أحمد شوقي
(مصر 1868 – 1932م)
جرح على جرح حنانكِ جِلّقُ
|
حمِّلتِ ما يوهي الجبال ويزهقُ
|
صبرا لباة الشرقِ كلُّ مصيبة
|
تبلى على الصبر الجميلِ وتخلق
|
أنسيتِ نار الباطشين وهزّة
|
عرتِ الزمان كأن روما تحرقُ
|
رعناء أرسلها ودسّ شواظها
|
في حجرة ِ التاريخِ أرعنُ أحمقُ
|
فمشت تحطِّمُ باليمينِ ذخيرة
|
وتلُصُّ أُخرى بالشمال وتسرِق
|
جُنّت فضعضعها وراض جِماحها
|
من نشئك الحمسُ الجنونُ المطبقُ
|
لقي الحديدُ حميّة أمويّة
|
لا تكتسي صدأ ولا هي تطرقُ
|
يا واضع الدّستورِ أمسِ كخُلقِه
|
ما فيه من عِوج ولا هُوضيِّق
|
نظم من الشورى وحكم راشد
|
أدبُ الحضارة ِ فيهما والمنطقُ
|
لا تخش ممّا ألحقوا بكتابه
|
يبقى الكتابُ وليس يبقى المُلحق
|
ميت الجلالِ من القوافي زفرة
|
تجري ومنها عبرة تترقرق
|
ولقد بعثتهما إليك قصيدة
|
أفأنت مُنتظِر كعهدك شيِّق
|
أبكي ليالِينا القِصار وصحبة
|
أخذت مخيلتها تجيشُ وتبرقُ
|
لا أذكرُ الدنيا إليك؛ فربّما
|
كره الحديث عن الأجاجِ المغرقُ
|
طبعت من السمّ الحياة طعامها
|
وشرابُها وهواؤها المتنشّق
|
والناسُ بين بطيئها وذعافها
|
لا يعلمون بأيِّ سمِّيها سقوا
|
أما الوليُّ فقد شقاك بسمِّه
|
ما ليس يسقيك العدوالأزرق
|
طلبوك والأجلُ الوشِيكُ يحُثُّهم
|
ولكلِّ نفس مُدّة لا تُسبق
|
لمّا أعان الموتُ كيد حبالهم
|
علقت
وأسبابُ المنية ِ تعلقُ
|
طرقت مِهادك حية بشرية
|
كفرت بما تنتابُ منه وتطرُق
|
يا فوز
تلك دمشقُ خلف سوادها
|
ترمي مكانك بالعيون وترمقُ
|
ذكرت ليالي بدرها فتلفّتت
|
فعساك تطلُع أولعلّك تُشرِق
|
بردى وراء ضِفافِه مُستعبِر
|
والحورُ محلولُ الضفائر مطرقُ
|
والطيرُ في جنباتِ دُمّر نُوّح
|
يجدُ الهوم خليُّهن ويأرقُ
|
ويقول كلُّ محدِّث لسميره
|
أبذاتِ طوق بعد ذلك يوثق
|
عشقت تهاويل الجمالِ ولم تجد
|
في العبقرية ما يحبُّ ويعشقُ
|
فمشت كأنّ بنانها يدُ مدمن
|
وكأن ظلّ السمِّ فيها زِئبق
|
ولوأنّ مقدورا يردُّ لردِّها
|
بحياته الوطنُ المرُوعُ المُشفِق
|
أشقى القضاءُ الأرض بعدك أُسرة
|
لولا القضاء من السماءِ لما شقوا
|
قستِ القلوبُ عليهمُ وتحجّرت
|
فانظر فؤادك هل يلينُ ويرفُق
|
إن الذين نزلت في أكنافهم
|
صفحوا فما منهم مغِيظ مُحنق
|
سخِروا من الدنيا كما سخِرت بهم
|
وانبتّ من أسبابها المُتعلّق
|
يا مأتما من عبدِ شمس مثله
|
للشمس يصنعُ في الممات وينشق
|
إن ضاق ظهرُ الأرضِ عنك فبطنها
|
عمّا وراءك من رُفات أضيق
|
لما جمعت الشام من أطرافِه
|
وافى يعزِّي الشام فيك المشرقُ
|
يبكي لواء من شبابِ أميّة
|
يحمي حِمى الحق المبينِ ويخفق
|
ركنُ الزعامة ِ حين تطلب رأيه
|
فيرى
وتسألُه الخطاب فينطِق
|
ويكاد من سحرِ البلاغة ِ تحته
|
عودُ المنابرِ يستخف فيورق
|
فيحاءُ أين على جِنانِك وردة
|
كانت بها الدنيا ترفُّ وتعبقُ
|
علويّة تجد المسامع طيها
|
وتُحِسُّ ريّاها العقولُ وتنشق
|
وأرائكُ الزّهر الغصون وعرشها
|
يدُ أمة وجبينها والمفرق
|
من مبلغ عني شبولة جلّق
|
قولا يبرُّ على الزمان ويصدُق
|
بالله جلّ جلالُه بمحمد
|
بيسوع
بالغزِّيِّ لا تتفرقوا
|
قد تُفسِدُ المرعى على أخواتها
|
شاة
تندُّ من القطيعِ وتمرقُ
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق