والقمر
قدرناه منازل
الدكتور
منصور أبوشريعة العبادي\جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
إن وجود القمر حول الأرض وبمواصفات غاية في التقدير تدل على أنه معجزة
من معجزات الخالق عز وجل والدالة على وجوده سبحانه وتعالى. فمعظم المواصفات التي
يمتلكها القمر تشذ عن القواعد التي تحكم تكون الأجرام السماوية وخاصة الأقمار
منها. فنسبة حجم القمر إلى حجم الأرض التي يدور حولها لا توجد أبدا في أقمار
المجموعة الشمسية وربما في المجرة كلها وهذه النسبة الكبيرة ضرورية لتأهيل الأرض
لتكون صالحة لظهور الحياة عليها. فهذا القمر الكبير يلعب دورا مهما في حفظ مقدار
ميل محور دوران الأرض على ما هو عليه
والذي يلعب بدوره دورا مهما في الحفاظ على مناخ الأرض مستقرا ومناسبا لدوام ظاهرة
الحياة على الأرض. والقمر بجاذبيته العالية ساعد على تشكل القشرة الأرضية وإحداث
تشققات فيها تسمح بحدوث البراكين وإخراج الماء والغازات المختلفة التي في باطن
الأرض. ومن خلال ظاهرة المد والجزر يلعب القمر دورا كبيرا في تحريك مياه المحيطات
على شكل أمواج ضخمة أو تيارات مائية عميقة تعمل على نقل الحرارة من المناطق
الإستوائية الحارة إلى المناطق القطبية الباردة. والقمر بحجمه الكبير يعكس كمية
كافية من ضوء الشمس إلى الأرض أثناء الليل ليسهل على البشر تنقلهم وإنجاز بعض أعمالهم.
والقمر بدورته الشهرية المنتظمة والمنازل المختلفة التي يحتلها كل يوم سهلت على البشر
حساب الأيام والشهور والسنين بطريقة سهلة. ومن عجائب خلق القمر أنه يكمل دورته حول
نفسه في نفس الفترة التي يكملها في دورته حول الأرض ولذا لا يرى البشر على الأرض إلا
وجها واحدا منه . ومن العجائب في التقدير أن نسبة قطري القمر والشمس هي نفس نسبة بعديهما
عن الأرض مما يجعل قرص القمر يتطابق تماما مع قرص الشمس عند الكسوف وصدق الله العظيم القائل (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) الفرقان 2.
نشأة
القمر
تشكل
القمر في نفس الفترة التي تشكلت فيها المجموعة الشمسية أي قبل ما يقرب من 4500
مليون سنة تقريبا وفي الغالب بعد تشكل كوكب الأرض بما يقرب من 50 مليون سنة. وقد
وضع العلماء عدة فرضيات للكيفية التي تشكل من خلالها القمر. فكان أول هذه الفرضيات
أنه تشكل من خلال انفصال جزء كبير من القشرة الأرضية السائلة بسبب دوران الأرض حول
محورها بسرعة كبيرة جدا
عند
بداية تكونها وقد عمل هذا الإنفصال على إبطاء سرعة دوران الأرض من خلال نقل جزء من
طاقتها إلى القمر الذي بدأ بالابتعاد عن الأرض تدريجيا بسبب ظاهرة المد والجزر في
القشرة الأرضية السائلة ولكن هذه النظرية تحتاج إلى تفسير مقنع لوجود هذا الزخم
الزاوي العالي للأرض عند بداية تكونها. أما الفرضية الثانية فهو أن القمر كان
كويكب ضخم كان يسبح في فضاء المجموعة الشمسية
وقد تم أسره من قبل جاذبية الأرض وبدأ بالدوران حولها وقد تم استبعاد هذه
الفرضية بسبب التشابهه الكبير بين
جولوجية كل من القمر والأرض. أما الفرضية الأكثر قبولا فهي أن القمر قد نشأ نتيجة إصطدام كوكب بحجم المريخ بالأرض عند بداية تشكلها وقد كونت المواد المتطاير من الإصطدام بعد تجمعها جسم القمر وهذه الفرضية يمكنها تفسير الزخم الزاوي الكبير لمجموعة الأرض والقمر. ويذهب البعض إلى أن القمر قد تكون نتيجة إنفجار نووي هائل حدث في باطن الأرض يساوي في قوته الانفجار الذي ضرب هيروشيما بمقدار 40 مليون مرة فقذف بجزء من كتلة الأرض إلى مدار حولها.
جولوجية كل من القمر والأرض. أما الفرضية الأكثر قبولا فهي أن القمر قد نشأ نتيجة إصطدام كوكب بحجم المريخ بالأرض عند بداية تشكلها وقد كونت المواد المتطاير من الإصطدام بعد تجمعها جسم القمر وهذه الفرضية يمكنها تفسير الزخم الزاوي الكبير لمجموعة الأرض والقمر. ويذهب البعض إلى أن القمر قد تكون نتيجة إنفجار نووي هائل حدث في باطن الأرض يساوي في قوته الانفجار الذي ضرب هيروشيما بمقدار 40 مليون مرة فقذف بجزء من كتلة الأرض إلى مدار حولها.
خصائص
جسم القمر
القمر
هو التابع الطبيعي الوحيد للأرض حيث
يدور حولها في مدار بيضاوي متوسط قطره 384 ألف كيلومتر و هو يتابع الأرض في
دورانها حول الشمس. و القمر جسم كروي
الشكل بتفلطح قليل جدا (معامل التفلطح 0. 00125
) حيث
يبلغ نصف قطره الإستوائي 1738 كم ونصف قطره القطبي 1736كم أي أن قطره يبلغ
ما يقرب من 4/1 قطر الأرض وحجمه يقرب من
50/1 من حجمها. أما كثافته فتبلغ
نحو 3,3 غم \ سم3 وهي ما تزيد قليلا عن نصف كثافة الأرض البالغة 5،515 غم/سم3 ولذلك فإن كتلته تبلغ 7.3477 × 1022
كغ أي
أنها 81\1 من كتلة الأرض البالغة 5.9736×1024 كغ وتبلغ
قوة جاذبيته 6/1 قوة جاذبية الأرض. وبهذه الخصائص يعتبر القمر أكبر قمر طبيعي
بالنسبة لحجم كوكبه وهي الأرض وذلك في المجموعة
الشمسية.
وأما
تضاريس سطح القمر فهي كما هو الحال مع سطح
الأرض مكونة من سهول وجبال وأودية وتبدو السهول للناظر من الأرض داكنة
اللون بسبب أنها مغطاة بمواد بركانية قاتمة اللون. أما الجبال فتبدو من الأرض فاتحة
اللون وهي متفاوتة في إرتفاعاتها ويصل إرتفاع أعلى جبالها إلى ثمانية كيلومترات
وهي عالية جدا إذا ما قورنت بحجم القمر. أما ما يميز سطح القمر هو كثرة الفوهات
البركانية عليه حيث يوجد ما يزيد عن مليون فوهة
يصل قطر أكبرها إلى 250 كيلومتر وقد تشكلت نتيجة إرتطام الشهب والنيازك
بسطحه وذلك بسبب غياب الغلاف الجوي الذي يحميه منها كما هو الحال مع الأرض. ومن
المفارقات العجيبة أن السهول في وجه القمر المقابل للأرض تشكل 30 بالمائة من سطحه
بينما تبلغ 2 بالمائة فقط في الوجه
المعاكس ومن المستبعد جدا أن يكون هذا قد
تم بالصدفة مع الإشارة إلى أن كمية الضوء المنعكس عن القمر يعتمد على طبيعة
التضاريس.
وفي
اختيار هذه الخصائص للقمر مجموعة من أوجه الإعجاز
أولها أن الكثافة المنخفضة للقمر سمحت بزيادة حجمه إلى الضعف تقريبا فيما
لو كانت كثافته نفس كثافة الأرض. وبهذا التقدير تضاعفت كمية الضوء المنعكس من
القمر إلى الأرض خلال الليل وهذه هي إحدى الوظائف التي خلق الله عز وجل من أجلها
القمر. ولو أن كثافة القمر كانت بكثافة الأرض وهو بهذا الحجم لتضاعف إرتفاع أمواج
المد في محيطات وبحار الأرض ولتقلصت مساحة القارات بشكل كبير. أما وجه الإعجاز الثاني فهو أن غياب الغلاف
الجوي في القمر يزيد من كمية الضوء المنعكس عنه إلى الأرض حيث أن مكونات الغلاف
الجوي تعمل على امتصاص جزء من الأشعة الضوئية الساقطة عليه. أما وجه الإعجاز
الثالث فهو أن نسبة قطر القمر إلى بعده عن
الأرض تساوي نسبة قطر الشمس إلى بعدها عن الأرض أي أن قرص القمر يتطابق مع قرص
الشمس بالنسبة للناظر إليهما من الأرض وهذا ما يتسبب في حدوث الكسوف الكلي للشمس
إذا ما وقع القمر بين الأرض والشمس.
مدار
القمر
وكما هو الحال مع جميع
الأجرام السماوية فإن القمر يدور حول نفسه ولكن بسرعة بطئية جدا حيث تبلغ سرعته
عند خط الإستواء 153 كم\ساعة وهي أقل من عشر سرعة دوران الأرض حول محورها. ويتعامد محور دوران القمر مع مستوى دورانه حول
الأرض تقريبا حيث ينحرف بمقدار 1,54 درجة
فقط عن الإتجاه العمودي بينما ينحرف محور دوران الأرض بمقدار 23,44 درجةعن الخط
المتعامد مع مستوى دورانها حول الشمس. ومن أعجب الظواهر الكونية أن القمر يكمل
دورته حول نفسه في نفس المدة التي يكمل فيها دورته حول الأرض تماما وهي 27,3216 يوما أي طول الشهر القمري
الحقيقي. وينتج عن هذه الظاهرة العجيبة أن
وجها واحدا للقمر فقط يمكن أن يراه المشاهد من سطح الأرض أما الوجه الآخر فلا يمكن
مشاهدته بتاتا من سطح الأرض. ووجه القمر الذي يقابل الأرض هو الوجه الذي تشكل السهول ما نسبته 30
بالمائة من سطحه بينما لا تشكل السهول أكثر من 2 بالمائة في الوجه المخفي وهذا
أيضا من المفارقات العجيبة كما ذكرنا سابقا.
منازل القمر
وعلى الرغم من أن نصف سطح القمر يضاء من قبل
الشمس باستمرار إلا أن مساحة السطح المضاء الذي يمكن مشاهدته من الأرض يعتمد على
منزل القمر. فسطح القمر المضاء لا يمكن رؤيته بتاتا إذا ما وقع القمر بين الشمس
والأرض لأن الوجه المضاء يواجه الشمس
بينمايواجه الأرض الوجه المظلم ويسمى القمر في هذا المنزل بالمحاق (new moon). وإذا ما وقعت الأرض
بين الشمس والقمر فإن كامل السطح المضاء سيواجه الأرض ويظهر القمر كقرص مستدير
لامع ويسمى القمر في هذا المنزل بالبدر أو القمر الكامل (full moon). ومنزل القمر في حالة البدر يبعد
180 درجة تقريبا وهذا يعني أن القمر يكون في الشرق تمام عندما تغيب الشمس ويحتاج إلى 12 ساعة
تقريبا حتى يغيب. أما بقية المنازل فإنها تتحدد بمجرد تحديد المنزل الأول وهو
المنزل الذي يحتله القمر في أول ليلةمن
الشهر القمري. ويتحدد المنزل الأول تبعا للوقت الذي يتولد فيها القمر ويقع هذا المنزل في
مدى يتراوح بين مستوى الأفق وزاوية تبلغ
12,2 درجة فوق الأفق من جهة الغرب وذلك في المتوسط. وبمجرد تحديد الزاوية
فوق الأفق لموقع القمر في المنزل الأول فإن موقع القمر في المنازل الباقية تتحدد
بإضافة زاوية مقدارها 12,2 درجة تقريبا أو مضاعفاتها على زاوية المنزل الأول وذلك
حسب تاريخ اليوم في الشهر القمري فيضاف
12,2 درجة في اليوم الثاني وضعفها في اليوم الثالث وهكذا دواليك. وبما أن
وقت تولد القمر يختلف من شهر إلى شهر فإن منازل القمر لنفس تاريخ اليوم تتغير في
كل شهر ولكنها تقع ضمن مدى زاوي محدد مقداره 12,2 درجة تقريبا حيث يجب أن يؤخذ بالإعتبار موقع القمر في مداره البيضاوي وكذلك
خط العرض لمكان المشاهدة وكذلك تاريخ المشاهدة في السنة.
وقد أطلق الناس على منازل القمر أسماء معينة للتمييز بينها ففي الأسبوع
الأول من الشهر
يسمى القمر هلالا (Waxing Crescent) وفي نهاية الأسبوع
الأول يسمى التربيع الأول (first quarter) وخلال الأسبوع الثاني يسمى الأحدب المتزايد (Waxing Gibbous) وفي منتصف الشهر يسمى بدرا (full moon) وخلال الأسبوع الثالث
يسمى الأحدب المتناقص (Waning Gibbous) وفي بداية الأسبوع
الرابع يسمى التربيع الثاني أو الأخير (second quarter) وفي الأسبوع الأخير يسمى القمر أيضا هلالا (Waning Crescent). ونورالقمر في النصف الشمالي من الكرة الأرضية يبدأ بالظهور من أقصى يمين قرص القمر على شكل هلال
نحيف ثم يزداد تدريجيا حتى يغطي نصف قرص القمر الأيمن في نهاية الأسبوع الأول ثم يزحف
النور تدريجيا على النصف الأيسر حتى يغطي كامل قرص القمر في منتصف الشهر. وبعد
منتصف الشهر يبدأ النور بالإنحسار تدريجيا عن النصف الأيمن لقرص القمر ليعيد نفس أشكال الإنارة التي حدثت في النصف
الأول من الشهر ولكن بشكل معكوس. أما في النصف
الجنوبي من الكرة الأرضية فإن إنارة القمر
تتم بشكل معكوس حيث تبدأ الإنارة من الطرف الأيسر للقمر ولكن بنفس الخطوات التي
تتم في النصف الشمالي للكرة الأرضية وصدق الله العظيم القائل (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ
كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) ( يس : ٣٩ ) .
تتحدد بداية الشهر
القمري فلكيا من خلال معرفة الوقت الذي تولد فيه القمر وهي لحظة وجود القمر بين
الشمس والأرض تماما أو ما يسمى باقتران الشمس والقمر (conjunction). فإذا تولد القمر خلال الأربعة وعشرين ساعة التي
تسبق غروب الشمس في يوم ما فإن اليوم التالي هو أول أيام الشهر وذلك لأن القمر
سيغيب بالطبع بعد غياب الشمس. وتعتمد المدة التي يمكثها القمر في السماء بعد غروب الشمس على مقدار عمر
القمر مقاسا من ساعة تولده فإذا كان عمر القمر 24 ساعة فإنه سيظهر في السماء على
إرتفاع 12,2 درجة تقريبا عند غروب الشمس ويحتاج
52 دقيقة حتى يغيب . وإذا كان عمر القمر 12 ساعة فإنه سيظهر في السماء على
إرتفاع 6,1 درجة ويحتاج 26 دقيقة حتى يغيب وأما إذا كان
عمره ساعة واحدة فسيظهر في السماء على
إرتفاع نصف درجة تقريبا وسيغيب بعد دقيقتين تقريبا. وإذا ما أستخدمت الرؤيا بالعين لتحديد بداية
الشهر فإن بداية الشهر ستختلف حيث لا يمكن رؤية القمر إذا كان قريبا من الشمس بأقل
من ثمان درجات وهذا يعني أن عمر القمر يجب أن لا يقل عن 16 ساعة حتى يمكن رؤيته بالعين المجردة. وتعتمد إمكانية رؤية
الهلال في أول أيام الشهر على عوامل كثيرة أهمها خط عرض مكان المشاهدة فكلما كان
أقرب لخط الإستواء كلما كانت الفرصة أكبر حيث أن مسار القمر يكون عموديا على الأفق
عند هذا الخط ويزداد ميلانه كلما ابتعدنا عن خط الإستواء. ومن العوامل الأخرى التي
تساعد على رؤية الهلال الجديد إرتفاع مكان المشاهدة وصفاء الجو وحدة بصر المشاهد
وكذلك بعد القمر عن الأرض حيث يصل الفرق بين الحضيض والأوج إلى 43 ألف كيلومتر أي
ما يقرب من 10 بالمائة من متوسط بعده عن الأرض .
لقد شرحنا سابقا الدور المهم الذي لعبه القمر في تشكيل الأرض لتكون مهيأة
لظهور الحياة عليها وكذلك الدور الذي يلعبه في حفظ إتزان الأرض وإتزان مناخ الأرض
من خلال ظاهرة المد والجزر. أما الأدوار التي يدركها البشر ويستفيدون منها بشكل مباشر فهي إضاءة القمر
للأرض في الليل مما يساعد البشر على إنجاز بعض أعمالهم فيه وكذلك استخدامه كنظام
للتقويم الزمني والتي أشار إليها القرآن
الكريم في قوله تعالى (هُوَ
الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ
لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا
بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [يونس: 5]
وقوله تعالى (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ) ( الرحمن : ٤ ) .
ظاهرتي
الكسوف والخسوف
الكسوف والخسوف ظاهرتان
فلكيتان تحدثان عندما تقع مراكز الأجرام السماوية الثلاثة وهي الشمس والقمر والأرض عل خط مستقيم واحد. فالكسوف (Solar Eclipse) يحدث في النهار عندما يقع القمر بين الأرض والشمس فيحجب ضوئها عن الأرض ويبدو سطح الشمس مظلما كليا أو جزئيا للمشاهد من الأرض. أما
الخسوف (Lunar Eclipse) فيحدث في الليل عندما تقع الأرض بين القمر والشمس فتحجب ضوء الشمس عن القمر ويبدو سطح
القمر مظلما للمشاهد من الأرض. ويحدث الكسوف في بداية الشهر القمري عندما يكون
القمر في منزل المحاق وهي فترة تولد القمر الجديد والتي يقع القمر فيها بين الشمس
والأرض. أما الخسوف فيحدث في منتصف الشهر
القمري عندما يكون القمر في منزل البدر والتي تقع الأرض فيها بين الشمس والقمر.
ولو قدر أن يكون مدار القمر حول الأرض متطابقا مع مدار الأرض حول الشمس أو ما يسمى
بالمستوى الكسوفي (ecliptic plane) لحدث الكسوف والخسوف مرة كل شهر
قمري الكسوف في أوله والخسوف في منتصفه. ولكن بما أن مدار القمر يميل بزاوية مقدارها 5 درجات تقريبا عن المستوى الكسوفي فإنه لا يقطع هذا المستوى في
كل شهر قمري إلا في موضعين متقابلين على المدار يسميان العقدتان( Nodes) وهما العقدة الصاعدة ( Ascending
Node) والعقدة النازلة Descending Node)).
وكذلك فإن مواضع العقدتين الصاعدة والنازلة في المستوى الكسوفي ليست ثابتة بل تتحرك على المستوى الكسوفي باتجاه معاكس لاتجاه حركة الشمس وبمعدل 19 درجة لكل سنة شمسية تقريبا
وهذا يعني أن العقدتين
تعودان إلى الموقعين نفسيهما على المستوى الكسوفي كل 18.6 سنة شمسية. ولذلك فإن
الكسوف والخسوف لا يحدثان إلا إذا وقع القمر في إحدى هاتين العقدتيين أو قريبا
منهما وكذلك يكون الخط الواصل بين العقدتين على إمتداد الخط الواصل بين الشمس
والأرض وذلك لكي تقع الأجرام الثلاثة على خط مستقيم واحد. ولهذا فإن ظاهرة الكسوف
والخسوف لا تحدثان كل شهر بسبب عدم توفر
الشرطين الأنفي الذكر كل شهر. وبما أن الشمس تتحرك على الدائرة الكسوفية باتجاه
معاكس لحركة العقدتين بمعدل درجة واحدة في اليوم فإن الشمس ستمر مرتين في العقدتين في مدة أقل من سنة
شمسية
وهذه المدة تسمى السنة الكسوفية( Eclipse Year) ومدتها 346.62 يوما. ولذلك فإن معدل حدوث الكسوف والخسوف الكليين هو مرتين في كل سنة شمسية لكل منهما. وبسبب الفرق بين السنة الكسوفية والسنة الشمسية فإن القمر يعود إلى نفس النقطة التي يحدث فيها الخسوف أو الكسوف بعد 18 سنة و 11.3 يوم أو ما تسمى بدورة الساروس للقمر والتي اكتشفها البابليون في عصور قبل الميلاد.
وهذه المدة تسمى السنة الكسوفية( Eclipse Year) ومدتها 346.62 يوما. ولذلك فإن معدل حدوث الكسوف والخسوف الكليين هو مرتين في كل سنة شمسية لكل منهما. وبسبب الفرق بين السنة الكسوفية والسنة الشمسية فإن القمر يعود إلى نفس النقطة التي يحدث فيها الخسوف أو الكسوف بعد 18 سنة و 11.3 يوم أو ما تسمى بدورة الساروس للقمر والتي اكتشفها البابليون في عصور قبل الميلاد.
يحدث خسوف القمر في منتصف الشهر القمري حينما يكون القمر بدرا
شريطة أن تقع الأرض بينه وبين الشمس تماما وهذا لا يحدث إلا إذا كانت الشمس في
إحدى العقدتين كما شرحنا ذلك سابقا. ويحدث الخسوف عند دخول القمر في ظل الأرض الذي له شكل مخروطي أيضا قاعدته
هي قرص الأرض ورأسه على بعد أربعة أضعاف بعد القمر عن الأرض أي أن القمر يمر قريبا
من قاعدة الظل وليس عند رأس الظل كما هو الحال في الكسوف . وتبدأ عملية
الخسوف بدخول القمر في منطقة شبه ظل الأرض (penumbra) فيبدأ ضوءه بالخفوت دون أن يخسف أو ما يسمى فلكيا بخسوف شبه الظل
ثم يدخل القمر تدريجيا منطقة ظل الأرض (umbra) فيبدأ الخسوف الجزئي ثم يخسف كامل قرص القمر عند اكتمال دخوله في
منطقة ظل الأرض وأخيرا يبدأ القمر بالخروج من منطقة ظل الأرض فينتهي الخسوف الكلي
ثم يحدث الكسوف الجزئي يليه خسوف شبه الظل. ونظرا لصغرقطر القمر (3476 كم) مقارنة
بقطر الأرض (12756 كم) وكذلك تدني سرعته في مداره (3679 كم\ساعة) فإن مدة خسوف القمر أطول بكثير من مدة
كسوف الشمس حيث تصل إلى ما يزيد عن أربع ساعات لكامل العملية وأما مدة الخسوف
الكلي فتبلغ 107 دقائق في أقصاها. ويحدث الخسوف بمعدل مرتين في السنة وعلى العكس من الكسوف الذي لا يرى إلا في مناطق
محددة فإن الخسوف يمكن أن يرى من أغلب مناطق الكرة الأرضية المواجهة للقمر عند
حدوثه.
ظاهرة المد والجزر
لعبت ظاهرة المد والجزر دورا بالغ الأهمية في تشكيل الأرض عند
بداية نشأتها فبعد أن تكون القمر بعد ما يزيد عن خمسن مليون عام من تكون الأرض
كانت الأرض لا زالت كرة ذات مادة أقرب ما تكون للسائلة (magma) ويزداد حجمها شيئا فشيئا من النيازك التي تسقط عليها بشكل كثيف.
وكانت هذه النيازك تذوب بما تحمله من معادن مختلفة في هذا البحر المعدني السائل
وكان دور القمر من خلال ظاهرة المد والجزر بإعادة توزيع هذه المعادن في معظم أنحاء
سطح الكرة الأرضية. وعمل القمر كذلك من خلال ظاهرة المد والجزر على إبطاء سرعة
دوران الأرض التي لا يتجاوز طول يومها عند بداية نشأتها عدة ساعات ليصبح طول اليوم
على ما هو عليه اليوم وذلك من خلال نقل
جزء من العزم الزاوي للأرض إلى العزم الزاوي للقمر ليدفعه بعيدا عن الأرض. وكذلك
لعب القمر دورا في تحريك الصفائح القارية وتشكيل تضاريس الأرض وكذلك إثارة
البركاين التي أخرجت الماء وكذلك الغازات التي كونت الغلاف الجو وذلك من خلال تحريك
قلب الأرض الصلب والوشاح شبه السائل المحيط به. وكذلك عملت جاذبية القمر على إحداث
تفلطحا في شكل الأرض عند خط الإستواء بسبب وقوع مدار القمر فوق خط الإستواء فوقه تقريبا.
وأما في الوقت الراهن
فإن ظاهرة المد والجزر تلعب دورا مهما في طبيعة مناخ الأرض وذلك من خلال إعادة
توزيع مياه المحيطات وكذلك توزيع درجات الحرارة عن طريق نقل الطاقة الحرارية من
المناطق الإستوائية الحارة إلى المناطق الباردة الواقعة في اتجاه القطبين من خلال
تيارات مائية عميقة في المحيطات. وتلعب هذه الظاهرة أيضا دورا بارزا في نقل وتوزيع
الكائنات الحية البحريةإلى مختلف محيطات
وبحار الكرة الأرضية وكذلك أسباب العيش لكثير من الكائنات البرية حيث تقوم الأمواج بقذف كميات كبيرة من الكائنات البحرية وخاصة الصغيرة منها
إلى الشواطئ ثم تنحسر عنها لتكون طعاما لها. ويمكن الإستفادة من طاقة المد في
توليد الطاقة الكهربائية وذلك من خلال حجز ماء المد في خزان كبير ثم استخدامه
لتحريك المولدات الكهربائية كما هو الحال مع طاقة مياه السدود والشلالات.
القمر وحفظ إتزان الأرض
أما
التغييرات التي قد تحدثها الكواكب على ميل محور دوران الأرض فهي الأخطر حيث أن تكرار مرور الكواكب بالقرب من الأرض قد
يؤدي إلى حدوث ما ما يسمى بظاهرة الرنين (resonance) وهي زيادة مضطردة في مقدار
الميل. ومن المعلوم أن ميل محور الأرض بزاوية معينة يلعب دورا بالغا في تحديد مناخ
الأرض من حيث حركة الرياح وكمية التشميس لمختلف أنحاء سطح الأرض وتذويب الجليد
القطبي وحدوث الفصول. إن ميل محور دوران الأرض الحالي وهو 23,44 درجة قد حدد مناخ
الأرض بالصورة التي هو عليها الآن ولا زال العلماء يدرسون آثار تغيير هذا الميل عن هذه القيمة على مناخ الأرض
وبالتالي على ظاهرة الحياة. ويلعب القمر بسبب قربه من الأرض على استقرار هذا الميل
على ما هو عليه من خلال ثبات الزخم الزاوي لمنظومة الأرض والقمر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق