عمرو بن كلثوم التغلبي (بادية العراق
؟-584م)
ألا هُبِّي بصحنِكِ فاصبحينا
|
ولا تُبقِي خُمور الأندرِينا
|
مُشعشعة كانّ الحُصّ فيها
|
إِذا ما الماءُ خالطها سخِينا
|
تجُورُ بذي اللُّبانةِ
عن هواهُ
|
إِذا ما ذاقها حتّى يلِينا
|
ترى الّلحِز الشّحيح
إِذا أُمِرّت
|
عليهِ لمِالِهِ فيها مُهينا
|
صبنتِ الكأس عنّا أُمّ عمرو
|
وكان الكأسُ مجراها اليمِينا
|
وما شرُّ الثّلاثةِ أُمّ عمرو
|
بِصاحِبِكِ الّذِي لا تصبحِينا
|
وكأس قد شرِبتُ بِبعلبكِّ
|
وأُخرى في دِمشق وقاصِرِينا
|
وإِنّا سوف تُدرِكُنا المنايا
|
مُقدّرة لنا ومُقدِّرِينا
|
قِفِي قبل التّفرُّقِ يا ظعِينا
|
نُخبِّركِ اليقِين وتُخبِرِينا
|
قِفِي نسألكِ هل أحدثتِ صِرما
|
لِو شكِ البينِ أم خُنتِ الأمِينا
|
بِيومِ كرِيهة ضربا وطعنا
|
أقرّ بِهِ مواليكِ العُيُونا
|
وإِنّ غدا وإِنّ اليوم رهن
|
وبعد غد بِما لا تعلمِينا
|
تُرِيك إِذا دخلت على خلاء
|
وقد أمِنت عُيُون الكاشِحِينا
|
ذِراعي عيطل أدماء بكر
|
هِجانِ اللّونِ لم تقرأ جنِينا
|
وثديا مِثل حُقِّ العاجِ رخصا
|
حصانا مِن أكُفِّ الّلامِسِينا
|
ومتني لدنة سمقت وطالت
|
روادِفُها تنُوءُ بِما ولِينا
|
ومأكمة يضِيقُ البابُ عنها
|
وكشحا قد جُنِنتُ بِهِ جُنُونا
|
وسارِيتي بِلنط أو رُخام
|
يرِنُّ خشاشُ حليِهِما رنِينا
|
فما وجدت كوجدِي أُمُّ سقب
|
أضلّتهُ فرجّعتِ الحنِينا
|
ولا شمطاءُ لم يترُك شقاها
|
لها مِن تِسعة إِلا جنِينا
|
تذكّرتُ الصِّبا واشتقتُ لمّا
|
رأيتُ حُمُولها أُصُلا حُدِينا
|
فأعرضتِ اليمامةُ وأشمخرّت
|
كأسياف بِأيدِي مُصلتِينا
|
أبا هِند فلا تعجل علينا
|
وأنظِرنا نُخبِّرك اليقِينا
|
بأنّا نُورِدُ الرّاياتِ بِيضا
|
ونُصدِرُهُنّ حُمرا قد روِينا
|
وأيّامِ لنا عزِّ طِوال
|
عصينا الملك فيها أن ندِينا
|
وسيِّدِ معشر قد توّجُوهُ
|
بِتاجِ الُملكِ يحمِي الُمحجرِينا
|
تركنا الخيل عاكِفة عليهِ
|
مُقلّدة أعِنّتها صُفُونا
|
وأنزلنا البُيُوت بِذِي طُلُوح
|
إِلى الشّاماتِ تنفِي الُموِعدِينا
|
وقد هرّت كلابُ الحيِّ مِنّا
|
وشذّ بنا قتادة من يلِينا
|
متى ننقُل إِلى قوم رحانا
|
يكُونُوا فِي الِّلقاءِ
لها طحِينا
|
يكُونُ ثِفاُلها شرقِيّ نجد
|
ولهوتُها قُضاعة أجمعينا
|
نزلتُم منزِل الأضيافِ مِنّا
|
فأعجلنا القِرى أن تشتِمُونا
|
قريناكُم فعجّلنا قِراكُم
|
قُبيل الصُّبحِ مِرداة طحُونا
|
نعُمُّ أُناسنا ونعِفُّ عنهُم
|
ونحمِلُ عنهُمُ ما حمّلُونا
|
نُطاعِنُ ما تراخى
النّاسُ
عنّا
|
ونضرِبُ بِالسُّيُوفِ
إِذا غُشِينا
|
بِسُمر مِن قنا
الخطِّيِّ
لُدن
|
ذوابِل أو بِبِيض يختلِينا
|
كأنّ جماجِم الأبطالِ فِيها
|
وسُوق بِالأماعِزِ يرتمِينا
|
نشُقُّ بِها رُؤُوس القومِ شقا
|
ونختلِبُ الرِّقاب فتختلينا
|
وإِنُّ الضِّعن بعد الضِّعنِ يبدُو
|
عليك ويُخرِجُ الدّاء الدّفِينا
|
ورِثنا المجد قد علمِت معدّ
|
نُطاعِنُ دُونهُ حتّى يبِينا
|
ونحنُ إِذا عِمادُ
الحيِّ
خرّت
|
عنِ الأحفاضِ نمنعُ من يلينا
|
نجُدُّ رُؤُوسهُم فِي غيرِ بِرّ
|
فما يدرُون ماذا يتّقُونا
|
كأنّ سُيُوفنا مِنّا ومِنهُم
|
مخارِيق بِأيدِي لاعِبِينا
|
كانّ ثِيابنا مِنّا ومِنهُمُ
|
خُضِبن بِأُرجُوان أو طُلِينا
|
إِذا ما عيّ بالإِسنافِ حيّ
|
مِن الهولِ الُمشّبهِ أن يكُونا
|
نصبنا مِثل رهوة ذات حدِّ
|
مُحافظة وكُنّا السّابِقِينا
|
بِشُبّان يرون القتل مجدا
|
وشِيب في الُحرُوبِ مُجرّبِينا
|
حُديّا النّاسِ كُلّهِمُ جمِيعا
|
مُقارعة بنيهِم عن بنِينا
|
فأمّا يوم خشيتِنا عليهِم
|
فتُصبِحُ خيلُنا عُصبا نُبِينا
|
وأمّا يوم لا نخشى عليهِم
|
فنُمعِنُ غارة مُتلبِّبِينا
|
بِرأس مِن بني جُشمِ بنِ بكر
|
ندُقُّ بِهِ السُّهُولة والُحزُونا
|
ألا لا يعلمُ الأقوامُ أنّا
|
تضعضعنا وأنّا قدُ ونِينا
|
ألا لا يجهلن أحد علينا
|
فنجهلُ فوق جهلِ الجاهِلِينا
|
بأيِّ مشِيئة عمروبن هِند
|
نكُونُ لِقِيلِكُم فيها قطينا
|
بأيِّ مشِيئة عمروبن هِند
|
تُطيع بِنا الوُشاة وتزدرِينا
|
تهدّدنا وأوعِدنا رُويدا
|
متى كُنّا لأُمِّك مقتوِينا
|
فإِنّ قناتنا يا عمرُوأعيت
|
على الأعداءِ قبلك أن تلِينا
|
إِذا عضّ الثِّقافُ بها اشمأزّت
|
وولّتهُ عشوزنة زبُونا
|
عشوزنة إِذا انقلبت أرنّت
|
تشُجُّ قفا الُمثقِّفِ والجبِينا
|
فهل حُدِّثت في جُشمِ بنِ بكر
|
بِنقص في خُطُوبِ الأوّلِينا
|
ورِثنا مجد علقمة بنِ سيف
|
أباح لنا حُصُون المجدِ دِينا
|
ورِثتُ مُهلهِلا والخير مِنهُ
|
زُهيرا نِعم ذُخرِ الذّاخِرينا
|
وعتّابا وكُلثُوما جمِيعا
|
بِهِم نِلنا تُراث الأكرمِينا
|
وذا البُرةِ الّذِي حُدِّثت عنهُ
|
بِهِ نُحمى ونحمِي الُمحجرينا
|
ومِنّا قبلةُ السّاعِي كُليب
|
فأيُّ المجدِ إِلا قد ولِينا
|
متى نعقِد قرِينتنا بِحبل
|
تجُذّ الحبل أو تقِصِ القرِينا
|
ونُوجدُ نحنُ أمنعهُم ذِمارا
|
وأوفاهُم إِذا عقدُوا يمينا
|
ونحنُ غداة أُوِقد في خزازى
|
رفدنا فوق رِفدِ الرافِدِينا
|
ونحنُ الحابِسُون بِذِي أراطى
|
تسفُّ الجِلّةُ الخُورُ الدّرِينا
|
ونحنُ الحاِكُمون إِذا أُطِعنا
|
ونحنُ العازِمُون إِذا عُصِينا
|
ونحنُ التّارِكُون لِما سخِطنا
|
ونحنُ الآخِذُون لِما رضِينا
|
وكُنّا الأيمنِين إِذا التقينا
|
وكان الأيسرِين بنُوأبِينا
|
فصالُوا صولة فِيمن يلِيهِم
|
وصُلنا صولة فيمن يلِينا
|
فآبُوا بالنِّهابِ وبالسّبايا
|
وإِبنا بالُمُلوكِ مُصفّدِينا
|
إِليكُم يا بني بكر إِليكُم
|
ألمّا تعرِفُوا مِنّا اليقِينا
|
ألمّا تعلمُوا مِنّا ومِنكم
|
كتائِب يطّعِنّ ويرتمِينا
|
علينا البيضُ واليلبُ اليماني
|
وأسياف يقُمن وينحنِينا
|
علينا كُلُّ سابِغة دِلاص
|
ترى فوق النِّطاقِ لها غُضونا
|
إِذا وُضِعت عنِ
الأبطالِ
يوما
|
رأيت لها جُلود القومِ جُونا
|
كأنّ عُضُونهُنّ مُتُونُ غدر
|
تُصفِّقُها الرِّياحُ
إِذا جرينا
|
وتحمِلُنا غداة الرّوعِ جُرد
|
عُرِفن لنا نقائِذ وافتُلِينا
|
وردن دوارِعا وخرجن شُعثا
|
كامثال الرِّصائِعِ قد بلِينا
|
ورِثناهُنّ عن آباءِ صِدق
|
ونُورِثُها إِذا مُتنا بنِينا
|
على آثارِنا بِيض حِسان
|
نُحاذِرُ أن تُقسّم أو تهونا
|
أخذن على بُعُولتِهِنّ عهدا
|
إِذا لاقُوا كتائِب مُعلِمِينا
|
ليستلِبُنّ أفراسا وبِيضا
|
وأسرى فِي الحدِيدِ مُقرّنِينا
|
ترانا بارِزِين وكُلُّ حيِّ
|
قدِ اتّخذُوا مخافتنا قرِينا
|
إِذا مارُحن يمشِين الُهوينى
|
كما اضطربت مُتُونُ الشّارِبِينا
|
يقُتن جِيادنا ويقُلن لستُم
|
بُعُولتنا إِذا لم تمنعونا
|
ظعائِن مِن بني جشمِ
بِنِ بكر
|
خلطن بِميسم حسبا ودِينا
|
وما منع الظّعائِن مِثلُ ضرب
|
ترى مِنهُ السّواعِد كالقُلِينا
|
كأنّا والسُّيُوفُ مُسلّلات
|
ولدنا النّاس طُرّا أجمعِينا
|
يُدهدُون الرُّؤُوس كما تُدهدِي
|
حزاوِرة بأبطحِها الكُرِينا
|
وقد علِم القبائِلُ مِن معدِّ
|
إِذا قُبب بِأبطحِها بُنِينا
|
بِأنّا الُمطعِمُون إِذا قدرنا
|
وأنّا الُمهلِكُون إِذا ابتُلِينا
|
وأنّا المانِعُون لِما أردنا
|
وأنّا النّازِلُون بِحيثُ شِينا
|
وأنّا التّارِكُون إِذا سخِطنا
|
وأنّا الآخِذُون إِذا رضِينا
|
وأنّا العاصِمُون إِذا أُطِعنا
|
وأنّا العازِمُون إِذا عُصِينا
|
ونشربُ إِن وردنا الماء صفوا
|
ويشربُ غيرُنا كدِرا وطِينا
|
ألا أبلِغ بني الطّمّاحِ عنّا
|
ودُعمِيّا فكيف وجدتُمونا
|
إِذا ما الملكُ سام النّاس خسفا
|
أبينا أن نُقِرّ الذُّلّ فِينا
|
ملانا البرّ حتّى ضاق عنّا
|
وماء البحرِ نملؤُهُ سفِينا
|
إِذا بلغ الفِطام لنا صبِيّ
|
تخِرُّ لهُ الجبابِرُ ساجِدِينا
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق