العلماء يكتشفون أسرار الشبكية المعكوسة
في الفقاريات
الدكتور منصور أبوشريعة العبادي \ جامعة
العلوم والتكنولوجيا الأردنية
لقد
أصيب علماء الأحياء بالدهشة عندما اكتشفوا أن الخلايا الحساسة أو المستقبلة للضوء
( photoreceptors or photocells)
في شبكية أعين الفقاريات (vertebrate
) غير موجهة بإتجاه الضوء القادم إليها من العدسة بل تم عكسها إلى
الخلف بعيدا عن مصدر الضوء. وليس هذا فحسب بل إن الألياف التي تخرج من هذه الخلايا
وكذلك الخلايا العصبية التي تعالج النبضات العصبية التي تولدها الخلايا الضوئية
والشرايين والأوردة التي تغذي هذه الخلايا يتم وضعها على سطح الشبكية المقابل
للضوء مكونة عشرة طبقات من الخلايا والتي يجب على الضوء أن يمر من خلالها كي يصل
إلى الخلايا الضوئية. أما في عيون
اللافقاريات (invertebrate)
فإن هذه الخلايا قد تم توجيهها بإتجاه الضوء وهو الإتجاه الطبيعي والمنطقي لمثل
هذه الخلايا لكي تعمل بكفاءة عالية.
ولقد
أقام الملحدون من أنصار نظرية التطور وغيرهم ضجة كبيرة حول هذه الشبكية المعكوسة (inverted retina) قالوا فيها أن هذه
الشبكية المعكوسة دليل على أن الصدفة هي التي صممت وصنعت هذه العين حيث أن مثل هذه
الغلطة في التصميم لا يمكن أن يقع فيها أي مصمم عاقل وهذا يعني على حسب استنتاجهم
أنه لا وجود للإله الذي يؤمن به بعض البشر والذي يقولون عنه أنه لا حدود لعلمه وقدرته. يقول أحد هؤلاء الملحدين وهو عالم الأحياء التطورية
الشهير داوكنز (Clinton Richard Dawkins)
ما نصه ( من الطبيعي أن يفترض أي مهندس أن
الخلايا الضوئية يجب
أن تتجه نحو الضوء وتمتد أسلاكها من خلفها إلى الدماغ وسيضحك من أي إقتراح تكون
فيه هذه الخلايا موجهة بعيدا عن الضوء بينما تقع أسلاكها أمامها قريبا من الضوء.
وهذا ما يحصل بالفعل في شبكيات كل الفقاريات حيث تقع الخلايا الضوئية في الخلف
بينما تبرز أسلاكها في الجهة المقابلة للضوء والتي تسير على سطح الشبكية إلى نقطة
تغوص فيها في ثقب في الشبكية تسمى البقعة العمياء لتكون العصب البصري. وهذا يعني
أن الضوء بدلا من أن يذهب مباشرة إلى الخلايا الضوئية عليه أن يمر بغابة من
الأسلاك المتشابكة والذي من المفترض أن
يتعرض على الأقل لبعض من التوهين والتشويه ( في الحقيقة ليس كثيرا ولكن يبقى أنه
مبدأ الأشياء الذي يزعج أي مهندس عاقل). لا أعرف التفسير الدقيق لهذا التصرف
الغريب ولكن فترة التطور الخاصة بذلك بالغة القدم) وعلى القارئ أن يتذكر أن داوكنز يعترف أن
الضوء الذي يصل الى الخلايا الضوئية بعد مروره في غابة الأسلاك المتشابكة التي تقع
أمامها لا يتأثر كثيرا وكيف له أن لا يعترف وهو يرى أن جميع الحيوانات الفقارية
وعلى رأسها الإنسان ترى الأشياء بدقة بالغة حتى في أقل الأضواء خفوتا!
Dawkins said (Any engineer would naturally assume
that the photocells would point towards the light, with their wires leading
backwards towards the brain. He would laugh at any suggestion that the
photocells might point away, from the light, with their wires departing on the
side nearest the light. Yet this is exactly what happens in all vertebrate
retinas. Each photocell is, in effect, wired in backwards, with its wire
sticking out on the side nearest the light. The wire has to travel over the
surface of the retina to a point where it dives through a hole in the retina
(the so-called ‘blind spot’) to join the optic nerve. This means that the
light, instead of being granted an unrestricted passage to the photocells, has
to pass through a forest of connecting wires, presumably suffering at least
some attenuation and distortion (actually, probably not much but, still, it is
the principle of the thing that would offend any tidy-minded engineer). I don’t
know the exact explanation for this strange state of affairs. The relevant
period of evolution is so long ago)
وسيتبين
للقارئ من خلال الشرح التالي أن الشبكية المعكوسة في الفقاريات معجزة كبرى تدل على
أن الذي صممها خالق لا حدود لعلمه وقدرته كما أثبت ذلك العلماء المشتغلون في هذا
المجال. فلقد دفعت هذه الظاهرة العجيبة العلماء دفعا لمعرفة أولا الأسباب التي دعت
مصمم هذه العين لعكس شبكيتها وثانيا لكشف الأسرار المتعلقة بقدرة هذه الشبكية على
العمل بكفاءة منقطعة النظير رغم وجود الخلايا الضوئية خلف عدة طبقات من الخلايا
والألياف العصبية والأوردة والشرايين. وقبل شرح هذه الأسباب والأسرار نقول لداوكنز
ولأمثاله من الملحدين كان عليك أن لا تضحك من هذه التصميم الغريب للشبكية المعكوسة
طالما أنك تعترف أن وظيفة العين لم تتأثر كثيرا جراء هذا الإجراء. بل كان عليك أن
تعجب أشد العجب من هذا التصميم البارع فالعين تعمل على أكمل وجه وترى الصور بمنتهى
الوضوح حتى في أخفت الأضواء رغم هذا الذي تقول أنه خطأ في تصميم الشبكية وصدق الله
العظيم القائل في محكم تنزيله "الَّذِي خَلَقَ
سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ
فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ
يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ" تبارك 3-4. ونقول كذلك لهذا العالم الجاهل وأمثاله هل يمكن لمن قام
بتصميم جميع أجزاء العين البالغة التعقيد على أكمل وجه كما شرحنا في مقالة العين
البشرية يعجز عن إدراك حقيقة أن الخلايا الحساسة للضوء يجب أن توجه باتجاه مصدر
الضوء. ولو أن الصدفة هي التي صممت العين كما يدعي لكان لزاما أن تكون هذه الخلايا
موجه باتجاه الضوء فالصدفة لا تفكر ولا تصمم بل
تترك الأشياء تتصرف وفق قوانين الطبيعة. بل إن هذه الشبكية المعكوسة لهي
أكبر دليل على أن الذي قام بتصميمها إله لا حدود لعلمه وقدرته فلو أننا طلبنا من
جميع مهندسي العالم تصميم كميرة تلفزيونية يقع فلمها الحساس للضوء خلف شبكة معقدة
من الأسلاك ومن ثم تقوم بوظيفتها على أكمل وجه لفشلوا فشلا ذريعا في عمل ذلك. وفي
المقابل نجد أنه على الرغم من وجود الخلايا الحساسة للضوء في العين خلف هذه الشبكة
المعقدة من الخلايا والألياف العصبية والأوردة والشرايين إلا أنها تقوم بوظيفتها
على أكمل وجه بحيث يستطيع الإنسان قراءة الأحرف الكتابية الصغيرة على ضوء شمعة أو
حتى على ضوء القمر. وفي هذه الشبكية المعكوسة يتحدى الله البشر لا ليصنعوا أجهزة
بصرية مثلها بل فقط أن يقوموا بحل لغز قدرة الخلايا الحساسة للضوء على إلتقاط
الضوء رغم وجود عدة طبقات من الخلايا العصبية والشرايين أمامها. وحتى يتمكن القارئ
من فهم أسرار الشبكية المعكوسة لا بد من شرح مختصر لتركيب الشبكية في العين
البشرية كما شرحنا ذلك في مقالة العين البشرية المنشورة على هذه المدونة.
تغطي
شبكية العين ما مساحته أحد عشر سنتيمتر مربع من الجدار الداخلي للعين في الجزء
الخلفي منها والمقابل للعدسة أي ما يعادل 72 % من مساحة جدار العين الداخلي.
وتتكون الشبكية من نوعين من الخلايا الحساسة للضوء وهي العصيات (rods) التي تستجيب لشدة الضوء
فقط بغض النظر عن لونه وهي شديدة الحساسية للضوء الخافت وكذلك لحركة الأجسام ويبلغ
عددها مائة وثلاثون مليون خلية تقريبا.
أما النوع الثاني فهي المخاريط (cones)
والتي تستجيب للضوء الشديد أي
أنها منخفضة الحساسية ولكنها في المقابل قادرة على تمييز الألوان حيث يوجد منها
ثلاثة أنواع تستجيب للألوان الرئيسية الثلاث وهي الأحمر والأخضر والأزرق ويبلغ
عددها سبعة ملايين خلية تقريبا موزعة بنسبة 64 % للحمراء و 32% للخضراء و 4%
للزرقاء. وتتوزع الخلايا الضوئية بكثافة غير منتظمة على سطح الشبكية حيث تصل
كثافتها إلى ما يقرب من مائة وستون ألف في المليمتر المربع الواحد عند مركزها ثم
تقل تدريجيا عند الأطراف. وعلى الرغم من أن عدد المخاريط أقل بكثير من العصي إلا
أن معظمها موجود في المقلة (Macula) التي لا يتجاوز قطرها ثلاثة مليمترات وفي مركز
المقلة توجد منطقة لا يتجاوز قطرها ملليمتر ونصف تسمى النقرة (Fovea)
فيها أكبر كثافة للمخاريط والتي تم تصغير قطرها بالنسبة للمخاريط الأخرى وذلك
للحصول على أكبر كثافة ممكنة وفي مركز النقرة توجد منطقة تخلو تماما من العصي. إن
منطقة المقلة تقع تماما أمام العدسة البلورية وهي المسؤولة عن الرؤية المركزية
فجميع الأجسام التي تقع ضمن زاوية رؤيا تبلغ سبعة عشر درجة ترتسم صورها على هذه
المنطقة التي لا يتجاوز قطرها الثلاث مليمترات. ولتوضيح ضخامة هذا العدد من
الخلايا الحساسة للضوء نذكر أن عدد النقاط الضوئية (pixels) بألوانها الثلاث
الموجودة على شاشات التلفزيونات الملونة لا يتجاوز المليون نقطة وموزعة على مساحة
قد تصل لنصف متر مربع. ولا زال المهندسون يعملون جاهدين على تصنيع تلفزيونات بقدرة
تمييز تضاهي قدرة تمييز العين البشرية بما يسمى التلفزيونات عالية الوضوح (High Defention) حيث بلغ عدد النقاط إلى
مليوني نقطة. أما المناظر التي تقع خارج نطاق الرؤيا المركزية والتي قد تصل زاوية
الرؤيا فيها إلى ما يقرب من مائتي درجة فإنها ترتسم على بقية الشبكة ولكن بقدرة
تمييز أقل بكثير من تلك التي في المقلة.
إن
مهمة العصي والمخاريط كخلايا حساسة للضوء هو تحويل شدة الضوء وكذلك لونه إلى
إشارات عصبية كهربائية يتم إرسالها من
خلال العصب البصري إلى الدماغ ليقوم برسم صورة الشيء المرئي في خلاياه العصبية. إن
عملية التحويل هذه عملية بالغة التعقيد تمكن العلماء من كشف بعض أسرارها حيث يوجد
في هذه الخلايا نوع من البروتينات يسمى الرودبسن له أربعة أشكال فالشكل الأول
موجود في العصي ويستجيب لجميع ترددات الطيف المرئي والذي يمتد من 400 إلى 700
نانومتر. أما الأشكال الثلاثة الباقية فهي موجودة في أنواع المخاريط الثلاثة بحيث
يوجد شكل واحد فقط لكل نوع من هذه الأنواع فالبروتين الموجود في المخاريط الحمراء
يستجيب لترددات المنطقة الحمراء من الطيف المرئي
وكذلك هو الحال للبروتينات الموجودة في المخاريط الخضراء والزرقاء. وعندما
يسقط فوتون من الضوء على أحد العصي أو المخاريط وله تردد يقع ضمن نطاق استجابته
فإنه يقوم بتفكيك أحد روابط البروتين الحساس للضوء مما يجبره على تغيير شكله ثم
يقوم هذا البروتين المعدل بقدح سلسلة طويلة ومعقدة من التفاعلات الكيميائية تنتهي
بإنتاج نبضة كهربائية تذهب باتجاه العصبونات المرتبطة بهذه الخلية الحساسة للضوء.
وتتكون خلايا العصي والمخاريط من جزء أمامي يحتوي على رزمة كبيرة من الأقراص التي
تحتوي على البروتين الحساس للضوء وجزء خلفي يحتوي على النواة وعلى المكونات التي
تنتج النبضات الكهربائة وعلى أطراف عصبية ترتبط بالخلايا العصبية المتصلة
بها.
وبما
أن عدد خلايا العصي والمخاريط في الشبكية
يصل إلى ما يقرب من مائة وسبعة وثلاثين مليون فإن ربط هذا العدد الهائل من الخلايا
بمركز الإبصار باستخدام ليف بصري واحد لكل خلية يتطلب أن يكون قطر العصب البصري
خمسة أضعاف مما هو عليه وهذا سيحتل حيزا كبيرا
من حجم الدماغ وكذلك من مساحة الشبكية. وكذلك فإن هذا العدد الهائل من
الألياف العصبية سيكون عدد كبير من الطبقات على سطح الشبكية المواجه للضوء. ولذلك فقد تم تقليص عدد ألياف العصب البصري إلى
ما يزيد قليلا عن مليون ليف مما تطلب إنشاء شبكة معقدة وذكية من الخلايا
العصبية داخل الشبكية تقوم بربط مخارج مائة وثلاثون مليون من العصي وسبعة ملايين
من المخاريط بمداخل مليون ليف عصبي. ويوجد
في شبكة التحويل هذه أربعة أنواع من الخلايا العصبية تقوم بوظائف متعددة ومحددة
ومعقدة أولها الخلايا ثنائية القطبية (Bipolar cells) وهي تقوم بتجميع مخارج
عدة خلايا ضوئية لتنتج مخرجا واحدا فقط وذلك لتقليص عدد الألياف الذاهبة للدماغ
وكذلك التحكم بعدد النبضات التي تمرر من خلالها بإتجاه الدماغ. ويوجد أحد عشر نوعا
من الخلايا ثنائية القطبية منها نوع واحد يرتبط بالعصي أما العشرة الباقية فترتبط
بالمخاريط وقد يصل عدد العصي المرتبطة بخلية عصبية ثنائية القطبية إلى ما يزيد عن
مائة عند أطراف الشبكية وينزل إلى عدة عصي عند مركزها. وبما أن المخاريط الموجودة
في مركز الشبكية هي المسؤولة عن الرؤية المركزية وكذلك عن تحديد اللون فإنه يتم في
الغالب ربط مخروط واحد فقط بخلية عصبية
واحدة وقد يزيد إلى عدة مخاريط عند
الأطراف. وربما يسأل سائل عن الفائدة من وجود هذا العدد الكبير من العصي وينتهي
الأمر بربط مائة منها بخلية عصبية واحدة والجواب على هذا هو لزيادة مدي رؤية العين
من خلال زيادة مساحة الشبكية وكذلك زيادة حساسيتها للضوء الخافت جدا حيث أن
احتمالية إلتقاط عدد قليل من الفوتونات الضوئية يزداد مع زيادة عدد العصي وغالبا
ما يتم هذا خارج منطقة الرؤيا المركزية حيث لا يلزم درجة تمييز عالية. أما النوع
الثاني فهي الخلايا الأفقية (Horizontal cells) وهي ترتبط من خلال
أطرافها بالوصلات التي تربط العصي
والمخاريط بالخلايا ثنائية القطبية وهي تعمل على تنسيق وتنظيم معدلات مرور النبضات
الكهربائية الخارجة من الخلايا ثنائية القطبية فقد يوقف بعضها تماما أو يقلل
معدلات بعضها. أما النوع الثالث فهي خلايا الجانجليون (Ganglion cells) وهي ترتبط من طرف
بالخلايا ثنائية القطبية حيث تستقبل منها النبضات الكهربائية وبالألياف العصبية من
الطرف الآخر حيث تمرر النبضات الكهربائية من خلاله إلى خلايا الدماغ في مركز
الإبصار. وقد ترتبط كل خلية من هذه الخلايا بعدد
من الخلايا ثنائية القطبية وذلك للحصول على مزيد من التقليص في عدد الألياف
اللازمة لنقل الصور إلى الدماغ والقيام بالمعالجة التي تتعلق بألوان الصور. أما
النوع الرابع من الخلايا العصبية فهي خلايا أمسراين (Amacrine cells)
وهي كالخلايا الأفقية تعمل على تنسيق عمل خلايا
الجينجليون المتجاورة من خلال تنظيم معدلات مرور النبضات الكهربائية.
تتوزع
الخلايا العصبية على جميع سطح الشبكية ولذلك فإن جميع الألياف العصبية الخارجة
منها تسيير بشكل شعاعي باتجاه مركز الشبكية وتتجمع في منطقة صغيرة تسمى القرص
البصري (optic disc) تقع على بعد خمسة ملليمترات من مركز الشبكية
لتخرج هذه الألياف من جدار العين على شكل كيبل يسمى العصب البصري (optic nerve)
الذي يبلغ قطره عند الشبكية مليمتر ونصف. وتخلو منطقة العصب البصري عند الشبكية
تماما من الخلايا الحساسة للضوء ولذلك فإن أي صورة ترتسم عليها لا يمكن رؤيتها
أبدا ولذلك سميت هذه المنطقة بالبقعة العمياء (blind spot).
ولكن نظرا لأن مركز الإبصار يبني الصورة النهائية من صورتين مأخوذتين من
عينين فإنه من النادر أن تظهر البقعة
العمياء في المشاهد التي نراها. وتغطي طبقة الألياف العصبية نسيج داعم يسمى الغشاء
المحدد الداخلي (inner limiting membrane)
والذي يقوم بحفظ جميع طبقات الشبكية داخله والبالغ عددها عشرة طبقات. ويبلغ سمك
الشبكية في المتوسط 250 ميكرومتر أو ربع ملليمتر وهي أقل سمكا في مركز النقرة حيث
تبلغ 150 ميكرومتر وأكبر سمكا عند حواف النقرة حيث تبلغ 300 ميكرومتر. وتحيط بطبقة
الخلايا الضوئية من الداخل طبقة بالغة الأهمية تسمى النسيج الطلائي الصبغي الشبكي (retinal pigmented epithelium (RPE) تلعب دورا كبيرا في تمكين الخلايا الضوئية من
القيام بوظيفتها. وتحتوي الشبكية على نوع من الخلايا تسمى خلايا مولير (Müller cells)
وهي خلايا طولية أسطوانية الشكل تمتد من
الغشاء المحدد الداخلي إلى أن تصل إلى الخلايا الضوئية وتقوم بوظائف متعددة كتنظيم
محتويات السائل ما بين الخلوي (retinal
extracellular fluid)
والذي يغذي الخلايا العصبية في الشيكية وكداعم ميكانيكي (mechanical support)
لهذه الخلايا. أما الوظيفة الأعجب لخلايا مولير والتي كشفت أحد أسرار الشبكية
المعكوسة فهي عملها كمرشد للموجات الضوئية (optical waveguide) حيث تقوم بنقل الضوء من سطح الشبكية الداخلي إلى
الخلايا الضوئية كما سنشرح ذلك لاحقا. وتتخلل الشبكية كذلك عدد كبير من الشرايين
والأوردة التي تزود الخلايا الموجودة فيها بالغذاء والأوكسجين والتخلص من نفايات
التفاعلات الكيميائية.
إن
القيام بعكس الشبكية عن الوضع الطبيعي في الفقاريات لا بد وأن يكون قد تم لأسباب
وجيهة تمكن العلماء في هذا العصر من كشف كثير منها. لقد وجد العلماء أن عيون
الفقاريات أكثر تعقيدا من عيون اللافقاريات إلى جانب أن أعمار الحيوانات الفقارية
أطول بكثير من أعمار الحيوانات اللافقارية فقد يزيد عمر بعضها عن مائة عام مما
يستدعي تصمميم عيون تعمل بكفاءة على مدى عمر الكائن. ولو أن الأمر قد ترك للصدفة
لكانت شبكيات عيون الفقاريات كشبكيات عيون اللافقاريات غير معكوسة حيث أنها قد
تطورت منها ولا يمكن للبرامج المسؤولة عن تصنيع العين والمخزنة على الشريط الوراثي
أن تتغير بهذا الشكل الجذري. إن أحد أهم الأسباب التي استدعت عكس إتجاه الشبكية هو
أن الخلايا الضوئية تستهلك كميات كبيرة من البروتينات والأنزيمات والأوكسجين
لإتمام عملية تحويل الضوء إلى نبضات كهربائية وتتخلص كذلك من كميات كبيرة من نواتج
التفاعلات الكيميائية. ولهذا استدعى الأمر عكس الشبكية لغرس رؤؤس هذه الخلايا
الضوئية في غشاء النسيج الطلائي الصبغي
الشبكي وذلك لإمدادها بما يلزمها من مواد غذائية وأكسجين بشكل متواصل وبكميات
كافية. ولا ينحصر دور النسيج الطلائي الصبغي على هذه الوظيفة بل يقوم بوظائف عديدة
بالغة الأهمية فهو يقوم بإمتصاص الضوء الذي يتشتت من السطح الداخلي للعين وكذلك الضوء الذي لم يتم إمتصاصه من قبل
الخلايا الضوئية وذلك من خلال الصبغيات (pigments) السوداء أو البنية الموجودة فيه. إن الضوء المشتت
من السطح الداخلي للعين يقوم بتشويه الصور التي تلتقطها العين. ويقوم كذلك بمهمة التهام
الأجزاء التالفة من الجزء الخارجي للخلايا الضوئية (Phagocytosis of photoreceptor outer segment(POS) membranes)
حيث أن هذه الأجزاء تتعرض بشكل مستمر لما يسمى بالإجهاد الضوئي التأكسدي (photo-oxidative stress) فيصيبها التلف ولا بد
من تجديدها من خلال نمو أقراص جديدة والتهام الأقراص التالفة من قبل النسيج
الطلائي. ولو أن الشبكية في الفقاريات كانت في الوضع غير المعكوس لترسبت هذه
الأجزاء التالفة في السائل الزجاجي للعين والذي سيفقد شفافيته بعد فترة زمنية
قصيرة وتصاب الكائنات بالعمى.
وأما
السبب الثاني لعكس الشبكية فهو لا يقل أهمية عن السبب الأول فهو أن عدم سقوط الضوء
بشكل مباشر على الخلايا الضوئية يحميها من
التلف الناتج عن تعرضها للموجات القصيرة من الطيف المرئي والموجات فوق البنفسجية
الضارة. إن وجود ثمان طبقات من الخلايا والألياف العصبية تعمل كمرشح يسمح للضوء
المرئي أن ينفذ من خلال هذه الشبكة المعقدة بكل سهولة ويسر بينما يتم امتصاص جزء كبير من الضوء البنفسجي
وفوق البنفسجي الضار بالخلايا الضوئية. وإذا
ما علمنا أن النظر إلى الشمس وهي مكسوفة قد يسبب العمى للعين بسبب تدمير الخلايا
الضوئية نتيجة تعرضها للضوء فوق البنفسجي رغم حمايتها بعدة طبقات من الخلايا
وموجهة بعيدا عن الضوء القادم إليها. ومن المؤكد أن الشبكية لو كانت في وضع غير
معكوس بحيث يسقط الضوء بشكل مباشر عليها لأصابها التلف من الضوء الضار خلال فترة
قصيرة من عمر الكائن.
وأما السبب الثالث لعكس الشبكية فهو زيادة ما يسمى
بالمدي الديناميكي (dynamic range)
للعين وهي نسبة أعلى شدة للضوء إلى أقل شدة له يمكن للعين أن ترى الأشياء بوضوح
فالضوء إذا زادت شدته عن الحد الأعلى يبهر أو يخطف البصر وإذا قلت شدته عن الحد
الأدني فإن العين لن تبصر الأشياء. ويبلغ الحد الأعلى لشدة الضوء مائة مليون ليومن
لكل متر مربع أي عشر شدة ضوء الشمس أما الحد الأدنى فيبلغ جزء من مليون جزء من
الليومن لكل متر مربع وهذا يعني أن المدى الديناميكي يبلغ مائة ألف بليون (DR= 1014) وللمقارنة فإن المدى الديناميكى لأفضل المستقبلات
الراديوية أو الضوئية في أنظمة الاتصالات لا يتجاوز عشرة بلايين. ويسمى الحد
الأدنى لشدة الضوء الذي يمكن للعين أن تلتقطه بالحساسية (sensitivity) وتبلغ جزء من مائة جزء من البيكو وات (W
10- 14)
بينما لا تتجاوز الواحد بيكو وات في أعلى المستقبلات الراديوية حساسية. إن النسيج
الطلائي الصبغي الشبكي يلعب دورا كبيرا في زيادة المدي الديناميكي للعين حيث يقوم
بضخ مواد معينة للخلايا المستقبلة للضوء لتقليل مقدار التضخيم فيها عند زيادة شدة
الضوء. ولو أن الشبكية كانت في الوضع غير المعكوس لكان من الصعب جدا الحصول على
هذا المدى الديناميكي الهائل للعين ولا هذه الحساسية المفرطة.
أما السبب الرابع لعكس الشبكية في الفقاريات فهو لزيادة
عدد الخلايا الحساسة للضوء في الشبكية لحجم محدد للعين. فقد قام مجموعة من
الباحثين بحساب عدد الخلايا الضوئية التي يمكن وضعها في الشبكية في الوضعية
الطبيعية والوضعية المعكوسة ووجد أنها في الوضعية المعكوسة تزيد بنسبة لا بأس بها
خاصة في العيون صغيرة الحجم. ويعود السبب في ذلك إلى أن السطح الداخلي للشبكية أقل
مساحة من السطح الخارجي الملاصق لجدار العين وذلك في العين الكروية وهو الحال في
الفقاريات. وفي أحد هذه الأبحاث قال الباحثون ما نصه (كان يظن لفترة طويلة أن
الشبكية المعكوسة ردئية التصميم وهنا أوردنا إثباتا بأن الشبكية المعكوسة بالفعل
حل فائق لتقليل الحجم خاصة في العيون الصغيرة):
(The inverted retina has, therefore, long been
regarded as inferior. Here, we provide evidence that the inverted retina
actually is a superior space-saving solution, especially in small eyes.)
أما السبب الخامس
لعكس الشبكية فهو لسهولة تبريد المستقبلات
الضوئية حيث أن إرتفاع درجة حرارة هذه المستقبلات يعرضها للتلف. وترتفع درجة حرارة
المستقبلات الضوئية نتيجة لإمتصاص الضوء وكذلك نتيجة للتفاعلات الحيوية
والكيميائية التي تجري في داخلها بمعدلات عالية وبشكل متواصل. ولفد وجد العلماء أن
النسيج الطلائي الصبغي الشبكي والذي تنغرس فيه نهايات المستقبلات الضوئية محاط
بشبكة كثيفة من الشعيرات الدموية الموجودة في المشيمية (choroid) ويجري فيها الدم بمعدل يزيد بأربعة أضعاف عن المعدل
الطبيعي مما يعتي أنه يقوم كمبرد (heat sink)
للنسيج الطلائي وكذلك المستقبلات الضوئية كما جاء ذلك في أحد الأبحاث حول هذا
الموضوع:
(The authors of this
study cogently argue that an important function of the choroid with its
torrential blood flow (in local terms) and its close proximity to the RPE, is
to act as a heat sink and cooling device. Still more fascinating are the
results of further studies by the same workers indicating that there are
central (via the brain), light-mediated nervous reflexes regulating choroidal
blood flow, increasing the blood flow with increased illumination).
إن من يقوم بعكس الخلايا الحساسة للضوء بعيدا عن مصدر
الضوء لأسباب ضرورية لا بد وأن يكون غبيا إذا لم يقم بإجراءات تضمن وصول الضوء
لهذه الخلايا كما قال داوكنز ساخرا. أما إذا ما قام بعكس هذه الخلايا ووضع فوقها
ثمان طبقات من الخلايا والألياف العصبية والأوردة والشرايين وصمم عينا بمواصفات غاية في الإتقان من
حيث حساسيتها للضوء ومداها الديناميكي
وعمرها التشغيلي ناهيك عن جمالها فلا بد أن يكون مبدعا لا حدود لإبداعه! إن أول
هذه الإجراءات هو إزاحة الخلايا والألياف العصبية والأوردة والشرايين عن الخلايا
الضوئية التي تقع في منطقة الرؤيا المركزية من الشبكية وهي منطقة النقرة (Fovea). ولهذا نجد أن سمك الشبكية في النقرة يصل إلى نصف
سمكها في بقية الشبكية وتبدو هذه المنطقة على شكل تقعر في سطح الشبكية كما هو مبين
في الصورة المرفقة, إن الضوء الذي يسقط
على منطقة المقلة يصل إلى الخلايا الضوئية مباشرة ولكن بعد مروره بالجزء الداخلي
للعصي والمخاريط.
أما الإجراء الثاني فهو تقليل عدد الألياف العصبية
الخارجة من المستقبلات الضوئية والتي يتم تمديدها على سطح الشبكية المواجه للضوء
باتجاه مكان خروجها من الشبكية عند القرص البصري. إن عدد المستقبلات الضوئية في
الشبكية يزيد عن مائة وثلاثون مليون مستقبل ولو تم ربط هذا العدد الهائل من
المستقبلات مباشرة بمركز الإبصار في الدماغ للزم إستخدام مائة وثلاثون مليون ليف
عصبي. وإذا ما علمنا أن قطر الليف العصبي يبلغ ميكرومترين إثنين تقريبا فإن تمديد
هذه الألياف على سطح الشبكية سيحتل ما يزيد عن خمسة وعشرين طبقة من الألياف
المتراصة وهذا سيحول من وصول الضوء إلى المستقبلات الضوئية. هذا إلى جانب أن
قطر العصب البصري المؤلف من هذه الألياف
سيزيد بخمس مرات عن قطره الحالي وستكون مساحة البقعة العمياء خمسة وعشرين ضعف
مساحتها الحالية. لقد كان الإجراء البديع
للتغلب على هذه المشكلة هو القيام بمعالجة الإشارات العصبية الخارجة من المستقبلات
الضوئية بشكل مبدئي باستخدام خلايا عصبية توضع في داخل الشبكية ونقل الإشارات
العصبية المعالجة بعدد أقل من الألياف العصبية. لقد تم تقليل عدد الألياف العصبية
بهذا الإجراء إلى مليون ومائتي ألف ليف أي بنسبة واحد بالمائة من العدد الأصلي
وهذا العدد يمكن مده على سطح الشبكية بطبقة واحدة لا تحتل أكثر من نصف مساحة الشبكية, وبهذا التقليل أيضا أصبخ قطر العصب البصري وبالتالي
قطر البقعة العمياء لا يتجاوز ملليمتر ونصف عند خروجه من الشبكية.
أما الإجراء الثالث لضمان وصول الضوء إلى الخلايا
الضوئية الموجودة في بقية الشبكية رغم وجودها تحت عدة طبقات من الخلايا والألياف
العصبية فقد كان إجراءا عجيبا أدهش العلماء بعد إكتشافه قبل عدة سنوات. لقد كان
علماء الضوئيات موقنين في قرارة أنفسهم أنه من الصعب التصديق بأن العين البشرية يمكنها
رؤية الصور بهذا الوضوح العالي جدا (very high defenition) رغم مرور الضوء عبر طبقات الشبكية المختلفة والذي لا بد أن يتعرض
لسلسلة من الاتعكاسات والتشتت أثناء إنتشاره بين هذه الطبقات. ومع بحث العلماء
المتواصل تمكنوا من حل هذا اللغز الكبير الذي
حيرهم لردح من الزمن فلقد تبين لهم أن
الخلايا الغروية أو خلايا مولير التي تمتد على شكل ألياف في الشبكية قد صممت بشكل بارع لتعمل كمرشدات للأمواج
الضوئية تقوم بنقل الضوء من سطح الشبكية المواجه للضوء إلى المستقبلات الضوئية
الموجودة في السطح المقابل. ففي بحث تم
نشره في عام 2007م بعنوان (خلايا مولير هي ألياف ضوئية حية في شبكية الفقاريات) (Muller cells are
living optical fibers in the vertebrate retina)
قال الباحثون (على الرغم
من أن الخلايا الحية في الغالب شفافة للضوء إلا أنها أجسام طورية تختلف في أحجامها
ومعاملات إنكسارها. ولذا فإن أي صورة يتم نقلها خلال طبقات من الخلايا الموجهة
عشوائيا لا بد وأن تشوه نتيجة الإنكسارات
والإنعكاسات والتشتت. وعلى عكس المتوقع فإن الشبكية في عيون الفقاريات قد تم عكسها
بالنسبة لوظيفتها الضوئية وعلى الضوء أن ينفذ من خلال عدة طبقات من الأنسجة قبل أن
يصل إلى الخلايا الحساسة للضوء. وفي هذا البحث شرحنا خصائص ضوئية محددة للخلايا الغروية
(خلايا مولير) الموجودة في الشبكية والتي من الممكن أنها قد تساهم في تصحيح الوضع
غير المحبذ في الظاهر. لقد درسنا نسيج شبكي بكامله وكذلك خلايا مولير مفردة وهي خلايا غروية تمتد عبر كامل سمك
الشبكية. وخلايا مولير لها شكل قمعي بارز
ومعامل إنكسار أعلى من ذلك للنسيج المحيط بها وهي موجهة باتجاه إنتشار الضوء. ومن خلال الدراسة الميكروسكوبية للنسيج الشبكي
تبين أن هذه الخلايا لا تشتت الضوء خلال إنتقاله من سطح الشبكية إلى المستقبلات
الضوئية ولذا فهي تعمل كألياف ضوئية ... إن هذه الإكتشاف يفسر ميزة أساسية للشبكية
المعكوسة كنظام ضوئي وتحدد وظيفة جديدة للخلايا الغروية )
(Although biological cells are mostly transparent,
they are phase objects that differ in shape and refractive index. Any image
that is projected through layers of randomly oriented cells will normally be
distorted by refraction, reflection, and scattering. Counterintuitively, the
retina of the vertebrate eye is inverted with respect to its optical function
and light must pass through several tissue layers before reaching the
light-detecting photoreceptor cells. Here we report on the specific optical
properties of glial cells present in the retina, which might contribute to
optimize this apparently unfavorable situation. We investigated intact retinal
tissue and individual Müller cells, which are radial glial cells spanning the
entire retinal thickness. Müller cells have an extended funnel shape, a higher
refractive index than their surrounding tissue, and are oriented along the
direction of light propagation. Transmission and reflection confocal microscopy
of retinal tissue in vitro
and in vivo showed
that these cells provide a low-scattering passage for light from the retinal
surface to the photoreceptor cells. Using a modified dual-beam laser trap we
could also demonstrate that individual Müller cells act as optical fibers.
Furthermore, their parallel array in the retina is reminiscent of fiberoptic
plates used for low-distortion image transfer. Thus, Müller cells seem to
mediate the image transfer through the vertebrate retina with minimal
distortion and low loss. This finding elucidates a fundamental feature of the
inverted retina as an optical system and ascribes a new function to glial cells)
وفي بحث آخر بعتوان (خلايا مولير تفصل بين الموجات لتحسين
الرؤيا النهارية مع تأثير بسيط على الرؤيا الليلية ) (Müller cells separate
between wavelengths to improve day vision with minimal effect upon night vision) أثبت الباحثون أن خلايا مولير تعمل أيضا كمرشحات
ضوئية تسمح بمرور ألوان معينة وتشتت ألوان
آخرى. وفي ملخص هذا البحث يقول الباحثون (يبدأ الإبصار بإمتصاص الضوء في المستقبلات
الضوئية في الشبكية ولكن وبسبب البناء المعكوس للشبكية فإن الضوء الساقط عليه أن ينتشر خلال طبقات خلوية تعمل على تشتيته وعكسه قبل أن
يصل إلى المستقبلات الضوئية. وحديثا تم
إقتراح أن خلايا مولير قد تعمل كألياف ضوئية في الشبكية
تنقل الضوء الذي يضيء سطح الشبكية إلى المستقبلات الضوئية المخروطية. وهنا أثبتنا
أن خلايا مولير ما هي إلا مرشدات موجية
تعتمد على طول الموجة وهي تركز الجزء
الأحمر والأخضر من الطيف المرئي على
المخاريط وتسمح للضوء الأزرق والبنفسجي بالتسرب للعصي المجاورة. )
(Vision starts with the absorption of light by the
retinal photoreceptors—cones and rods. However, due to the ‘inverted’ structure
of the retina, the incident light must propagate through reflecting and
scattering cellular layers before reaching the photoreceptors. It has been
recently suggested that Müller cells function as optical fibres in the retina,
transferring light illuminating the retinal surface onto the cone
photoreceptors. Here we show that Müller cells are wavelength-dependent
wave-guides, concentrating the green-red part of the visible spectrum onto
cones and allowing the blue-purple part to leak onto nearby rods)
ولقد تمكن بعض الباحثين من قياس أبعاد هذه الخلايا
ومعاملات الإنكسار في داخلها وخارجها وتبين فعلا أنها تعمل كمرشدات للأمواج تسمح
لعدد قليل من الأنماط (modes) من الإنتشار خلالها لضمان تركيز
الضوء الذي تنقله للخلايا الضوئية. ففي
بحث بعنوان (الخلايا الغروية في الشبكية تحسن من حدة البصر عند البشر ) (Retinal Glial Cells Enhance Human Vision
Acuity) قال فيه الباحثون (قمنا ببناء نموذج مرشد للضوء للشبكية خارج
النقرة وفيه تخترق مصفوفة من الخلايا الغروية (خلايا مولير) عمق الشبكية لتصل إلى
الخلايا الضوئية. وبناءا على معاملات الإنكسار المقاسة وجدنا أن الضوء
المنتشر يزيد بشكل ملحوظ شدته عند الخلايا
الضوئية. ووجدنا أن التداخل بين الخلايا المتجاورة لا يتعدى عدة أجزاء بالمائة عندما لا يتجاوز
إتساع البؤبؤ ستة ملليمترات. إن هذا التداخل المتدني على مدى الطيف المرئي يفسر
كذلك عدم حساسبة العين للإنحراف اللوني. لقد تبين لنا أن الشبكية بناء مثالي مصممة
لتحسين وضوح الصور ).
(We construct a
light-guiding model of the retina outside the fovea, in which an array of glial
(Muller) cells permeates the depth of the retina down to the photoreceptors.
Based on measured refractive indices, we propagate light to obtain a
significant increase of the intensity at the photoreceptors. For pupils up to
6 mm width, the coupling between neighboring cells is only a few percent.
Low cross talk over the whole visible spectrum also explains the insensitivity
to chromatic aberrations of the eye. The retina is revealed as an optimal
structure designed for improving the
sharpness of images).
وقد أكد باحثون آخرون على قدرة هذه التصميم العجيب في نقل الصورة من الشبكية إلى المستقبلات
الضوئية باستخدام الألياف الضوئية في تحسين الخصائص الضوئية للعين ففي بحث بعنوان
(مرشدات المستقبلات الضوئية والنوعية الفاعلة لصور الشبكية) (photoreceptors
waveguides and effective retinal image quality)
قال الباحثون (قد يقترح
مرشد الموجات الأحادي للمستقبلات الضوئية بأن كامل الشبكية قد تعتبر كنظام ألياف ضوئية مركب يربط الصورة الشبكية
بصورة مناظرة في مرشدات الموجات. وفي هذا التركيب لا ينتج الإحساس الضوئي إلا إذا
تفاعلت صورة المرشدات الموجية مع صبغيات الخلايا المستقبلة للضوء .... وهذا ما يزودنا بتبرير معقول للتحسن في الإحساس
البصري مقارنة بما هو متوقع من الصورة الشبكية فقط )
(Individual photoreceptor
waveguiding suggests that the entire retina can be considered as a composite
fiber-optic element relating a retinal image to a corresponding waveguided
image. In such a scheme, a visual sensation is produced only when the latter
interacts with the pigments of the outer photoreceptor segments…, and this may
provide plausible justification for an improved visual sensation as compared
with what should be expected on the grounds of a retinal image only).
إن هذه الإكتشافات العلمية التي تظهر مدى الأبداع الموجود
في تصميم العين وكذلك بقية أعضاء جسم الأنسان بشكل خاص وفي هذا الكون بشكل عام
تأتي تصديقا للنبوءة القرآنية في قوله تعالى (سَنُرِيهِمْ
آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ
الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصلت 53 وقوله تعالى (وَقُلِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ
عَمَّا تَعْمَلُونَ) النمل 93. فآيات
الله أي معجزاته موجودة في هذا الكون وفي جسم الإنسان وبقية أجسام الكائنات الحية
قبل نزول القرآن الكريم كما جاء في قوله تعالى (وَفِي
الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِي
أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) الذاريات 20-21 ولكن تأكيد الله عز وجل على أنه
سيريها عبادة في المستقبل دليل على أن كشف هذه المعجزات ومعرفة أسرارها سيحصل في
المستقبل ومن خلال العلم والبحث العلمي. ولهذا فقد حث القرآن الكريم البشر على طلب
العلم ومدح العلماء لأنهم أقدر الناس على فهم وكشف مثل هذه المعجزات وصدق الله
العظيم القائل (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ
مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا
وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ
سُودٌ*وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ
كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ غَفُورٌ) فاطر:28 والقائل سبحانه (قُلْ
هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ
إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)
الزمر 9 .
المراجع
1-
كتاب (إبداع الرحمن في جسم الإنسان) , الدكتور منصور
أبوشريعة العبادي.
2-
كتاب (بداية الخلق في القرآن الكريم), الدكتور منصور
أبوشريعة العبادي.
3-
Franze, K. et al. Müller cells
are living optical fibres in the vertebrate retina. Proc. Natl Acad. Sci. USA
104, 8287–8292 (2007).
4-
Labin, A. M. & Ribak,
E. N. Retinal glial cells enhance human vision acuity. Phys. Rev. Lett. 104,
158102 (2010).
5-
Reichenbach, A. &
Bringmann, A. New functions of Müller cells. Glia 61, 651–678 (2013).
6-
Agte, S. et al. Müller
glial cell-provided cellular light guidance through the vital guinea-pig
retina. Biophys. J. 101, 2611–2619 (2011).
7-
Vohnsen, B. Photoreceptor
waveguides and effective retinal image quality. J. Opt. Soc. Am. A Opt. Image.
Sci. Vis. 24, 597–607 (2007).
8-
Vohnsen, B., Iglesias, I.
& Artal, P. Guided light and diffraction model of human-eye photoreceptors.
J. Opt. Soc. Am. A Opt. Image. Sci. Vis. 22, 2318–2328 (2005).