أمرؤ القيس الكندي (نجد 496-544م)
المعلقة
قفا
نبكِ مِن ذِكُرى حبِيب ومنزِلِ
|
بِسِقطِ
اللِّوى بين الدّخُولِ فحوملِ
|
فتُوِضح
فالِمقراةِ لم يعفُ رسمُها
|
لِما
نسجتها مِن جنُوب وشمألِ
|
ترى
بعر الآرآمِ فِي عرضاتِها
|
وقِيعانِها
كأنّهُ حبُّ فُلفُلِ
|
كأنِّي
غداة البينِ يوم تحمّلُوا
|
لدى
سمُراتِ الحيِّ ناقِف حنظلِ
|
وُقُوفا
بِها صحبي عليّ مطِيّهُم
|
يقُولُون
لا تهلِك أسى وتجمّلِ
|
وإِنّ
شِفائِي عبرة مُهراقة
|
فهل
عِند رسم دارِس مِن مُعوّلِ
|
كدأبِك
مِن أُمِّ الحويرِثِ قبلها
|
وجارتِها
أُمِّ الرِّبابِ بِمأسلِ
|
إِذا
قامتا تضوّع المِسكُ مِنهُما
|
نسِيم
الصِّبا جاءت بِريّا القرنفُلِ
|
ففاضت
دُمُوعُ العينِ مِنِّي صبابة
|
على
النّحرِ حتّى بلّ دمعِي محمليِ
|
ألا
رُبّ يوم لك مِنهُنّ صالِح
|
ولا
سِيمّا يوم بِدارةِ جُلجُلِ
|
ويوم
عقرتُ لِلعذارى مطِيِّتي
|
فيا
عجبا مِن كُورِها الُمتحمّلِ
|
فظلّ
العذارى يرتِمين بِلحمِها
|
وشحم
كهُدّابِ الدِّمقسِ الُمفّتلِ
|
ويوم
دخلتُ الخِدرِ خدر عُنيزة
|
فقالت
لك الويلاتُ إِنّك مُرجِلي
|
تقُولُ
وقد مال الغبِيط بِنا معا
|
عقرت
بعيري يا امرأ القيسِ فانزِلِ
|
فقُلتُ
لها سِيري وأرخِي زِمامهُ
|
ولا
تُبعِدِيني مِن جناكِ اُلمعلّلِ
|
فمِثلِكِ
حُبلى قد طرقتُ ومُرضِع
|
فألهيتُها
عن ذِي تمائِم مُحوِلِ
|
إِذا
ما بكى من خلفِها انصرفت لهُ
|
بِشِقّ
وتحتي شِقّها لم يُحوّلِ
|
ويوما
على ظهرِ الكثيبِ تعذّرت
|
عليّ
وآلت حلفة لم تحلّلِ
|
أفاطِم
مهلا بعض هذا التّدلّلِ
|
وإِن
كنتِ قد أزمعتِ صرمي فأجمِلي
|
أغرّكِ
منِّي أن حبّكِ قاتِلي
|
وأنّكِ
مهما تأمري القلب يفعلِ
|
وإِن
تكُ قد ساءتك مِني خليقة
|
فسُلِّي
ثيابي من ثيابِكِ تنسُلِ
|
وما
ذرفت عيناكِ إِلا لِتضرِبي
|
بِسهميكِ
في أعشارِ قلب مُقتّلِ
|
وبيضةِ
خِدر لا يُرامُ خِباؤُها
|
تمتّعتُ
من لهو بها غير مُعجلِ
|
تجاوزتُ
أحراسا إِليها ومعشرا
|
علّي
حِراصا لو يسرُّون مقتلي
|
إِذا
ما
الثّريّا في السّماءِ تعرّضت
|
تعرُّض
أثناءِ الوِشاحِ الُمفصّلِ
|
فجِئتُ
وقد نضّت لِنوم ثيابها
|
لدى
السّترِ إِلا لِبسة الُمتفضِّلِ
|
فقالت
يمين اللهِ مالك حِيلة
|
وما
إِن أرى عنك الغواية تنجلي
|
خرجتُ
بها أمشي تجُرِّ وراءنا
|
على
أثرينا ذيل مِرط مُرحّلِ
|
فلمّا
أجزنا ساحة الحيّ وانتحى
|
بنا
بطنُ خبت ذي حِقاف عقنقلِ
|
هصرتُ
بِفودي رأسِها فتمايلت
|
علّي
هضِيم الكشحِ ريّا المخلخلِ
|
مُهفهفة
بيضاءُ غيرُ مُفاضة
|
ترائبُها
مصقولة كالسّجنجلِ
|
كبكرِ
الُمقاناةِ البياض بصُفرة
|
غذاها
نميرُ الماءِ غيرُ الُمحلّلِ
|
تصُدّ
وتُبدي عن أسيل وتتّقي
|
بناظرة
من وحشِ وجرة مُطفِلِ
|
وجِيد
كجِيدِ الرّئمِ ليس بفاحش
|
إِذا
هي نصّتهُ ولا بمُعطّلِ
|
وفرع
يزينُ المتن أسود فاحِم
|
أثِيث
كقِنوِ النّخلةِ الُمتعثكِل
|
غدائِرُه
مُستشزِرات إِلى العُلا
|
تضِلّ
العِقاصُ في مُثنّى ومُرسلِ
|
وكشح
لطيف كالجديل مُخصّر
|
وسآق
كانبوبِ السّقيّ الُمذلّلِ
|
وتضحي
فتيتُ المِسكِ فوق فراشها
|
نؤُوم
الضُّحى لم تنتُطِق عن تفضُّل
|
وتعطو برخص
غيرِ شئن كأنهُ
|
أساريعُ
ظبي أو مساويكُ إِسحِلِ
|
تُضيءُ
الظّلام بالعِشاءِ كأنّها
|
منارةُ
مُمسى راهِب مُتبتِّلِ
|
إِلى
مِثلِها يرنو الحليمُ صبابة
|
إِذا
ما اسبكرّت بين درع ومجولِ
|
تسلّت
عماياتُ الرِّجالِ عنِ الصِّبا
|
وليس
فُؤادي عن هواكِ بُمنسلِ
|
ألا
رُبّ خصم فيكِ ألوى رددتُه
|
نصيح
على تعذالهِ غيرِ مُؤتلِ
|
وليل
كموجِ البحرِ أرخى سُدولهُ
|
عليّ
بأنواعِ الُهمُومِ ليبتلي
|
فقلتُ
لهُ لّما تمطّى بصُلبِهِ
|
وأردف
أعجازا وناء بكلكلِ
|
ألا
أيُّها الّليلُ الطّويلُ ألا انجلي
|
بصُبح
وما الإِصباحُ مِنك بأمثل
|
فيا لك
مِن ليل كأنّ نُجومهُ
|
بأمراسِ
كتّان إِلى صُمِّ جندلِ
|
وقِربةِ
أقوام جعلتُ عِصامها
|
على
كاهِل منِّي ذلُول مُرحّل
|
وواد
كجوفِ العيرِ قفر قطعتُهُ
|
بهِ
الذئبُ يعوي كالخليعِ الُمعيّلِ
|
فقُلتُ
لهُ لما عوى إِنّ شأننا
|
قليلُ الغِنى
إِن كنت لّما تموّلِ
|
كِلانا
إِذا ما نال شيئا أفاتهُ
|
ومن
يحترِث حرثي وحرثك يهزِل
|
وقد
أغتدي والطّيُر في وُكُناتِها
|
بُمنجرِد
قيدِ الاوابِدِ هيكلِ
|
مِكر
مِفرِّ مُقبِل مُدبِر معا
|
كجُلمُودِ
صخر حطّهُ السّيل من علِ
|
كُميت
يزِل الّلبدُ عن حالِ متنِهِ
|
كما
زلّتِ الصّفواءُ بالُمتنِّزلِ
|
على
الذّبلِ جيّاش كأنّ اهتزامهُ
|
إِذا
جاش فيهِ حميُهُ غليُ مِرجلِ
|
مِسحِّ
إِذا ما السّابحاتُ على الونى
|
أثرن
الغُبار بالكديدِ المركلِ
|
يزِلّ
الغُلام الخِفُّ عن صهواتِهِ
|
ويُلوي
بأثوابِ العنيفِ الُمثقّلِ
|
درير
كخُذروفِ الوليدِ أمرّهُ
|
تتابُعُ
كفّيهِ بخيط مُوصّلِ
|
لهُ
أيطلا ظبي وساقا نعامة
|
وإِرخاءُ
سِرحان وتقرِيبُ تتفُلِ
|
ضليع
إِذا استدبرتهُ سدّ فرجهُ
|
بضاف
فُويق الأرض ليس بأعزلِ
|
كأنّ
على المتنينِ منهُ إِذا انتحى
|
مداك
عروس أو صلاية حنظلِ
|
كأنّ
دِماء الهادِياتِ بِنحرِهِ
|
عُصارةُ
حِنّاء بشيب مُرجّلِ
|
فعنّ
لنا سِرب كأنّ نِعاجهُ
|
عذارى
دوار في مُلاء مُذيّلِ
|
فأدبرن
كالجِزعِ المفصّل بينهُ
|
بِجِيدِ
مُعمِّ في العشيرةِ مُخولِ
|
فألحقنا
بالهادِياتِ ودُونهُ
|
جواحِرُها
في صرّة لم تُزيّلِ
|
فعادى
عِداء بين ثور ونعجة
|
دراكا
ولم ينضح بِماء فيُغسلِ
|
فظلّ
طُهاةُ اللّحم من بينِ مُنضجِ
|
صفِيف
شِواء أو قدِير مُعجّلِ
|
ورُحنا
يكادُ الطّرفُ يقصُر دُونهُ
|
متى ما
ترقّ العينُ فيهِ تسفّلِ
|
فبات
عليهِ سرجُهُ ولِجامُهُ
|
وبات
بِعيني قائِما غير مُرسلِ
|
أصاحِ
ترى برقا أُرِيك ومِيضهُ
|
كلمعِ
اليدينِ فِي حبيِّ مُكلّلِ
|
يضِيءُ
سناهُ أو مصابِيحُ راهِب
|
أمال
السّلِيط بالذُّبالِ الُمُفتّلِ
|
قعدتُ
لهُ وصُحبتي بين ضارِج
|
وبين
العُذيبِ بعد ما مُتأمّلي
|
فأضحى
يسُحُّ الماء حول كُتفه
|
يكُبُّ
على الأذقانِ دوج الكنهبلِ
|
ومرّ
على القنّانِ مِن نفيانِهِ
|
فأنزل
منه العُصم من كلّ منزِلِ
|
وتيماء
لم يترُك بها جِذع نخلة
|
ولا
أُطُما إِلا مشِيدا بِجندلِ
|
كأنّ
ثبيرا فِي عرانِينِ وبلهِ
|
كبيرُ
أناس فِي بِجاد مُزمّلِ
|
كأنّ
ذُرى رأسِ الُمجيمِرِ غُدوة
|
من
السّيلِ والأغثاءِ فلكهُ مِغزلِ
|
وألقى
بصحراءِ الغبيطِ بعاعهُ
|
نزُول
اليماني ذي العِيابِ المحمّلِ
|
كأنّ
مكاكّي الجِواءِ غُديّة
|
صُبِحن
سُلافا من رحيق مُفلفلِ
|
كانّ
السِّباع فِيهِ غرقى عشِيّة
|
بِأرجائِهِ
القُصوى أنابِيشُ عُنصُلِ
|
من كتاب (خمسون ألف بيت من الشعر)
الدكتور منصور أبوشريعة العبادي
الكتاب متوفر على الموقع التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق