يـا شـامُ يـا شامُ يا أرض المحبينا
عصام العطار (سوريا 1927-؟)
يـا شـامُ يـا شامُ
يا أرض المحبينا
|
هـان الـوفاءُ وما
هان الوفا فـينا
|
نحـيا على الـبعد
أشـواقا مـؤرقـة
|
لا الوصلُ يدنو ولا الأيام تسلـينا
|
إِنّا حملناكِ في الأضلاعِ عاطِفة
|
وصُورة مِن فُتُونِ الحُسنِ تسبِينا
|
ماذا أصابكِ مِن أيدي الطُّغاةِ وما
|
أصاب فيكِ وقد غِبنا المُؤاخِينا
|
في مِخلبِ الظُّلمِ مِن أكبادِنا مِزق
|
وفي النُّيُوبِ بقايا مِن أمانينا
|
وسائِلين مِن الأحبابِ ما صنعت
|
أيدي الخُطوبِ بِنا في الغربِ نائِينا
|
لقد نكأتُم جِراحا في أضالِعِنا
|
وقد أثرتُم دُموعا في مآقينا
|
نلقى على البُعدِ مِن أيدي أصادِقِنا!
|
ما لا نُلاقِيهِ مِن أعدى أعادِينا
|
كانوا سُيوفا بِأيدي الخصمِ
مُرهفة
|
ولم يكونوا سُيوفا في أيادِينا
|
تبّا لِدُنيا على نِيرانِ فِتنتِها
|
ذاب الوفاءُ فلا تلقى الوفِيِّينا
|
لكِننا وعُيونُ اللهِ تلحظُنا
|
نمضِي على الدربِ والإِيمانُ حادِينا
|
نمضي على الدربِ لا الكُفرانُ يصرِفُنا
|
عنِ المسِيرِ ولا العُدوانُ يثنِينا
|
نرنوإلى اللهِ أبصارا وأفئِدة
|
اللّهُ غايتُنا واللهُ راعينا
|
وما طلبنا ثوابا مِن سِواهُ وما
|
خِفنا عِقابا ولم نُشرِك بِهِ دِينا
|
العيشُ مِن أجلِهِ -إِن كان- بُغيتُنا
|
والموتُ مِن أجلِهِ أحلى أمانِينا
|
ماقيد الفكر منا جور
طاغية
|
أوأوهن العزم بطش المستبدينا
|
غرامنا الحق لم نقبل
به بدلا
|
إن غيرت غير الدنيا
المحبينا
|
في الخوفِ والأمنِ ما زاغت مواقِفُنا
|
والعُسرِ واليُسرِ قد كُنا ميامِينا
|
فما رآنا الهُدى إِلا كواكِبهُ
|
وما رآنا الندى إِلاّ عناوِينا
|
وما رآنا العِدى إِلاّ جبابِرة
|
وما رآنا الفِدا إِلاّ قرابِينا
|
نفوسنا السلسل
الصافي فإن غضبت
|
للحق ثارت على
الباغي براكينا
|
عِشنا أبِيّين أحرارا فإِن هلكت
|
في الحقِّ أنفُسُنا مِتنا أبِيِّينا
|
يا شامُ أين لقـاءات
الصفيـيـنـا
|
وأين سامرُنا الـماضـي وناديـنـا
|
وأين يا شام ريعان
الشـباب وقـد
|
أمسى الشباب رمـادا بين أيديـنـا
|
أيامـنا في سبـيل
الله عاطـرة
|
وفي مناجـاته طـابت لياليـنـا
|
لم نـعرف الإثم في
سر ولا عـلن
|
سيان ظاهرنا البادي وخافـيـنا
|
أحـلامنا الطهر لا
رجس ولا كدر
|
إذا نثاها الصبا رفت رياحيـنا
|
وأين يا شـام أيـام
الجـهاد وقـد
|
زان الجهاد كريم من مواضـيـنا
|
وأين إخـوتنا
الأبـرار لا برحـوا
|
لله جندا يصـدُّون المغـيريـنـا
|
مشاعل الـحق
والظلماء عاكـفـة
|
تهدي إليه على رغم المضليـنـا
|
كنا الشموس بأرض
الشام مـشرقة
|
كنا الغيوث ربيعا في روابـيـنـا
|
كنا الحصون بأرض
الشام شامـخة
|
فيها الحماة إذا عزّ المحامونـا
|
كنا الرياح إذا نادى
الصريخ بنا
|
كنا الرجاء إذا ضيمت أراضيـنا
|
كنا الجبال ثباتـا
فـي مواقفـنـا
|
كنا السماء سموا في معانـيـنـا
|
فوق المخاوف لا
الإرهـابُ يرهبنا
|
فوق المطامع لا الإغراء يُغريـنا
|
فوق الدنا أبدا ما
حـطّ طائرُنـا
|
في أسر فتنتـها أوزلّ ماشـيـنا
|
فوق الدنا أبـدا
كانـت مآمـلُـنـا
|
وفوق زخرفها الفاني أمانـيـنـا
|
كنّا العقيدة قد
جلّت وقـد خلُصـت
|
كنا العدالة قد صحت موازيـنـا
|
كنا الشمائل قد طابت
وقـد عذبـت
|
فماحكتها الصّبا طيبا ولا ليـنـا
|
فأين منـّا وقـد
بنـّا حواضـرنـا
|
وأين منّا وقد غبـنـا بواديـنـا
|
وأين منّا على شحط
مرابـعُـنا
|
وأين منّا على بُعد مغانـيـنـا
|
هل حنّت الورق شوقا
عند غيبتنا
|
كما حننّا وهل هاجت شجـيـينا
|
وهل بكى بردى أم جف مدمـعـه
|
لما بكى من تباريح المشوقـيـنا
|
وهل رأت في دروب
الخلد غوطتُنا
|
وفي خمائله في الأهـل ساليـنـا
|
وأدمـع الأم يا للأم
هـل تـركـت
|
لهـا دموعا وأجفانا عواديـنا
|
إن أسعد الدمعُ فاض
الدمع منهـمرا
|
أوغاض مدمعُـها
فالقلبُ يبكـينا
|
جرح من البعـد يا
أمـاه قـرّحـه
|
مرُّ السـنين ولم يلق المداويـنـا
|
جرح حملنا كلانا في
جوانـحـنـا
|
يكاد في عصفات الشوق يُرديـنا
|
لئن جزعنا فقـد أودى
تصـبُّـرُنـا
|
على الفراق وقد أعيا تسلـيـنـا
|
يا أمِّ سوف يعود
الشـمل مجتمـعـا
|
لا خيّب الله في اللقيا أمانـيـنـا
|
فإن قضـى الله ألا
نلـتـقي فـغـدا
|
في ظلّ رحمته يحلوا تلاقينا
|
يا شامُ هذي تباريح
البعـيـدينا
|
يا شام هذي شجون المُستهاميـنا
|
يا شام هيجتِ
الذكـرى لواعجـنـا
|
وأرخـصت دمعها الغالي مآقيـنا
|
يا شام قد عظُمت
قدرا مطالبُـنـا
|
يا شام قد بعُدت شأوا مراميـنـا
|
نمضي مع الله لا
ندري أتُدنـيـنا
|
أقـدارنا منك أم تأبى فتقصـيـنا
|
نمضي مع الله لا
تدري جوارينا
|
مـتى وأين ترى نلقي مراسيـنا
|
نمضـي مع الله قدمـا
لا تعوقنـا
|
عن المضي وإن جلت-مآسينا
|
نمضي مع الله
والإسلام يهديـنـا
|
الله يمسـكنا والله يزجـيـنـا
|
نمضي مع الله
والجـلى تناديـنـا
|
راضين راضين ما يختار راضينا
|
يا شام لا تجزعي
فالله راعـيـنـا
|
يا شام لا تيأسي فالله كافـيـنـا
|
يا شام جرحك في قلبي
أكابده
|
دما سخيا وآلاما
أفانينا
|
لا عاش فيك قرير
العين طاغية
|
ولا رأى الأمن يوما
في مغانينا
|
عشنا أبيين أحرارا
فإن هلكت
|
في الحق أنفسنا متنا
أبيينا
|
أيامنا في سبيل الله
عاطرة
|
وفي مناجاته طابت
ليالينا
|
لم نعرف الإثم في سر
ولا علن
|
سيان ظاهرنا البادي
وخافينا
|
أحلامنا الطهر لا
رجس ولا كدر
|
إذا ثناها الصبا رفت
رياحينا
|
مشاعل الحق والظلماء
عاكفة
|
تهدي إليه على رغم
المضلينا
|
ياشام لا تجزعي
فالله راعينا
|
ياشام لا تيأسي
فالله كافينا
|
تأتِي جِراح فتثوِي في أضالِعِنا
|
على جِراح ولا ننسى فِلِسطِينا
|
الدِّين يهتِفُ أن هُبُّوا لِنُصرتِها
|
الدِّين يهتِفُ أن هُبُّوا لِنُصرتِها
|
يميتنا الحزن تفكيرا
بحاضرنا
|
ويبعث الغد آمالا
فيحينا
|
يا كُربة النفسِ لِلإِسلامِ ما صنعت
|
بِكُلِّ أرض بِهِ أيدِي المُعادِينا
|
ومِحنةُ العالمِ المنكُوبِ تنشُرُنا
|
على فواجِعِها يوما وتطوِينا
|
الأرضُ قد مُلِئت شرّا وزلزلها
|
جورُ الطُّغاةِ ولُؤمُ المُستغِلِّينا
|
في الشرقِ والغربِ آلام مُؤرِّقة
|
تبدوأحايِين أو تخفى أحايِينا
|
ياللطغاة وما أشقى
الأنام بهم
|
عاثوا قوارين
أوعاثوا فراعينا
|
يسقونك الشهد صرفا
في كلامهمُ
|
وفي فعالهمُ ســّما
وغسلينا
|
إِن يبدُ مكرُهُمُ أو يبدُ فتكُهُمُ
|
كانُوا شياطِين أو كانوا ثعابِينا
|
أين الطواعِينُ مِنهُم في إِبادتِهِم
|
لِلخلقِ قد ظلم الناسُ الطواعِينا
|
ياثورة الحق تمشي في
أضالعنا
|
نور ونارا وتمشي في
روابينا
|
يا ثورة الحقِّ إِن الكون مسرحُنا
|
فلا حُدُود تصُدُّ الحق والدِّينا
|
رِسالةُ اللهِ ربِّ الناسِ أنزلها
|
لِلناسِ طُرّا فلا تميِيز يلوِينا
|
ياثورة الحق قد طال
الظلام بنا
|
وآن للفجر أن
يمحودياجينا
|
تأله الظُّلمُ ألوانا بِعالمِنا
|
فحطِّمي الظُّلم فِرعونا وقارُونا
|
وحرِّري الأرض بِالإِسلامِ والتمِسِي
|
خير الهِدايةِ مِن خيرِ النبِيِّينا
|
اللهُ أكبرُ والدُّنيا سواسِية
|
فيها البرِيةُ إِنشاء وتكوِينا
|
لم يفترِق أحد بِالأصلِ عن أحد
|
أعمالُنا هِي تُعلِينا وتُدنِينا
|
قودي خطانا على
منهاج خالقنا
|
حقا وعدلا وتحريرا
وتأمينا
|
قودي خطانا لما
يشتاق عالمنا
|
سلما وحبا وإحسانا
وتحسينا
|
قودي خطانا لما تشدو حضارتنا
|
علما وفكرا وتشييدا
وتمدينا
|
فهُو الخلاصُ لنا مِما يُعنِّينا
|
وهُو السبِيلُ إِلى أعلى مراقِينا
|
يا ثورة الحقِّ ما أحلى مرائِينا
|
الغيبُ يبدولنا نصرا وتمكِينا
|
وباسِمُ الغدِ عبر الأُفقِ نلمحُهُ
|
يهفُولِملقاتِنا غارا ونِسرِينا
|
وقادم النصر نحياه
ونلمسه
|
الله أكده فالنصر
آتينا
|
وقد يكُونُ بِنا والعُمر مُنفسِح
|
وقد يكُونُ بِأجيال تُوالِينا
|
فإن ظفرنا فقد نلنا
مطالبنا
|
وإن هلكنا فإن الله
جازينا
|
الموت في طاعة
الرحمن يسعدنا
|
والعيش في سخط
الرحمن يشقينا
|
لقد رضِينا الجِهاد الصِّرف جائِزة
|
فضلُ الجِهادِ إِذا نِلناهُ يكفِينا
|
بئس الحياة اذا
الطاغوت عبّدنا
|
نجرُّ أيامها صغرا
مرائينا
|
أما المنية في عز
وفي شرف
|
فهي الأثيرة نطريها
وتطرينا
|
ياثورة الحق هل خاب
الرجا فينا
|
كنا على العهد
أحرارا أبيينا
|
عشنا كراما لعهد
الله راعينا
|
غرا حماة لدين الله
وافينا
|
نطير للغاية القصوى
مجدِّينا
|
ونقحم الموت لا نخشى
مجلينا
|
نرجوالشهادة أونصرا
يواتينا
|
نعطي الحياة فنعلي
الحق والدينا
|
من كتاب (خمسون ألف بيت من الشعر) \ منصور العبادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق