الهوائيات (Antennas)
الدكتور منصور أبوشريعة العبادي\جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
يتم
توليد الموجات الكهرومغناطيسية باستخدام
ما يسمى بهوائيات الإرسال التي تقوم
بتحويل الإشارات الكهربائية التي تغذى إليها من المرسل (transmitter)
إلى موجات كهرومغناطيسية تنتشر في الفضاء. ويتم التقاط هذه الموجات المنتشرة في الفضاء بما يسمى هوائيات الاستقبال التي تقوم بتحويلها
إلى إشارات كهربائية مرة ثانية لتسلمها إلى
المستقبل (reciever). وتمتاز الهوائيات ببساطة تركيبها حيث يمكن لأي سلك أو
سطح معدني إشعاع والتقاط الموجات الكهرومغناطيسية ولكن الهوائيات العملية لها
أشكال وأبعاد معينة تحدد حسب الغرض الذي صنعت من أجله. إن من أهم مواصفات
الهوائيات هو ما يسمى بنسق الإشعاع (radiation pattern)
والذي يحدد طريقة توزيع الطاقة الذي يبثها أو يلتقطها الهوائي في الاتجاهات
المختلفة فالهوائي المثالي (isotropic antenna) يبث طاقته بالتساوي في
جميع الاتجاهات أما الهوائيات العملية فقد يكون بثها في اتجاهات معينه أعلى منها
في اتجاهات أخرى. ففي بعض التطبيقات
كأنظمة الأقمار الصناعية وأنظمة الأمواج الدقيقة يتطلب تركيز البث في إتجاه واحد
فقط حيث يوجد المستقبل وذلك على شكل شعاع ضيق وذلك لتوفير كمية الطاقة المبثوثة. وفي
تطبيقات أخرى كأنظمة البث الراديوي والتلفزيوني يتطلب أن يكون البث في جميع
الاتجاهات الموازية لسطح الأرض وذلك لتغطية جميع المستقبلات التي تتوزع حول محطة
الإرسال. ومن مواصفات الهوائيات ما يسمى
بكسب الهوائي (antenna gain) والذي يحدد قدرة الهوائي على تركيز طاقة
البث في إتجاه الفص الأعظم (major
lobe) من نسق الإشعاع وكلما زاد كسب الهوائي كلما
قل ما يسمى بعرض الشعاع (beam width)
.
ومن المواصفات الأخرى للهوائي مدى
طيف الترددات التي يمكن للهوائي إشعاعها أو التقاطها وكذلك مقدار معاوقة أو مقاومة
المدخل للهوائي (input
resistance or impedance) والذي يستخدم لأغراض موائمة الهوائيات عند
ربطها بخطوط النقل. ولكي تتمكن الهوائيات من الاستقبال من بعضها البعض فيجب أن
يكون لها نفس الاستقطاب ويعرف إستقطاب الهوائي (antenna polarization) بأنه إتجاه المجال الكهربائي للموجة التي
يبثها الهوائي في الفضاء. ولا بد من القول من أن أي هوائي يمكن أن يستخدم للإرسال
والاستقبال وأن جميع مواصفته تبقى كما هي في الحالين. ويوجد أنواع كثيرة من الهوائيات تتفاوت أبعادها
وأشكالها بشكل كبير جدا حسب نوع نظام الاتصالات فمن الهوائيات السلكية المستخدمة
في الراديو والتلفزيون والهواتف الخلوية والتي تتراوح أطوالها بين عدة سنتيمترات
وعدة أمتار إلى الهوائيات القرنية والصحنية المستخدمة في أنظمة الموجات الدقيقة
وأنظمة الأقمار الصناعية والرادارات والتلسكوبات الراديوية والتي تتراوح أقطارها
بين عشرات السنتيمرات وعشرات الأمتار.
الهوائيات
السلكية (Wire Antennas)
تتميز
الهوائيات السلكية ببساطة تركيبها حيث يمكن لأي سلك معدني أن يعمل كهوائي إرسال أو إستقبال ولكن في كثير
من التطبيقات يتطلب الأمر استخدام أسلاك بأشكال وأطوال مختلفة للحصول على مواصفات
محددة للهوائيات. إن أبسط وأشهر أنواع الهوائيات السلكية هو سلك يبلغ طوله نصف طول
الموجة المراد بثها أو إلتقاطها ويتم ربط خط النقل بهذا الهوائي عند منتصفه وذلك
بعد قطعه إلى نصفين ويسمى هذا النوع هوائي نصف الموجة ثنائي القطبية (half-wave dipole antenna) ولقد تم اختراع هذا الهوائي على يد عالم الفيزياء الألماني هينرتش هيرتز (Heinrich Hertz)
وذلك في عام 1886م. وتبلغ مقاومة هذا الهوائي 75 أوم ولهذا السبب
نجد أن كثير من خطوط النقل لها معاوقة مميزة تبلغ 75 أوم لكي تتوائم مع هذا النوع
من الهوائيات عند ربطها بها. وفي هذا النوع يكون البث أو الاستقبال أعلى ما يكون
في الاتجاه المتعامد مع السلك ويقل تدريجيا إلى أن يصل إلى الصفر في الاتجاه
الموازي للسلك ولذا يستخدم هذا الهوائي في جميع المرسلات التي يكون البث فيها في
جميع الاتجاهات الموازية لسطح الأرض أو في المستقبلات التي تلتقط إشاراتها من جميع
الاتجاهات كما في أجهزة إرسال واستقبال البث الراديوية والتلفزيونية والهواتف
الخلوية. ويوجد أشكال معدلة لهذا الهوائي لتنناسب مع بعض التطبيقات مثل الهوائي
السوطي (whip antenna) والذي يتكون من سلك يبلغ طوله ربع طول الموجة ويتم
تغذيته بخط النقل عند طرفه وعند وضعه فوق سطح معدني وربط الطرف الثاني من خط النقل
بالسطح المعدني فإنه يعمل كالهوائي ثنائي القطبية ويكثر استخدام هذا النوع في
المركبات. وفي هوائي ثنائي القطبية المطوي (folded dipole) يتم ثني سلك بطول أطول قليلا من طول
الموجة ليصبح على شكل حلقة مستطيله بطول يساوي نصف طول الموجة وبعرض يقل كثيرا عن
طول الموجة ويتم ربط خط النقل بمنتصف أحد ضلعي المستطيل الطويلين بعد فتحه. ويستخدم
هذا النوع في هوائيات استقبال التلفزيون وذلك بسبب ارتفاع عرض نطاقه (مدى الترددات
التي يمكن للهوائي التقاطها بكفاءة) بالمقارنة مع هوائي ثنائي القطبية العادي ولكن
عيبه أن مقاومته ترتفع إلى 300 أوم بدلا من 75 أوم ولذلك يحتاج لدائرة موائمة
لربطه مع خطوط النقل الدارجة والتي تبلغ مقاومتها 75 أوم. وتستخدم الهوائيات
المصفوفة (array antennas) لزيادة قدرة الهوائيات في البث أو الإستقبال من اتجاه
واحد وفي هذه الهوائيات يتم استخدام عدد كبير من الهوائيات ثنائية القطبية مرتبة
على شكل مصفوفة توضع هذه الهوائيات بشكل متوازي ويفصل بينها مسافات محددة. ويتم تحديد إتجاه البث أو الاستقبال من خلال
تحديد المسافات الفاصلة بين الهوائيات والكيفية التي يتم بها تغذية هذه الهوائيات
بالتيارات من حيث قيم هذه التيارات وأطوارها بالنسبة لبعض البعض. ومن أبسط أنواع
الهوائيات المصفوفة هي النوع المستخدم لإستقبال الإشارات التلفزيونية والمسمى
هوائي ياغي- يودا (Yagi - Uda antenna) نسبة
للمخترعين اليابانيين الذين اخترعا هذا النوع في عام 1930م. ويمكن التحكم باتجاه
البث إلكترونيا وليس يدويا في الهوائيات المصفوفة من خلال التحكم بأطوار التيارات
المغذية لعناصر هذه المصفوفة إلكترونيا ولذا تسمى هوائيات المصفوفة الطورية (phased array antennas) وهناك أنواع أخرى لا حصر لها من الهوائيات
السلكية تصمم لأغراض مختلفة وعند ترددات مختلفة كالهوائيات الحلقية ( loop antenna) والمربعة ( square antenna)
واللولبية (helix antenna).
الهوائيات البوقية والصحنية (Horn & Dish Antennas)
نظرا لأن أبعاد الهوائيات يجب أن لا تزيد عن طول الموجة التي تبثها أو تستقبلها فإن الهوائيات السلكية تصبح صعبة التصنيع وقليلة الكفاءة عند الترددات التي تزيد عن ألف ميغاهيرتز حيث يبلغ طول الموجة عند هذا التردد ثلاثة سنتيمترات. ولذلك فإن الموجات التي يزيد ترددها عن واحد جيقاهيرتز أي في مدى الموجات الدقيقة (microwave) تستخدم مرشدات الموجات (wave guides) لنقلها والهوائيات القرنية والصحنية لبثها أو إلتقاطها. فالهوائيات القرنية ما هي إلا مرشدات أمواج يتم زيادة أبعاد فوهتها (aperture) بشكل تدريجي ابتداءا من أبعاد مرشد الأمواج الذي يغذيها وتأتي على عدة أشكال كالهوائي الهرمي (pyramid) والهوائي المخروطي (conical). وتبث هذه الهوائيات الموجات بشكل موجه وذلك بالاتجاه العامودي على فوهة الهوائي ويتحدد مقدار كسب الهوائي من مساحة الفوهة وطول القرن وهي المسافة من نقطة التغذية إلى الفوهة. وعلى الرغم من أنه يمكن الحصول على قيم عالية للكسب باستخدام هذه الهوائيات إلا أن أبعادها تصبح كبيرة جدا وتستهلك كمية كبيرة من المعدن. ولهذا السبب فإن هذه الهوائيات القرنية غالبا ما تستخدم كهوائيات ابتدائية (primary antenna) وبأحجام صغيرة لتغذية الهوائيات الصحنية والتي تتميز بكسبها العالي بأقل مساحة معدنية ممكنة.
والهوائي الصحني هو سطح معدني يتم تشكيله على شكل قطع مكافئ ولذلك تسمى أيضا الهوائيات ذات القطع المكافئ (parabolic antennas). وعندما تسقط موجة سطحية مستوية (uniform planewave) على هذا السطح فإنها تنعكس عنه وتتجمع في بؤرته حيث يتم جمعها بالهوائيات القرنية وإذا ما استخدمت كهوائي إرسال فإنه يتم وضع الهوائي القرني عند بؤرة الصحن وعند إشعاع هذا الصحن بالموجة المنبعثة من الهوائي الإبتدائي فإنها تنعكس عنه على شكل خطوط مستقيمة مما يؤدي للحصول على كسب عالي. ويتناسب كسب الهوائيات الصحنية مع مربع حاصل قسمة قطر فوهة الصحن على طول الموجة المستخدمة وهذا يعني أنه إذا كان قطر الصحن ثابتا فإننا نستطيع رفع مقدار الكسب من خلال زيادة التردد حيث أن طول الموجة يتناسب عكسيا مع مقدار التردد. وتستخدم الهوائيات الصحنية في معظم الأنظمة التي تعمل في مجال الموجات الدقيقة كأنظمة الميكروييف الأرضي وأنظمة الأقمار الصناعية وأنظمة الرادار والتلسكوبات الراديوية وتتراوح أقطار الصحون المستخدمة في هذه الأنظمة من عدة عشرات من السنتيمترات كما في الصحون المستخدمة في إلتقاط الإشارات التلفزيونية من الأقمار الصناعية إلى مائة متر في التلسكوبات الراديوية (radio telescopes).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق