أبوفراس الحارث بن سعيد الحمداني
(الشام 932 – 967م)
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ
الصّبرُ
|
أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ
|
بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة ٌ
|
ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ
|
إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى
|
وأذللتُ دمعاً منْ خلائقهُ الكبرُ
|
تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جَوَانِحِي
|
إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَة ُ والفِكْرُ
|
معللتي بالوصلِ والموتُ دونهُ
|
إذا مِتّ ظَمْآناً فَلا نَزَل القَطْرُ
|
حفظتُ وضيعتِ المودة َ بيننا
|
وأحسنَ
منْ بعضِ الوفاءِ لكِ العذرُ
|
وما هذهِ الأيامُ إلا صحائفٌ
|
لأحرفها من كفِّ كاتبها بشرُ
|
بنَفسي مِنَ الغَادِينَ في الحَيّ
غَادَة ً
|
هوايَ لها ذنبٌ وبهجتها عذرُ
|
تَرُوغُ إلى الوَاشِينَ فيّ وإنّ لي
|
لأذْناً بهَا عَنْ كُلّ وَاشِيَة ٍ
وَقرُ
|
بدوتُ
وأهلي حاضرونَ لأنني
|
أرى أنَّ داراً لستِ من أهلها قفرُ
|
وَحَارَبْتُ قَوْمي في هَوَاكِ وإنّهُمْ
|
وإيايَ
لولا حبكِ الماءُ والخمرُ
|
فإنْ كانَ ما قالَ الوشاة ُ ولمْ يكنْ
|
فَقَد يَهدِمُ الإيمانُ مَا شَيّدَ
الكُفرُ
|
وفيتُ
وفي بعضِ الوفاءِ مذلة ٌ
|
لآنسة ٍ في الحي شيمتها الغدرُ
|
وَقُورٌ وَرَيْعَانُ الصِّبَا
يَسْتَفِزّها
|
فتأرنُ
أحياناً كما يأرنُ المهرُ
|
تسائلني منْ أنتَ وهي عليمة ٌ
|
وَهَلْ بِفَتى ً مِثْلي عَلى حَالِهِ
نُكرُ
|
فقلتُ
كما شاءتْ وشاءَ لها
|
الهوى قَتِيلُكِ قالَتْ أيّهُمْ فهُمُ
كُثرُ
|
فقلتُ لها لوشئتِ لمْ تتعنتي
|
وَلمْ تَسألي عَني وَعِنْدَكِ بي خُبرُ
|
فقالتْ لقد أزرى بكَ الدهرُ بعدنا
|
فقلتُ معاذَ اللهِ بلْ أنت لاِ الدهرُ
|
وَما كانَ للأحزَانِ لَوْلاكِ مَسلَكٌ
|
إلى القلبِ؛ لكنَّ الهوى للبلى جسرُ
|
وَتَهْلِكُ بَينَ الهَزْلِ والجِدّ
مُهجَة ٌ
|
إذا مَا عَداها البَينُ عَذّبَها
الهَجْرُ
|
فأيقنتُ أنْ لا عزَّ بعدي
لعاشقٍ
|
وَأنُّ يَدِي مِمّا عَلِقْتُ بِهِ
صِفْرُ
|
وقلبتُ أمري لا أرى لي راحة ً
|
إذا البَينُ أنْسَاني ألَحّ بيَ
الهَجْرُ
|
فَعُدْتُ إلى حكمِ الزّمانِ وَحكمِها
|
لَهَا الذّنْبُ لا تُجْزَى به وَليَ
العُذْرُ
|
كَأني أُنَادي دُونَ مَيْثَاءَ ظَبْيَة
ً
|
على شرفٍ ظمياءَ جللها الذعرُ
|
تجفَّلُ حيناً ثم تدنوكأنما
|
تنادي طلا بالوادِ أعجزهُ الحضرُ
|
فلا تنكريني يابنة َ العمِّ إنهُ
|
ليَعرِفُ مَن أنكَرْتِهِ البَدْوُ
وَالحَضْرُ
|
ولا تنكريني إنني غيرُ منكرٍ
|
إذا زلتِ الأقدامِ ؛ واستنزلَ النضرُ
|
وإني لجرارٌ لكلِّ كتيبة ٍ
|
معودة ٍ أنْ لا يخلَّ بها النصرُ
|
وإني لنزالٌ بكلِّ مخوفة ٍ
|
كثيرٌ إلى نزالها النظرُ الشزرُ
|
فَأَظمأُ حتى تَرْتَوي البِيضُ
وَالقَنَا
|
وَأسْغَبُ حتى يَشبَعَ الذّئبُ
وَالنّسرُ
|
وَلا أُصْبِحُ الحَيَّ الخَلُوفَ
بِغَارَة ٍ
|
وَلا الجَيشَ مَا لمْ تأتِه قَبليَ
النُّذْرُ
|
وَيا رُبّ دَارٍ لمْ تَخَفْني مَنِيعَة
ٍ
|
طلعتُ عليها بالردى أنا والفجرُ
|
وحيّ ٍرددتُ الخيلَ حتى ملكتهُ
|
هزيماً وردتني البراقعُ والخمرُ
|
وَسَاحِبَة ِ الأذْيالِ نَحوي
لَقِيتُهَا
|
فلمْ يلقها جهمُ اللقاءِ ولا وعرُ
|
وَهَبْتُ لهَا مَا حَازَهُ الجَيشُ
كُلَّهُ
|
ورحتُ
ولمْ يكشفْ لأثوابها سترُ
|
ولا راحَ يطغيني بأثوابهِ الغنى
|
ولا باتَ يثنيني عن الكرمِ الفقر
|
وما حاجتي بالمالِ أبغي وفورهُ
|
إذا لم أفِرْ عِرْضِي فَلا وَفَرَ
الوَفْرُ
|
أسرتُ وما صحبي بعزلٍ لدى
|
الوغى ولا فرسي مهرٌ ولا ربهُ غمر
|
ولكنْ إذا حمَّ القضاءُ على
|
أمرىء ٍ فليسَ لهُ برٌّ يقيهِ ولا بحرُ
|
وقالَ أصيحابي الفرارُ أوالردى
|
فقُلتُ هُمَا أمرَانِ أحلاهُما مُرّ
|
وَلَكِنّني أمْضِي لِمَا لا يَعِيبُني
|
وَحَسبُكَ من أمرَينِ خَيرُهما الأسْرُ
|
يقولونَ لي بعتَ السلامة بالردى
|
فَقُلْتُ أمَا وَالله مَا نَالَني
خُسْرُ
|
وهلْ يتجافى عني الموتُ ساعة ً
|
إذَا مَا تَجَافَى عَنيَ الأسْرُ
وَالضّرّ
|
هُوَ المَوْتُ فاختَرْ ما عَلا لك
ذِكْرُه
|
فلمْ يمتِ الإنسانُ ما حييَ الذكرُ
|
ولا خيرَ في دفعِ الردى بمذلة ٍ
|
كما ردها يوماً بسوءتهِ عمرو
|
يمنونَ أنْ خلوا ثيابي وإنما
|
عليَّ ثيابٌ من دمائهمُ حمرُ
|
وقائم سيفي فيهمُ
اندقَّ نصلهُ
|
وَأعقابُ رُمحٍ فيهِمُ حُطّمَ الصّدرُ
|
سَيَذْكُرُني قَوْمي إذا جَدّ جدّهُمْ
|
في الليلة ِ الظلماءِ يفتقدُ البدر
|
فإنْ عِشْتُ فَالطّعْنُ الذي
يَعْرِفُونَه
|
وتلكَ القنا والبيضُ والضمرُ الشقرُ
|
وَإنْ مُتّ فالإنْسَانُ لا بُدّ مَيّتٌ
|
وَإنْ طَالَتِ الأيّامُ وَانْفَسَحَ
العمرُ
|
ولوْ سدَّ غيري ما سددتُ
اكتفوا بهِ
|
وما كانَ يغلوالتبرُ لونفقَ الصفرُ
|
وَنَحْنُ أُنَاسٌ لا تَوَسُّطَ
عِنْدَنَا
|
لَنَا الصّدرُ دُونَ العالَمينَ
أوالقَبرُ
|
تَهُونُ عَلَيْنَا في المَعَالي
نُفُوسُنَا
|
ومنْ خطبَ الحسناءَ لمْ يغلها المهرُ
|
أعزُّ بني الدنيا وأعلى ذوي العلا
|
وَأكرَمُ مَن فَوقَ الترَابِ وَلا
فَخْرُ
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق