوارِضُها
|
تمشِي الهُوينا كما يمشِي الوجي الوحِلُ
|
كأنّ مِشيتها مِن بيتِ جارتِها
|
مرّ السّحابة ِ لا ريث ولا عجلُ
|
تسمعُ للحليِ وسواسا إذا انصرفت
|
كما استعان برِيح عِشرِق زجِلُ
|
ليست كمن يكره الجيرانُ طلعتها
|
ولا تراها لسرّ الجارِ تختتلُ
|
يكادُ يصرعُها لولا تشدّدُها
|
إذا تقُومُ إلى جاراتِها الكسلُ
|
إذا تُعالِجُ قِرنا ساعة فترت
|
واهتزّ منها ذنُوبُ المتنِ والكفلُ
|
مِلءُ الوِشاحِ وصِفرُ الدّرعِ بهكنة
|
إذا تأتّى يكادُ الخصرُ ينخزِلُ
|
صدّت هريرة ُ عنّا ما تكلّمنا
|
جهلا بأمّ خليد حبل من تصلُ؟
|
ءأن رأت رجلا أعشى أضر بهِ
|
لِلّذّة ِ المرءِ لا جاف ولا تفِلُ
|
هركولة
فنق درم مرافقها
|
كأنّ أخمصنها بالشّوكِ منتعلُ
|
إذا تقُومُ يضُوعُ المِسكُ أصوِرة
|
والزنبقُ الوردُ من أردانها شمل
|
ما روضة مِن رِياضِ الحزنِ مُعشبة
|
خضراءُ جاد عليها مُسبِل هطِلُ
|
يضاحكُ الشمس منها كوكب شرق
|
مُؤزّر بِعمِيمِ النّبتِ مُكتهِلُ
|
يوما بِأطيب مِنها نشر رائِحة
|
ولا بأحسن منها إذ دنا الأصلُ
|
علّقتها عرضا وعلقت رجلا
|
غيرِي وعُلّق أُخرى غيرها الرّجلُ
|
وعُلّقتهُ فتاة ما يُحاوِلُها
|
مِن أهلِها ميّت يهذي بها وهلُ
|
وعُلّقتني أُخيرى ما تُلائِمُني
|
فاجتمع الحُبّ حُبّا كُلّهُ تبِلُ
|
فكُلّنا مُغرم يهذِي بصاحِبِهِ
|
ناء ودان ومحبُول ومُحتبِلُ
|
قالت هريرة ُ لمّا جئتُ زائرها:
|
ويلي عليك وويلي منك يا رجُلُ
|
يا من يرى عارِضا قد بِتُّ أرقُبُهُ
|
كأنّما البرقُ في حافاتِهِ الشُّعلُ
|
لهُ رداف وجوز مفأم عمل
|
منطّق بسجالِ الماءِ متّصل
|
لم يلهني اللّهوُعنهُ حين أرقبهُ
|
ولا اللّذاذة ُ مِن كأس ولا الكسلُ
|
فقلتُ للشّربِ في درني وقد ثملوا:
|
شِيموا وكيف يشيمُ الشّارِبُ الثّملُ
|
برقا يُضِيءُ على أجزاعِ مسقطِهِ
|
وبِالخبِيّة ِ مِنهُ عارِض هطِلُ
|
قالُوا نِمار فبطنُ الخالِ جادهُما
|
فالعسجدِيّة ُ فالأبلاءُ فالرِّجلُ
|
فالسّفحُ يجرِي فخِنزِير فبُرقتُهُ
|
حتى تدافع منهُ الرّبوُ فالجبلُ
|
حتى تحمّل منهُ الماء تكلفة
|
روضُ القطا فكثيبُ الغينة ِ السّهِلُ
|
يسقي دِيارا لها قد أصبحت عُزبا
|
زورا تجانف عنها القودُ والرّسلُ
|
وبلدة
مثلِ ظهرِ التُّرسِ موحشة
|
للجِنّ بِاللّيلِ في حافاتِها زجلُ
|
لا يتمنّى لها بِالقيظِ يركبُها
|
إلاّ الذين لهم فيما أتوا مهلُ
|
جاوزتها بطليح جسرة سرح
|
في مِرفقيها إذا استعرضتها فتل
|
إمّا ترينا حُفاة لا نِعال لنا
|
إنّا كذلِك ما نحفى وننتعِلُ
|
فقد أخالسُ ربّ البيتِ غفلتهُ
|
وقد يحاذرُ مني ثمّ ما يئلُ
|
وقد أقُودُ الصّبى يوما فيتبعُني
|
وقد يصاحبني ذوالشّرة ِ الغزلُ
|
وقد غدوتُ إلى الحانُوتِ يتبعُني
|
شاو مِشلّ شلُول شُلشُل شوِلُ
|
في فِتية كسُيُوفِ الهِندِ قد علِمُوا
|
أن ليس يدفعُ عن ذي الحيلة ِ الحِيلُ
|
نازعتهم قضب الرّيحانِ متكئا
|
وقهوة
مزّة راووقها خضلُُ
|
لا يستفيقون منها وهي راهنة
|
إلاّ بِهاتِ! وإن علّوا وإن نهِلُوا
|
يسعى بها ذوزجاجات لهُ نطف
|
مُقلِّص أسفل السّربالِ مُعتمِلُ
|
ومُستجيب تخالُ الصنج يسمعُهُ
|
إِذا تُرجِّعُ فيهِ القينةُ الفُضُلُ
|
من كلّ ذلك يوم قد لهوتُ به
|
وفي التّجارِبِ طُولُ اللّهوِ والغزلُ
|
والسّاحباتُ ذيول الخزّ آونة
|
والرّافلاتُ على أعجازها العجلُ
|
أبلِغ يزِيد بني شيبان مألُكة
|
أبا ثُبيت! أما تنفكُّ تأتكِلُ؟
|
ألست مُنتهِيا عن نحتِ أثلتِنا
|
ولست ضائِرها ما أطّتِ الإبِلُ
|
تُغرِي بِنا رهط مسعُود وإخوتِهِ
|
عِند اللّقاءِ فتُردي ثمّ تعتزِلُ
|
لأعرفنّك إن جدّ النّفيرُ بنا
|
وشُبّتِ الحربُ بالطُّوّافِ واحتملوا
|
كناطح صخرة يوما ليفلقها
|
فلم يضرها وأوهى قرنهُ الوعلُ
|
لأعرفنّك إن جدّت عداوتنا
|
والتمس النّصر منكم عوضُ تحتملُ
|
تلزمُ أرماح ذي الجدّينِ سورتنا
|
عند اللّقاءِ فتُردِيِهِم وتعتزِلُ
|
لا تقعدنّ وقد أكلتها حطبا
|
تعوذُ من شرّها يوما وتبتهلُ
|
قد كان في أهلِ كهف إن هُمُ قعدوا
|
والجاشِرِيّة ِ من يسعى وينتضِلُ
|
سائل بني أسد عنّا فقد علموا
|
أن سوف يأتيك من أنبائِنا شكلُ
|
واسأل قُشيرا وعبد الله كُلّهُمُ
|
واسأل ربيعة عنّا كيف نفتعِلُ
|
إنّا نُقاتِلُهُم ثُمّت نقتُلُهُم
|
عِند اللقاءِ وهم جارُوا وهم جهلوا
|
كلاّ زعمتم بأنا لا نقاتلكم
|
إنّا لأمثالِكُم يا قومنا قُتُلُ
|
حتى يظلّ عمِيدُ القومِ مُتّكِئا
|
يدفعُ بالرّاحِ عنهُ نِسوة عُجُلُ
|
أصابهُ هِندُوانيّ فأقصدهُ
|
أوذابل من رماحِ الخطّ معتدلُ
|
قد نطعنُ العير في مكنونِ فائِلِهِ
|
وقد يشيطُ على أرماحنا البطلُ
|
هل تنتهون؟ ولا ينهى ذوِي شطط
|
كالطّعنِ يذهبُ فيهِ الزّيتُ والفتلُ
|
إني لعمرُ الذي خطّت مناسِمُها
|
لهُ وسيق إليهِ الباقرِ الغيلُ
|
لئن قتلتم عميدا لم يكن صددا
|
لنقتلن مثلهُ منكم فنمتثلُ
|
لئِن مُنِيت بِنا عن غِبّ معركة
|
لم تُلفِنا مِن دِماءِ القومِ ننتفِلُ
|
نحنُ الفوارسُ يوم الحنوضاحية
|
جنبي "فطينة " لا ميل ولا
عزلُ
|
قالوا الرُّكوب! فقُلنا تلك عادتُنا
|
أو تنزلون فإنّا معشر نزلُ
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق